أم سعد للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني تحليل عنوان الرواية:- قبل قراءة الرواية:- "سعد" يكون المضاف و "أم" المضاف إليه. اختار الكاتب أن يكون هذا عنوان الرواية, اتوقع ان تكون الرواية تتحدث عن معاناة أم سعد بكونها ام و قصة معاناة تجمعها بسعد. عالمية تشمل الكثير أو المعظم. و أخيرا, شخصية أم سعد. غالبا ما ستكون شخصية قوية و لكن حنونة. لم يُظهر الكاتب اسم ام سعد ليُشعر القراء أنها تمثل جميع النساء الفلسطينيات. و كان سعد فرحة, بهجة, سعادة و أمل أمه. كان جانب من ما توقعته صحيحاً, فالرواية تروي و بشكل كبير عن معاناة أم سعد بفراق ابنها الذي ذهب مع الفدائيين, و طرحت قضية إنسانية عالمية وهي قضية فلسطين و النساء او الامهات الفلسطينيات و الكثير من القضايا المختلفة التي سوف أناقشها في الجزء الثاني من المشروع. و التي لم تُظهر خوفها على ابنها الذي ذهب مع الفدائيين بل ابدت فخرها الشديد به و يقينها بعودته. أُعلن في الراديو هزيمتها. دخلت أم سعد بشموخها و ملئت المكان برائحة الريف, و كيف انها واثقة ان ابنها سيخرج من كل تلك الحبوس. المخيم, الخ. و أخيراً, أخبرت ابن عمها أنهم نجحوا و التحقوا بالفدائيين. لم تكن من من يَشّكون لكن كانت تعابيرها تتراوح بين القوة و الضعف, الرضى و القلق. فَكَرَت بالتوصية على ابنها, لكنها ايقنت ان افضل توصية لفدائي هي بأن يُرسل للحرب و بأنه عليها أن تدع الطير يحلق من العش. قَوَتها هدية سعد بسفك سيارة اسرائيلية و انتظرت بصبر قول الراديو "و عاد الفدائيون الى قواعدهم بسلام". زارت أم سعد ابن عمها بَشوشَةً لعودة ابنها الذي عاد بسبب اصابة في يده سيعود بعد التئامها إلى القتال. قال سعد إنه لن يشتاق لأمه فهو يراها هناك دائماً, و كان يقصد بذلك امرأة عجوز أطعمته و رفاقه وقت حصارهم. فأخذ الجميع يجمعونها من الطريق و يرمون بها للرمل كي لا يتاذى احد حتى جرحت أيديهم منها. و هو أسير, قُتِلَ ((فضل)), على يد ((عبد المنعم)), لشهر وثلاثة أيام, سبع ليرات. أعادت ام سعد العمل لها والدمعه على خدها, مقهورة من بخل الناس, فقد طُردت امراة تحمل مسؤولية أسرة لتوفير اثنين من الليرات. كانت قد ربطتها حول عنقها, تغير أبو سعد, في ظهيرة يومٍ رأى فيه ابنه الأصغر, يحمل البندقية عالياً تحت علم فلسطين. و أخيرا. الشخصيات: الشخصية الرئيسية, هي امرأة متزوجة في الأربعين من عمرها, و على رقبتها حجاب من رصاصة أهداها اياها سعد. فهي امرأة حادة, قوية كما لا يستطيع الصخر, صبورة كما لا يستطيع الصبر, تمشي بشموخ. كما أنها قليلة الضحك من كثرة الهموم. سعد, شاب في العشرين من عمره. و في يده التي تحمل معه سلاحه أينما ذهب جرح من رصاصة العدو. جريء في كلامه, لا يخشى أحد أو من قول رأيه كما رد على المختار حين كان في الحبس. غسان كنفاني, ابن عم ام سعد. رجل متزوج وله أبناء, وُلد عام 1937 وتوفي عام 1972, شهيدا في السادس و الثلاثين من عمره بسيارة ملغومة من العدو. ارتاد المدرسة فتعلم القراءة و الكتابة, صاحب العمارة التي عملت فيها أم سعد فترة بسيطة. رجل لم تُوصف ملامحه, لكنه رجل غني يُخرج مئات الآلاف من