المحاضرة الثانية: معايير التمييز بين العمل التجاري اختلفت النظريات حول تحديد المعيار الذي على أساسه يعتبر العمل مدنيا أو تجاريا، النظريات في نظرية المضاربة ونظرية التداول ونظرية المقاولة، كما سنتطرق لموقف المشرع الجزائري الفرع األول: نظرية المضاربة يرى البعض أن العمل ال يكون تجاريا إال إذا تم على سبيل المضاربة أي إذا كان الهدف منه تحقيق فالعمل التجاري يقوم على قصد تحقيق الربح خالفا للعمل المدني، ومن بين المنادين بهذه النظرية الفقيه "جون ليون كان" الذي اعتبر أن المعيار الجوهري للتمييز بين العمل التجاري والمدني هو المضاربة التي يقصد بها تحقيق الربح كشراء المنقوالت بغرض إعادة بيعها قصد تحقيق الربح فأي عمل ال يراد من 1 وراءه تحقيق الربح ال يعتبر عمال تجاريا بل مدنيا وإذا كانت هذه النظرية على جانب من الصواب ولكنها ليست صحيحة على إطالقها، فالمحامي والطبيب والمهندس والمحاسب والمزارع يستهدف تحقيق الكسب المادين وبالرغم من ذلك فأعمالهم باتفاق فقهاء القانون التجاري ال تعتبر أعماال تجارية بل تظل 2 عماال مدنية تخرج عن نطاق القانون التجاري كما أن النظرية لم تعتبر العمل تجاريا إذا لم يحقق القائم به الربح، ولكن يمكن للتاجر أن يقوم ببيع السلع التي قام بشرائها قاصدا من هذا الشراء تحيق الربح بأقل من ثمنها لسبب ما كانخفاض األسعار أو كما أن القانون التجاري اعتبر بعض األعمال تجارية دون أن يكون الغرض منها تحقيق الربح على غرار السفتجة التي ال تعدوا أن تكون إال وسيلة للوفاء بالديون، وذلك يعود إلى أنه قد تمر مدة طويلة على شراء البضاعة، 3 األمر للقاضي لتحري توافر نية تحقيق الربح على أن هذه النظرية قد ساهمت في إخراج بعض األعمال من نطاق األعمال التجارية، التعاونيات التي تشتري السلع من أجل إعادة بيعها ألعضائها بسعر التكلفة، جاء بهذه النظرية األستاذ "تايلر" أن هذا المعيار يحصر األعمال التجارية في تلك األعمال التي تهدف إلى تحريك الثروات من حال الثبات إلى أن تصل إلى يد المستهلك، فتحويل السلعة بالتصنيع ونقلها وبيعها للتاجر الذي يتولى بدوره بيعها إلى المستهلك كل هذه األعمال تدخل في حركة تداول السلع وتعتبر على أساس ذلك أعماال تجارية، أما األعمال التجارية فهي تلك األعمال التي تتمثل في استخراج الثروات 5 وقبل عملية التصنيع وبعد وصول السلع للمستهلك رغم أهمية هذه النظرية لكنها غير كافية لتحديد األعمال التجارية رغم عدم قيام هذه األعمال على عنصر الوساطة والتداول مثل األوراق التجارية، باإلضافة إلى العمليات االستخراجية التي تعتبر على أساس النظرية أعماال مدنية رغم أن المشرع الجزائري صنفها ضمن طائفة األعمال التجارية، بعض األعمال تعتبر أعماال مدنية ورغم ذلك اعتبرتها تجارية كأعمال التعاونيات التي تشتري السلع من المرجع السابق، السل نادى بهذه النظرية الفقيه الفرنسي "جون اسكار"، وترتكز النظرية على عنصر التكرار والتنظيم، ومعنى ذلك أن المقاول يعمل على جمع الوسائل المادية والبشرية وتكريسها للعمل التجاري بصفة مستمرة وفي إطار منظم مضاربا بذلك على الوسائل