المبحث الأول مفهوم الإعلام وأدواته الدوليةيعتبر الإعلام أحد أدوات ممارسة السياسة، ذلك أن الدفاع إعلاميا عن قضية أو مبدأ أو رأي يعتبر مسؤولية وطنية وربما قومية في المقام الأول.لقد أصبحت وسائل الإعلام والاتصال مع تطور حركة العولمة جزءاً من العملية السياسية تؤثر أو تتأثر أو تشارك في بناء وتدمير الصور وفي صنع القرارات. ومع التطورات التقنية التي اختصرت المسافات والتي جعلت الإعلام اليوم في عصر العولمة السلطة الأولى التي تحرك الرأي العام وتصنع المعلومة وعاملا هاما في إدارة العلاقات الدولية، وتراجعت الوسائل الإعلامية الوطنية لصالح العالمية التي تتركز أهدافاً في خدمة المصالح الغربية مستغلة الفراغ الحاصل في الفضاء الإعلامي العربي.لم يكن الإعلام يوماً خارج السياسة حتى الإعلام الذي يوصف بالحياد والموضوعية - وهو نادر - فإنه يقوم بمهمة سياسية حتى أن الإعلام أصبح الزاوية الثالثة لمثلث الاقتصاد والقوة العسكرية، وهنا يقول الكاتب محمد حسنين هيكل "إن متابعة ومراجعة ما يجري في عالم الصحافة هي متابعة ومراجعة لما جرى ويجري في عوالم السياسية (1) وربما يكون الفارق بين الإعلام منذ عقود والإعلام في العصر الحاضر، أن الثورة التكنولوجية منحت دور الإعلام بعدا جديداً هائلاً ومؤثراً بل لعلة نجح أحياناً في ان يكون بديلاً للقوة العسكرية في احداث محددة وتجاوز دوره المؤثر سياسيا واجتماعياً وثقافياً كل تخيل ممكن. ونجد أمثلة لذلك في حرب الخليج عام ، وحرب افغانستان ووصولاً إلى غزو العراق1991. حيث كانت كاميرا تسبق الحدث ثم تنقله مباشرة فيما يضخ على الإنترنيت كم هائل من المعلومات الصحيحة والتضليلية.مفهوم الإعلامالإعلام هو رسالة فكرية ذات مضامين متباينة وأهداف متعددة تبعاً لتلك المتضامنين. تتعدد وسائل الإعلام من الصحافة إلى الراديو والسينما والتلفزيون والكتب والإنترنت، وتتباين تأثيرات الإعلام تبعاً للوسيلة المستخدمة في نقل الرسالة الإعلامية ووفقاً لمستويات التعليم والوعي واحترام الحريات العامة وحقوق الإنسان وانتشار الديمقراطية، ويعتبر التلفزيون وسيلة التأثير الأقوى على الجماهير وخاصة الفئات ذات المستوى الثقافي المحدد وهذا ما يجعل تأثير هذه الوسيلة في البلدان النامية أو المتخلفة أكثر قوة. بينما تتأثر الفئات المثقفة بصورة أقل بالتلفزيون ويكون للإعلام المقروء (الكتب والصحافة) تأثيراً أقوى على هذه الفئات لكن إذا تركنا الصحافة والإذاعة والتلفزيون وأجهزة النشر جانباً واقتصرنا على المجال الخارجي فإننا نجد لفظ الإعلام يشمل على ثلاث مدلولات مختلفةالإعلام هو تزويد الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة والحقائق الثابتة التي تساعدهم على تكوين رأي صائب في واقعة من الوقائع أو مشكلة من المشكلات بحيث يعبر هذا الرأي تعبيراً موضوعياً عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم".معنى ذلك القول أن الغاية الوحيدة من الإعلام هي الإقناع عن طريق المعلومات والحقائق والأرقام والإحصاءات ونحو ذلك.تعريف أتوجروت للإعلام: "الإعلام هي التعبير الموضوعي لعقلية الجماهير وطموحها وميولها واتجاهاتها في نفس الوقت".أي أن الإعلام تعبير موضوعي وليس ذاتياً من جانب الإعلامي سواء كان صحفياً أو مذيعاً أو مشتغلاً بالسينما أو التلفزيون. ونرى في لفظ "الإعلام" التعبير الصادق أو النطق الحي، بمعنى أن الدولة التي لا تملك الإعلام كالرجل الأخرس الذي لا يستطيع أن يعبر للغير عن أفكاره واتجاهاته ورغباته بالأسلوب الذي يلائم سامع الآخرين ويصل إلى عقولهم وقلوبهم. او بطريقة أخرى هي التعبير عن تفكير الدولة وتطلعاتها المستقبلة. وعادة ما يمر هذا التعبير بمراحل عدة تبدأ من تحديد الدولة لأهدافها العليا سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية. ثم يلي ذلك مرحلة تصدير هذه الأهداف عن طريق مختلف فنون ووسائل الاتصال بالجماهير سواء داخلياً أو خارجيا.الإعلام بمعنى الدعوة هو اصطلاح قديم عليه في القرون الوسطى لفظ البرباجندا" أي النشاط الهادف إلى الدعوة والتبشير بها وكسب المؤمنين بها والإعلام بهذا المعنى يقتصر على نشر الدعوة بين جمهور معين يمكن له نظرياً الاستجابة للفكرة، فالصهيونية مثلا تستخدم الإعلام بمعنى الدعوة الصهينة المجتمعات اليهودية في الخارج لأنهم نظرياً من الممكن تحولهم إلى صهاينة. وأما نشرها للفكرة بين غير اليهود فالهدف منه ليس الدعوة ولكن كسب التأييد والمساندة.الإعلام بمعنى الدبلوماسية المفتوحة "Open Diplomacy " أو الدبلوماسية الشعبية والعمل السياسي الخارجي وهو تطور حدث صورة كبيرة في النصف الثاني من القرن العشرين نتيجة العاملين (1)زيادة اشتراك الشعوب في تقرير السياسة الخارجية عن طريق مجالس النواب والشيوخ ومشاركة الرأي العام المطلع بالصحافة والفكر السياسي في هذه العملية، وذلك عن طريق الجماعات القيادية "Elites " المهتمة بالسياسة الخارجية والمنظمة في صورة تجعل لها وزناً ضاغطاً " Pressure Groups" وقد أدى هذا التطور إلى ضرورة الاتصال بالراي العام المطلع الذي يساهم في تقرير السياسة الخارجية والتفاهم معه بالحجة والرأي وخلق مجال من المصالح المشتركة والتعاطف الوجداني والنفسي. كان للثورة التكنولوجية أثرها في وسائل الاتصال العام وخاصة بعد انتشار المحطات التي تبث عبر الأقمار الصناعية ووصول شبكة الإنترنت إلى كل أرجاء العالم. والتي تنقل أحداث العالم إلى داخل كل منزل في ثوان عبر القارات ويراها ويسمعها كل مشاهد.