دراسة تحليلية لأسرة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام مِنْ هَاجَرَ قَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَأَلَ اللهَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً، وَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ ببلاد بيت الْمُقَدّس عشرون سنة قالت سارة لابراهيم عَلَيْهِ السَّلام: إن لرب فَادْخُلْ عَلَى أُمَتِي هَذِهِ لَعَلَّ الله يرزقني مِنْهَا وَلَدًا. فَحِينَ دَخَلَ بِهَا حَمَلَتْ مِنْهُ. قَالُوا: فَلَمَّا حَمَلَتِ ارْتَفَعَتْ نَفْسُهَا وَتَعَاظَمَتْ عَلَى سَيِّدَتِهَا، فَقَالَ لَهَا افْعَلِي بِهَا مَا شِئْتِ، بِهِ، فَشَكَرَتِ الله عز وجل [ عَلَى ذَلِكَ ] . وَهَذِهِ الْبِشَارَةُ إِنَّمَا انْطَبَقَتْ عَلَى وَلَدِهِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ : فَإِنَّهُ الذي بِهِ سَادَتِ الْعَرَبُ الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا بِشَرَفِ رَسُولِهَا عَلَى سَائِرِ الرُّسُلِ، وَلَمَّا وُلِدَ إِسْمَاعِيلَ أوحى الله إلى إِبْرَاهِيم يبشره بإسحاق مِنْ سَارَةَ، فَخَرَّ لِلَّهِ سَاجِدًا، وَيُولَدُ لَهُ اثْنَا عَشَرَ عَظِيمًا، وَاجْعَلُهُ رَئِيسًا لِشَعْبٍ عَظِيمٍ. عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ". فَهَؤُلَاءِ مِنْهُمُ [الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٍّ، وَمِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيْضًا، وَمِنْهُمْ بَعْضُ بَنِي الْعَبَّاسِ. وَأَمَّا مَا يَعْتَقِدُونَهُ بِسِرْدَابِ سَامَرًا، فَذَاك هوس في الرؤوس، وَهَذَيَانٌ فِي النُّفُوسِ، لَا حَقِيقَةً لَهُ وَلَا عَيْنَ وَلَا أَثَرَ. * * * وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَاجَرَ عَلَيْهَا السَّلَامُ لَمَّا وُلِدَ لَهَا إِسْمَاعِيلُ، اشْتَدَّتْ غَيْرَةُ سَارَةَ مِنْهَا، قَالَتْ فَإِذًا لَا يُضَيِّعُنَا وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ رَحِمَهُ الله فِي كتاب النَّوادِر: أن سارة غضبت على هاجر فخلفت لَتَقْطَعَنَّ ثَلَاثَةَ أَعْضَاءٍ مِنْهَا، فَأَمَرَهَا الْخَلِيلُ أَنْ تَتَّقُبَ أُذُنَيْهَا، وَأَنْ تَخْفِضَهَا فَتَبَرَّ قَسَمُهَا . وأول من طولت ذيلها. ذكر مهاجرة إِبْرَاهِيمَ بِابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ هَاجَرَ إِلَى جِبَالِ فَارَانَ وَهِيَ أَرْضُ مَكَّةَ، حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ. فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ دَعَا بهؤلاء الدَّعْوَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ : " رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ - فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا. فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذا بلغت [بطن] الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الانسان المجهود حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِيَ ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا، فعلت] ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ - أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ - حَتَّى ظهر الماء، فجعلت تحوضه وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا . تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُم، فنزلوا في أفسل فَقَالُوا : إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاء ، وَلَكِنْ لا حق لكم في المَاء [عندنا] قَالُوا: نَعَمْ. وَمَاتَتْ أَمْ إِسْمَعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا. [نحن في ضيق وَشَدَّة، قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بشئ؟ قَالَتْ نَعَمْ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ، إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتِ اللَّحْمُ. قَالَ: فَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتِ الْمَاءُ، قَالَ قَالَ] فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ. وَمُرِيهِ يُثَبِّتْ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَعِيلَ قَالَ: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، وَاثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرَتِه، فَسَأَلَنِي كَيفَ قَالَ: ذَاكَ أَبي وأنت العتبة، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ فَصَنَعَا كَمَا يصنع بِالْوَلَدِ الْوَالِد وبالوالد للوالد ثمَّ قَالَ: يَا إِسْمَعِيلَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ. قَالَ: وَتُعِينُنِي؟ قَالَ: وَأُعِينُكَ. قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِد من الْبَيْت، فجعل إسْمَعِيل يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، فَقَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ يبْني وإسمعيل يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ قَالَ: فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورًا حَوْلَ الْبَيْتِ وَهُمَا يَقُولَانِ: " رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ". ثمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ،