الأزمة : أنواعها و خصائصها و أسبابها و مراحلها مقدمة: حاول العديد من الكتاب والمفكرين صياغه وتحديد مفهوم الأزمة وذلك للوقوف إلى ما يحمله هذا المصطلح من معانٍ متعدده تختلف باختلاف المواقف أو الظروف التي تحدث فيها الأزمات، اذ ذكر تشالرز ماكليلاند بإنَّ كماً هائلاً من الدراسات التي نشرت خلال الاعوام الماضيه حول مفهوم الأزمة والتي حاولت معالجته من مختلف زواياه قد زادت من صعوبة الوقوف على حقيقته اذ لا تنبع هذه الصعوبة من الاسراف في استخدام هذا المصطلح في مجالات تعاملاتنا اليومية فحسب بل فيما قامت به من عملية التطور التاريخي من توسيع لنطاق استخدامه بحيث اصبح لفظ (الأزمة) يطلق على العديد من المواقف المختلفة. يتناول هذا الفصل وبثلاثة مباحث إلى مفهوم الأزمة وأنواعها وخصائصها وأسبابها ومراحلها. المبحث الاول مفهوم الازمة وأنواعها اولاً: مفهوم الأزمة تعني الازمة في اللغة العربية الجدب والقحط والضيق والشدة التي تنتج عن انحباس المطر وبالتالي الفقر والمجاعة وقد تعني الضائقة في كل شيء من تكاليف الحياة. ومصطلح الأزمة (Crises) مشتق من الكلمة اليونانية (Krisis) والتي تعني لحظة القرار، وهي بالصينية مكونة من حرفين يرمز الاول للخطر والآخر يرمز للفرصة. وتشير كلمة الأزمة الى لحظة مصيرية أو زمن مهم، كما تشير الى معنى التغيير المفاجئ وفي الغالب نحو الاسوأ. وفي الحضارة الإغريقية القديمة فان الازمات هي مواقف تحتاج الى صناعة القرار، ويمكن تعريف الازمة استناداً الى الادبيات بالآتي: وفقدان السيطرة، تسارع الاحداث). الكارثة، الصدمة، المباغتة، وعدم التأكد). اذاً الازمة حالة غير طبيعية تمر بها المنظمة تهدد وجودها بسبب ظرف داخلي او خارجي متوقع او غير متوقع وعدم الاستعداد الكافي لتفادي الضرر. ويعاني مفهوم الأزمة كسائر مفاهيم العلوم الاجتماعية الاخرى من تداخل العديد من المفاهيم ذات الارتباط القوي به، ولكنها ليست الازمة بمفهومها الاداري ، ومن تلك المفاهيم: 1. المشكلة: وهي تمثل مرحلة من مراحل الازمة ولكنها لا تمثل الازمة بجميع جوانبها فهي عبارة عن وضع صعب يؤدي الى عدم القدرة على انجاز ما يراد انجازه فعلاً. وتظهر المشكلة بوضوح عندما نعجز في الحصول على النتائج المتوقعة من اعمالنا وانشطتنا المختلفة. 2. الكارثة: هناك خلط كبير بين الكارثة والازمة نظراً للاتصاق والارتباط الشديدين بين الكلمتين، والكوارث هي غالباً المسببة للازمات، حيث انها نكبة مفاجئة وضخمة وقد تكون لحظة انفجار الازمة ولكنها ليست الازمة بجميع مراحلها فهي حالة حدثت فعلاً مدمرة نَجم عنها ضرر مادي او غيره كالبراكين وينجم بعد ذلك ازمة كأزمة المساكن والاغاثة. والكارثة هي النتيجة الساحقة التي لا يمكن التخلص منها كالطوارئ والازمات التي لا يتم التعامل معها بالاسلوب صحيح والكوارث قد تخلف آثارا. 3. الحادث: وهو خلل يؤثر تأثيراً مادياً على النظام باكمله ومثال ذلك المصنع كله او المنظمة او الصناعة، وفي هذه الحالة يتوقف انتاج النظام بأكمله او يجب ايقافه حتى الانتهاء من عمليات الاصلاح. 