الفصل الثاني: السفينة(Le navire) أداة الملاحة البحرية لذلك تشكل المحور الرئيسي في مختلف القوانين البحرية. وتبعا لما سبق ذكره سنقسم دراستنا للسفينة في هذا المحور كالتالي: المبحث الأول: مفهوم السفينة وعناصر شخصيتها المبحث الثاني: كيفية تسجيل السفينة المبحث الأول: مفهوم السفينة وعناصر شخصيتها المطلب الأول: مفهوم السفينة وتحديد طبيعتها القانونية وفقا لما يلي: الفرع الأول: تعريف السفينة عرف المشرع الجزائري السفينة في نص المادة 13 من القانون البحري بقوله: "تعتبر سفينة في عرف هذا القانون كل عمارة بحرية أو آلية عائمة تقوم بالملاحة البحرية، إما بوسيلتها الخاصة وإما عن طريق قطرها بسفينة أخرى أو مخصصة لمثل هذه الملاحة". ويطرح تعريف السفينة عددا من الإشكاليات القانونية التي نحاول الإجابة عنها فيما يلي: أولا: شروط إضفاء وصف السفينة على المنشأة البحرية هما: 1/ شرط القيام بالملاحة البحرية على سبيل التكرار والاعتياد بحيث أن الممارسة المعتادة والمتكررة للملاحة البحرية من طرف المنشأة يشكل دليلا قويا على صلاحية هذه الأخيرة وقدرتها على نقل البضائع والأشخاص عبر البحر، إذ يتوجب توافر عنصري التكرار والاعتياد لاكتساب وصف السفينة. 2/ أن تخصص المنشأة للعمل في الملاحة البحرية ويقصد بهذا الشرط أن يتم إعداد المنشأة وتخصيصها للعمل في مجال الملاحة البحرية، حتى ولو لم تبدأ بممارستها فعلا، *سمح المشرع الجزائري بإضفاء وصف السفينة على المنشأة التي هي بقيد الإنشاء، كالرهن البحري أو التأمين البحري، وفيما يخص السفينة التي هي على قيد الإنشاء، ". *تفقد السفينة التي بقيد الإنشاء وصف السفينة إذا ما تم تحويلها بعد تمام بنائها إلى ممارسة الملاحة النهرية أو الداخلية. ثانيا: متى يبدأ وصف السفينة ومتى ينتهي أو منذ إعدادها للقيام بهذا النوع من الملاحة وتخصيصها لذلك ولو قبل نزولها البحر فعلا وينتهي وصف السفينة عن المنشأة البحرية إذا توقفت عن ممارسة الملاحة البحرية إما بصفة نهائية، كما لو تحطمت، الفرع الثاني: الطبيعة القانونية للسفينة اعتبر المشرع الجزائري السفينة مالا منقولا بموجب نص المادة 56 من القانون البحري الجزائري وجاء فيها" تعد السفن والعمارات البحرية الأخرى أموالا منقولة". وبناءا على ذلك، إذا أوصى شخص لآخر بمنقولاته جميعها فإن الوصية تشمل السفينة، كما يجوز رهن السفينة رهنا حيازيا يخضع لأحكام رهن المنقول ورغم كون السفينة مالا منقولا تسري عليه قواعد المنقولات، إلا أن هذا لا ينفي خضوعها في نفس الوقت لنظام قانوني خاص يميزها عن المنقولات العادية، ويجعلها أقرب في طبيعتها إلى العقارات. لكن يخرج عن طبيعة السفينة كمنقول تميزها بما يلي: أولا: السفينة لا تخضع لقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية لا تجد هذه القاعدة مجالا للتطبيق على السفينة، حيث لابد من وجود سبب قانوني من أسباب كسب الملكية كالبناء أو الشراء بسند رسمي ناقل للملكية. يرى البعض الآخر العكس، وإلى الإشراف الإداري المستمر الذي تخضع له، والذي يستلزم تحديد جنسية السفينة بجنسية مالكها المطلب الثاني: عناصر شخصية السفينة الفرع الأول: اسم السفينةLe nom du navire يجب أن تحمل كل سفينة إسما خاصا بها يميزها عن غيرها، تجنبا لاختلاطها مع غيرها من السفن تماما كالأشخاص الطبيعية. ويختص مالك السفينة باختيار اسمها. كما أن شروط منح الاسم للسفينة وتغييره، تحدد