استيقظت فجر يوم من الأيام على صوت هرة تموء بجانب فراشي وتتمسح بي وتلح في ذلك إلحاحا غريبا فراعني أمرها وأهمني همها وقلت لعلها جائعة فنهضت وأحضرت لها طعاما فعافته وانصرفت عنه فقلت لعلها ظمأى فأرشدتها إلى الماء فلم تحفل به وأنشأت تنظر إلىَّ نظرات تنطق بما تشتمل عليها نفسها من الآلام والأحزان فأثر منظرها في نفسي تأثيراً شديداً حتى تمنيت أن لو كنت سليمان فأفهم لغة الحيوان لأعرف حاجتها وأفرج كربتها وكان باب الغرفة مغلقا فرأيت أنها تطيل النظر إليه وتلتصق بي كلما رأتني اتجه نحوه فأدركت غرضها وعرفت أنها تريد أن افتح لها الباب فأسرعت بفتحه فما أن وقع نظرها على الفضاء ورأت وجه السماء حتى استحالت حالتها من حزن وهم إلى غبطة وسرور وانطلقت تعدو في سبيلها وإن الإنسان الذي يمد يده لطلب الحرية ليس بمتسول ولا مستجد وإنما هو يطلب حقا من حقوقه