اولا تطور مفهوم الادارة الاستراتيجية البذرة الأولى لتطور الادارة الاستراتيجية كانت في حقل اطلق عليه سياسات الاعمال الذي بدأ في مدرسة هارفارد للاعمال من خلال تدريس طلبتها هذا الموضوع بأسلوب الحالات الدراسية لمعالجة المشكلات المتصلة بالسياسات المختلفة الإنتاجية، التسويقية الموارد البشرية والمالية). ونظرا لاهمية هذا الحقل فقد اصبح يدرس في معظم كليات الادارة في الدول المتقدمة في نهاية الستينات، وفي نهاية السبعينات بدأ تدريسة في في الدول النامية وخصوصا الدول العربية. وذلك بهدف تزويد الطلبة بالمعرفة حول المشاكل الحقيقية لمنظمات الاعمال وما هي المقترحات أو الحلول الافتراضية لمعالجتها في ضوء التطورات المتسارعة فى البيئة الخارجية (السياسية، وقد اصبح يطلق على هذا الحقل بالادارة الاستراتيجية وتحول الاهتمام بمادة الادارة الاستراتيجية للتركيز على مستوى المنظمة ككل، مما دعا الجامعات وكليات الادارة لتعليم طلبة إدارة الاعمال مفهوم البيئة وانواعها وتأثيها على منظمات الاعمال من حيث اتخاذ قراراتها وفي صياغة رسالتها وأهدافها. وقد ادى اهتمام الرواد والباحثين بتأثير العوامل البيئية للمنظمة ككل الى استبدال مصطلح سياسات الاعمال بمصطلح الادارة الاستراتيجية نظرا لشموليته وقدرته على تمكين المنظمات من بلوغ اهدافها بفاعلية وكفاءة عالية. وظهرت الحاجة الى بلورة مفهوم الادارة الاستراتيجية خصوصا مع تغير بيئة الاعمال المستقرة الى بيئة ديناميكية سريعة التغير وما تتضمنها من منافسة عالية وظروف بيئية غير مؤكدة وضرورة الاستجابة لمتغيرات البيئة المختلفة التي تواجهها المنظمات. ثانيا: مفهوم الإدارة الاستراتيجية اشتقت كلمة الاستراتيجية Strategy من الكلمة اليونانية استراتيجوس Strategos وهي تعنى فن القيادة أو فن نقل القوات والمعدات من والى ارض المعركة من اجل اكتساب ميزة تنافسية تمكنها من الفوز على الاعداء. وقد تعددت استخدامات الإستراتيجية حتى انها شملت العديد من العلوم والميادين لم يعد استخدامها قاصرا على العمليات العسكرية بل نجده قد امتد الى الى كافة العلوم الاجتماعية كعلم السياسة والاقتصاد والاجتماع والإدارة). عرف شاندلر الإستراتيجية بأنها تحديد المنظمة لأهدافها وغاياتها على المدى البعيد، اما انسوف فقد عرف الاستراتيجية بأنها عبارة عن تصور المنظمة لطبيعة العلاقة المتوقعة مع البيئة الخارجية والتى فى ضوئها تحدد نوعية الاعمال التي ينبغي القيام بها على المدى البعيد. عرف ثومبسون واستركلاند الادارة الاستراتيجية بأنها تعني "وضع الخطط المستقبلية للمنظمة، وتحديد غاياتها على المدى البعيد، وعرف جليك Gluek الإدارة الاستراتيجية بأنها سلسلة من القرارات والأفعال التي تقود إلى تطوير إستراتيجية أو استراتيجيات فعالة لتحقيق أهداف المنظمة" وعرفها سعد غالب ياسين أن الإدارة الإستراتيجية تمثل منظومة من العمليات المتكاملة ذات العلاقة بتحليل البيئة الداخلية والخارجية وصياغة إستراتيجية مناسبة وتطبيقها وتقييمها بما يتضمن تحقيق ميزة إستراتيجية للمنظمة وتعظيم انجازها في أنشطة الأعمال المختلفة . أما توماس فقد عرفها على أنها " تلك الفعاليات والخطط التي تضعها المنظمة على المدى البعيد، بما يكفل تحقيق التلاؤم بين المنظمة ورسالتها". ان تحقيق الإدارة الاستراتيجية الناجحة يتطلب منها توفر عدد من المقومات الرئيسية منها : 1. 