يبحث المبحث الأول في الطبيعة القانونية لجرائم الأعمال، مُناقشاً طبيعة الشخص المجرم ومسؤوليته الجنائية. أولاً، يختلف الشخص المجرم في جرائم الأعمال عن المجرم العادي؛ فهو يتميز بالكفاءة العلمية والمهنية، مرتكبًا جرائم "القلادات البيضاء" التي تتجاوز العنف المادي، مستغلاً ثغرات التشريع لتحقيق مكاسب غير مشروعة. يُدرك المجرم غير قانونية فعله، لكنه لا يعتبر نفسه مجرماً، مُبرراً فعله بموقعه الاجتماعي ومساهمته في الاقتصاد. يستهدف القانون رجال الأعمال لحماية النظام العام الاقتصادي، شاملًا المديرين وأعضاء الجهاز الإداري للشركات والتجار. ثانياً، تتحدد المسؤولية الجنائية لرجال الأعمال وفقًا للقواعد العامة في القانون الجنائي وقواعد خاصة في قانون جرائم الأعمال. تخضع مسؤوليتهم الجنائية لأحكام القانون الجنائي العام بشأن المبادئ العامة، وعناصر المسؤولية (سلامة العقل والقدرة على التمييز)، وللقانون الخاص بشأن الإخلال بالالتزامات القانونية المرتبطة بنشاطهم (التزوير، النصب، خيانة الأمانة، الإفلاس...). تشمل المسؤولية الجنائية كلًا من الشخص الطبيعي والمعنوي، متضمنة شروطًا محددة لثبوت المسؤولية على الشخص المعنوي (ارتكاب الجريمة من طرف أجهزته أو ممثليه الشرعيين، ولحساب الشخص المعنوي). يمتد نطاق المسؤولية إلى المسؤول القانوني والفعلي، بما في ذلك المسيّر المستتر. كما تتناول المسؤولية عن فعل الغير، مُناقشةً نظريتين: موضوعية (مسؤولية المتبوع عن فعل التابع) وشخصية (إسناد معنوي للمسؤولية). يُناقش النصّ استثناءات مبدأ شخصية المسؤولية في القانون الجزائري، مُشدداً على مسؤولية مدير المنشأة عن جرائم موظفيه. يُعرّف المبحث الثاني خصائص جرائم الأعمال. يُناقش المطلب الأول طبيعة هذه الجرائم كجرائم تقنية ومنظمة، تُرتكب بطريقة سرية ومهنية من قبل ذوي المكانة الاجتماعية العالية، ومصطنعة قانونيًا، بمعنى أنها من صنع القانون لمواجهة خرق السياسات التنظيمية للدولة. يُبيّن المطلب الثاني الطابع الاقتصادي والمالي لجرائم الأعمال، ويهتمّ المطلب الثالث بطبيعة القانون الجنائي للأعمال كقانون غير مُقنّن، مُشتت في قوانين خاصة (التجاري، البورصة...). يُناقش النصّ طبيعة هذا القانون واختلاف الآراء حول استقلاليته، مُشيراً إلى أنّ الفقه يرجّح تصنيفه ضمن القوانين الجنائية الخاصة، مع بقاء قانون العقوبات الأساسي كأصل يُرجع إليه عند الحاجة.