بعد أن حاصر الخوارج بيت عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان قد بلغ من العمر أكثر من اثنين وثمانين سنةً، وصلت الأخبار للجيوش الإسلامية بذلك فتوجّهوا إلى المدينة المنورة لمناصرة الخليفة، إلّا أنّ القتلة علموا بالأمر فاستعجلوا بالدخول إليه، فدخلوا إليه بعد أن أنهى صلاة النافلة وأخذ يقرأ القرآن الكريم، وكان أول من اقتحم البيت: كنانة بن بشر التجيبي، فأحرق باب البيت بشعلةٍ من نار، وقام رجل منهم يسمّى بالموت الأسود؛ وقيل إنّه عبد الله بن سبأ بخنق عثمان رضي الله عنه، ثمّ دخل بعده محمد بن أبي بكر، وكان الوحيد الذي شارك في تلك الفتنة من الصحابة رضي الله عنهم، حيث كان يظن أن خلع عثمان رضي الله عنه، أو قتله طاعةً يتقرّب بها إلى الله تعالى، فلمّا دخل على عثمان رضي الله عنه، فقال له: (على أي دين أنت يا نعثل؟)، فردّ عليه قائلاً: (على دين الإسلام، ونعثل تطلقُ على الشيخ الأحمق، فقال محمد: (غيّرت كتاب الله)، فردّ عليه قائلاً: (كتاب الله بيني وبينكم)، ثمّ قال: (إنّا لا نقبل أن نكون ممّن يقول يوم القيامة: (رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا)،٤] فقال عثمان رضي الله عنه: (يا ابن أخي، لقد أمسكت لحيةً كان أبوك يُكرمها).