2 منظومة متكاملة من السياسات التي تحكم وتنظم عمل المنظمة وترشد القائمين بمسئوليات الأداء وأخلاقيات العمل لتحقيق التميز. أسس وقواعد ومعايير اتخاذ القرار 4 هياكل تنظيمية مرنة ومتناسبة مع متطلبات الأداء وقابلة للتطوير والتكيف مع التغيرات والتحديات الخارجية والداخلية للمنظمة. وتختلف الإدارة الإستراتيجية عن التخطيط الاستراتيجي والتخطيط التشغيلي الإستراتيجية هي ثمرة لتطور مفهوم التخطيط الاستراتيجي وتوسيع لنطاقه واغناء لأبعاده فالتخطيط الاستراتيم هو عنصر من عناصر الإدارة الإستراتيجية وليس الإدارة الإستراتيجية بعينها لان الإدارة الإستراتيجية تعنى أيضاً إدارة التغيير التنظيمي وادارة الثقافة التنظيمية وادارة الموارد وادارة البيئة في نفس الوقت ، فالإدارة الإستراتيجية تهتم بالحاضر والمستقبل في آن معا، في حين أن التخطيط الاستراتيجي هو عملية تنبؤ لفترة طويلة الأجل وتوقع ما سيحدث وتخصيص الموارد أهمية الإدارة الإستراتيجية تنبع أهمية الادارة الاستراتيجية من متابعة وتقييم أداء المنظمة ، كنظام متكامل يتكون من بنية متفاعلة من الأنظمة الوظيفية الفرعية ، إلى جانب تحليل أداء الأنظمة الفرعية والمناخ التنظيمي والثقافة التنظيمية ، وما تتضمن هذه المجالات والأنظمة من عناصر قوة وضعف ، تقوم الإدارة الإستراتيجية بتجديد مركز المنظمة الإستراتيجية وتقييم الأداء ككل من خلال تحديد دور كل نظام في خلق قيمة محددة للمنظمة ومتابعة سلسلة القيمة المضافة ذات الأثر المباشر في إتاحة فرص البقاء أو النمو والتطور في الصناعة ، ويعتبر التكامل الاستراتيجي شرطا جوهريا للكفاءة والفاعلية . وهذه التحديات : أ. التغير الكمي والنوعي المتسارع في بيئة الأعمال: يظهر التغير بجلاء أكثر في البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية للعالم وفي تطور التكنولوجيا والبرمجيات المعقدة والتقنيات المتطورة لأجهزة الاتصال ، لذلك على صانع الإستراتيجية مواكبة التغير وليس مواجهته لاكتساب المزيد من التعلم والخبرة في إدارة التغيير بطريقة فعالة تستند على مشاركة واسعة من قبل كل أفراد التنظيم . ب زيادة حدة المنافسة : لقد أصبحت المنافسة الكونية حقيقة واقعة ابتداءً من أشباه المواصلات إلى خدمات التنظيف كما غيرت العولمة الاقتصادية حدود المنافسة ، حرج ج. كونية الأعمال (عولمة الاعمال): لقد تلاشت في عالم الأعمال حدود السيادة بين الدول والأقاليم وذلك مع زيادة الاعتماد المتبادل للاقتصاديات ، حرية التبادل التجاري ، قبل. فمثلا ضمن المظاهر البارزة على كونية الأعمال هو اتجاه الشركات اليابانية للبحث عن تحالفات إستراتيجية مفتوحة مع الشركات العالمية الأخرى بحيث يتعرف كل طرف على عناصر القوة التقنية في الطرف الآخر ، السيارات د. التغير التكنولوجي المتسارع تعتمد معظم المنظمات على التكنولوجيا لتحقيق ميزة تنافسية ضرورية للبقاء في عالم الأعمال ولأن التكنولوجيا تتغير بصورة سريعة في كل الصناعات ، وعادة تهيئ إدارة المنظمات نفسها لمواجهة المنافسين من خلال تطوير طرق جديدة للمنافسة والاستفادة من المميزات التقنية الجديدة . من الواضح أن الموارد الطبيعية في تناقص مستمر واليوم توجد صناعات معينة تواجه نقص خطير في المواد الأولية