ن الكثير من المعلومات ذات العلاقة بالأبعاد الأربعة لا تزال غير واضحة جيدا، ولعل ذلك يعود إلى عدم شمولية البحوث العلمية عن أنماط التفاعل بين المكفوف والمبصر، الأساسية التي تؤثر في مواقف الآخرين نحوه، أن يكون مستقلا في حياته، وأن يواجه الآخرين بحكمة وموضوعية. نظريات التكيف السيكولوجي مع الإعاقة ات التي انبثقت عبر العقود الماضية لتفسير سيكولوجية الإعاقة، وهذه النظريات هي: (1) نظرية العلاقات الشخصية (2) نظرية التطور الجسمي (3) نظرية الدوافع (4) نظرية الأزمات، الرئيسية التي تستند إليها هذه النظريات. تنظر هذه النظرية إلى الجسم بوصفه ذا قيمة للذات وللآخرين وبوصفه أيضا أداة للتكيف وتبعا لهذه النظرية فإن العوامل المرتبطة بالعلاقات بين الاشخاص تتبوأ مكان الصدارة في تحديد سيكولوجية الإعاقة، حيث إن لمفهوم الذات والقيم الشخصية لها جذوراً تمتد في العلاقات بين الأشخاص، توظف هذه النظرية مفاهيم التحليل النفسي لتفسير الآلية التي يستخدمها كل إنسان لتطوير المفاهيم حول جسمه ولتطوير جمل من الاتجاهات نحو ذاته كهوية جسمية، وتبعا المبادئ هذه النظرية، فإن التصور الجسمي يعتبر شرطا ضروريا لتشكل الأنا، ويستخدم الباحثون عادة أدوات قياس نفسي محددة لدراسة ردود الفعل السيكولوجية للإعاقة مثل اختبار رورشاخ واختبار رسم الرجل. ومن بين المفاهيم الأساسية التي تتبناها هذه النظرية مفهوم التصور الجسمي المشحون بالعواطف والانفعالات، والذي تعود أصوله إلى خبرات الطفولة، واستنادا إلى ذلك تعتقد هذه النظرية أن الإعاقة تعمل بمثابة مصدر للنكوص، الأمر الذي يولد صراعات نفسية تعبر عن ذاتها بردود فعل سيكولوجية غير مناسبة مثل الخوف والشعور بالذنب وغير ذلك. تستند هذه النظرية إلى اعتقاد رئيسي مفاده أن الإنسان المعوق لديه دافع أساسي لتحقيق ذاته إلى الحد الأقصى الممكن الذي تسمح به قدراته، وتميز هذه النظرية بين الحاجات ذات المستوى الأولي مثل الحاجات الفسيولوجية وحاجات الأمن الشخصي والحاجات ذات المستوى الأعلى المتمثلة بتقدير الذات وبناء العلاقات الاجتماعية البناءة والمرضية، ذات الأهمية ، وبعد ذلك اكتشاف أسباب جديدة وإيجابية للحياة. ترى هذه النظرية إن الإعاقة تشكل أزمة تمر عبر عدة مراحل منها الصدمة وتوقع الشفاء والعزاء والردود الدفاعية والقبول بالواقع. وعلى أية حال، إن الإعاقة البصرية تجعل مدى الوعي المعرفي الإجمالي للإنسان محدودا إذا ما قورن بمدى الوعي المعرفي للمبصر، إلا أن القدرات العقلية للأشخاص المعوقين بصريا تتباين تباينا ملحوظا من شخص إلى آخر كما هو الحال بالنسبة للأشخاص المبصرين، ولذا يجب تجنب التوقعات المتدنية من الأشخاص المعوقين بصريا، ويجب تزويد الأشخاص المعوقين بصريا ببرامج التدريب الهادفة إلى تفعيل الوظائف البصرية المتبقية، وبالمثل، يجب تفعيل المهارات السمعية بالتدريب، فهذه المهارات لا تتطور تلقائيا لمجرد كون الإنسان معوقا بصريا، ويتضح مما سبق أن البحوث المتعلقة بسيكولوجية الأشخاص المكفوفين تبقى محدودة نسبيا، يعزى للصعوبات التي يواجهها الباحثون على صعيدين رئيسين هما: 1- عدم توافر أدوات القياس والتقويم الملائمة. 