المادية والمتمثلة في اآلالت والوسائل البشرية المتمثلة في ومتى توافر االتكال على العنصر المادي والبشري اعتبر العمل تجاريا، أن العمل المنفرد أو الذي يقع بشكل عرضي بالنسبة لهذه النظرية هو عمل مدني، سبيل االحتراف والتنظيم يعتبر عمال تجاريا أما إذا تم القيام به مرة واحدة بصفة عرضية يعتبر عمال وتعتبر هذه النظرية قاصرة على التمييز بين العمل التجاري والمدني وذلك أنه تحصر العمل التجاري في العمل الذي يقع من خالل مقاولة في حين أن هنالك أعماال تعتبر تجارية ولو تمت من دون مثل أعمال التجارة البسيطة كأعمال السمسرة، كما أنها تخرج األعمال التجارية 7 المنفردة من دائرة األعمال التجارية كأعمال الشراء من أجل إعادة البيع . الفرع الرابع: موقف المشرع الجزائري من هذه المعايير بالرجوع إلى أحكام القانون التجاري نجد أن المشرع الجزائري لم يأخذ بمعيار واحد من بين المعايير التي تميز بين العمل التجاري والعمل المدني، ففي نص المادة الثانية من القانون التجاري أخذ بنظرية بكل كما أخذ بنظرية كما أخذ بنظرية المقاوالت بالنسبة للمقاوالت التجارية، على أنه لم يأخذ بأي معيار من هذه المعايير فيما يخص بعض باإلضافة لألعمال التجارية بالتبعية التي تعبر أعمال مدنية بحتة ال تهدف إلى تحقيق الربح بل هي أعمال استهالكية ورغم ذلك اعتبرها المشرع تجارية طبقا لنص المادة الرابعة من القانون التجاري، إال أنها تعتبر تجارية بالنظر إلى معيار الحرفة التجارية على أساس أنها تمت بمناسبة مباشرة التاجر لحرفته التجارية. وما يمكن قولة هو أنه متى توافر في العمل أحد المعايير سواء المضاربة أو المقاولة أو التداول اعتبر العمل تجاريا كما قد تجتمع هذه المعايير في عمل واحد. والمدني إذا أن األحكام التي يخضع لها العمل التجاري تختلف كل االختالف عن األحكام التي يخضع لها العمل المدني ولذلك فأي خطا في التمييز بين أوال: االختصاص القضائي. معنى االختصاص القضائي توزيع العمل بين المحاكم أما بحسب نوع الدعوى ويسمى االختصاص 8 النوعي أو بحسب المكان ويسمى االختصاص اإلقليمي أو المحلي وباعتبار أن المنازعات القضائية لها طابع خاص تتميز به عن المنازعات المدنية، ص 54. المنازعات، وهو ما قام به المشرع الفرنسي وذلك بإنشاء محاكم تتولى الفصل في القضايا التجارية ومحاكم ولكل إجراءات خاصة بها بل جعل اختصاص المحاكم التجارية شامال للمنازعات التجارية والمدنية على أن يطبق القاضي القانون التجاري على اإلجراءات المدنية واإلدارية، التجارية، وتقابلها على مستوى المجالس القضائية غرف تجارية تختص بالنظر في االستئناف في القضايا وهذا التقسيم ما هو سوى تقسيم للعمل 11 التي فصلت فيها األقسام التجارية الموجودة على مستوى المحاكم 12 أو المجلس . ثانيا: اإلثبات. يستلزم القانون المدني اإلثبات بالكتابة إذا تجاوزت قيمة التصرف 100000 دينار جزائري وذلك طبقا لنص المادة 333 من القانون المدني المعدلة بالقانون 05-10 والتي نصت على أنه:"في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على 100000 دينار جزائري أو كان غير محدد القيمة فال يجوز