وهُوَ أنَّ الأذْكارَ والآياتِ والأدْعِيَةَ الَّتِي يُسْتَشْفى بِها ويُرْقى بِها، أوْ لِمانِعٍ قَوِيٍّ فِيهِ يَمْنَعُ أنْ يَنْجَعَ فِيهِ الدَّواءُ، كَما يَكُونُ ذَلِكَ فِي الأدْوِيَةِ والأدْواءِ الحِسِّيَّةِ، فَإنَّ عَدَمَ تَأْثِيرِها قَدْ يَكُونُ لِعَدَمِ قَبُولِ الطَّبِيعَةِ لِذَلِكَ الدَّواءِ، وقَدْ يَكُونُ لِمانِعٍ قَوِيٍّ يَمْنَعُ مِنَ اقْتِضائِهِ أثَرَهُ، فَإنَّ الطَّبِيعَةَ إذا أخَذَتِ الدَّواءَ بِقَبُولٍ تامٍّ كانَ انْتِفاعُ البَدَنِ بِهِ بِحَسْبِ ذَلِكَ القَبُولِ، فَيَكُونُ بِمَنزِلَةِ القَوْسِ الرِّخْوِ جِدًّا، ورَيْنِ الذُّنُوبِ عَلى القُلُوبِ، كَما فِي مُسْتَدْرَكِ الحاكِمِ مِن حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ - «ادْعُوا اللَّهَ وأنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإجابَةِ». ما لَمْ يَدْعُ بِإثْمٍ أوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، فَلَمْ أرَ يُسْتَجابُ لِي، وصادَفَ وقْتًا مِن أوْقاتِ الإجابَةِ السِّتَّةِ، وانْكِسارًا بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ، واسْتَقْبَلَ الدّاعِي القِبْلَةَ. وبَدَأ بِحَمْدِ اللَّهِ والثَّناءِ عَلَيْهِ. ثُمَّ قَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ حاجَتِهِ التَّوْبَةَ والِاسْتِغْفارَ. وتَوَسَّلَ إلَيْهِ بِأسْمائِهِ وصِفاتِهِ وتَوْحِيدِهِ. وقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ دُعائِهِ صَدَقَةً، ولا سِيَّما إنْ صادَفَ الأدْعِيَةَ الَّتِي أخْبَرَ النَّبِيُّ - ﷺ - أنَّها مَظَنَّةُ الإجابَةِ، وكَثِيرًا ما تَجِدُ أدْعِيَةً دَعا بِها قَوْمٌ فاسْتُجِيبَ لَهُمْ، فَظَنَّ غَيْرُهُ أنَّ اسْتِعْمالَ هَذا الدَّواءِ بِمُجَرَّدِهِ كافٍ فِي حُصُولِ المَطْلُوبِ، والأدْعِيَةُ والتَّعَوُّذاتُ بِمَنزِلَةِ السِّلاحِ، فَمَتى كانَ السِّلاحُ سِلاحًا تامًّا لا آفَةَ بِهِ، حَصَلَتْ بِهِ النِّكايَةُ فِي العَدُوِّ، أوِ الدّاعِي لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ قَلْبِهِ ولِسانِهِ فِي الدُّعاءِ،