الإيمان بأن الإنسان هو أفضل ما في هذا الكون من عناصر وموجودات ومخلوقات ، ميزه الله على غيره من المخلوقات بكثير من الخصائص والمميزات التي سنشير إلى بعضها ، فاستحق بذلك تكريمه وتفضيله على سائر المخلوقات ، كما استحق بذلك أن يكون المحور الأساسي الذي ترتكز عليه الحياة بكل ما فيها من حركة ونشاط ، وأن يكون موضع الرسالات السماوية ودعوات الإصلاح على ممر العصور والأزمان ، ومثار ومحط اهتمام الفلاسفة والمفكرين على امتداد مسيرة تاريخ الفلسفة والفكر الإنساني . وإصلاح حاله وتنمية استعداده ومواهبه وقدراته وتوجيهها نحو الخير والصلاح ، وإحداث التغيرات المرغوبة في سلوكه ، وتوجيهه إلى ما ينبغي أن تكون عليه علاقته بخالقه وبغيره من أبناء مجتمعه وأمته وكافة بني جنسه وسائر ما في هذا الكون من كائنات ومخلوقات وقوى طبيعية ، وإلى ما يتبغي أن يكون عليه موقفه من كافة جوانب الحياة وأوجه النشاط فيها ، والغاية من حياته والمصير الذى ينتظره بعد مماته وغير ذلك من الجوانب والمشكلات الكثيرة ذات الصلة بالإنسان اهتمام الرسالات السماوية والنزعات الفلسفية المختلفة والدعوات الإصلاحية والجهود العلمية على ممر العصور والأزمان . فإذا ما أخذنا الإسلام بالذات الذى يهمنا توضيح نظرته إلى الإنسان - فإننا نجده قد اهتم اهتماماً بالغاً بالإنسان وبين بوضوح كافة الجوانب المتعلقة به في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة ، والغاية من حياته ، والغاية التى سينتهى إليها في حياته ، والمصير الذى ينتظره في حياته الأخرى . كما وضح الكثير من خصائصه ومميزاته ومكونات شخصيته البدنية والعقلية والانفعالية والاجتماعية والروحية وما يحمله من استعدادات وقابليات بالنسبة لهذه الجوانب جميعاً ووجهه إلى ما ينبغي أن تكون عليه علاقته بربه وبنفسه وبأفراد أسرته وأفراد مجتمعه وأمته وبالإنسانية قاطبة وبكل ما في هذا الكون من ملائكة وجن وحيوان ونبات وجماد. يجد الباحث هذا الاهتمام والبيان واضحين جليين في كتاب الله تعالى وفي سنة نبيه الكريم وفيما فهمه واستنبطه المسلمون الأولون ومن اهتدى بهاليهم من بعدهم من العلماء المسلمين الصالحين وإذا كنا لا نستطيع في هذه العجالة أن نستعرض جميع الشواهد والنصوص الدالة على اهتمام الإسلام بالإنسان والموضحة للجوانب السالفة الذكر في مصادر الدين الإسلامي المختلفة ، فإنه لا أقل من أن نشير ولو إلى بعض . الشواهد من القرآن الكريم باعتباره المصدر الأول والرئيسي لفلسفة الإسلام ومبادئه وأحكامه وتعاليمه وقد تكرر ذكر الإنسان في القرآن الكريم ، وهو جار على الأسلوب العربي الفصيح والأفصح معرفاً بالألف واللام إلا في موضع واحد فجاء منكراً ، أغلبها في الدنيا ، وتخرج ونُخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً » ، « يقول الإنسان يومئذ أين المفر ، ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر ، بل الإنسان على نفسه بصيرة« ، » ويوم يتذكر الإنسان ما سعى، » »يوم يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى » ، « وقال الإنسان مالها » ، سورة العلق ،