عمارته لكن مع ذلك بخيل أشد البخل, الناطور الذي يعمل لدى صاحب العمارة. قصير القامة له دراجة يتجول بها. المرأة اللبنانية, لبنانية الأصل من جنوب فلسطين, و أم لأربع. فضل, و قد قُتل شهيداً على يد عبد المولى. يوظف الفلاحين, ثم أصبح نائبا عند الاسرائيليين. ليث, شاتم, لا يطاق ولا يهتم لعائلته, ولد يافع لم يبلغ العشرين من العمر, له قبضتى يد صغيرتين يحمل بهما سلاحا, يتجول بملابس كاكية. يفتخر به أهل المخيم. الزمان و المكان: الزمان, تروي الرواية أحداثها في العام 1967, بعد عشرين عاما من بداية الحرب بين فلسطين وإسرائيل و قد انتهت بانتصار إسرائيل. و اهمها المرأة الفلسطينية, ففي هذه الفترة كان على الأمهات الفلسطينيات المعاناة بالبقاء قويات وقت الهزيمة و التمسك بالامل, العيش في المخيمات الموحلة و الخيمات الضيقة, المقاومة في وجه الاحتلال و التضحية بأبنائهن لأجل الوطن. المكان, اختار الكاتب أن يروي الأحداث في مخيم في فلسطين, بالتركيز على القضية الرئيسية, معاناة الأم الفلسطينية, في المخيم كانت تعيش الفئة المشردة من بيوتها التي تم احتلالها, مكانٌ موحل يعيش فيه السكان في خيمة أشبه بكوخ صغير, مكون من غرفة واحدة مقسومة بحائط تنك. يتجمد السكان من البرودة القارصة و الأمطار التي تخترق الجدران في الشتاء. و كان الكاتب قد ذكر العمارة و وظيفة ام سعد في تنظيف بيوت الآخرين, و ذلك لإظهار الفقر و الصعوبات التي تضطر الأمهات و كل الفلسطينيين في المخيمات التعايش معها بسبب الاحتلال. ام سعد, كان ما تسعى إليه في الرواية هو عدم السقوط امام الاعداء او اظهار اي ضعف, بل البقاء قوية و التشبث في أمل الانتصار, أما هدف الكاتب من هذه الشخصية كان أن تمثل جميع الأمهات الفلسطينيات, كما رأى فيها السمات التي يجب أن تتحلى بها جميع الامهات المضحيات في سبيل الوطن, فكانت قد تحلت بعطف الام و مقاومة و تضحية مواطنة فلسطينية, و كانت بذلك أيضا قد مثلت قدوة و رسالة مقاومة لكل أم فلسطينية. شارك بعض غايات امه, فكان من ما يسعى اليه هو تحقيق الانتصار لوطنه و عدم الخضوع للعدو. يريد الالتحاق بالفدائيين و عدم ترك اصدقائه وحدهم, غاية الكاتب من هذه الشخصية كانت كجزء رئيسي اثبات و دعم قضية الأم الفلسطينية, و أراد أن يوصل شجاعة, و ذلك بكونه أحد شهود تلك الأحداث و بكونه قريب من الشخصية الرئيسية فيعرف تحليل مشاعرها. فذلك سيساهم في تقوية أقواله ودعم قضاياه بشكل افضل. صاحب العمارة, كانت غايته الحفاظ على وظيفته و لو كان بخداع الناس و إخفاء الحقائق, المرأة اللبنانية, فجسد صاحب العمارة البخلاء, مثل الناطور الصامتين عن الحق و التابعين للغير دون مبادئ, وكانت الغاية من رواية هذا الحدث إظهار الحقيقة و ارسال رسالة للقارئ. عبد المولى, المراتب العليا و حماية نفسه من أي خطر, الافندي, كانت غايته الحصول على الأخبار و إرضاء فضوله. أما الكاتب, حماية نفسها و الخضوع عوضاً عن المقاومة فتحاول جر الآخرين معها في هذه الحفرة العميقة. ابو سعد, كانت غايته كغاية أي مواطن في المخيمات, لكن ما كان دوما فاقده هو أن يكون للحياة طعم. كانت غايته كغاية امه و اخيه سعد, المقاومة