وكان الصديقان أحدهما نحيف والآخر بدين ، وكان الصديق البدين قد تناول وجبة الغداء لتوه ، كما تلمع ثمار الكرز الناضجة . وفاحت من فمه رائحة النبيذ والحلويات المعطره ، أما النحيف فقد كان خارجًا لتوه من محطة القطار ، محملًا بالحقائق وعلب الكرتون ، وظهرت خلفه سيدة نحيفة طويلة الذقن هي زوجته ، وتلميذ طويل القامة بعينين ضيقتين هو ابنه. بصوت عالي مناديًا علي صديقه قائلًا : (بورفيري) ، فرد عليه الصديق النحيف بدهشة عندما رآه أيضا قائلًا : (ميشا) ، ثم تبادل الصديقان القبلات والأحضان وحدق كل منهما للآخر بعينين مغرورقتين بالدموع ، وكان كلاهما في حالة من الذهول والسعادة . أحوال الصديق النحيف : قال الصديق النحيف لصديقه البدين : يا لها من مفاجأة سارة غير متوقعة ، فرد عليه صديقه البدين بفرحة : حبوب وغندور كما كنت يا عزيزي . فرد عليه النحيف قائلا : آه يا الهي ، فأنا تزوجت كما ترى ، ومن عائلة فانتسينباغ ، ثم قام بتعرف ابنه على صديق طفولته قائلًا لابنه : يا نافانيا ، هذا صديق طفولتي درسنًا معاً في المدرسه لسنوات عديدة ، فقام ابنه برفع القبعة لصديق والده تحية له ، ثم استرسل النحيف قائلًا لصديقه البدين : أتذكر عندما كانوا ينادونك في المدرسة ، باسم هيروستراتوس ، أبيه وهو ينظر إلى صديقه البدين بإعجاب واندهاش ، ثم سأل الصديق البدين صديقه عن عمله قائلًا : ماذا عنك الآن يا عزيزي ، وأين بلغت في الخدمة ؟ فرد عليه صديقه النحيف : أنا بلغت الآن في الخدمة محكم هيئة منذ سنة ، أقدم له خصماً ، سوف أخدم هنا . أحوال الصديق البدين : ثم سأل النحيف صديقه البدين : وماذا عنك أنت أظنك بلغت مستشار دولة الآن ، قصص نُشر في2017-09-10 بواسطة سمراء النيل قصة البدين والنحيف هي رواية لأديب الروسي أنطون بافلوفيتش تشيخوف ، تقابل صديقان قدامى في محطة سكك حديد نيكولاي ، وكان الصديق البدين قد تناول وجبة الغداء لتوه ، في المحطة ولمعت شفتاه من الدهن ، كما تلمع ثمار الكرز الناضجة . وفاحت من فمه رائحة النبيذ والحلويات المعطره ، محملًا بالحقائق وعلب الكرتون ، وقد فاحت منه رائحة اللحم والقهوة الرخيصة ، وظهرت خلفه سيدة نحيفة طويلة الذقن هي زوجته ، وتلميذ طويل القامة بعينين ضيقتين هو ابنه. أهو أنت يا عزيزي ، من أين جئت ، ثم تبادل الصديقان القبلات والأحضان وحدق كل منهما للآخر بعينين مغرورقتين بالدموع ، وكان كلاهما في حالة من الذهول والسعادة . يا عزيزي ، هلا نظرت اليّ جيداً ؟ ، هل أصبحت ثري ، فأنا تزوجت كما ترى ، بروتستانتية ، وهذا ابنى( نافانائيل) تلميذ في الصف الثالث. ثم قام بتعرف ابنه على صديق طفولته قائلًا لابنه : يا نافانيا ، هذا صديق طفولتي درسنًا معاً في المدرسه لسنوات عديدة ، فقام ابنه برفع القبعة لصديق والده تحية له ، وكانوا ينادوني بلقب افيالتوس وذلك لأنني كنت أحب النميمة ، ثم ضحك مكملًا كم كنا صغرًا . واستدار وقال لابنه : لا تخف يا نافانيا فهذا صديقي ، ففكر نافانيا قليلًا ثم اختبأ خلف أبيه وهو ينظر إلى صديقه البدين بإعجاب واندهاش ، ثم سأل الصديق البدين صديقه عن عمله قائلًا : ماذا عنك الآن يا عزيزي ، وأبيع العلبة الواحدة بروبيل ، أتدري كنت أخدم في الادارة ، وقد نقلت إلى هنا الآن تبع نفس الوزارة ، سوف أخدم هنا . أحوال الصديق البدين : ثم سأل النحيف صديقه البدين : وماذا عنك أنت أظنك بلغت مستشار دولة الآن ، فرد عليه البدن وقال : لا يا عزيزي بل أعلى ، لقد بلغت منصب المستشار السري وحصلت على نجمتين . رد فعل غير متوقع : وفجأة امتقع وجه النحيف وتجمد قليلًا ، وبدا وكأن الشرار يطل من عينيه ، حتى حقائبه وكراتينه قد انكمشت ، وشد ابنه قامته وزرر جميع أزرار سترته ، مسرور جدًا بلقائك ، فصديق الطفولة قد أصبح من الأكابر ثم ابتسم ابتسامة مصطنعه . فرد عليه صديقه البدين باندهاش : دعك من هذا ، ما هذه النبرة يا صديقي العزيز ، فرد عليه صديقه النحيف مصاحبًا قوله بزيادة انكماش وضحكة صفراء تعتلي ثغره : العفو ، إن اهتمام سعادتكم فخر لنا جميعًا ، وإن لقاءكم الكريم هو كما البلسم الشافي . أراد الصديق البدين أن يعترض بشكل ما ، ولكن وجه النحيف كان يطفح بالتبجيل والتعظيم والخنوع إلى درجة أثارت الغثيان في نفس المستشار السري ،