بحث حول الثقافة والمجتمع مقدمة تتمحور غالبية العلوم الاجتماعية حول نقطتين هامتين: النقطة الأولى أن الإنسان كائن اجتماعي يميل إلى الاختلاط والاتصال بالآخرين، أو بعبارة أكثر وضوحاً، الناس يميلون إلى توحيد أنماطهم السلوكية قدر الإمكان داخل مجتمعاتهم، وإن كان هذا التوحيد يبدو ضرباً من المستحيل. وقد اعتنى الباحثون والمفكرون في حقل البحوث العلمية الاجتماعية بدراسة تلك التشابهات في السلوك الإنساني وفي الحياة الاجتماعية، ووجدوا أن هناك تشابهاً وتقارباً كبيراً بين مفهوميّ المجتمع والثقافة، فالعلاقة بارزة وبشكل واضح بين المفهومين من الناحيتين النظرية والواقعية، فالمجتمع هو الأساس الذي يستوعب المدد الثقافي، وهو الوعاء الذي يحتوي العصارة الثقافية لأبنائه، فالثقافة تعتمد على وجود المجتمع في الوقت الذي تكون فيه هي الوسيلة المثلى للنهوض بذلك المجتمع الذي قام بتأطيرها وحفظها لأبنائه المقيمين فيه. وبالرغم من أن علماء الاجتماع والأنثربولوجيا يرون أن هناك نقاط تشابه كثيرة بين ثقافات الشعوب المختلفة المبحث الأول: مفهوم الثقافة والمجتمع المطلب الأول: تعريف الثقافة الفرع الأول: التعريف اللغوي الثقافة مصطلح زئبقي تتعدد مصادره ومكوناته وكذا تعريفاته وسوف نتناول تعريف الثقافة لنستعرض إلى مصادر الثقافة ومكوناتها وما معنى الثقافة اصطلاحا؟، جاء في تهذيب اللغة للأزهري:« رجل ثقف لقف إذا كان ضابطًا لما يحويه قائم . وهو سرعة التعلم انطلاقا مما ورد في المعجم نجد أن من معاني الثقافة في اللغة: التمكن من الشيء ، نظام عام مفتوح ( Open Macro- System ) يضم مجموعة من الأنظمة الفرعية التى تشمل تكنولوجيا الحياة الحاضرة والمتوقعة ( ويدخل فى ذلك الأنظمة المادية وغير المادية والناتجة عن تفاعل الإنسان مع غيره من بنى جنسه ومع البيئة المحيطة به على مدى زمنى يمتد من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل . الفرع الأول: التعريف اللغوي مشتق من الفعل جَمَع، وهي عكس كلمة فرق، كما أنّها مُشتقّة على وزن مُفتَعَل، والمعنى الذي يقصد بهذه الكلمة هو جماعة من الناس، وهذا رد على من يعتقد أنّها كلمة خاطئة ويقول إنّه ينبغي استخدام كلمة جماعة بدلاً منها، ويُسمّى العلم الذي يُعنى بدراسة المجتمع من جميع نواحيه بعلم الاجتماع، ١] والمجتمع لغة كما جاء في معجم المعاني الجامع هو عبارة عن فئة من الناس تشكّل مجموعة تعتمد على بعضها البعض، يعيشون مع بعضهم، الفرع الثاني: التعريف الاصطلاحي: يعدّ مفهوم المجتمع society من أكثر المفاهيم غموضاً في دراسات علم الاجتماع، على الرغم من وضوحه في المعنى العام، وفي صيغ تداوله بين الدارسين والباحثين من غير المختصين تسكن بقعة جغرافية محددة، تسود فيها مجموعة من المبادئ والمفاهيم والقيم والروابط الاجتماعية والأهداف المشتركة التي تميزها من غيرها من الجماعات، والمستمدة من خصوصياتها في اللغة والتاريخ والدين والشعور بالمصير المشترك، أو: نسق من العلاقات يربط أفراداً يحملون نفس الثقافة. تربط بين الثقافة والمجتمع صلة وثيقة كما أن الاختلافات الثقافية ترتبط باختلاف أنواع المجتمعات. وكما أسلفنا سابقاً، لا يمكن وجود ثقافة