لخّصلي

)، و قبل أن تتطور المدينة كانت عبارة عن قبائل و عشائر تعيش على الفلاحة البسيطة و تربية المواشي على طول واد مكرة. لتكون حقلا لتجربة نموذجية أرادها الاستعمار مثالا لانتصار له في أرض الجزائر، فإن نجاحها في سهل مكرة هو بمثابة نجاح فرنسا المتحضرة كما كانت تدعيه الكتابات الفرنسية الرسمية. أما المدينة على شكلها الحالي فهي نتاج شخصيات استعمارية بارزة "كلامورسيار"Lamoricière، و هذا على غرار ما كتب حول المدن الأخرى في البلاد من طرف المؤرخين الجزائريين. أهمها واحدة ضرورية قرب الولي الصالح سيد بلعباس الذي يقع في أعلى تلة على المكرة في أرض قبيلة العمارنة ( فرقة من قبيلة أولاد إبراهيم)، بعد مرحلة المقاومة للغزو الفرنسي يأتي دور المغتصين، أنشأ قانون 19 سبتمبر 1848م عدد من المراكز الإستيطانية :12 في عمالة الجزائر، قام الجينرال "لاموريسيار" قائد منطقة وهران بكتابة تقرير حول أسباب اهتمامه بالمنطقة التي غادرها بني عامر، قبل الرد على هذا التقرير من طرف الماريشال "بيجو" إتخذ هذا الأخير قرارا يعتبر المناطق التي غادرتها قبيلة بني عامر مناطق تابعة للدولة . و ذلك بناءا على تقارير "لاموريسيار" و" بيجو " للتحكم في طرق المواصلات بين المناطق الغربية مع تحويل هذه الحامية العسكرية إلى مركز استيطاني. الجدول التالي يوضح أهم المراكز الاستيطانيةو عدد العائلات التي يحتويها كل مركز و بعض مساحات الأراضي المغتصبة: عدد العائلات(1) مساحات المغتصبة(2) سيدي لحسن 100 2041هـ(1200 هـ من النوع الجيد) روشي - 400 هـ سيدي خالد - 1256 هـ (60 هـ مسقية) مولاي عبد القادر - 500 هـ سيدي إبراهيم 100 1558 هـ ( 60 هـ مسقية ) سيدي حمادوش 100 2221 هـ الضاية - 662 هـ فرودة 31 1013 هـ المجموع 478 9651 هكتار سمح إتمام الأشغال العمومية للسكان الأوربيين، و حسب الإحصائياتالتالية نلاحظ أن عدد السكان الأوروبيين في ارتفاع مستمر: السنة 1849 1850 1851 1852 1853 1854 1855 1856 1857 1862 1867 1872 1877 عدد السكان 516 855 1234 1728 2177 2585 3315 3968 4334 5101 7588 12417 14456

• تطور عدد السكان الأوروبيين - أنواع البلديات البلديات تأسيسها مساحتها مجموع سكانها الأهالي الصلاحيات سيدي بلعباس 31-12-1856 10276 هـ 13185 1409 سدي لحسن 25-03-1874 3207 هـ 941 65 تسالة 25-03-1874 11012 هـ 1291 825 سيدي حمادوش 25-03-1874 9875 هـ 1920 655 سيدي ابراهيم(1) 15-05-1880 2287 هـ 742 101 مكرة(2) 01-01-1873 - - - المختلطة بوشبكة 30-07-1875 68832 هـ 6829 5161 جدول يوضح بلديات دائرة سيدي بلعباس في سنة 1875 لم تكد تدخل سنة 1931م حتى بدأ ميزان القوى يتغير لصالح الحركة الوطنية، ترى جريدة "النيويورك تايمز" أن الوضع في الجزائر أصبح يثير القلق نتيجة تصاعد التيار المعادي للفرنسيين، تجسد من خلال تواجد تيارات سياسية مختلفة تفاوت تأثيرها في المنطقة من تيار إلى آخر، مستغانم و عين تموشنت مظاهرات مماثلة نادى أصحابها بسقوط فرنسا و حياة هتلر، حتى أن الكاتب "جوزيف ديبارمي" وصفها بأنها مظاهرات تخفي ورائها كراهية للفرنسيين، كما أكد أن المظاهرات كان ظاهرها عداء لليهود و باطنها عداء للفرنسيين، هذا نفسه ما أكده مراسل النيويورك تايمز الأمريكية السيد "ب. ج. فيليب" الذي قال أن الحركة الأهلية في الجزائر كانت من ناحية ضد اليهود و من ناحية أخرى ضد الفرنسيين. حيث قام بالدعاية ضدها مؤيدين لهتلر أمثال "الحاج أحمد خليل" المرتبط بالأحزاب المعادية لفرنسا، وجد بحوزتهم أسلحة خفيفة (بندقية صيد + ثلاثة مسدسات) مع صور للدعاية. لقد لعب دورا نشيطا في الجزائر ليس فقط في الميدان السياسي بل كذلك في الميدان النقابي، ففي سنة 1921م اتخذت جميع فروعه بالإجماع موقفا مناوئا لجميع أشكال الوطنية الأهلية. يندد بمشروع ثورة الجماهير الجزائرية على أنه حماقة خطرة لا تريد أن تتحمل مسؤوليتها أمام حكم التاريخ الشيوعي . إن انتخاب بلدية شيوعية في منطقة ذات نفوذ استيطاني أعتبر شيء غريب، إلا أن هذا الأمر يفسر في سيدي بلعباس من خلال التكوين الإجتماعي للهيئة الناخبة الأوروبية، فقد كان عمال السكة الحديدة ثم عمال البناء في مقدمة الصراع الذي خاضه الشيوعيون ضد الاستغلال و اللامساواة و الإمبريالية بسيدي بلعباس. أقامت لجنة الإضراب بسيدي بلعباس تجمعا كبيرا في قاعة السينما "كليبر" Kleber حضره 1500 شخص، أما ابن عيش "أمين العام للإتحاد الجهوي لنقابات الجزائر" فقد حذر العمال من البطالة، و ذكر أن الحكومة الفرنسية تستمر اتجاه الأهالي في استعمال سياسة نزع الملكية و اغتصاب الأراضي لمنحها إلى كبار المستوطنين، وإن أجور العمال الأهالي تتراوح ما بين 04 و 05 فرنك في اليوم لـ 16 ساعة عمل. عرفت الجزائر منذ تأسيس الجبهة الشعبية هيجانا سياسيا في سنة 1936م و بعد ميلاد الحزب الشيوعي الجزائري، تطورت تدريجيا في مختلف القطاعات مطالبة برفع الأجور. الجداول التالية توضح مختلف الإضرابات في مقاطعة سيدي بلعباس في سنة 1936:(19) إضرابات دون الاستيلاء على الورشات أو المحلات . الهيئة عدد المضربين بداية الإضراب نهاية الإضراب البناءBatiment 193 287 23-06-1936 28-07-1936 دهانPeintre 60 -- 26-06-1936 02-07-1936 الخبازينBoulanger 61 10 09-07-1936 28-07-1936 المجموع 314 297 -- -- إضرابات عن طريق الإستيلاء بالعمال الهيئة عدد المضربين بداية الإضراب نهاية الإضراب البناءBâtiment 57 63 23-06-1936 28-07-1936 الوقودCarburant 09 08 23-06-1936 01-07-1936 مذبحAbattoirs 15 20 24-06-1936 28-06-1936 الحدادةForgerons 15 20 24-06-1936 29-06-1936 المحاجرCarrieres 20 53 25-06-1936 29-06-1936 مؤسسة التطبيقية للكهرباء 17 03 25-06-1936 25-06-1936 المجموع 142 188 - - في الداخل دون الإستيلاء على الورشات أو المحالات البلديات عدد المضربين بدايةالإضراب نهايةالإضراب حاسي زهانة - 100 20-06-1936 23-06-1936 سليسن - 70 05-07-1936 06-07-1936 سيدي علي بن يوب - 100 09-07-1936 13-07-1936 المجموع - 270 - - و قد جاءت هذه الإضرابات هي أيضا في سياق اعتلاء الجبهة الشعبية الحكم بفرنسا. سجلت الاحتجاجات أكثر من 25 إضراب و حوالي 6000 مشارك، مرت هذه الحركة الإضرابية بمرحلتين: المرحلة الأولى: إضراب 02 مارس 1937م: إلى انخفاض الأجور التي كانت بين 08و09 فرنك يوميا و استغلالها من طرف زعماء الحركة الاحتجاجية و على رأسهم "بوطالب فقيه" ولد محمد (40 سنة) نقابي بالكونفدرالية العامة للشغل C. فإن أحداث سفيزف تسبب فيها الشيوعيون على رأسهم السيد "فكتور أريغي" VictorArrighi(عضو اللجنة المركزية) و دوره في التحريض من منطقة لأخرى ضد المستوطنة الفرنسية، إلا أن جريدة Oran- Républicain و في عنوان لمقال لها "صحافة الكذب شوهت أحداث سفيزف" تقول أن لا وجود لأي شخص أجنبي في البلدية اتصل بالعمال الزراعيين، الجدول التالي يلخص أهم الأحداث التي رافقت الاضرابات ضد ممتلكات المعمرين بمقاطعة سيدي بلعباس: التاريخ المستوطن المنطقة الحدث 08-01-1937 شالSchall تسالة حرق كومة من التبن Meuledepaille 29-01-1937 FlorensonAuguste طابية حرق كومة من التبن و العلف قيمتها 1500 فرنك 01-02-1937 شارميChermi تنيرة حرائق في اكوام من التبن 07-02-1937 شافينرSchafener طابية حرق كومة من التبن بقيمة 1200 فرنك 05/ 07-02-1937 Roquefer Louis بقايد بلعربي تخريب 22 شجرة زيتون + 11 شجرة فواكه + 400كومات تبن قيمة الخسائر 750 فرنك 28-02-1937 زادشZech بقايدبلعربي تخريب 200 شجرة فواكه 14-02-1937 جاكلJacquel تيليوين حرق كومة من التبن بقيمة 300 فرنك 28-02-1937 براديةPradier بقايدبلعربي حرق كومة من التبن بقيمة 2500 فرنك 04-03-1937 السيدةبرنارBernand بقايدبلعربي حرق كومة من التبن بقيمة 300 فرنك 10-03-1937 بيلامBelem زروالة تكسير اشجار الفواكه 11-03-1937 اربيرولاArberola زروالة حسائر بأشجار الزيتون 11-03-1937 مارسولوMarcelot زروالة حريق في محجرة carriére 11-03-1937 كوريCouret زروالة حرق وسائل زراعية 16-03-1937 بورياسBories سيديعليبنيوب حرق كومتين من التبن بقيمة 1000 فرنك 19-03-1937 بيرياPerea واد مبتوح حرق وسائل زراعية 26-03-1937 شامبوليفChamboulive بقايد بلعربي حرق 30 كومة من التبن بقيمة 3000 فرنك Antoine طابية محاولات حرق التبن 30-03-1937 PalduplinBabriel طابية محاولة حرق، 05-04-1937 فارنيVarnier سيدي علي بن يوب تحطيم وسائل زراعية 08-04-1937 ساردو Cerdan سيدي على بن يوب تخزين 130 كرمة و اشجار الزيتون 09-04-1937 بايريPayri سفيزف حرق مخزن للتبن و العلف بقيمة 60. 09-04-1937 CerveraJoseph سفيزف حرق كومة من التبن بقيمة 10. 12-04-1937 جاكالJacquel حاسي زهانة محاولة حرق 03 كومات من التبن 20-04-1937 توشTeuche بوشبكة تخريب 132 شجرة من الكروم 23-04-1937 الاخوة رفالRavelFréres طابية تخريب 134 شجرة من الفواكه 02-05-1937 بليسيونPelission تلاغ المختلطة حرق كمية من التبن بقيمة 500 فرنك المرحلة الثانية: إضراب 05جويلية1937م: و بسبب ما حصل من أحداث في الإضراب السابق تخوف المستوطنون حيث غادروا المنطقة متجهين إلى مدينة سيدي بلعباس لقضاء ليلتهم. أرسل سكرتير النقابة "عدو" مجموعة مطالب العمال إلى رئيس البلدية فتحققت معظمها، • بالنسبة للأشغال العمومية: تطبيق المقاولون قانون 40 ساعة مع الحفاظ على الأجور السابقة و منح العطل المأجورة بطلب من العمال . – الأجور : الأجور التي تدفع من طرف المستوطنين محددة بمراسيم ولائية،
• حرية النقابة :احترام أرباب العمل للحرية النقابية، من جهة أخرى لا يجب على النقابيين أن يمارسوا ضغوطا أو تهديدا ضد العمال الأحرار.
• تنظيم أوقات العمل من السادسة صباحا إلى السادسة مساءا.
• إعادة إدماج العمال المفصولين المشاركين في الحركة الاحتجاجية. و لم يكن القطاع الوهراني عامة و سيدي بلعباس خاصة بمنأى من هذه الموجه العنيفة نتيجة الأزمة الاقتصادية الحادة، فضعفت القدرة الشرائية بالنسبة للعمال و الطبقة المتوسطة من الأوروبيين و الجزائريين على حد السواء. خلق وضعا جديدا في الجزائر و أعتبر من العوامل المشجعة لزيادة حدة المواجهات . كما أصبحت منظمة جماهيرية حقيقية للعمال تساهم في تكوين الوعي الطبقي و التأطير السياسي للطبقة الشغيلة الجزائرية. في عملية مناهضة الاستعمار لأن نظرته كانت مقيدة للتحرر الوطني و مهملة للأبعاد الأساسية للحركة القومية، و عليه ليس غريبا أن تلتقي أفكار الحزب الشيوعي الجزائري و السياسة الاستعمارية الرافضة لتكوين أمة جزائرية. لقد كشفت الثورة التحريرية و أظهرت حقيقة التناقض الجوهري بين النظري و التطبيقي،

إن تاريخ المنطقة قديم، و ليس وليد الاستعمار كما يدعى، رغم محاولاته لطمسها، فقد عاش الإنسان في هذه المنطقة منذ عصور ما قبل التاريخ، حيث دلت الآثار التي وجدت في مناطق عدة على ذلك ( الضاية ، واد سفيون، سيدي حمادوش...)، و قبل أن تتطور المدينة كانت عبارة عن قبائل و عشائر تعيش على الفلاحة البسيطة و تربية المواشي على طول واد مكرة.
و في الحقيقة اختيرت منطقة سيدي بلعباس، لتكون حقلا لتجربة نموذجية أرادها الاستعمار مثالا لانتصار له في أرض الجزائر، فإن نجاحها في سهل مكرة هو بمثابة نجاح فرنسا المتحضرة كما كانت تدعيه الكتابات الفرنسية الرسمية.
أما المدينة على شكلها الحالي فهي نتاج شخصيات استعمارية بارزة "كلامورسيار"Lamoricière، "بيدو"Bedeauو "بيجو"، فهي إذا جديرة بالاهتمام، حتى لا تبقى حكرا على أصحاب المدرسة الفرنسية، و هذا على غرار ما كتب حول المدن الأخرى في البلاد من طرف المؤرخين الجزائريين.
أنشأت هيئة الأركان الفرنسية في هذه الفترة في حدود التل، و الهضاب العليا، نقاط دعم و تموين للجيش تسمى مراكز التخزينPostesMagazinsكسبدو، فرندة، تيارت و الضاية. أما المسار بين وهران والضاية، فيحتوي على عدة محطات، أهمها واحدة ضرورية قرب الولي الصالح سيد بلعباس الذي يقع في أعلى تلة على المكرة في أرض قبيلة العمارنة ( فرقة من قبيلة أولاد إبراهيم)، حيث تقرر وضع هذه النقطة مركز دائم محاط بحصون من تراب، و مهام القوات العسكرية به حراسة قبائل بني عامر في المنطقة. في 12 جوان 1843 م قام الاحتلال بخطوة أخرى في المنطقة، فحول هذه النقطة المحصنة إلى مركز عسكري، ووصل الجنرال "بيدو" Bedeau إلى عين المكان و بدأ الأشغال في الضفة اليمنى لواد مكرة، و أصبح المعسكر يسمى بسيدي بلعباس.
بعد مرحلة المقاومة للغزو الفرنسي يأتي دور المغتصين، و المحتكرين للأرض و ذلك بالتفكير في تأسيس المراكز الاستيطانية. أنشأ قانون 19 سبتمبر 1848م عدد من المراكز الإستيطانية :12 في عمالة الجزائر، 09 مراكز في قسنطينة، و 21 مركزا في وهران، و من بينها مركز خاص بمنطقة سيدي بلعباس.
قام الجينرال "لاموريسيار" قائد منطقة وهران بكتابة تقرير حول أسباب اهتمامه بالمنطقة التي غادرها بني عامر، التي تقوم بتسهيل الاتصال بمعسكر في الشرق، و بتلمسان في الغرب، حماية المراكز الاستعمارية، التحكم في المنطقة الشاسعة لبني عامر، و غنى المنطقة بثرواتها. قبل الرد على هذا التقرير من طرف الماريشال "بيجو" إتخذ هذا الأخير قرارا يعتبر المناطق التي غادرتها قبيلة بني عامر مناطق تابعة للدولة .