وعناصر مدخلات النظام الإنتاجي لذلك يتطلب في الإدارة الإستراتيجية خطط طويلة للحصول عل المواد الأولية بطريقة عقلانية واقتصادية وفي إطار المسئولية الاجتماعية و التحول من المجتمعات الصناعية إلى مجتمعات المعرفة فالمعرفة هي أصبحت المعرفة قوة إستراتيجية ويمكن أن تشكل ميزة إستراتيجية في مجال الإدارة والتكنولوجيا ، أساس القدرة في عملية خلق المنتجات الجديدة أو تطوير المنتجات الحالية ، إن المعرفة ضرورية لتنفيذ أنشطة الإدارة من إنتاج وتسويق وإدارة موارد بشرية بطريقة تضمن تحقيق الكفاءة والفاعلية ، لذلك من المفترض أن يتعلم صانعوا الإستراتيجية الكيفية التي من خلالها يمكن إدارة المعرفة باعتبارها عامل حيوي يرجح نجاح المنظمة أو فشلها. ز. عدم الاستقرار في أوضاع السوق: يلاحظ أن الأسواق التجارية في حالة تذبذب وعدم استقرار مثل عدم استقرار أسعار صرف العملات وعدم استقرار أسعار الطاقة ، تزايد تأثير المتغيرات السياسية في أوضاع السوق ، كل هذه المظاهر وغيرها تضع منظمات الأعمال في درجة عالية من المخاطرة عند اتخاذ قرارات بالاستثمار أو عند اتخاذ قرارات إستراتيجية بعيدة المدى ، لذلك كنتيجة للتحديات الآنفة الذكر ، لا بد أن تتغير عمليات الإدارة الإستراتيجية أو تعمل تعديلات مستمرة على خطط وسياسات الإدارة. وتخصيص الموارد المتاحة وزيادة الكفاءة الفاعلية رابعا مستويات الإدارة الإستراتيجية تتكون الإدارة الإستراتيجية من ثلاثة مستويات : وهى تصف توجهات المنظمة الكلية بما يعكس اتجاهاتها العامة نحو النمو وإدارة أعمالها وخطوط منتجاتها لتحقيق التوازن في مزيج منتجاتها وإستراتيجية المنظمة محدد للقرارات التي تحدد نوع الأعمال التي يجب أن ترتبط بها المنظمة وكذلك تدفق الموارد والأموال من وإلى أقسام المنظمة وأخيراً علاقات مع المجموعات الرئيسية في البيئة. المنظمة. يطلق عليها أحياناً الإستراتيجية التنافسية Competitive Strategy وعادة ما توضع على المستوى وحدات الأعمال الإستراتيجية ، SBU، وهي تركز على تحسين الوضع التنافسي لمنتجات أو خدمات المنظمة فى صناعة معينة أو في قطاع سوقي معين. 3 - الإستراتيجية الوظيفية (Functional Strategy): ويمكن التعبير عن الإستراتيجية من خلال الأبعاد التالية: 1- الإستراتيجية هي أعلى مستوى من مستويات الإدارة في المنشأة ويعبر عنها من خلال الإدارة العليا للمنشأة. وتلك الأنشطة والأنشطة المطلوبة لتحقيق هذه الغايات وتوفيرها. الإستراتيجية هي الإطار العام الموحد الذي يتم وفقه اتخاذ القرارات بحيث تكون هذه القرارات متناغمة في جميع مستويات الهرم الإداري في المنشأة. 4- الإستراتيجية وتشتمل على وضع الخطط وتنفيذها حتى تحقيق أهدافها. 6- الإستراتيجية تحدد كيفية الاستجابة للفرص المتاحة والمستجدة والتهديدات الخارجية ولنقاط القوة والضعف الداخلية والخارجية بهدف تحقيق تفوق على المنشآت المنافسة. 