بدون مجتمع أو مجتمع بدون ثقافة. المبحث الثاني: خصائص الثقافة  علي الرغم مما يظهر بين الثقافات من اختلاف أو تباين فهناك بعض الخصائص العامة لجميع الثقافات هذه الخصائص التي تستند إلي المفهوم العام الشامل للثقافة ومن هذه الخصائص العامة : المطلب الأول: الثقافة ذات خاصية مادية ومعنوية معا : ثقافة المجتمع تحدد نمط وأسلوب الحياة في هذا المجتمع والعناصر المادية هي عبارة عن تلك العناصر التي أتت نتيجة للجهد الإنساني العقلي والفكري وفي نفس الوقت لا تكتسب الثقافة وظيفتها ومعناها إلا بما يحيطها من معاني وأفكار واتجاهات ومعارف وعادات هذا فضلا عن أن العناصر المادية تؤثر بدورها في مفاهيم الأفراد وقيمهم واتجاهاتهم وعلاقاتهم أي أن الإحالة متبادلة بين العناصر المادية واللامادية داخل البناء الثقافي ومن ثم فإن البناء الثقافي يشمل العنصرين معا في آن واحد . المطلب الثاني: الثقافة عضوية :- إذا كانت الثقافة تشتمل علي العناصر المادية واللا مادية معا فإن كلا من العناصر المادية وغير المادية يرتبط بعضها ببعض ارتباط عضويا فيؤثر كل عضو في غيره من العناصر كما يتأثر به فالنظام الاقتصادي يتأثر بالنظام السياسي والعكس صحيح كما أن النظام التعليمي يتأثر بالنظامين معا ويؤثر فيهما ومن جهة ثانية فإن العادات والتقاليد تؤثر في نظام الأسرة من حيث طريقة الزواج والعلاقة بين الكبير والصغير وإذا تغير أي عنصر من هذه العناصر فإنه سيتبعه تغيرا حتميا في النظم الأخرى أضف إلي هذا أن التغير في أساليب المعيشة يتبعه تغييرا في القيم والعادات ومن ثم فإن عناصر الثقافة يرتبط بعضها بالبعض ارتباطا عضويا يتسم هذا الارتباط بالديناميكية وليس بالاستاتيكية . المطلب الخامس: إمكانية انتقال عناصر الثقافة بالاحتكاك : فكلما زاد الاحتكاك والتعامل بين مجتمع وآخر كلما زادت درجة الانتقال الثقافي بين هذين المجتمعين ولكن المجتمع ذو الثقافة الأقوى والأفضل يؤثر بدرجة أكبر في المجتمع ذي الثقافة الأقل نجاحا وقوة وبالتالي فالثقافة ديناميكية متغيرة. المبحث الثالث: صفات المجتمع: على الرغم من تنوّع المجتمعات واختلافها عن بعضها البعض، إلّا أنّ هنالك مجموعة من الصفات والسمات التي تقوم عليها وتشترك فيها كل المجتمعات ومنها ما يلي: المطلب الثاني: الاختلافات البيولوجيّة: ومن الأمثلة على ذلك اختلاف الاهتمامات، والآراء، والقدرات، ويعتمد المجتمع على هذه الاختلافات بالقدر نفسه الذي يعتمد فيه على التشابه، وهذه الاختلافات تجعل تقسيم الأدوار في المجتمع ممكناً، والمأوى، والأمان. المطلب الرابع : التعاون في الأزمات: إنّ تعاون وتلاحم أفراد المجتمع فيما بينهم في حال التعرّض للأزمات والكوارث يساعد على تقوية العلاقات والأواصر فيما بينهم. المطلب الخامس: العلاقات الاجتماعيّة: والتي يكون أساس قيامها هو الوعي المتبادل واعتراف كل فرد في المجتمع بالفرد الآخر على أنّه جزء وعضو رئيسيّ ومهم. والحاجة العاطفيّة لهذا المجتمع، وتختلف في أشكالها مثل الانتماء إلى العائلة، أو الأصدقاء، أو الزملاء في العمل، وهذا يوفّر علاقة وثيقة وآمنة بين الأفراد ويساعد المجتمع على الاستمرار. المطلب الثامن: ديناميكيّة