بقرار من الوزير المكلف بالتجارة البحرية". ويلاحظ أن المشرع الجزائري منح اسم السفينة أهمية بالغة، بحيث أخضع منحه إلى موافقة السلطة الإدارية المختصة، بحيث يقدم التصريح إلى كل من: -الوزير المكلف بالبحرية التجارية بالنسبة للسفن التي تساوي حمولتها الإجمالية 100 طن أو تفوقها. -الإدارة البحرية المحلية بالنسبة للسفن التي تقل حمولتها الإجمالية عن 100 طن. -المناجم الجزائرية. -المدن الجزائرية. -الأسماك. أقر المشرع الجزائري للإدارة البحرية المختصة بحق رفض كل طلب منح اسم السفن أو تغييره في حالتين : -عندما يكون الاسم المقترح من قبل مجهز السفينة أو مالكها قد منح لسفينة أخرى. -عندما يكون المجهز أو المالك عاجزا عن إثبات ملكية السفينة. الفرع االثاني: موطن السفينة Le port d’attache يتحدد موطن السفينة عادة بميناء تسجيلها، وبالنسبة للسفينة الجزائرية، فإن موطنها يتحدد بميناء تسجيلها، ويفيد موطن السفينة في التعرف عليها وتمييزها عن غيرها من السفن، كما تسجل فيهمختلف المعلومات الخاصة بحالتها المدنية، ويتم قياسها بالطن الحجمي ويساوي 2, وهناك نوعان من حمولة السفن: حمولة كلية أو إجمالية، وتمثل مجموع فراغ السفينة بأكملها وحمولة صافية، وتختلف حمولة السفينة عن وزنها (La portée en lourd du navire)، حيث يعتبر وزن السفينة بيانا تجاريا ظهر في الممارسات البحرية الحديثة، يؤخذ به بالنسبة لبعض السفن المخصصة لنقل البضائع من نفس النوع( الفحم، البترول، ويقاس بالطن الوزني الذي يساوي ألف كيلوغرام. بعد إجراء عملية المعايرة التي يتولى الوزير المكلف بالبحرية التجارية والوزير المكلف بالمالية، تحديد قواعدها وكيفياتها، الفرع الرابع: درجة السفينة La cote الخ. ويقوم بتحديد درجة السفينة هيئات دولية خاصة تدعى شركات الإشراف او التصنيف، وهيئة الإشراف البحرية الأمريكية التي تأسست في 1860. واكتسبت هذه الهيئات سمعة دولية طيبة في مجال تقدير درجة السفن رغم كونها شركات خاصة بحيث تتمتع الشهادات التي تمنحها باحترام جميع الدول. كما تعد قرينة بسيطة على صلاحية السفينة للملاحة. الفرع الخامس: جنسية السفينةLa nationalité du navire تعتبر الجنسية رابطة الولاء بين الشخص ودولته، بحيث تخرج الأموال عن نطاق التمتع بالجنسية. وتظهر أهمية منح الجنسية للسفينة من ثلاث زوايا 1- من حيث نوعية العلاقات في القانون الدولي العام، حيث تختلف السفن بين اعتبارها من سفن الأعداء أو سفن الحلفاء أو السفن المحايدة في الحروب، وهو ما لايمكن تحديده إلا من خلال إلحاق السفينة بدولة معينة. كما أن السفينة التي لا جنسية لها تعد من قبيل سفن القراصنة، حيث يفترض أن لا ترفع السفينة أي علم غير علم الدولة التي تنتمي إليها بجنسيتها. وقد حدد المشرع الجزائري شروط اكتساب السفينة للجنسية الجزائرية بموجب نص المادة 28 من القانون البحري الجزائري التي جاء فيها: "لكي تحصل السفينة على الجنسية الجزائرية، يجب أن تكون ملكا كاملا لشخص طبيعي من جنسية جزائرية أو لشخص اعتباري خاضع للقانون الجزائري. "ومن النص نستنتج هذه الشروط: الشرط الأول: الملكية ويفرق فيه المشرع الجزائري بين الشخص الطبيعي والشخص الاعتباري كما يلي: أ‌- بالنسبة للأشخاص الطبيعيين: تنص المادة 28/1 من القانون البحري الجزائري:" لكي تحصل السفينة على الجنسية الجزائرية يجب أن تكون ملكا لشخص طبيعي من جنسية جزائرية. " . ومن هذه الفقرة نستنتج أن