و القتال, اراد ان ينشر هذه الأفكار لمن حوله في المخيم كذلك. غاية الكاتب كانت إظهار آثار الحرب و الاحتلال على الناس, فاقد طعم الحياة بسبب الهموم و المشاكل التي أتت بها الحرب. ثم عبر سعيد, أراد الكاتب عكس ان المقاومة تعطي للحياة طعماً, استخدم الكاتب ثلاث أنماط كتابية; الوصفي: مثال على ذلك وصفه لأم سعد, حين قال أنها امرأة حادة, قوية كما لا يستطيع الصخر, صبورة كما لا يستطيع الصبر, مكانٌ موحل يعيش فيه السكان في خيمة أشبه بكوخ صغير, مكون من غرفة واحدة مقسومة بحائط تنك . كما كان في كثير من الأحيان يصف مشاعر أم سعد التي لم تتمكن هي من وصفها مثل; السردي: مثال هو: ص43, جاءت طائرة, مطلية باللون الأسود, وحلقت على علو خفيض, و أخذت تزخ رصاصها على الشارع… اُستعمل السرد حين الاحداث لم تتوفر في الحوار ولم يكن بالإمكان وصفها. ساعد السرد في ذكر التفاصيل التي يمكن أن تؤثر على مشاعر و تعاطف الكاتب, مثل " الناطور. حيث ان ام سعد اخذت تبكي بعد أن أعادت للمرأة و ذلك من قسوة الموقف و بخل الناس و كيف ذكر في "الذين هربوا والذين تقدموا" أن أم سعد تعمل ليل نهار في التنظيف لتوفير لقمة عيش لها و عائلتها. كما ساعد في مواكبة سير الأحداث دون تشويش و الاطالة التي قد تحدث لو كانت سُردت في حوار. قال ام سعد: " بكينا أكثر مما طافت المياه في المخيم . ", كون الشخصية التي عاشت الأمر و الشعور قالته بنفسها يوضح, يوصل و يستعطف القارى اكثر من لو أن المشاعر سُرِدت. إيصال معاناة الأم الفلسطينية. أما الهدف الثاني, كما وصف عناد و مقاومة سعد القوية ضد الاعداء. سعيد, في ساحة المخيم يحمل السلاح ويقاتل معلماً الآخرين كيفية المقاومة و المحاربة, السردي: ساند الهدف الثاني, مثل "في قلب الدرع" بسرد وقوع سعد واصدقائه في الحصار إلا أنهم لم يستسلموا. و في "البنادق في المخيم" بسرد ما كان يفعله سعيد الساحة و حركاته القتالية; أم و أبو سعد; أخذ الناس يصفقون و يطلقون الزغاريد و معهم ام سعد, و كيف ضغط ابو سعد بود على كتف ام سعد. الحوار: ساعد الحوار بإيصال كلا القوة القادمة مع المقاومة; " ماذا يا أم سعد؟ هل وقعت؟" فقالت ام سعد " وقفت؟ ام سعد لا تقع. ( البنادق في المخيم) و فرحة ابو سعد و هو ينظر لسعيد يقاوم, اترينه؟ راقبيه جيدا. ". حتى أن الحوار بين ابو سعد و الرجل العجوز, متفاخرا بكون أبنائه من المقاومين, من ما يوصل للقارئ رسالة. " المقاومة قوة و سعادة" كانت كلا من جودة الرواية و سلامتها رائعتين, غسان كنفاني كاتب معروف, كتب العديد من الروايات. كما أنه قسم الرواية لأجزاء لان كل منها له قصة و مغزى, مثل "الناطور. الا انني عانيت قليلا من وضوح بعض الأحداث و المغزى منها. فمثلا في "ام سعد تحصل على حجاب جديد" قصة الأفندي الذي يسأل عن سعد دوما. أصابني تشويش حول ان كانت تتحدث عن الأعداء, ؟ فتمنيت لو ان الكاتب وضح كلامه هنا. كون الاحداث و طريقة كتابتها جذابة. في بداية حديثي, و مع ذلك فقد خلق التعدد في الأنماط الكتابية و اختلاف القصة والرسالة في كل جزء من الرواية غموضا و مشاعر مختلفة سحبتني لقراءة الجزء التالي, كما للتعاطف مع الشخصيات, مثل أم سعد حين لم تتمكن حتى من تودعة إبنها الذاهب للمقاومة. و ذلك أفاد المغزى الرئيسي برأيي, يجذب قراء أكثر و يوفر وصول الرسالة المرادة لأكبر عدد من الناس. الصراع في الرواية: الصراع في الرواية كان كل من داخلي و خارجي. فمثلا، صراع أم سعد مع نفسها حين ذهب سعد للقتال كان صراعاً داخليا. تتجادل مع أم سعد "الفلسطينية"، مثال آخر، فهنا نرى أن سعد يحارب خارجيا. مع شخص او اشخاص اخرين و الذين يكونون الأعداء المحتلين. فحين يكون القتال بين شخصين مختلفين، و ليس مع الشخص و نفسه كما كان بين ام سعد و نفسها، فيكون صراعاً خارجياً. اخيراً، أظن أن كلا الصراعين كانا مهمين في الرواية. فكل منهما شرح أهمية وصعوبة الآخر و ساهم في إيصال القضية و توضيحها اكثر للقارىء. فذهاب سعد للحرب مثلا وضح اهمية التضحية و الذهاب للقتال والمقاومة، ثم وضح صراع أم سعد الداخلي صعوبة تضحية الأم الفلسطينية بأبنائها وفي نفس الوقت أهمية ذلك… فقد فهم و اقتنع ابو و اسم سعد، و حتى الذين في المخيم أنه يجب عليهم القتال والتضحية حتى لو كان الامر صعبا و أن الحياة بلا طعم تحت الانصياع و الاحتلال و الضعف. بل يجب على كل فلسطين، القراء و الوطن العربي أن يفهم و ينفذوا. و حتى لو اقتنع الجميع، سيظل الصراع قائماً، أما الصراع الثاني، الخارجي و الذي يكون الحرب بين أبناء فلسطين و العدو، فهم صراع لن ينتهي إلا باسترداد فلسطين كل حبة رمل من ارضها و بذهاب المحتلين دون بقاء واحد منهم. لكن الفلسطينيين مازالوا يقاومون و يسعون لذلك دون فقدان الأمل. القضية المطروحة في الرواية هي القضية الفلسطينية فنرى كيف تحدث عن الفدائيين و الفلسطينيين الذين هم بلا بيوت تأويهم من البرد، و التي مثلتها أم سعد. دون ذكر اسماء، مثل الخيانة كخيانة عبد المولى التي كانت تحت ظروف الاحتلال الصعبة، و قضية الجشع التي عبر عنها صاحب البناية والتي ساندت القضية الرئيسية فعبرت عن كيف يعيش البعض محافظين على القرش الواحد حين أن البعض يعيش في مخيمات، رسالة مقاومة. فحين روى لنا الكاتب عن سعد وأم سعد اراد أن يقول "قاوموا" و حين روى عن أبو سعد، شانين انها سهلة، بان المقامة تضحية و صراع غير منتهي بين الشخص و نفسه ومع الآخرين الذين يحاولون فرض رأيهم و قوتهم عليهم. رأيي في الرواية: كانت لتوصيل رسالة وطرح قضية و لم تكن لمتعة القارىء و سرد قصة خيالية بنهاية سعيدة. و بناءً على ذلك. اعجبتني. اعجبني اولا، كوصف الشخصيات و الاماكن و المشاعر، و الحوارات التي سردت الأحداث… فلم يجعلني افقد التركيز بين السرد المتواصل بنفس الطريقة و ذلك مهم لجذب القراء و انتشار الرسالة. ثانيا، و النهاية واقعية… لم يكتب الكاتب رواية خيالية، كما لم يضع للرواية نهاية نظرا لكون القضايا المطروحة و الصراع الحاصل لم ينتهي بعد، و كان ذلك ما اعجبني بالخصوص كوني لا أحب النهايات السعيدة التي تكذب على القارئ وتجعله يعيش في عالم الخيال و الآمال ليُصدموا بالواقع المر. حتى انني احببت شخصية أم سعد القوية التي مثلت الأمهات الفلسطينيات، و اشعرتني اني يجب ان ابقى قوية و لا استسلم للعدو او في اي من مجالات الحياة و مشاكلها.