الطبيعة بكلّ ما فيها من سحرٍ وجمال تُشكّل دنيا كاملة مليئة بمختلف المخلوقات التي تعيش معًا وتؤدّي دورها في الطبيعة، إذ إن الطبيعة لا تكتمل إلا بوجود جميع عناصرها من نباتاتٍ وحيواناتٍ حتّى جمادات، فالمتمعّن في جمال الطبيعة يلمس تناسقًا مدهشًا فيها، وتنظيمًا كبيرًا صاغته يد الخالق سبحانه، فجاءت الطبيعة بهذه الصورة المبهرة وهذا الاختلاف الكبير بين مناطق العالم الممتدة على امتداد كوكب الأرض، فالطبيعة في الجبال الخضراء والغابات تختلف اختلافًا كبيرًا عنها في الصحارى والوديان والبحار، وهذا إن دلّ على شيءٍ فإنما يدلّ على قدرة الله تعالى في خلق كلّ هذا التناقض المنظم للطبيعة. المتأمّل في أجزاء الطبيعة المختلفة يحتار أين يُمعن النظر، فإن نظر إلى السماء الصافية أبهره منظر الغيوم وخيوط الشمس الذهبية التي تتسلل إلى الأرض لتشرق بنور ربّها، وإن نظر إليها وقت الغروب أُصيب بالسحر والدهشة من لون الشفق الأحمر المرسوم على صفحة السماء، أما إن نظر إليها ليلًا فستأخذ النجوم والكواكب عقله، ويسحره منظرها المدهش وهي تُرصّع السماء إلى جانب القمر، أمّا من ينظر إلى انعكاس السماء على البحر، سيُسافر بعيدًا مع اللون الأزرق وهو يتأمل في إبداع الخالق الذي جعل للبحر عالمين، أخدهما عالمٌ يظهر على سطحه وشواطئه، وآخرٌ يغوص في أعماقه.من ينظر إلى الغابات ينحني إجلالًا لعظمة الخالق الذي أبدع هذه الطبيعة الخلّابة ما بين أسجارٍ باسقة إلى الأزهار والفراشات في الحقول، فالطبيعة في الغابات تختزن كمًا هائلًا من الدهشة، وتعطي انطباعًا رائعًا عن محتويات الطبيعة، فالمتأمل في هذا السحر تمتلئ روحه بالطاقة الإيجابية الكبيرة، إذ يُعرف عن الطبيعة أنها تطرد الطاقة السلبية وتُساعد في شحن النفس بالإقبال على الحياة، وتمنحها أفقًا واسعًا وإلهامًا كبيرًا للإبداع، ومن المعروف أن التأمل في الطبيعة يُعد علاجًا نفسيًا رائعًا وناجحًا. من لا يأخذه سحر الأزهار والورد، لا بدّ وأن يأخذه تغريد الطيور وهي ترفرف وتطير من غصنٍ إلى آخر، ولا بدّ وأن يسعر بالامتنان الكبير وهو يستنشق الهواء الطبيعي ذا الرائحة العطرة الممتزجة برائحة الأزهار والأشجار ورائحة الورد، أمّا أكثر ما يجذب فيها هو رؤية الأمطار وهي تسقط من السّحب بغزارة، فتنتجُ بهذا مظهرًا تعجز الكلمات عن وصفه، ولو اجتمعت كلّ الحروف لعجزت عن وصف مشهدٍ واحدٍ من مشاهد الطبيعة بشكلٍ كامل،