كان هناك رجل فقير لكنه كريم اسمه عبيد، له أخت متزوجة من رجل غني بخيل اسمه زيد. وذات يوم نزل بالفقير الكريم عبيد ضيوف، وعلم زيد بذلك من جمالهم الكثيرة التي أناخوها أمام بيت شمجه (أخ زوجته). ففرح لأن عبيدا لن يستطيع إكرام هذا العدد الكبير من ضيوفه، غير أن زوجة زيد - وكانت تكره بخله - تراهنت معه على مائة ناقة تعطيها له إذا لم يكرم أخوها ضيوفه، وتأخذ مثلها من زوجها إذا استطاع أخوها إكرامهم. ولما لم يكن لدى عبيد في بيته أي شيء إلا نوى التمر، طلب من زوجته أن تطحنه على الرحى بحيث أصبح دقيقا كما البر، ثم قصد جمال ضيوفه وأخذ منها واحداً وذبحه، وخلط دقيق النوى بلحم الجمل وطهاه كما الهريس، فخرج يحمل معه طنجرة ليملأها سمناً من بيت زيد، لكن زيداً لبخله رفض إعطاءه السمن وإن كان قد برر ذلك أمام زوجته بأنه إنما فعل هذا حتى لا يضيع منه الرهان، فقد قال لزوجته سأكسب منك الرهان لأن أخاك ليس عنده سمن ولن يستطيع إكرام ضيوفه وهكذا عاد عبيد بطنجرته فارغة. وعندما دخل بطنجرته مطبخ بيته وضعها أمامه وغطى فوهتها بكمَّته (غطاء رأسه) وهو يردد هذه العبارة: يغني الله عن بقرات زيد، وما أن رفع كمته عن الطنجرة حتى وجدها تفور سمنا، فأخذ منها حاجته وأكملت زوجته طعام ضيوفها وأكرمهم خير إكرام. وعندما بلغت الأخبار زيداً وزوجته علم أنه خسر الرهان، فأعطى زوجته - وهو شديد الحزن مكسور الخاطر - مائة من الإبل. فأخذت الزوجة هذه الإبل المائة التي كسبتها من زوجها في الرهان وأضافت إليها مائة ناقة من عندها - هي التي كانت ستعطيها لزوجها لو خسرت الرهان - وأعطتها جميعا لأخيها. أما الضيوف فعندما تفقدوا جمالهم وجدوها تنقص واحداً وبحثوا عنه فلم يجدوه، فلما استفسروا عنه من عبيد قال لهم: بدلاً من أن تضيعوا وقتكم في البحث عن جملكم المفقود اختاروا جملاً من هذه الجمال المئتين يكون أفضل منه، واتركوني أتولى أنا البحث عن جملكم المفقود. لهذا عندما شكر الضيوف عبيد وهم ينصرفون كانوا يشعرون أنهم حصلوا على إكرامين منه بل على ثلاثة: الضيافة، والحصول على جمل أفضل من جملهم المفقود،