4. الصراع والنزاع :حدوث شيء يترتب عليه تعرض الهيكل المركزي للخلل او الاضطراب فهو يمثل تصارع ارادتين وتضاد مصالحها ويركز مفهوم الصراع على العلاقة الاجتماعية بين الإفراد وتمهد العوامل الاتية لظهور النزاع: - الاعتقاد في وجود النزاع سواء أكان حقيقياً او وهمياً حيث يتأثر التصرف في هذه الحالة بالادراك ويلعب دوراً اساسياً في وجود النزاع. - يؤدي وجود تعارض في الاهداف او المصالح او التصرفات الى التنازع بين الافراد والقيادات داخل الكيانات التنظيمية والاجتماعية المختلفة كآثار المرض على جسم الانسان ويصبح الحل الوحيد هو شفاء جسم المنظمة من النزاعات. والصراع لا يمثل تهديداً مباشراً وصريحاً للمنظمة واستمرارها بل ان الصراع يؤدي الى تدني الاداء والازمة تمثل مرحلة متقدمة من الصراع . 5. التهديد: وهو علامة او إنذار للمتاعب أو الخطر الممكن حدوثه وهو يمثل مرحلة ما قبل الازمة. 6. الخلاف: يعبر عن المعارضة والتضاد وعدم التطابق سواء في الشكل او الظروف او في المضمون، فالخلاف لا يمثل ازمة في حد ذاته، على وفق ذلك يمكن النظر الى الازمة على أنها موقف أستثنائي يهدد اي منظمة ويشكل خطراً، والا سيكون له عواقب على مستقبل هذه المنظمة واستمراريتها. استنادا لما تقدم ، يمكن تحديد ثلاثة عناصر اساسية للازمة، هي: • عنصر المفاجأة: اذ ان الازمة تنشأ وتنفجر في وقت مفاجئ غير متوقع بدقة وفي مكان مفاجئ ايضاً. • عنصر الوقت: ان الوقت المتاح امام صناع القرار يكون وقتاً ضيقاً ومحدوداً. لذا فان اهم ما تتميز به الازمة، هي: • نقطة تحول تتزايد فيها الحاجة الى الفعل المتزايد ورد الفعل لمواجهة الظروف الطارئة. • ينقص فيها التحكم في الاحداث. • تسود فيها ظروف عدم التأكد ونقص المعلومات، فمديرو الازمة يعملون في جو من الريبة والشك والغموض وعدم وضوح الرؤية. • ضغط الوقت والحاجة الى اتخاذ قرارات صائبة وسريعة مع عدم وجود احتمال للخطأ لعدم وجود الوقت لاصلاح الخطأ. • التهديد الشديد للمصالح والاهداف كأنهيار الكيان الاداري. أزمة الشرعية، أزمة التوزيع، أزمة التكامل القومـي، أزمـة الهوية، أزمة إدارة البيئة. وقد صنفها اخرون إلى اعتبار الأزمات اما (داخلية) تهدد الامن في الداخل أو (خارجية) تنشأ بسبب صراع طويل بين قوتين وتقوم بتهديد صناع القرار. واخرون قاموا بتصنيف الأزمات حسب الفترات اي أزمات تتعلق بمرحلة الرواج كأزمات نقص الأيدي العاملة أو نقص المواد الخام وكذلك نقص رأس المال والنقص في الاداريين وذلك بسبب زيادة لانتاج وكثرة الطلب على المنتجات. وهناك أزمات تظهر في مرحلة الانكماش وما يتعلق بهذه المرحلة من انهيار اسعار الاسهم في بورصة الاوراق المالية وأزمات تدني معدلات الاجور وتراجع معدلات الربحية وتدني مستوى اداء العاملين في المنشآت أما الأزمات المتعلقة بمرحله الركود والتي هي ذات طابع دوري فتمثل أزمات الثقة وعدم الولاء وعدم الانتماء وكذلك أزمات التوتر الاجتماعي وانتشار الامراض الاجتماعية الخطيرة. والبعض الاخر مّيز بين