طرأ تبدل في عقلية الملقي والمتلقي وفقاً لتطور الفكر الانساني وأبداعات العاملين في مجال العلوم والفكر والفنون، حيث شمل الانقلاب في موضوع العمل الفني وقصده وهدفه العام، محاولات الانسان لأن يجد لنفسهِ وهو في مكان لا معنى له في عالم لا قيمة له لأن المبادئ الاخلاقية والدينية والسياسية والجتماعية التي شيدها لينقض نفسه بها قد تداعت، ولذا فهو يخضع للعقل العام واحيانا أخرى يتناول الحقيقة بأسلوب المزج بين المعقول واللامعقول وبتماسك سبل الايحاء وسبل الادراك، كونه موقفاً اخلاقياً معبراً عنه بالتمرد مستعينا بالحلم الذي هو أحد اساليب اللامعقول للنزول الى اعماق النفس البشرية، وكونهم لمحوا العجز التعبيري للأشكال الفنية والادبية التي كانت تخضع الى قوالب القيم والمفاهيم الاجتماعية لذا ركزوا اهتمامهم على الذات والخيال الانساني. وغالبا ما تكون لغة مسرح العبث واللامعقول متعددة المعاني وليست كلغة المسرح التقليدي أحادية المعنى، فالكلام بالنسبة للمسرح التقليدي هو تعبير محض عن مضمون، والامر على العكس بالنسبة لمسرح الطليعة، اذ الكلام مُعطى غامق لا علاقة له بمحمول، لذا فهو مكتف بذاته، الاولى في تبريرهم للكلمة بعد أفراغها من كل معنى وكأنها نابعة من توليد ميكانيكي، بأن النطق لا يؤسس كينونة الانسان وفي الشكل الثالث يتلخص في المحافظة على منطقية التركيب اللغوية والقواعد وفي نفس الوقت تفتيت منطقية المعنى. فآلية التمثيل لمثل هذه الشخصات تنحاز الى التهويل بصفة عامة دافعة بكل شيء الى حد من الهوس يكمن فيها اصل المأساة فيندمج المتفرج بقوة الفن في العمل الخيالي، فالممثل يقوم بخلق عالم مفترض يتصف بالاغتراب، ان هذا الطلاق بين الانسان وحياته وبين الممثل ومكان وزمان مشهده، أما الشكل الفني والتقني للمسرح العبثي، لأن المتلقي في مسرح اللامعقول يتصل بمنظومة معلومات متعددة المعاني، وعُدَ الايرلندي (صموئيل بيكيت 1906-1989) من رواد مسرح العبث واللامعقول لما يمتاز بإثارة الخيال وبلغة درامية اتصفت بتكرار المفردات وفقدان المنطقية في العلاقة بين السؤال والجواب وأستعمال الأصوات ذات المعنى والإكثار من استعمال الصمت، بل أن الشك في قدرة الكلمة على التعبير قد جعل بكيت يستعيض عن بعض الكلمات بالبنتوميم.