2 عدم توافر العينات الممثلة جيدا لمجتمع المكفوفين. فما هو معروف إلى يومنا هذا عن سيكولوجية الناس المكفوفين لا يزال محدودا، مثل المعوقين جسميا المعوقين سمعيا، الخ ). ومثل هذا الوضع لم ينشأ في فراغ، وإنما تشكل بفعل عوامل مختلفة من أهمها عدم توافر أدوات قياس مناسبة لتقييم سيكولوجية المكفوفين لا تعتمد على البصر وإنما توظف حاسة السمع والحواس الأخرى، وفي هذا الصدد ينبغي التنويه إلى ضرورة تطوير اختبارات المكفوفين وتكييف الاختبارات السيكولوجية المقننة لتصبح ملائمة لتقييم خصائصهم وتحديد أثر العوامل الديمغرافة المختلفة على التكيف السيكولوجي ( مثل العمر، والجنس، والعمر عند فقدان البصر، وشدة الفقدان البصري، فالدراسات لا تبين ذلك جيدا، فكف البصر يفرض بعض القيود على النمو، وتلك القيود قد يكون لها تأثيرات طويلة الأمد على صعيد التكيف السيكولوجي، ولذلك فمن غير الملائم الاعتماد كليا على الاختبارات النفسية الرسمية المقننة لأن معاييرها تشتق من التطبيق على عينات تتكون من أشخاص مبصرين فقط، المتأمل في الأدبيات البحثية المتعلقة بتقييم سيكولوجية المكفوفين ما يلي: أ- عدم وجود معايير أدائية تتمتع بالصدق يمكن على ضوئها الحكم على أداء الأشخاص ب اعتماد الباحثين عموما على طرائق البحث الوصفية. - اقتصار معظم البحوث على عدد قليل من الأفراد المكفوفين الذين يصعب القول إنهم يمثلون مجتمع المكفوفين تمثيلا جيدا. د قيام باحثين ذوي تخصصات مختلفة، معظمهم يفترقون إلى الخبرة والكفاية اللازمتين بإجراء الدراسات التي تتضمن تقييم الخصائص السيكولوجية للمكفوفين. أما من حيث الخصائص السيكولوجية للمكفوفين، فليس هناك مشكلات شخصية واجتماعية يمكن اعتبارها نتائج حتمية للإعاقة البصرية، ومهما يكن الأمر، فإن محدودية الحركة، وبالتالي محدودية الخبرة، تقود على ما يبدو بعض الأشخاص المكفوفين إلى حالة من العزلة الاجتماعية والاعتمادية، ولكن ما ينبغي التأكيد عليه هنا هو أن معظم الناس المكفوفين متكيفون نفسيا ويقدرون المساعدة التي تقدم إليهم في المواقف التي يحتاجون فيها إلى مساعدة، إلا أنهم لا يريدون العون الذي لا يحتاجون إليه، عنهم، وفي هذا السياق، -1- إجراء الدراسات الطولانية التي بوسعها أن تبين الأثر طويل المدى للنتغيرات المختلفة. البصري ومستوى البصر المتبقي وأثر العوامل الأخرى. - إجراء البحوث التي تهدف إلى التعرف إلى كيفية تنظيم البيئة بغية تطوير مظاهر النمو وأخيرا ينبغي التأكيد على أن الإعاقة البصرية دور اجتماعي متعلم إلى حد كبير فالاتجاهات المختلفة وأنماط السلوك التي تميز الناس المكفوفين لا تمتد جذورها في كف البصر ذاته بقدر ما تمتد في عمليات التعلم الاجتماعي التي تشكل البناء السيكولوجي للناس جميعا بمن فيهم الناس المكفوفين