تطرّق النص إلى مدلول اللغة لغويًا وإصلاحيًا، مؤكدًا أن فهم تأثيرها في الهوية يتطلب استعراضًا لوظائفها المتعددة في حياة الإنسان. فالتواصل، وإن كان أبرز وظائفها، ليس الأهم؛ إذ يمكن تحقيقه بوسائل أخرى كالإشارة أو الرسم. وظيفة اللغة الأهم هي "الإنسنة"، فالإنسان حيوان ناطق، وإدراك اللغة هو ما يميزه. يؤكد هذا خلق الله آدم وعلمه الأسماء، مما يدل على ملكية الإنسان للغة. تُبرز هذه الوظيفة الفرق بين لغة الإنسان، القادرة على التعبير عن الماضي والحاضر والمستقبل، وبين وسائل التواصل الحيواني الغريزية والمحدودة. من وظائف اللغة كذلك التمثل والتصور، فالكلمة الواحدة تستطيع أن تضم ملايين الجزئيات، مما يُمكّن الإنسان من تمثل الأشياء وتصورها ذهنياً. كما أن للغة وظيفة تعبيرية وجدانية، تُمكن الإنسان من التعبير عن مشاعره وأحاسيسه، كما في شعر قيس الملوح مثلاً. وظيفة أخرى هي الامتاع، كقراءة الروايات والقصائد. كما تلعب اللغة دورًا في نقل التراث، فقد حفظت اللغة العربية تراث الأمة الإسلامية. ولكن، للغة أيضًا وظيفة خداع، كما في أمثلة من اللغة العربية القديمة، ووظائفها في الخداع السياسي والدبلوماسي حاضرة اليوم. تُحقق اللغة أيضًا الانتماء الاجتماعي، كما يدرس علم اللغة الاجتماعي دلالات الألفاظ وتنوعها بين المجتمعات. وظيفة أخرى هي الحلم، فالإنسان يحلم ويتخيل ويتصور باللغة. كما أن للغة سلطان، فالإنسان سلطان عليها وعبد لها في آن واحد، كما قال غلام بارت. الوظيفة النسقية للغة تكشف عن نسق المتكلم في الحياة والتفكير، وتُمكن من بناء أنساق جديدة وإلغاء أنساق قديمة. تُبرز التشابهات بين اللغة والهوية: الخصوصية الإنسانية، والأولوية، والبعد التاريخي. تُناقش العلاقة بين اللغة والتفكير، مع وجود ثلاث مدارس: اللغة تعتمد على التفكير، والعكس، أو كونهما وجهان لعملية واحدة. وتُشير إلى تأثير اللغة في الشعور الوجداني، فكلمة قد تغضب أو تُرضي، كما في قصة تميم بن جميل وأبي جعفر المنصور، وقصة سديف بن ميمون وأبي العباس. تأثير اللغة في التعليم واضح، فالتعلم بلغتك الأم أسهل وأفضل، كما تثبت تجارب العديد من الدول. يُناقش النص تعريب التعليم في اليابان والصين وفيتنام وسوريا، ومصر في زمن محمد علي باشا، وكيف أن التدريس باللغة الأم يُعزز الفهم والاستيعاب. يُناقش تأثير اللغة في تشكيل الجغرافيا والحدود السياسية، فقد تكون اللغة سببًا في نشوء حدود جغرافية، أو تسبب توتراً داخل حدود معينة، كما في كندا. تأثير اللغة في المعارك السياسية واضح، فحرب النجوم مثلاً كانت مشروعًا لغويًا أكثر منه مشروعًا عسكريًا. كما أن اختيار الألفاظ في الخطاب السياسي يؤثر على الأحداث. العلاقة بين اللغة والقيم والأخلاق واضحة، فالكلام الجيد يعزز الأخلاق، والكلام السيء يُفسدها، كما في ما تفعله بعض الروايات والأغاني في الشباب.