تعبئة اللوائح الضريبية السنوية من دون مساعدة محاسب محترف . وإذا استطعنا أن نصف مفهوم غياب الضرائب الآن بأنه مفهوم متقدم على العصر فبماذا كنا سنصف هذا المفهوم لو أطلقناه قبل مئة عام حتى لو لم يكن المفهوم شاملاً؟ أنا أصوغ مفاهيم السياسات الاقتصادية المتطورة وغياب الضرائب بكلام العصر لكني أحسب أحياناً أنني أردد مفاهيم عرفتها دبي قبل تأسيس منظمة التجارة العالمية بمئة عام، وكانت أحد أهم أسباب المكانة التجارية العالية التي احتلتها دبي ففي عام ١٩٠٢ أصدر الشيخ مكتوم بن حشر، قراراً بإعفاء الواردات من الضرائب الجمركية فتدفقت البضائع المشحونة من الهند إلى دبي وتحولت بسرعة إلى أهم مركز في الخليج لإعادة تصدير البضائع إلى موانئ الدول المجاورة أو شحنها إلى المناطق الداخلية المهمة مثل واحة البريمي، وانتقل إلى دبي عدد كبير من كبار تجار الخليج . وتابع جدي الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم (۱۹۱۲-١٩٥٨)، انتهاج سياسات الانفتاح الاقتصادي وتحرير الأسواق شاملة أهم الصادرات آنذاك وهو اللؤلؤ، فانتقل إلى الإمارة عدد كبير من تجار اللؤلؤ في المنطقة وما وراءها، وأسهم ذلك في انتعاش اقتصادها أيضاً وتحولها إلى أحد أهم مراكز التجارة باللؤلؤ. وكانت الإمارة بذلك من بين أكثر المستفيدين من هذه التجارة في الخليج، إلا أنها كانت أيضاً الأكثر تأثراً بانهيارها إذ راجت في الإمارة آنذاك نشاطات تجارية وصناعية محدودة إلا أن قسماً كبيراً من تلك النشاطات كان لخدمة تجارة اللؤلؤ أساساً . وخلال سبعة عشر عاماً بين بداية الكساد الكبير (۱۹۲۹) ونهاية الحرب العالمية الثانية (١٩٤٥) حاولت دبي العثور على مصادر بديلة لتجارة اللؤلؤ وطرقت كل الأبواب الممكنة لتطوير النشاطات وتقديم الخدمات التي تضمن استمرارها ، وفي عام ۱۹۳۷ وقع جدي الشيخ سعيد بن مكتوم اتفاقية حصرية للتنقيب عن النفط في أغلب مناطق الإمارة مع شركة بترول الساحل المتصالح ( وهو الاسم الذي أطلقته بريطانيا على منطقة الإمارات التابعة لشركة نفط العراق لمدة ٧٥ عاماً بعد مباحثات صعبة استمرت ۲۰ شهراً لقاء ٣٠ ألف روبية سنوياً .