ان متطلبات التنمية الاقتصادية ترتبط بتوفير الأمن والاستقرار وبقضاء مستقل يحمي حقوق المستثمرين بمناسبة معاملاتهم الاقتصادية سواء فيما بينهم أو في تعاملهم مع الدولة مما يشجع الطمأنينة في نفوسهم ويشجعهم على القيام بمزيد من الانشطة الاستثمارية، إذ من المعلوم أن رأسمال جبان كما يقال، فإن القضاء يساهم في تأطير الانشطة الاقتصادية من خلال ضبط قواعد التعامل حتى تسودها الشفافية، ولاشك أن التعديل الدستوري الاخير يعد مدخلا أساسيا لإصلاح النظام القضائي في شكله الشمولي أو العام بإقرار القضاء كسلطة مستقلة تتساوى في المرتبة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو إقرار له رمزية كبيرة وسيكون له الأثر البالغ إذا ما تم تفعيل النصوص الدستورية المؤكدة على استقلال القضاء واستقلال القاضي بشكل يضمن تنزيل المبادئ الدستورية وتطبيقها على أرض الواقع القضائي ويحس المتقاضي بأثرها المباشر على اعتبار أن الغاية من الاستقلالية هو حفظ حق المواطن داخل مجتمع ديمقراطي للتمتع بسلطة قضائية مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية دون أن تعني تمتيع القاضي في حد ذاته بأي امتياز. وعليه فإن المستثمر قبل القيام بأي مبادرة بشأن الاستثمار يبحث عن المعطيات الآتية: - الضمانات القانونية والقضائية الممنوحة للمستثمر. - القوانين المنظمة لقطاع الاستثمار إذ لا استثمار بدون ضمانات قضائية واضحة وقد عبر عن ذلك المغفور له الحسن الثاني حينما قال :"لا يمكن للمغرب أن يفتح أبوابه للمال الأجنبي، فالقضاء أصبح أمرا ضروريا للنماء. فبالإضافة إلى الضمانات الخاصة بالتشريع الوطني تمنح الدول الراغبة في جلب الاستثمارات الأجنبية للمستثمرين ضمانات قانونية دولية أهمها الاتفاقيات الثنائية للاستثمار التي تتضمن مقتضيات موضوعية وإجرائية لحماية المستثمرين والتي يفوق عددها على الصعيد العالمي 2200 اتفاقية. فإن الاستثمار يشكل ركيزة أساسية للتنمية، لأنه يشكل إضافة إلى الطاقة الانتاجية وزيادة في الثروات بما لذلك من أثر بليغ في إشباع الحاجات وتوفير الخدمات. يعتبر الاستثمار الوطني والأجنبي الرافعة الأساسية للإقلاع الاقتصادي والاجتماعي والدعامة الفعالة للتنمية البشرية. فالدولة تطالب بوضع إطار عام وبرنامج منسق للتنمية يولي الأولوية للاستثمارات وتعتبر الاستثمار منشطا أساسيا لتحريك عجلة الاقتصاد بل وتشجيع المبادرة الخاصة، وتحسين مستويات الادخار مع الحفاظ على الاستقرار المالي "النقدي" وإعادة توزيعه بشكل يضمن للدولة الاستمرار في القيام باستثمارات مهمة. لأن الوعاء العقاري هو مناط كل استثمار ومرتبط بالمادة الاجتماعية فيما يتعلق بقضايا الشغل وعلاقة الأجراء مع أرباب العمل ونفس الأمر بالنسبة للقضاء الجنائي فيما يتعلق بالجرائم المالية والتدابير المتعلقة بحماية المعاملات. بالبحث عن سبل جديدة لفض النزاعات التجارية ذات الارتباط الوثيق بالاستثمار، السياسة الملكية إن التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في ميدان توفير متطلبات المناخ الملائم للاستثمار وتطوير مستواه تتمثل فيما يلي: حيث جاء في إحدى فقراتها: "وإذا كانت هذه المساطر والإجراءات التشريعية أو التنظيمية غالبا ما تكون ضرورية لأن حرية المبادرة الخاصة التي كرسها الدستور تقتضي إيجاد إطار قانوني ملزم كفيل وحده بطمأنة المستثمر وضمان مساواة الجميع أمام القانون وكذا تهييئ مناخ ملائم للمنافسة وتقليصها والحرص على أن يتم العمل بها بأكثر ما يمكن من القرب من المستثمرين. " وذلك من خلال الإعداد السريع لمشروع قانون التحكيم التجاري الوطني والدولي ليستجيب نظامنا القضائي لمتطلبات عولمة الاقتصاد وتنافسيته ويسهم في جلب الاستثمار الأجنبي" . أن رهان جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة أصبح مرتبطا في عصر العولمة بمدى توافر مجموعة من المعطيات العالمية، لذا تبقى السياسات العامة هي العامل الرئيسي وراء جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ويقصد بذلك وجود تشريعات وقوانين ونظم وآليات تسهل مأمورية المستثمر تزيح عنه وأمامه كل العراقيل. على المستوى الاقتصادي