لخّصلي

شهد العام 1029م نقطة تحول وانعطاف كبير في تاريخ فلسطين على أثر انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول والذي عُد البداية الحقيقية لظهور ما يعرف بالقضية الفلسطينية، وهي مصطلح يشار به إلى الصراع التاريخي والسياسي الدائر في فلسطين بين العرب من جهة والعصابات الصهيونية ومن والاهم من جهة أخرى، 21ثم عقد المؤتمر الصهيوني الأول يوم 02آب / اغسطس عام 1092م بعد جهود حثيثة قام بها اليهودي تيودور هرتزل ، 23وفي عام 1921م تمكن هرتزل من مقابلة السلطان عبد الحميد الثاني بوساطة عدد من موظفي الباب العالي واقترح عليه مساعدة الدولة العثمانية عن طريق البنوك اليهودية في أوروبا مقابل السماح لليهود بالاستيطان في فلسطين، لكن وفاة هرتزل عام 1920م دفعت المؤتمر الصهيوني السابع والذي عقد في مدينة بازل السويسرية عام 1920م لرفض المشروع ومن ثم رفض أي مكان بديلاً عن فلسطين ، 25وفي حقيقة الأمر أن الحركة الصهيونية حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1919م لم تحرز في جهودها السياسية أي نجاح في تحقيق أهدافها في فلسطين، ومع اندلاع الحرب وما نتج عنها من خلق ظروف جديدة كان من شأنها تحسين مصير الاستعمار الصهيوني في فلسطين؛ لأن الحرب قد مهدت الطريق لعقد تحالف بريطاني - صهيوني وهو التحالف الذي فتح أبواب فلسطين أمام المستعمرين الصهاينة ومن ثم تحقيق أهداف طرفي هذا التحالف، 26وكانت أول ثمار هذا التحالف البريطاني - الصهيوني صدور وعد بلفور في - نوفمبر عام 1912م بصورة خطاب وجهه بلفور وزير خارجية بريطانيا إلى الصهيوني البريطاني اللورد روتشيلد، وهو وعد بريطاني بإعطاء وطن قومي لليهود في فلسطين، ولم يصدر هذا الوعد إلا بعد مؤامرات كبيرة استعمل فيها الصهاينة جميع أساليب الإغراء والوعيد والترغيب والترهيب، ولم تكتف بذلك بل جلست مع حلفائها على مائدة الصلح لتقاسم الأراضي العربية بعد انهيار الدولة العثمانية، 28 وبعد أن تمت الصفقة البريطانية - الصهيونية بإعلان وعد بلفور كان لا بد لهذا الاتفاق أن يحقق مضمونه على أرض فلسطين بغية ذلك قامت بريطانيا باحتلال فلسطين على مراحل بين عامي 1910 - 1912م، وفور سيطرتها التامة على فلسطين شكلت فيها إدارة عسكرية عرفت باسم (إدارة الأراضي المحتلة) في القدس وعهدت إدارتها إلى الجنرال كلايتون الذي وضع أسس الإدارة البريطانية في فلسطين، وقد استمر في منصبه حتى الخامس من نيسان - أبريل عام 1910م حين حل محله الجنرال موني حتى آب - أغسطس 1919م، وقد استمرت الإدارة العسكرية لفلسطين حتى مطلع تموز - يوليو على فلسطين وتحويل الإدارة إلى مدنية ، وهو أمر كان على بريطانيا الالتزام به وكانت تسعى لتحقيقه من خلال صيانة الحقوق المدنية والدينية لجميع سكان فلسطين والارتقاء بمؤسسات الدولة، بل كان أسوأ من ذلك المجيء بكيان غريب وزرعه في فلسطين ومن ثم العمل على تفضيله على سكانها الأصليين ، 32وبعد تأكيد قرار الانتداب على فلسطين من طرف عصبة الأمم بدأت الحكومة البريطانية بتكريس سياستها وتجسيدها وذلك من أجل تحقيق مصالحها من جهة وتحقيق الوعد الذي منحته لليهود وهو إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين من جهة أخرى، فعملت على إتباع سياسة التهويد بمحو الهوية العربية الإسلامية حينما فتحت أبواب الهجرة اليهودية بنسبةكبيرة جداً ، ثم نقلت ملكية الأراضي الفلسطينية والاستيلاء عليها وإعطاءها لليهود وبناء مستعمرات صهيونية، كل هذا من أجل إنشاء وطن قومي وفي الوقت نفسه تحقيق مصالحها ومطامعها التي تطمح إليها ، 33وأثارت سياسة الاحتلال البريطاني العدوانية اتجاه الشعب الفلسطيني وإن قيادتها المنقطعة النظير اتجاه الصهاينة إلى سخط الشعب الفلسطيني وبالتالي بروز رأي عام فلسطيني رافض لهذه السياسة، 34كما أدت إلى تبلور نوع من العمل السياسي الفلسطيني والذي تمثل بشكل واضح بتشكيل عدد من الأحزاب السياسية والتي انعكست أنشطتها بعقد المؤتمرات الوطنية والتي من أبرزها " المؤتمر العربي الفلسطيني " الذي مثل الشعب الفلسطيني حتى عام 1929م ، والتي خلفت المؤتمر العربي الفلسطيني وأصبحت الجهة السياسية الممثلة للشعب الفلسطيني منذ نيسان - أبريل 1926م، 35ثم تدرجت القضية الفلسطينية لانتفاضة عام 1922م، والثورة الفلسطينية الكبرى عام 1926م،