في غياب العمارنة سكان المدينة الأصليين، و تطور الأحداث لصالح الفرنسيين، سارع الاستعمار لإقامة المدينة الجديدة بأمر ملكي صادر في سنة 1847م، و ذلك بناءا على تقارير "لاموريسيار" و" بيجو " للتحكم في طرق المواصلات بين المناطق الغربية مع تحويل هذه الحامية العسكرية إلى مركز استيطاني.
الجدول التالي يوضح أهم المراكز الاستيطانيةو عدد العائلات التي يحتويها كل مركز و بعض مساحات الأراضي المغتصبة:
المركز
عدد العائلات(1) مساحات المغتصبة(2)
سيدي لحسن 100 2041هـ(1200 هـ من النوع الجيد)
روشي - 400 هـ
بوعريشة 42 -
تسالة 65 -
سيدي خالد - 1256 هـ (60 هـ مسقية)
مولاي عبد القادر - 500 هـ
سيدي إبراهيم 100 1558 هـ ( 60 هـ مسقية )
سيدي حمادوش 100 2221 هـ
الضاية - 662 هـ
فرودة 31 1013 هـ
باراك 40 -
المجموع 478 9651 هكتار

سمح إتمام الأشغال العمومية للسكان الأوربيين، بالتمركز شيئا فشيئا في المنطقة
و حسب الإحصائياتالتالية نلاحظ أن عدد السكان الأوروبيين في ارتفاع مستمر:
السنة 1849 1850 1851 1852 1853 1854 1855 1856 1857 1862 1867 1872 1877
عدد السكان 516 855 1234 1728 2177 2585 3315 3968 4334 5101 7588 12417 14456

• تطور عدد السكان الأوروبيين -
  ما يميز هذه الفترة أيضا التغيرات الإدارية التي شهدتها منطقة سيدي بلعباس ، حيث كانت تابعة لعمالة وهران من سنة 1844م إلى 05افريل1849م، ثم أصبحت دائرة ابتداء من 27جويلية1875 م ، مقسمة إلى خمسة بلديات كاملة الصلاحيات و هي :
  سيدي بلعباس، سيدي لحسن، تسالة، سيدي حمادوش، سيدي إبراهيم، و بلديتين مختلطتين مكرة و بوشبكة . (3)
  أنواع البلديات البلديات تأسيسها مساحتها مجموع سكانها الأهالي
  البلديات
  كاملة
  الصلاحيات سيدي بلعباس 31-12-1856 10276 هـ 13185 1409
  سدي لحسن 25-03-1874 3207 هـ 941 65
  تسالة 25-03-1874 11012 هـ 1291 825
  سيدي حمادوش 25-03-1874 9875 هـ 1920 655
  سيدي ابراهيم(1) 15-05-1880 2287 هـ 742 101
  مكرة(2) 01-01-1873 - - -
  المختلطة بوشبكة 30-07-1875 68832 هـ 6829 5161
  جدول يوضح بلديات دائرة سيدي بلعباس في سنة 1875

في وسط هذا الفراغ من المعارضة السياسية للنظام الاستعماري بالمنطقة، ظل الكولون هم السلطة الحقيقية في سيدي بلعباس، و في كل التراب الوطني.لم تكد تدخل سنة 1931م حتى بدأ ميزان القوى يتغير لصالح الحركة الوطنية، رغم ضغوط العديدة، و بدأت الجزائر تعرف توترات اجتماعية وسياسية هامة، رغم تجربة الاستعمار الطويلة، حيث لم يستطع السيطرة على الوضع، و أن التيار الوطني كان أقوى من وسائل المقاومة التي استخدموها ضده .ترى جريدة "النيويورك تايمز" أن الوضع في الجزائر أصبح يثير القلق نتيجة تصاعد التيار المعادي للفرنسيين، غير أنها تعتبر بأن السبب لا يعود إلى الوطنية أو العرقية، و إنما إلى الوضع الاقتصادي.
