يعتبر يوسابيوس القيصري أبو التاريخ الكنسي ، وتعتبر أعماله التاريخية سانا قامت عليه كتابات المؤرخين بعده في العالم المسيحي ويوسابيوس هذا يختلف عن يوسابيوس اسقف نيقوميديا ولكنه معاصر له ولد يوسابيوس القيصري في قيصرية بفلسطين سنة 263 م أو 264 م ، وتلقى تعليما كنسيا في كنيسة قيصرية وتعرض للاضطهاد خلال حكم الإمبراطور دقلديانوس ( 284-305) وقد هرب يوسابيوس إلى صور ومنها إلى مصر حيث اختفى في صحاريها مع رفاقه المصريين المضطهدين ، ولما انتهت موجة الاضطهاد بإعلان مرسوم ميلان عام 313 اصبح يوسابيوس أسقفا لقيصرية ، وشارك في الجدل الذي أثير أنذاك داخل الكنيسة وتزعم طرفيه كل من أريوس وأثناسيوس ، وشارك في مجمع نيقية المسكوني الأول عام 325 واعلن إيمانه بقرارت المجمع ، وظل على قربه من الإمبراطور حتى وفاة قسطنطين في عام 337 ، ثم لحق به بعد عامين أو ثلاثة. أعماله التاريخية وفي الواقع إن يوسابيوس فاق كثيرين غيره في غزارة العلم ، فضلا عن تعمقه المعرفي في الكتاب المقدس والتاريخ عموما والكنسي خصوصا ، ثم إلمامه بالأدب القديم والفلسفة وعلوم أخرى. ولقد ترك يوسابيوس تراثا تاريخيا متميزا جعله إماما لغيره من مؤرخي العصور الوسطى ، واستحق لقب" أبو التاريخ الكنسي" أو" شيخ مؤرخي الكنيسة". وأهم اعماله التاريخية:" التاريخ الكنسي" ، و" حياة قسطنطين"- التاريخ الكنسي هذا العمل هو الذي أعطى شهرة واسعة ليوسابيوس ، وقد قسمه إلى عشرة فصول أو كتب تغطى الفترة من تأسيس الكنيسة وحتى انتصار قسطنطين على ليكينيوس شريكه في الحكم عام 324 م. فضلا عن مقتطفات من الكتابات الخاصة بالأيام الأولى للديانة المسيحية. عة وشهدت حياة يوسابيوس أحداثا تاريخية مهمة أضافها إلى كتاباته فأثرتها ، وكلما تجدد أمر في حياته أو كان شاهدا عليه أو علم به أدخله في تاريخه ، لذا اضطر أن يدخل الكثير من الإضافات على عمله الأصلي عدة مرات. وفي مقدمته صرح يوسابيوس بأنه كتب تاريخ الرسل والقديسين والأحداث التي حدثت فيتاريخ الكنيسة ، ومن ذلك ما تعرضت له الأمة اليهودية نتيجة لما فعلوه مع المسيح. واعترف يوسابيوس بصعوبة العمل الذي شرع في القيام به ، ولذلك فإنه سوف يستعين بكتابات الأقدمين وقد اهتم يوسابيوس بأخبار كنيسة الإسكندرية فأعطاها مساحة من تاريخه ، تتبع فيها أعمال أبانها ورجالها وأهم مجريات الأحداث في محيطها. حياة قسطنطين وضع يوسابيوس هذا المؤلف في أربعة كتب ، وبدأ الكتاب الأول بخبر موت الإمبراطور قسطنطين ، ثم امتدحه بإطناب متناولا حياته منذ مولده ومرورا بتربيته ونشاطه في الحياة. ثم اهتم بشكل واضح برؤية قسطنطين للصليب النوراني الذي بحسب رواية يوسابيوس كان سببا في نصر قسطنطين على خصومه ثم اعتناقه للمسيحية. وفي الكتاب الثاني تحدث عن حرب قسطنطين مع شريكه ليكينيوس وانتصاره عليه ، وأما في الكتاب الثالث فإنه اهتم بأخبار مجمع نيقية المسكوني الأول عام 325 م.