شهد العام 1029م نقطة تحول وانعطاف كبير في تاريخ فلسطين على أثر انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول والذي عُد البداية الحقيقية لظهور ما يعرف بالقضية الفلسطينية، وهي مصطلح يشار به إلى الصراع التاريخي والسياسي الدائر في فلسطين بين العرب من جهة والعصابات الصهيونية ومن والاهم من جهة أخرى، والنتائج التي ترتبت على هذا الصراع، فضلاً عن عوامل أخرى ارتبطت بهذه القضية وكانت سبباً في بلورتها والتي تتمثل بالتدخلات الدولية والإقليمية وقرارات المنظمات الدولية لا سيما عصبة الأمم ومن بعدها الأمم ،21ثم عقد المؤتمر الصهيوني الأول يوم 02آب / اغسطس عام 1092م بعد جهود حثيثة قام بها اليهودي تيودور هرتزل ،22والذي نتج عنه تحديد أهداف الحركة الصهيونية في مقدمتها خلق وطن للشعب اليهودي في فلسطين والوسائل اللازمة لتحقيق هذا الهدف ،23وفي عام 1921م تمكن هرتزل من مقابلة السلطان عبد الحميد الثاني بوساطة عدد من موظفي الباب العالي واقترح عليه مساعدة الدولة العثمانية عن طريق البنوك اليهودية في أوروبا مقابل السماح لليهود بالاستيطان في فلسطين، لكن طلب هرتزل قوبل بالرفض من قبل السلطان عبد الحميد الثاني ،24وكان هذا الرفض ًسببا في تغيير هرتزل وجهته والبحث عن موطن بديل؛ ليستقر في النهاية على استعمار أوغندا الأفريقية بعرض من الإنجليز والذي سرعان ما لاقى قبول هرتزل، وفعلاً تألفت لجنة لدراسة الموضوع، لكن وفاة هرتزل عام 1920م دفعت المؤتمر الصهيوني السابع والذي عقد في مدينة بازل السويسرية عام 1920م لرفض المشروع ومن ثم رفض أي مكان بديلاً عن فلسطين ،25وفي حقيقة الأمر أن الحركة الصهيونية حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1919م لم تحرز في جهودها السياسية أي نجاح في تحقيق أهدافها في فلسطين، ومع اندلاع الحرب وما نتج عنها من خلق ظروف جديدة كان من شأنها تحسين مصير الاستعمار الصهيوني في فلسطين؛ لأن الحرب قد مهدت الطريق لعقد تحالف بريطاني - صهيوني وهو التحالف الذي فتح أبواب فلسطين أمام المستعمرين الصهاينة ومن ثم تحقيق أهداف طرفي هذا التحالف،26وكانت أول ثمار هذا التحالف البريطاني - الصهيوني صدور وعد بلفور في - نوفمبر عام 1912م بصورة خطاب وجهه بلفور وزير خارجية بريطانيا إلى الصهيوني البريطاني اللورد روتشيلد، وهو وعد بريطاني بإعطاء وطن قومي لليهود في فلسطين، ولم يصدر هذا الوعد إلا بعد مؤامرات كبيرة استعمل فيها الصهاينة جميع أساليب الإغراء والوعيد والترغيب والترهيب، مستغلين نفوذهم الكبير على مختلف الأوساط الدولية ،27وكان وعد بلفور تعبير صارخ عن غدر بريطانيا ومكرها وخيانتها للعرب وتنكر لعهودها ووعدها في إنشاء دولتهم القومية بموجب مراسلاتها مع الشريف حسين أبان ثورة 1916م، ولم تكتف بذلك بل جلست مع حلفائها على مائدة الصلح لتقاسم الأراضي العربية بعد انهيار الدولة العثمانية،28 وبعد أن تمت الصفقة البريطانية - الصهيونية بإعلان وعد بلفور كان لا بد لهذا الاتفاق أن يحقق مضمونه على أرض فلسطين بغية ذلك قامت بريطانيا باحتلال فلسطين على مراحل بين عامي 1910 - 1912م، وفور سيطرتها التامة على فلسطين شكلت فيها إدارة عسكرية عرفت باسم (إدارة الأراضي المحتلة) في القدس وعهدت إدارتها إلى الجنرال