اإلثبات بالشهود في وجوده أو انقضائه ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك. ويقدر االلتزام باعتبار قيمته وقت صدور التصرف القانوني ويجوز اإلثبات بالشهود إذا كانت زيادة االلتزام على 100000 دينار جزائري لم تأت من ضم الملحقات إلى األصل. وإذا اشتملت الدعوى على طلبات متعددة ناشئة عن مصادر متعددة جاز اإلثبات بالشهود في كل طلب ال تزيد قيمته على 100000 دينار جزائري، القيمة، ولو كان منشؤها عالقات بين الخصوم أنفسهم أو تصرفات قانونية من طبيعة واحدة، في كل وفاء ال تزيد قيمته على 100000 دينار جزائري". إن مضمون هذه المادة ال يتماشى مع أهم خاصية من خصائص المعامالت التجارية وهي السرعة 3-فاتورة مقبولة. 4-بالرسائل. 5-بدفاتر الطرفين. ومن تطبيقات مبدأ حرية اإلثبات في المواد التجارية، انه يجوز إثبات ما يخالف أو ما يجاوز الكتابة 11 ص 30. 12 13 يخالف الكتابة كما ال يجوز االحتجاج بالمحررات العرفية إال إذا كانت ثابتة التاريخ، إذا يمكن االحتجاج بالمحررات العرفية ول لم تكن هذه المحررات العرفية ثابتة التاريخ. كما أنه خالفا للمواد المدنية التي ال تجيز لشخص أن يصطنع دليال لنفسه أو يقدم دليال ضد نفسه للخصم، يعتبر في دليال يمكن أن يقدمه التاجر كإثبات لصحة ادعائه كما يلزمه القاضي بتقديمه كدليل ضد نفسه. على أن المشرع استثنى بعض المسائل من مبدأ حرية اإلثبات بالنظر ألهميتها وتتمثل هذه المسائل - العقود المتعلقة بالشركات التجارية وأي تعديل يطرأ عليها طبق لنص المادة 545 من القانون التجاري التي نصت على أنه:"تثبت الشركة بعقد رسمي وإال كانت باطلة". باإلضافة إلى وجوب اتخاذ إجراءات القيد في السجل التجاري والشهر. 16 والسند ألمر 15 ، - ال يمكن إثبات التصرف في المحل التجاري سواء بالبيع أو الرهن إال بعقد رسمي 17 ثالثا: المهلة القضائية. وإنما والمهم هو حصول الدائن على حقه في األجل المتفق عليه بينه وبين المدين، وذلك حماية للمصلحة االقتصادية العامة وليس فقط المصلحة الخاصة للدائن، الموعد المحدد يترتب عليه في البيئة التجارية اضطراب سلسلة من االلتزامات المرتبطة والمترتبة على هذه العالقة األصلية التي تربط الدائن والمدين مما قد يؤدي إلى ارتباك عام ال تقف أثاره عند حدود العالقة 18 الثنائية الخاصة . وخالفا للمواد الديون التجارية فقد نصت المادة 210 من القانون المدني على أنه في حالة عجز المدين على الوفاء بديونه فيجوز أن يمنحه القاضي أجال للوفاء إذا كان من الممكن أن يتمكن المدين من 19 ذلك أو يلحق ذلك المدين ضررا جسيما تطبيقا لقاعدة فإذا كان في معسرة فنظرة إلى ميسرة رابعا: اكتساب صفة التاجر واإلفالس. سيكتسب صفة التاجر طبقا للمادة األولى من القانون التجاري، وبالتالي يترتب عليه مجموعة من االلتزامات وهي القيد في السجل التجاري باإلضافة إلى االلتزام بمسك الدفاتر التجارية، فان التمييز الصحيح بين العمل التجاري والمدني يكون حاسما في اعتبار القائم بالعمل تاجر أو غير تاجر. التجاري التي تنص على أنه:"يتعين على كل تاجر أو شخص معنوي خاضع للقانون الخاص ولو لم يكن تاجرا، إذا توقف عن الدفع أن يدلي بإقرار في مدى خمسة عشر يوما قصد افتتاح إجراءات التسوية أو اإلفالس". ويطبق اإلفالس على من يكتسب صفة التاجر فقط إذ أن من ال يكتسب صفة التاجر ولو مارس عمال تجاريا ال يطبق عليه نظام اإلفالس وإنما نظام اإلعسار، التصرف في أمواله وعين له وكيل متصرف قضائي توكل له مهمة التصرف في هذه األموال وقسمتها على الدائنين قسمة غرماء متى تساوت مراكزهم. 14 16 19 نادية فوضيل، ص 56. من القواعد المقررة في الديون المدنية أن التضامن ال يفترض وانه ال بد إلعمال قواعده أن يتم االتفاق على ذلك صراحة، طبقا للمادة 217 من القانون المدني التي تنص على أنه:" التضامن بين الدائنين أو بين المدينين ال يفترض، وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون". ومعنى التضامن هو تعدد المدينين في التزام واحد، بالشراكة فيما بينهم بقيمة 150000دينار جزائري، وإذا اعتبر العمل مدنيا فال يجوز للدائن أن يختار أحد المدينين ويطلب منه كامل المبلغ وإنما يطالب كل واحد بنصيبه في الدين أي يطالب كل مدين ب 50000 خالفا للمدينين بدين تجاري فيحق له اختيار احد المدينين ويطالبه بكامل قيمة الدين على أن يعود بعد ذلك هذا المدين على بقية المدينين معه لطالبهم بنصيبهم مما دفعه وقاعدة التضامن بين المدينين في االلتزامات التجارية يتم إعمالها ولم لم يتم االتفاق على ذلك صراحة بين الدائن والمدينين، في المواد التجارية هي قاعدة عرفية، على أنه يوجد نص صريح يقضي بتضامن الشركاء المتضامنين 20 بالوفاء بديون شركة التضامن طبقا لنص المادة 551 من القانون التجاري سادسا: التقادم المسقط. خالفا للمتعامالت المدنية التي تتقادم بمدة حددها المشرع الجزائري ب 15 سنة طبقا لنص المادة سواء كانت المعاملة 21 197 من القانون المدني، أما مدة التقادم في المسائل التجارية فهي قصيرة المدة بين تاجرين أو بين تاجر وغير تاجر، كما نصت المادة 777 من القانون التجاري على بقاء الشراء ملتزمين بالتضامن أمام دائني الشركة مدة 05 سنوات من تاريخ قفل التصفية. سابعا: اإلعذار. واستجابة لدواعي السرعة في المعامالت التجارية يستطيع الدائن إثبات أعذار مدينه أو إخطاره في المواد التجارية بإنذار رسمي أو برسالة موصى علها بالوصول وفي حالة االستعجال يمكن أن يتم اإلخطار بأي طريقة ممكنة، 22 المدنية أين يجب أن يتم اإلعذار بورقة رسمية بواسطة أعوان القضاء ثامنا: تبسيط إجراءات التنفيذ في الرهن التجاري. يخضع الرهن التجاري الضامن لدين تجاري ألحكام القانون التجاري، وهو ما نصت عليه المادة 33 من القانون التجاري بأنه:" 23 في التنفيذ في حالة تخلف المدين عن الدفع جاز للدائن خالل خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغ عاد حاصل للمدين أو الكفيل العيني من الغير إذا كان له محلن أن يشرع في البيع العلني لألشياء المرهونة، ويجوز لرئيس المحكمة بناء على طلب األطراف أن يعين عونا للدولة مختصا للقيام بهذا العمل. ويعتبر الغيا كل شرط يرخص فيه للدائن بان يتمسك المرهون أو يتصرف فيه من غير مراعاة لإلجراءات المقررة آنفا".