مظاهر متعددة من الأزمات فهي إما الأزمات (اساسية) تحمل في اطارها تهديدا للامن والسلام الدوليين، أو أزمات (غير اساسية) تشكل تهديداً للاطار الاقليمي الذي تنشأ فيه ولذلك اعتبرها أزمات (شاملة أو جزئية) فهي من حيث (شموليتها) كأن تكون أزمات سياسية واقتصادية وثقافية، أما الأزمات الجزئية فتتخذ حيزاً مكانياً محدوداً في الشكل والمضمون والنتائج. وكذلك تم تصنيف الازمة الى: من حيث تكرار الأزمة فهي دورية أو غير دورية، ومن حيث عمق الأزمة فهي اما سطحية أو عميقة، ومن حيث تأثير الأزمة فهي اما هامشية أو جوهرية، ومن حيث شدة الأزمة فهي اما عنيفة أو هادئة، ومن حيث نطاق الأزمة فهي اما أزمات شخصية أو أزمات على مستوى الكيانات الادارية، ومن حيث جغرافية الأزمة فهي اما أزمات واردة من الخارج أو أزمات داخلية تصدر للخارج أو أزمات داخلية تبقى على النطاق المحلي لا يمكن نقلها للخارج، ومن حيث محور الأزمة فهي اما أزمات معنوية أو أزمات مادية أو قد تكون أزمات مادية أو معنوية. 1. ازمات سطحية وتحدث الازمات السطحية بشكل فجائي لا تشكل خطورة وتنتهي من خلال التعامل مع اسبابها العميقة، وقد تكون الازمات عميقة الاثر ذات طبيعة شديدة القسوة وبناء على مقدار التغلغل وعمق الازمة سيكون تأثيرها كبيراً على المنظمة التي تحدث فيها الازمة. 3. الازمة الزاحفة وهي ازمة تنمو ببطئ ولكنها محسوسة ولايستطيع متخذ القرار وقف زحفها نحو قمة الازمة وانفجارها، يصاحب هذه الازمة تهديدا يتحسسه الافراد العاملون بموقع الازمة ولعدم وجود قواسم مشتركة بين العاملين والادارة تحدث الازمة. 4. الازمة المتراكمة، وهي الازمة التي يمكن توقع حدوثها، وان عملية تشكيلها وتفاعل اسبابها تأخذ وقت طويل قبل ان تنفجر وتنمو وتتطور مع الزمن ومن ثم تكون هناك فرص كثيرة لدى الادارة لمنع حدوث الازمة والتقليل من اثارها قبل ان تصل الى مرحلة واسعة. ولا توجد حلول جذرية لمثل هذه الازمات. 5. ازمة يمكن التنبؤ بها، تحدث نتيجة اسباب داخلية اذ تكون المنظمة من خلال انظمتها الرقابية مهيئة او قادرة على التعامل مع الازمة، تحدث بسبب التغييرات المفاجئة للبيئة الخارجية وان سبب حصول هذا النوع من الازمات ضعف المنظمة على مراقبة وتفحص البيئة الخارجية وبشكل فاعل. تحدث بشكل دوري، وازمات ناتجة عن تعديل القوانين والانظمة وكذلك الخسائر الدورية. 8. الازمة الاستراتيجية، التدهور والتآكل في قدرة وامكانيات المنظمة ويتضح هذا التدهور او التهديد عندما تكون المنظمة غير قادرة على احتواء مايحدث من متغيرات في البيئة المحيطة وتتخذ اجراءات لمعرفة الاسباب ومعرفة مواردها. القلق، التوتر، التهيج النفسي، اللامبالاة). 2. خصائص خاصة بالمنظمات وتشمل (التهديد الخطير لبقاء المنظمة، وضيق الوقت الخاص بالاستجابة، وغياب الحل الجذري السريع). وتتوافر الخصائص الاتية في الازمة: 1. وجود نقص واضح في البيانات والمعلومات اللازمة في اثناء وقوع الازمة. 2. الازمة تؤدي الى احداث مفاجأة كبيرة وعنيفة عند وقوعها. 