قالت الثمانينية (فريدة) ذات الشعر الخفيف والعينين الزرقاوتين : ليس ديكا عادياً، وقد ربط جارها قدميه ورماه بين يديها قائلا بغضب: للمرة الألف ، امسكي بهذا الديك المشاكس واحتفظي به داخل أسوار حديقتك. وكررت قولها ذاته الذي يدل على أنه لن تجد حلًا: تعرف أنه ليس ديكًا عاديًا بالنسبة إلي ، لأنها تعرف إلى ماذا يلمح جارها الذي كان منذ خمسين عاماً لحام القرية الوحيد. قالت هذا وهي تكلم نفسها وتغلق بوابة الحديقة الحديدية السوداء القديمة، قاذفاً بنفسه قريبا من البوابة القديمة، وكأنه يعترض على إغلاقها الذي سد عليه أبواب هوايته الوحيدة. لكن الجدة فريدة كانت قد أقسمت هذا النهار بالذات على إبقاء البوابة مغلقة إلى أن تجد الحل النهائي، لذا راحت تمشي ذهاباً وإياباً وهي تنظر إلى ديكها الغاضب ينقر البوابة نقرات متتالية رتيبة غاضبة. وأسندت السلم الخشبي العتيق على بوابة السقيفة، ولولا خوفها - اليوم بالذات- من تهديد جارها اللحام الذي طال ديكها، وما إن غادر الجار الشاب بيتها بعد أن أسند المرآة إلى جدار الحديقة قرب البوابة، ترك الديك نقر البوابة ، وكرر عمله هذا أكثر من عشر مرات حتى أصيب بعدها بالإرهاق الشديد، حتى أنه لم يعد يهتم أبداً لفتح البوابة، شاع في القرية الشعور بالأمان من الديك المشاكس؛ فتباطأت خطوات المارة قرب بيت الجدة، تطور الأمر بهم، بينما الجدة تسقي نبات حديقتها،