المشرع الجزائري يمنح الجنسية الجزائرية لكل سفينة يملكها أي شخص طبيعي جزائري الجنسية، بحيث تكون ملكيته لها كاملة على النحو الذي يحدده القانون في هذا الإطار. ب‌- بالنسبة للأشخاص الاعتبارية: فرق المشرع الجزائري بين الشركات والجمعيات على النحو التالي: -بالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة: أن يكون الشركاء الملكون لأغلبية الحصص في الشركة جزائريو الجنسية. -بالنسبة لشركات المساهمة: يجب ان يكون الرئيس المدير العام وأغلبية أعضاء مجلس الإدارة أو الهيئة المديرة وأغلبية مجلس المراقبة عند الاقتضاء والمالكون لأغلبية رأس المال جزائريي الجنسية، *بالنسبة للجمعيات: فقد اشترط المشرع الجزائري حتى تتحصل السفينة التي تملكها أي جمعية في الجزائر على الجنسية الجزائرية، أن يكون كل مسيري هذه الأخيرة ومجما اعضائها جزائريين بجنسياتهم. الشرط الثاني: جزائرية الطاقم الفني أحالت الفقرة الثالثة من المادة 28 من القانون البحري الجزائري في هذا الإطار على نص المادة 413 من نفس القانون وجاء فيه: "يجب أن يتكون مجموع أفراد طاقم السفينة من بحارة جزائريين. ويجوز للوزير المكلف بالبحرية التجارية تحديد نسبة من البحارة الأجانب لتشكيل الطاقم أو الترخيص لبحار أجنبي بالابحار لخدمة سفينة جزائرية". عند وجوده في ميناء أجنبي، لكنه أجاز للوزير المكلف تحديد نسبة من البحارة الأجانب الذين يمكنهم المشاركة في الطاقم، -وتمنح للسفينة شهادة الجنسية الجزائرية من قبل السلطة الإدارية البحرية المختصة لمكان تسجيلها. يترتب عن اكتساب الجنسية الجزائرية من طرف السفينة عدد من الآثار نوضحها فيما يلي: 1- آثار سياسية من الحماية من خطر الاستيلاء عليها كغنيمة حربية أثناء تواجدها في أعالي البحار 2- أثار اقتصادية في هذا الإطار تحصل السفينة المكتسبة للجنسية الجزائرية على عدد من المزايا دون غيرها من السفن الأجنبية، ومنها الاستفادة من الإعانات المالية والقروض الممنوحة بغرض تحسين وضعيتها وحمايتها من المنافسة الأجنبية، 3- أثار قانونية ويمكن أن نحصرها في الآتي: • تخضع السفينة المكتسبة للجنسية الجزائرية لقانون الدولة الجزائرية فيما يخص سلامة السفن والتأكد من شروط كفاءة الطاقم، وفي هذا الإطار يجب أن تحمل علة متنها عددا من الوثائق التي حددها المشرع الجزائري في نص المادة 189 من القانون البحري الجزائري، دفار البحارة ورخصة المرور. وغيرها. المبحث الثاني: كيفية تسجيل السفينة وتناول المشرع الجزائري عملية تسجيل السفن في المواد من 34 إلى 48 من القانون البحري الجزائري، بالإضافة إلى بعض الأحكام الواردة في القرار المؤرخ في 20 أكتوبر 1988، المطلب الأول: السفن الخاضعة للتسجيل فرضت المادة 34 من القانون البحري الجزائري واجب التسجيل على جميع السفن الجزائرية، وجاء فيها: "يجب قيد السفن الجزائرية في دفتر التسجيل الجزائري للسفن والممسوك من قبل السلطة الإدارية البحرية المختصة". مهما كانت حمولتها، ونوعها، وأجازت المادة 13 من القرار أعلاه، مع العلم أنه لا يمكن قبول تسجيل سفينة في دفتر التسجيل الجزائري للسفن، وقبل شطبها منه3. الفرع الأول: دفتر التسجيل بحيث تخصص فيه لكل سفينة صفحة، تدرج فيها القيود التالية: 4- اسم مالك السفينة ومحل إقامته أو مقره وكذلك مجهز السفينة، 6- التأمينات العينية والأعباء الأخرى التي تتحملها، وكذلك حدود الحق في التصرف الكلي أو الجزئي بالسفينة.