7- الإستراتيجية تشتمل على كيفية تحديد المنافع والمصالح الفردية والجماعية المستقلة والمشتركة 5- نموذج عملية الإدارة الإستراتيجية: يستند هذا النموذج على مدخل النظم الذي يتكون من مدخلات وعمليات ومخرجات وتغذية عكسية، مدخلات النظام تتضمن تحديد رسالة المنظمة ، الأهداف الإستراتيجية ، المفاضلة بين الاستراتيجيات البديلة واختيار الإستراتيجية الأفضل ومن ثم تطبيق الإستراتيجية ، أما المخرجات فتشمل على عملية تقييم النتائج التي تمخضت عن تنفيذ الخطة الإستراتيجية هذه النتائج وما تتضمنه من معلومات تعود من خلال التغذية العكسية إلى عنصر المدخلات ، وهذا العنصر " التغذية العكسية " هو الأكثر أهمية في النموذج. عوامل نجاح تطبيق الإدارة الاستراتيجية : لتطبيق الإدارة الاستراتيجية بنجاح ، يستوجب توفر عدد من العوامل ، والتي من أهمها : 1- توافر التفكير الاستراتيجي : حيث يشير التفكير الاستراتيجي إلى توافر القدرات والمهارات اللازمة لممارسة الفرد مهام الإدارة الاستراتيجية بحيث يمد صاحبه بالقدرة على فحص وتحليل عناصر البيئة المختلفة ، والقيام بإعداد التنبؤات المستقبلية الدقيقة ، مع إمكانية صياغة الاستراتيجيات واتخاذ القرارات المتكيفة مع ظروف التطبيق . فالتفكير الاستراتيجي لا يقتصر على مهارة اكتشاف ما الذي سيحدث ، وإنما هو القدرة على تطوير أفكار خلاقة جديدة . أن من أهم خصائص الأفراد ذوي التفكير الاستراتيجي توافر المهارات التالية لديهم : - القدرة على تحليل البيئة الخارجية بما توفره من فرص أو ما ينتج عنها من مخاطر . حيث تمثل الفرص ميزة متاحة يمكن الاستفادة منها ، بينما تمثل المخاطر محددات أو معوقات تواجه المنظمة ، ونظراً لإحساسه بأهمية استشراف المستقبل فنجده يحاول التنبؤ بالفرص والمخاطر المستقبلية وكيفية التعامل معها - القدرة على اختيار الاستراتيجية المناسبة ، فالمدير الاستراتيجي يقوم بحصر الاستراتيجيات البديلة لمواجهة الموقف التنظيمي ، ويقيم كل استراتيجية من خلال تناوله لمزايا وعيوب ومبررات تطبيق كل منها بما يساهم في حسن اختياره لأفضلها. - القدرة على تخصيص الموارد والإمكانات المتاحة واستخدامها بكفاءة ، بالإضافة إلى تحديد الموارد والإمكانات التي ينبغي توافرها مستقبلاً لتحقيق أهداف التنظيم - القدرة على اتخاذ القرارات الاستراتيجية ، فالقرار الاستراتيجي يتميز عن غيره من القرارات بالشمول وطول المدى الذي يجب تغطيته 2- توافر نظم المعلومات الاستراتيجية : فالمعلومات لها دور أساسي في كافة مراحل الإدارة الاستراتيجية ، فالمعلومات المرتبطة بنتائج تحليل المتغيرات البيئية الداخلية والخارجية مثلاً تدعم جهود المديرين الاستراتيجيين في وضع الأهداف وصياغة الاستراتيجيات ، كما أنها تساهم في تنفيذ الاستراتيجية ومراجعتها والرقابة عليها . ولتحقيق الاستفادة المثلى من تلك المعلومات لابد أن يتسم نظام المعلومات الاستراتيجي بدقة المعلومات وشموليتها وتوافرها في الوقت المناسب . وهذا يتطلب توفر الحاسب الآلي والاعتماد عليه في تخزين أكبر كم من البيانات المتشابكة والمعقدة وحفظها وإجراء كافة عمليات التحليل والبرمجة لتلك البيانات بما يتيح الاستفادة منها في أي وقت لاتخاذ القرارات الاستراتيجية . 3- توفر نظام للحوافز : يهدف نظام الحوافز عادةً إلى التأكد من وجود توافق بين ما يتطلبه التنفيذ الفعال للخطط الاستراتيجية والحاجات والمطالب المشروعة للعاملين في المنظمة الذين يقومون بالتنفيذ ، فلابد أن يرتبط نظام الحوافز بصورة مناسبة وفعالة مع استراتيجية المنظمة على المستويات الإدارية المختلفة ؛ ولتحقيق ذلك لابد من تصميم نظام محكم وعادل للمكافآت والحوافز بحيث يؤدي دوراً محفزاً ومشجعاً لمكافأة الأداء المرغوب فيه