3. تتسم الازمة بدرجة عالية من التعقيد والتداخل في العناصر والمسببات. 4. وجود حالة من الرعب والخوف في المنظمة، وهذا ناجم عن عدم القدرة على تقدير ما يحمله المستقبل للمنظمة. 5. محدودية المدة الزمنية للازمة، فالازمة لا تمتد لمدة زمنية طويلة. 7. نظراً لانعدام حالة التوازن لدى صناع القرار (نتيجة لوقوع الازمة) فإنهم قد يصبحون تحت سيطرة الاخرين من المتخصصين وغير المتخصصين. ومن اهم هذه القوى هم اصحاب المصالح المعطلة او المؤجلة. 9. تتعرض مصالح المنظمة في ظل الازمة الى التهديد والى ضغوط كبيرة من جانب اطراف متعددة. تؤدي الازمة الى ظهور اعراض سلوكية مرضية في غاية الخطورة كتفكك النسيج الاجتماعي وتفسخ العلاقات الاجتماعية والتوتر والقلق وفقدان الدافع نحو العمل. كما اضافة اخرون الخصائص التالية للازمة الى الخصائص السابقة الذكر: 1. انها تتميز بدرجة عالية من الشك في القرارات المطروحة. 2. التهديد للمصالح، وهي اجراءات تصدر من فرد او مجموعة افراد اونظام معين سواء بالاشارة او القول او الفعل من اجل الاستجابة لمطالب يسعى طرف الى تحقيقها من قبل طرف آخر. 3. ضيق الوقت، فالحدق لا يتيح وقتاً كافياً للرد وانها تتطلب اهتماماً فورياً واتخاذ اجراءات سريعة. لذا فان الاجراءات والاساليب المستخدمة من قبل الادارة يجب ان تختلف عن اجراءات ادارة الازمة. ثانيا: اسباب الازمات تنشأ الازمة لاسباب مختلفة وهذه الاسباب كثيرة ومتباينة بتباين طبيعة الازمة ومجالها ومكان وزمان حدوثها، وبصفة عامة ومن خلال اراء الباحثين في ذلك يمكن ان تنشأ الازمة نتيجة للاسباب الآتية: أ. المعلومات المبتورة. ب. التسرع في إصدار القرارات أو الحكم على الأمور قبل تبين حقيقتها، سواء تحت ضغط الخوف والقلق والتوتر أو نتيجة للرغبة في استعجال النتائج. وكان بينه وبينهم في الجاهلية ثأر وعداوة، فما كان منه إلا أن عاد أدراجه وجلاً وخائفاً، وأنهم خرجوا لمحاربته وكادوا يقتلونه لولا أنه هرب منهم . وكانت أزمة . استعد الرسول صلى الله عليه وسلم خلالها لمحاربة هذه القبيلة، لولا أن أدركه أهلها ليخبروه بالحقيقة وانتهت الأزمة. والتي أورد الله فيها قرآناً "يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين". 2. سوء الإدراك: الإدراك يعد أحد مراحل السلوك الرئيسية حيث يمثل مرحلة استيعاب المعلومات التي أمكن الحصول عليها والحكم التقديري على الأمور من خلالها، فإذا كان هذا الإدراك غير سليم نتيجة للتشويش الطبيعي أو المتعمد يؤدي بالتالي إلى انفصام العلاقة بين الأداء الحقيقي للكيان الإداري وبين القرارات التي يتم اتخاذها، مما يشكل ضغطاً من الممكن أن يؤدي إلى انفجار الأزمة. ومشكلة أخرى بالنسبة للمعلومات هي محاولة تفسيرها على ضوء رغبات المرء الشخصية، أو ما يعرف باسم منطق الميول النفسية Psycho Logic فيتقبل المرء من هذه المعلومات ما يوافق هواه ويتفق مع تطلعاته، ويتجاهل من هذه المعلومات ما يخالف رغباته، كما يتفنن في إيجاد الذرائع لاستبعاد المعلومات التي تتناقض مع مفاهيمه الأساسية، ومن ثم يأتي تفسيره