كان رثاء المدن ظاهرة بارزة في الشعر العربي، برزت أولًا في العصر العباسي بفضل ابن الرومي، لكنها ازدهرت في الأندلس مع سقوط المدن الإسلامية. عكس هذا النوع الشعري انهيار المدن الأندلسية وهزائم الملوك والأمراء، مُشكِّلاً تجديدًا شعريًا. قصائد كمرثية أبي محمد عبد المجيد بن عبدون لبني الأفطس، تصور خرابهم، وغيرها كرثاء ابن الرومي للبصرة بعد مجزرة الزنج، تُظهر الدمار. تطور رثاء المدن في الأندلس مع وصف الشعراء للتدمير الذي لحق بالحواضر الإسلامية، مُستنجدين ومُثيرين العواطف. قصائد ابن خفاجة عن مدينة دُمِّرت، ويارون بن موسى عن اشبيلية، وأبو القاسم عن الصميبيون، تصور الخراب والدمار ورحيل الأحبة، بينما يُطالب ابن الأبار بالنجدة. يُجسِّد أبو البقاء الرندي في رثائه سقوط الحضارة الإسلامية في الأندلس، منتقدًا انغماس الأندلسيين في حياة الرفاهية وتفرقهم. بكشف رثاء المدن عن جوانب من التاريخ السياسي الأندلسي، والنقد الذاتي لسقوطهم.