فانتشرت الحروب الدينية لمدة ثلاثين عاماً وانتهت في عام 1648 بتوقيع اتفاقية وستفاليا في أوروبا؛ بل ويمكن أن يُقال أَنَّ إيجاد تعريف واحد لمفهوم الدولة هو صراع إيديولوجي بحد ذاته؛ تعود جذور كلمة الدولة للغة اللاتينية لكلمة Position التي تعني الوقوف، وللدولة عدة تعريفات وُضِعت من قبل العديد من المؤسسات ولاسيما الأوروبية منها، وثمة تعريف آخر مقبول عموماً للدولة هو التعريف الوارد في اتفاقية مونتيفيديو - Montevideo بشأن حقوق وواجبات الدول في عام 1933. وإجراء العلاقات الدولية مع الدول الأخرى. لأن المجتمع الدولي يتكون أساساً من وحدات سياسية يحمل كل منها لقب “دولة”، فالعلاقات بين الدول يجب أن تؤسس من وجهة نظر القانون الدولي على مبدأ أو قاعدة المساواة في السيادة. مفهوم الدولة كحقيقة سياسية: وليس أدل على هذه الحقيقة من أن عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قد ناهز الـ 185 دولة، وأدت حركات مناهضة الاستعمار في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى حصول عدد كبير جدَّاً من الدول في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية على استقلالها ومن ثم إلى ظهورها لأول مرة على مسرح السياسة الدولية. ولدول أخرى عديدة منها دول عربية مثل اتحاد سورية ومصر في دولة واحدة (الجمهورية العربية المتحدة) في عام 1958، واتحاد ست إمارات عربية خليجية ليشكلوا معاً دولة الإمارات العربية المتحدة. وهذا هو ما حدث عندما انهار الاتحاد السوفيتي وتفكك إلى مجموعة كبيرة من الدول التي ظهر بعضها لأول مرة كدول مستقلة على المسرح الدولي. وقد يتم الانفصال نفسه بطريقة سلمية كما حدث بالنسبة لدولة تشيكوسلوفاكيا السابقة، وهو ما يعني الاعتراف لكل شعب بحقه في إقامة دولته المستقلة، مفهوم الدولة كمفهوم قانوني: فالاعتراف بالدولة عادة ما يتم لمرة واحدة ويظل قائماً طالما ظلت الدولة متمتعة بشخصيتها وأهليتها القانونية الدولية. في أنه يعني اعترافاً من جانب المجتمع الدولي بسيادة هذه الدولة وممارسة حكومتها للسلطة الفعلية. والسيادة هي أخص خصائص الدولة وأهم سماتها. الثاني: أي أن الدولة لا تخضع لسلطة أعلى منها في مجتمع الدول. وكان المفكر الفرنسي جان بودان Jean Bodin هو أول من استخدم هذه الكلمة للدلالة على المعنى السياسي المتداول حتى وقتنا هذا. غير أنه ربما يكون من المفيد هنا أن نميز بين السيادة بمعاناها القانوني وبين السيادة بمعناها السياسي. أما المعنى السياسي للسيادة فنقصد به شرعية السلطة التي تمارس السيادة باسم الدولة ولحسابها. كذلك فقد يكون من المفيد هنا أيضاً أن نميز بين السيادة القانونية، وبين السيادة الفعلية. وفي جميع الأحوال فإن مركز السيادة هو الدولة بصرف النظر عن شرعية أو عدم شرعية من يمارس السلطة الفعلية فيها. وعندما تمارس الدولة سيادتها في الداخل فإن هذه السيادة تسري على الشعب داخل الحدود السياسية للإقليم الذي يقطنه، عدم خضوعها لسلطة دولة أخرى أو منظمة دولية. واستقلالية الدولة في ممارسة مظاهر سيادتها الخارجية لها مظاهر متعددة كالدخول في علاقات دبلوماسية أو قطع هذه العلاقات مع من تريد من الدول، غير أن مفهوم السيادة ليس سوى مدرك قصد بها في واقع الأمر تنظيم علاقة الدولة بمواطنيها في الداخل وبغيرها من الدول في الخارج. مفهوم الدولة كفكرة فلسفية مجردة: التي ترى أن نشأة الدولة ترجع إلى ما قبل التاريخ وأنها نمت نمواً تاريخيَّاً وطبيعيَّاً بمساعدة عوامل ثلاثة هي: علاقة الدم، وهو ما دفعهم لإبرام عقد لإنشاء الدولة تنازلوا فيه عن جميع حقوقهم ووضعوها في يد جهة واحدة تتركز فيها السلطة بشكل مطلق مقابل مصولهم على الأمن، لم يتخل عن هذه الحقوق لفرد وإنما للمجموع. وخاصة بعد ظهور المدرسة النفعية أو المدرسة الماركسية (والتي قدمت تفسيراً مختلفاً لنشأة الدولة نفسها من خلال جدلية الصراع الطبقي)، رغم ما يكتنفه من تجريد لتنظيم العلاقات الاجتماعية على أساس من احترام وسيادة القانون. مفهوم الدولة ككيان اجتماعي: ومعنى ذلك أن ما يربط بين أفراد الأمة الواحدة يكون في العادة أقوى وأمتن وأكثر كثافة مما يربط بين أفراد الشعب الذي لا يشكل في مجمله أمة واحدة. لكن ليس معنى ذلك أنه يشترط أن تتوافر في الشعب كافة عناصر ومقومات الوحدة الطبيعية التي تتوافر في الأمة لكي يصبح له الحق في إقامة دولته المستقلة. وتؤكد هذه النظريات أن العائلة ظهرت أولاً، وكما كانت هناك صراعات وحروب بين بعض القبائل كان من الطبيعي أن يصبح هناك تعاون وتحالف بين بعضها الآخر إما لدرء أخطار الطبيعة أو للتغلب على عدو مشترك. وهناك دول أخرى زراعية وصناعية حديثة برزت فيها قوى وطبقات اجتماعية مختلفة كلياً،