للأزمات مشوباً بنظرة شخصية ضيقة. 3. سوء التقدير والتقييم: وينشأ سوء التقدير الأزموي من خلال جانبين أساسيين هما: أ‌. المغالاة والإفراط في الثقة سواءً في النفس أو في القدرة الذاتية على مواجهة الطرف الآخر والتغلب عليه. سوء تقدير قوة الطرف الآخر والاستخفاف به واستصغاره والتقليل من شأنه. وتعد حرب أكتوبر 1973م أحد الأمثلة القوية على هذا السبب/ خاصة عندما توافرت لدى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل المعلومات الكاملة عن الحشود المصرية والسورية العسكرية، ولكنها تحت وهم وغطرسة القوة وخداع النفس العنصري الإسرائيلي، ولكنها ليست إدارة، بل هي مجموعة من الأهواء والأمزجة التي تتنافى مع أي مبادئ علمية، وتتصف بالصفات الآتية: ‌أ. عدم الاعتراف بالتخطيط وأهميته وضرورته للنشاط. ‌ب. عدم الاحترام للهيكل التنظيمي. ‌ج. عدم التوافق مع روح العصر. ‌د. سيطرة النظرة الأحادية السوداوية. ‌ه. قصور التوجيه للأوامر والبيانات والمعلومات وعدم وجود التنسيق. ‌و. عدم وجود متابعة أو رقابة علمية وقائية وعلاجية. ويعد هذا النوع من الإدارة الأشد خطراً لما يسببه للكيان الإداري من تدمير لإمكانياته وقدراته، ولعل هذا ما يفسر لنا أسباب أزمات الكيانات الإدارية في دول العالم الثالث التي تفتقر إلى الرؤية المستقبلية العلمية والتي لا تستخدم التخطيط العلمي الرشيد في إدارة شئونها وتطبق أنماطاً إدارية عشوائية شديدة التدمير والخراب. تقوم جماعات الضغط، وأسلوبها في ذلك هو صنع الأزمات المتتالية في الكيان الإداري، وإخضاعه لسلسلة متوالية من الأزمات التي تجبر متخذ القرار على الانصياع لهم. 6. اليأس: ويعد من أخطر مسببات الأزمات فائقة التدمير، حيث يعد اليأس في حد ذاته أحد الأزمات النفسية والسلوكية والتي تشكل خطراً داهماً على متخذ القرار. ومع ذلك ينظر إلى اليأس على أنه أحد أسباب نشوء الأزمات، بما أن اليأس يسبب الإحباط مما يترتب عليه فقدان متخذ القرار الرغبة في التطوير والاستسلام للرتابة، مما يؤدي إلى انفصام العلاقة بين الفرد والكيان الإداري الذي يعمل من خلاله، وبالتالي فإن إحاطتها بهالة من المعلومات الكاذبة، وفي إطار مناخ وبيئة محددة، 8. استعراض القوة: وهذا الأسلوب عادة ما يستخدم من قبل الكيانات الكبيرة أو القوية ويطلق عليه أيضاً مصطلح "ممارسة القوة" واستغلال أوضاع التفوق على الآخرين سواء نتيجة الحصول على قوة جديدة أو حصول ضعف لدى الطرف الآخر أو للاثنين معاً. ثم تتدخل جملة عوامل غير منظورة فتحدث الأزمة، ومن ثم تتفاقم مع تتابع الأحداث وتراكم النتائج. وتتمثل تلك الأخطاء في عدم كفاءة العاملين، واختفاء الدافعية للعمل، وإهمال الرؤساء، وإغفال المراقبة والمتابعة، وكذلك إهمال التدريب. حادثة تشرنوبيل، وحوادث اصطدام الطائرات في الجو. 10. الأزمات المخططة: حيث تعمل بعض القوى المنافسة للكيان الإداري على تتبع مسارات عمل هذا الكيان، ومن خلال التتبع تتضح لها الثغرات التي يمكن أحداث أزمة من خلالها. 11. تعارض الأهداف: عندما تتعارض الأهداف بين الأطراف المختلفة يكون ذلك مدعاة لحدوث أزمة بين تلك الأطراف خصوصاً إذا جمعهم عمل مشترك، فكل طرف ينظر إلى هذا العمل من زاويته، والتي قد لا تتوافق مع الطرف الأخر. 12. تعارض المصالح: يعد تعارض المصالح من أهم أسباب حدوث الأزمات، حيث يعمل كل طرف من أصحاب المصالح المتعارضة على إيجاد وسيلة من وسائل الضغط لما يتوافق مع مصالحه، ومن هنا يقوي تيار الأزمة. اما في الأزمات المالية فتختلف طبيعتها بسبب اختلاف مسبباتها، ويعد تحديد مسببات الأزمات المالية من الأمور التي تتسم بالصعوبة والتعقيد لعدة أسباب منها: اولا: اختلاف مداخل تحليل الأزمات المالية (مدخل مالي، مدخل سياسي، مدخل اقتصادي) الأمر الـذي ينجم عنه اختلاف وجهات النظر حول المسببات الرئيسة أو جذور الأزمة المالية. ثانياً: اختلاف الأسواق المالية في حجم نشاطها و إدارتها لمحافظها الاستثمارية واداوتها المالية ودرجة تطور تلك الأدوات والتكنلوجيا المستخدمة والعوامل البيئية (الخارجية والداخلية)، المؤثرة في نشاط تلك الأسواق المالية، مما يجعل كل سوق مالي يتسم بطبيعة استثمارية مغايرة لسوق مالية آخرى وبالتالي فان تعرض أية سوق مالية إلى أزمة مالية سوف ينجم عنه أزمة مالية تتسم عند تحليلها بمسببات وجذور تعود في الأصل لطبيعة نشاط تلك السوق المتعرضة للازمة المالية. ثالثاً: انعكاس الجدل المعرفي حول مفهوم الأزمة المالية على وصف حالة السوق المالية موضع الأزمة، مما يؤثر في تحديد المتغيرات المالية (كأسعار الأسهم وأسعار الفائدة وحجم القرض ونوعه……الخ)، وعـدم التركيز على متغيرات أخرى قد لا تقل أهمية عن غيرها كمسببات رئيسة للازمة المالية. رابعاً : صعوبة تحديد الأهمية النسبية للعوامل المسببة للازمة ، ذلك لان تحليل الأزمات المالية يكون بعد وقوعها وعند وقوع الأزمة ستكون المتغيرات المالي قد أثرت وتأثرت ببعضها البعض مما يسبب ضبابية فـي تحديد أي من المتغيرات أكثر و/ أو بدء في التأثير بمتغيرات أخرى. اما (Miller) فيعتمد في تحليله لمسببات الأزمة المالية مدخلاً سياسياً من خلال انعكاس القرارات والتصريحات السياسية على طبيعة نشاط الأسواق المالية من خلال: - أسهمت تصريحات الرئيس الأمريكي (Ronald Reagan) والسيدة (Tatcher) عن السياسات التنظيمية الجديدة للأسواق الأمريكية واستثماراتها في الأسواق الأخرى والإعلان عن التوسع في تلك السياسات، و تم تفسير حدوث الأزمـات المالية لأسباب متعلقة بالاقتصاد الكلي (Macroeconomic)، كإرتفاع التضخم وعجز الحساب الجاري والتوسع المفرط في الاقتراض. المبحث الثالث مراحل الازمات ان الازمة ظاهرة اجتماعية معقدة في بنيتها وتركيبها وفي العوامل الدافعة لها، ولذلك فهي تمر بمراحل متعددة ولكل مرحلة خصائصها وسماتها التي تميزها عن غيرها ولكنها تشكل بعضها مع بعض حلقات متكاملة توضح مسار الازمة وتطورها، وان وعي الازمة منذ وجودها ومتابعة تطوراتها المختلفة يساعد في التعامل معها وتطويق نتائجها واحتوائها. وتمر الازمة بالمراحلة الاساسية التالية وحسب