المجتمع: بمعنى أنّه غير ثابت؛ ويعود السبب في ذلك إلى تفاعل الأفراد وعلاقاتهم المتجدِّدة. امتلاك ثقافة خاصّة: وهي التي تميِّز المجتمع عن غيره وتعبِّر عن طريقة حياة أفراد المجتمع، ومعتقداتهم وأخلاقهم، تقسيم العمل بحسب الكفاءات: ويُعدّ هذا أمراً ضرورياً لتقدّم المجتمع اقتصادياً، كما أنّه يتيح للأفراد فرصة تجريب طرق جديدة واكتساب مهارات مختلفة للقيام بعملهم. ورد مصلح الثقافة لأول مرة في منتصف القرن التاسع عشر في كتابات عالم الإنسانيات إدوارد تايلور ، وفيه إشارة إلى الصلة المعقدة بين الأشياء والأفكار التي تنتجها التجربة التاريخية للإنسان ،   أما الأمريكيون فقد إستخدموه للإشارة إلى التمايز بين مسارات تكوين الشخصيات الاجتماعية ،   ولكنها أصبحت فيما بعد نمط للأفكار والأفعال التي يظهرها سياق نشاط جماعة إنسانية من أجل تحقيق غاياتها ، ورغبتها بما يميزها عن جماعات أخرى . ” أنها تعبير عما وصل إليه المجتمع من مستوى حضاري ”  ، فإذا كانت الثقافة عملية تاريخية لأنها  تميز أولا سلوك الإنسان وتعاطيه مع أشياء الطبيعة كما تحدد أسلوب حياته ونمط تعامله مع البشر . وعلى هذا النحو ، تتشكل  الثقافة في إطار نظام معرفي لا يمكن عزله عن العلاقة بين السلطة السياسية وفئات المجتمع،   لتتحدد على هذا النحو الثقافة النظامية السائدة وعلى هامشها إن صح التعبير يظهر الفكر المعارض الذي يحاول اختراق الأفكار السائدة وتغييرها , إن تسييس الثقافة لم ينشأ صدفة لأن أدوات السلطة وأجهزتها لا يمكن لها وحدها أن تضمن الاستقرار السياسي والاقتصادي بدون غلبة مفهوم الميل إلى قبول أو الاطمئنان إلى ما هو موجود . إن الثقافة المسيسة عموما تعرض أشكالا من العلاقات غير قابلة للتغيير أو لا يستحسن تغييرها، لأنها العادة وتمنحها قوة البقاء بحكم القناعة أو القهر ، ولما كان المثقف عنصرا من عناصر المجتمع ، فإن تحصيل الثقافة ونشرها من الأفعال الاجتماعية يترتب عليه إيجابيات وسلبيات تمس الآخرين أكثر من أي فعل آخر فقد يصدر عنه مقال يقرؤه آلاف الناس ويتأثرون به فيما الأفعال الأخرى قد لا يخرج تأثيرها عن نطاق فرد أو أكثر , على هذا النحو يظهر جوهر الثقافة في التزامها بقضايا المجتمع , إذ عندما يكون هناك حاجة للإعلان عن موقف بين العبودية والحرية لا مجال للحياد . إن الذي يرفض محاربة الظلم وكبت الحريات وانعدام العدالة الاجتماعية ويرفض تبني قضايا مجتمعه وكفاحه من أجل إقامة مجتمع عادل وسعيد وحر . والذي يدعي الحياد ويرفض الوقوف إلى جانب المحتاجين إليه من أنباء مجتمعه والمحتاجين إلى ثقافته في إنارتهم فإنه في حقيقة الأمر يقف إلى جانب أولئك الذين يظلمون مجتمعه ويكبتون حريته , إذا استثنينا الفوضى وبلبلة الأفكار والحياد إزاء قضايا وهموم المجتمع . والحال, إ ذا كانت الثقافة إحدى معالم نهضة المجتمع أو قابليته للنهوض وهي البناء النظري لعلاقاته ، فهي تزدهر بازدهاره وما يعنينا من مقولة ازدهار المجتمع ، لا كمية الإنتاج ونوعيته التي يوفرها ويعرضها المنتجون في السوق بغرض الإستهلاك لأن قيم السوق تظهر في ثقافة منحازة تقدس الملكية الفردية على حساب المجتمع و تحث على إطلاق مبادرة عنوانها ” الغاية تبرر الوسيلة ، و هدفها إنتاج التفوق “على حساب الحق والعدالة. بناء على ما ذكر . بهذا المعنى أصبحت الثقافة إشباعا لحاجة , وعليه ثمة ما يقال عن الغزو الثقافي . ويعجز مثقفوه عن مواكبة تطور المجتمع بإنتاج فكري مناسب ، المبحث الخامس: دور الثقافة في بناء المجتمع الدين الفلسفة هو ما ينتقل من عادات وتقاليد وعلوم وآداب وفنون ونحوها من جيل إلى جيل. هو الذي يحوي كل الفنون والمأثورات الشعبية من شعر وغناء وموسيقى ومعتقدات شعبية، وما تتضمنه من طرق موروثة في الأداء والأشكال من ألوان الرقص والألعاب والمهارات. هو ما تنحصر إهتماماته على أنواع الفنون ذات الطابع الشعبي كالموسيقى الشعبية، هو ما تعلق بالسير الشعبية، الأساطير، الملاحم ، الحكايات الشعبية، العادات جمع لكلمة عادة. وهي مشتقة من الفعل تعود، تعويداً. ويقصد بها تلك السلوكيات والأعمال أو الأشياء التي درج الناس على عملها أو القيام بها أو الاتصاف بها. هي أيضاً نمط من السلوك أو التصرف يتكرر عمله حتى يعتاد عليه الأنسان. العادة مفهوم التقاليد هي جمع تقليد. تقليداً؛ الإنسان العادي الذي يعكس كلامه تفكيره الواقعي. الإنسان المفكر الفيلسوف الذي يقرأ الواقع. ويحاول تحليل الظواهر وشرحها وتفسيرها. هي إحدى مكونات الثقافة الشعبية. وتشير إلى الفنون المنتشرة والمتعارف عليها لدى أفراد الجماعة وتتصف بالعراقة والقدم. الدف، والتي يتم توارثها عن الأجداد. الرقص الشعبي العناصر الثقافية  CULTURE ELEMENTS الناس والشخصيات العامة THE PEOPLE AND PERSONALITIES  الديانة RELIGIONS الأتجاهات العامة GENERAL ATTITUDES المظهر الشخصي PERSONAL APPEARANCE العادات والتقاليد والمجاملات CUSTOMS AND COURTESIES الإشارات GESTURES الزيارة VISITING الأطعمة والمشروبات FOOD AND BEVERAGE أسلوب الحياة LIFESTYLE الروابط الأسرية FAMILY TIES الزواج والمواعدة DATING AND MARRIAGE نظام التغذية DIET الأعياد والمناسبات الخاصة HOLIDAYS AND SPECIAL DAYS الصحة والدواء HEALTH AND MEDICINE الجماليات AESTHETICS تمثل الفنون شكلاً من أشكال الترويح عن النفس أو معالجة المشكلات الإجتماعية بطرق فكاهية بعيدة عن الجدية، أو بطريقة غير مباشرة والغرض منها إيصال المعلومات لمن هم في مركز القرار لمعالجتها ومن هذه الجماليات: الفن إن لفظة الفن من الألفاظ التي تطلق على شتى ضروب النشاط أو الإنتاج التي يجوز أو ينبغي أحياناً أن تتولد منها أثار جمالية. ومنها ما هو على سبيل المثال وليس الحصر: الفنون الجميلة FINE ARTS الخاتمة: التي تحرر الانسان من التقاليد السلفية والرجعية المتوارثة والتربية التقليدية، وتخليصه من السلبيات وأرث الماضي، وبناء مجتمع صالح وواع وملتزم قادر على مجابهة الصعاب والتطور الحضاري. 1-    إبراهيم ناصر : التربية وثقافة المجتمع : تربية المجتمعات – بيروت ، مؤسسة الرسالة 1983 . 2-    جمال أحمد السيسي ، محاضرات في الأصول الاجتماعية للتربية ، جامعة المنوفية ، 2007 . كلية التربية جامعة المنوفية ، د ، ث . 4-    أعضا ء هيئة التدريس : الأصول الاجتماعية والثقافية للتربية ، جامعة الأزهر ،   2002 . 6-    محمود السيد سلطان ،