كلايتون الذي وضع أسس الإدارة البريطانية في فلسطين، وقد استمر في منصبه حتى الخامس من نيسان - أبريل عام 1910م حين حل محله الجنرال موني حتى آب - أغسطس 1919م، وفي عهد موني بدأت تتضح حدود فلسطين، وقد استمرت الإدارة العسكرية لفلسطين حتى مطلع تموز - يوليو على فلسطين وتحويل الإدارة إلى مدنية ،29وكان هذا نقطة البداية لوضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني وكان نظام الانتداب أحد قرارات مؤتمر سان ريمو الذي عقد في 19نيسان - أبريل 1902م؛ بغية تطبيق اتفاقية سايكس - بيكو ، وبناءً على ما تم الاتفاق في هذا المؤتمر فقد وضعت سوريا تحت الانتداب الفرنسي ووضع العراق وفلسطين تحت الانتداب البريطاني ،30وتماشياً مع هذا الاتفاق ولإضفاء نوع من الشرعية عليه أعلن عن مشروع صك الانتداب من قبل عصبة الأمم في 6تموز - يوليو 1901م وصودق عليه في 09تموز - يوليو 1900م ووضع موضع التنفيذ في 09أيلول - سبتمبر 1923م ،31وكان لإقرار عصبة الأمم لنظام الانتداب هدفه المعلن وهو مساعدة الشعوب المنتدبة وإعدادها؛ لنيل استقلالها، وهو أمر كان على بريطانيا الالتزام به وكانت تسعى لتحقيقه من خلال صيانة الحقوق المدنية والدينية لجميع سكان فلسطين والارتقاء بمؤسسات الدولة، غير أن ما حصل ًفيا منا كان لتلك الأفكار والمبادئ، بل كان أسوأ من ذلك المجيء بكيان غريب وزرعه في فلسطين ومن ثم العمل على تفضيله على سكانها الأصليين ،32وبعد تأكيد قرار الانتداب على فلسطين من طرف عصبة الأمم بدأت الحكومة البريطانية بتكريس سياستها وتجسيدها وذلك من أجل تحقيق مصالحها من جهة وتحقيق الوعد الذي منحته لليهود وهو إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين من جهة أخرى، فعملت على إتباع سياسة التهويد بمحو الهوية العربية الإسلامية حينما فتحت أبواب الهجرة اليهودية بنسبةكبيرة جداً ، ثم نقلت ملكية الأراضي الفلسطينية والاستيلاء عليها وإعطاءها لليهود وبناء مستعمرات صهيونية، كل هذا من أجل إنشاء وطن قومي وفي الوقت نفسه تحقيق مصالحها ومطامعها التي تطمح إليها ،33وأثارت سياسة الاحتلال البريطاني العدوانية اتجاه الشعب الفلسطيني وإن قيادتها المنقطعة النظير اتجاه الصهاينة إلى سخط الشعب الفلسطيني وبالتالي بروز رأي عام فلسطيني رافض لهذه السياسة، من هنا ظهر هناك ما يعرف بالمقاومة الفلسطينية لمواجهة هذه الغطرسة البريطانية والتغلغل الصهيوني،34كما أدت إلى تبلور نوع من العمل السياسي الفلسطيني والذي تمثل بشكل واضح بتشكيل عدد من الأحزاب السياسية والتي انعكست أنشطتها بعقد المؤتمرات الوطنية والتي من أبرزها " المؤتمر العربي الفلسطيني " الذي مثل الشعب الفلسطيني حتى عام 1929م ، إضافة إلى اللجان الشعبية وفي طليعتها " اللجنة العربية العليا "، بقيادة مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني، والتي خلفت المؤتمر العربي الفلسطيني وأصبحت الجهة السياسية الممثلة للشعب الفلسطيني منذ نيسان - أبريل 1926م، واتخذت المقاومة الفلسطينية أشكال مختلفة ونشاطات متعددة كان في طليعتها الحملات الإعلامية الصحفية والتصريحات والبرقيات والاحتجاج والعرائض وإرسال الوفود السياسية إلى الخارج والمظاهرات الشعبية وأسلوب المقاطعة، وأخيراً أسلوب الكفاح المسلح والذي نشط بشكل بارز في عقد الثلاثينات، وقد تميزت هذه الحقبة بانتشار أفكار المقاومة المسلحة والتي كانت تشمل عدد من فئات الشعب الفلسطيني لاسيما العمال والفلاحين، وكانت أعمالها تتجلى في نصب الكمائن للقوات البريطانية واغتيال الشخصيات العسكرية وتنظيم الإضرابات والكفاح المسلح ،35ثم تدرجت القضية الفلسطينية لانتفاضة عام 1922م، ثم حركة عز الدين القسام، والثورة الفلسطينية الكبرى عام 1926م، وصولاً ليومنا هذا والصراع لا زال مستمر