تصنيفها: 1. تصنيف الازمة وفقاً لمرحلة التكوين (دورة حياة الازمة). أ. الازمة في مرحلة الميلاد (النشوء). وفي هذه المرحلة تبدأ الازمة الوليدة في الظهور لاول مرة في شكل (احساس) مبهم قلق بوجود شيء ما يلوح في الافق وينذر بخطر غريب غير محدد المعالم او الاتجاه او الحجم او المدى الذي سيصل اليه. ويرجع هذا الى اتساع نطاق المجهول في الازمة وغياب كثير من المعلومات حول اسبابها او المجالات التي ستخضع لها وتتطور اليها او ستفجر عندها وحجم هذا الانفجار. ومن هذه الجهود: - العمل على امتصاص قوة الدفع التي تحرك الازمة والتركيز على تفتيت هذه الازمة الى اجزاء صغيرة يسهل التعاطي معها والقضاء على آثارها. - تعميق التفاؤل والشعور بالثقة والتفاؤل والامل بمستقبل المنظمة. - التعرف على الاسباب الحقيقية للازمة وعوامل نشوءها وادارتها بفاعلية من اجل التخلص منها وضمان القضاء على تداعيات الازمة وهذه الازمة في مهدها. ب. مرحلة النمو (الاتساع). حيث يغذيها في هذه المرحلة نوعان من المغذيات هما: - مغذيات ومحفزات ذاتية مستمدة من ذات الازمة تكونت معها في مرحلة الميلاد. - مغذيات ومحفزات خارجية استقطبتها الازمة وتفاعلت معها وبها. في هذه المرحلة لايستطيع متخذ القرار ان ينكر وجودها او تجاهلها فضلاً عن دخول اطراف جديدة الى مجال الاحساس بالازمة لان خطرها امتد اليهم او لخوفهم من نتائجها , يطالبونه بالتدخل قبل ان تستفحل وتصل الى قمة نضجها وعنفها، - العمل على عزل العوامل الخارجية الداعمة للازمة من خلال تحييد هذه العوامل او استقطابها او ايجاد حالة من تعارض المصالح بين هذه العوامل من جهة وتنامي الازمة من جهة اخرى. ج. مرحلة النضج. نادراً ما تصل الازمة الى هذه المرحلة، ولكنها أحياناً ما تحدث عندما يكون متخذ القرار الاداري على درجة كبيرة من الجهل والتكبر والاستبداد برأيه وأنغلاقه على ذاته او احاطة هذه الذات بالقدسية وبحاشية من المنافقين الذين يكيلون له المديح ويصورون له اخطاءه حسنات ومن ثم تزداد القوى المتفاعلة في المجتمع وتغذي الازمة النامية بقوى تدميرية لم تكن في الامكان حصول الازمة عليها وتصل بذلك الازمة الى اقصى قوتها وعنفها وتصبح السيطرة عليها عملية مستحيلة ولا مفر من الصدام العنيف معها وهنا تكون الازمة بالغة العنف، شديدة القوة تطيح بمتخذ القرار وبالمؤسسة او المشروع الذي يعمل فيه. د. مرحلة الانحسار والتقلص. فالصدام العنيف يؤدي الى أن تفقد الازمة جزءا هاما من قوة الدفع الدافعة لها، ومن ثم تبدأ في الانحسار والتقلص، وفي بعض الازمات تتجدد لها قوة دفع جديدة، عندما يفشل الصدام في تحقيق أهدافه أو عندما لا يستجيب متخذ القرار للضغط الذي ولدته الازمة ويقوم باجراء التغيرات المطلوبة وتصبح الازمات في هذه الحالة كامواج البحر، والكيان الذي حدثت به الازمة يصبح عرضة لهذه الامواج الا أنها تشكل في النهاية معالم عدم الاستقرار الذي يؤدي الى تدمير الكيان لعدم قدرته على النمو المتوازن ومن ثم فان من لاينمو ينكمش ويتقلص ويحكم عيه بالاختفاء. هـ.