المطلوب: تلخيص بشكل مرتب للبحث التالي علم اللغة والعلوم الأخرى قصد الفصل السابق من تعريفه ( علم اللغة ) إلى تمييز هذا العلم الحديث من العلوم اللغوية القديمة، ويقصد هذا الفصل إلى وصله بعلوم أخرى غير لغوية تؤثر فيه ، قال دو سوسير : « إن علم اللغة يرتبط بقوة بالعلوم الأخرى، يستعير من معطياتها أحياناً ، كما يزودها بالمعطيات أحياناً أخرى ((۱) . فأنت تميز شجرة البرتقال من شجرة الليمون ، وتحرص في الوقت نفسه على أن تعرف ما يؤثر في شجرة البرتقال من تربة ورطوبة وحرارة تعمل عملها في تغذيتها وتنميتها حتى تزدهر ، إن العلوم التي تؤثر في علم اللغة أو تقارضه التأثير كثيرة ، أبرزها : علم الاجتماع، وعلم النفس، وعلم وظائف الأعضاء (الفسيولوجيا ) ، وعلم الطبيعة ( الفيزياء)، والمعارف الجغرافية المتصلة : بتوزع اللغات في بقاع الأرض. أولاً - علم اللغة و وعلم الاجتماع وهو الاعتقاد القاطع بأن اللغة ظاهرة اجتماعية لا فردية. «إن وجود اللغة يشترط وجود مجتمع، وتتعامل به )) ويحسن بنا قبل الخوض في الحديث عن صلة اللغة بالمجتمع، أو عن علاقة علم اللغة بعلم الاجتماع أن نضع بين يدي البحث تعريف علم اللغة الاجتماعي كما صاغه المتخصصون . عرفه د. هدسون ، فقال : إنه دراسة اللغة في علاقتها بالمجتمع ) . ومع أن الغربيين لم يبرعوا في هذه الدراسات إلا منذ أمد قريب ، يدل على سبقهم من ناحية، وعلى سعة أفقهم في الدراسات اللغوية من ناحية أخرى . وإذا كان أبو الفتح عثمان بن جني [ ت : ٣٩٢هـ ] قد قال : ( إن اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم (1) فإنه بهذا التعريف الوجيز أجمل قبل ألف سنة ما فصله علماء الغرب في العصر الحديث، إذ كشف بكلمتين اثنتين القناع عن الوجه الاجتماعي للغة، والأغراض أفكار المجتمع ومشاعره. وفحوى كلامه أن اللغة ظاهرة اجتماعية لا ظاهرة فردية، لأن الإنسان لا يستخدمها ليترجم أفكاره ومشاعره لنفسه ، بل لمن حوله من بني جنسه ، أي للمجتمع . ولم يضف فندريس جديداً إلى تليد حينما قال : « في أحضان المجتمع تكونت اللغة ، قال ماريوباي:( إن اللغة لها علاقة وثيقة يعلم الإنسان وعلم الاجتماع باعتبارها نتاج علاقة اجتماعية) (٦) . ورأى جان بياجيه وأن اللغة مؤسسة اجتماعية تحكمها نواميس مفروضة على الأفراد (۷) . لكنهم أسرفوا فيما اعتدل فيه ، ومنهم دو سوسير السويسري الأصل. ولم يخالف عدد من الباحثين المحدثين من العرب عن هذا الاتجاه الاجتماعي في دراسة اللغة ، بل اختاروه ، وجمعوا في دراستهم بين اللغة وعلوم الاجتماع ، ولذلك حرصوا على تعريفه ليضعوا له حده، واليوهموا حوله حدوده قال الدكتور كمال بشر وليس المقصود بهذا العلم أنه ( تركيبة ) أو ( توليفة) من علم اللغة وعلم الاجتماع، أو أنه مرج لهما، أو تجميع القضايا هما . ومسائلهما ، وسواء أأسرف أصحاب علم اللغة الاجتماعي من الأجانب والعرب في ربط هذا العلم بالمجتمع أم اعتدلوا فهم جميعاً متفقون على دراسة هذا الارتباط.