ظهر نشاط سياسي مكثف بسيدي بلعباس، تجسد من خلال تواجد تيارات سياسية مختلفة تفاوت تأثيرها في المنطقة من تيار إلى آخر، مع زيارات مختلفة لشخصيات بارزة في الحركة الوطنية، و بروز مجموعة من الاضطرابات و الاحتجاجات ضد الإدارة الاستعمارية. فقد وقعت مظاهرة سنة 1933م شارك فيها العمال العاطلون، أنشدوا خلالها نشيد الأممية، كما شارك العمال الفرنسيون أيضا في هذه المظاهرة، لكن الظاهر أنها كانت هامة، حتى أن إحدى الصحف وصفتها بأنها أول مظاهرة من هذا النوع في الجزائر. في نفس السنة قامت بسيدي بلعباس، تلمسان، مستغانم و عين تموشنت مظاهرات مماثلة نادى أصحابها بسقوط فرنسا و حياة هتلر، حتى أن الكاتب "جوزيف ديبارمي" وصفها بأنها مظاهرات تخفي ورائها كراهية للفرنسيين، كما أكد أن المظاهرات كان ظاهرها عداء لليهود و باطنها عداء للفرنسيين، هذا نفسه ما أكده مراسل النيويورك تايمز الأمريكية السيد "ب.ج. فيليب" الذي قال أن الحركة الأهلية في الجزائر كانت من ناحية ضد اليهود و من ناحية أخرى ضد الفرنسيين.(7)
و قد أثبتت مجموعة من الوثائق بوجود عدد هام من المناشير ضد فرنسا، و تخدم الدعاية الألمانية في منطقة سيدي بلعباس حسب الإدارة الاستعمارية، حيث قام بالدعاية ضدها مؤيدين لهتلر أمثال "الحاج أحمد خليل" المرتبط بالأحزاب المعادية لفرنسا، الذي اتصل بـ "عمراني عبد القادر" و "عمراني أحمد" بسفيزف، بعد اعتقالهم من طرف السلطات الاستعمارية، وجد بحوزتهم أسلحة خفيفة (بندقية صيد + ثلاثة مسدسات) مع صور للدعاية.
أما التيارات السياسية في المنطقة فقد اختلفت من إتجاه إلى آخر حسب نشاطها و تأثيرها، و كان الحزب الشيوعي أكثرها عمقا في المنطقة. لقد لعب دورا نشيطا في الجزائر ليس فقط في الميدان السياسي بل كذلك في الميدان النقابي، و قضى وقتا طويلا ليتحرر من المحيط المحلي، ففي سنة 1921م اتخذت جميع فروعه بالإجماع موقفا مناوئا لجميع أشكال الوطنية الأهلية. لما وجهت موسكو يوم 20 ماي 1922م نداء الأممية الشيوعية، من أجل تحرير الجزائر و تونس، إذ بفرع سيدي بلعباس، أول من انخرط في الأممية الثالثة، يندد بمشروع ثورة الجماهير الجزائرية على أنه حماقة خطرة لا تريد أن تتحمل مسؤوليتها أمام حكم التاريخ الشيوعي .
إن انتخاب بلدية شيوعية في منطقة ذات نفوذ استيطاني أعتبر شيء غريب، إلا أن هذا الأمر يفسر في سيدي بلعباس من خلال التكوين الإجتماعي للهيئة الناخبة الأوروبية، و رد فعل لسيطرة المستوطنين على أمور البلدية، و سياستها لعدة عشريات.
بدأت تظهر بوادر الوعي في أوساط العمال و الفلاحين، بفضل النضال المستمر للفرع الشيوعي، فقد كان عمال السكة الحديدة ثم عمال البناء في مقدمة الصراع الذي خاضه الشيوعيون ضد الاستغلال و اللامساواة و الإمبريالية بسيدي بلعباس.
في الثلاثينيات، دفع الحزب الشيوعي إلى مسرح الأحداث عن طريق النقابة التي شكلت العمود الفقري له، بجيل جديد من المناضلين الكادحين من قطاع البناء، و كانت مطالبهم حازمة في 1933م بسيدي بلعباس بظهور مجموعة من الإضرابات. ففي جوان 1933م قام العمال المستخدمين في أشغال الحفر لحساب مصنع الغاز بسيدي بلعباس بإضراب في أربع ورشات بالمدينة، حيث غادر العمال الأوروبيين و الأهالي الورشات و عددهم أكثر من 200 عامل، و ارتكزت مطالبهم على رفع الأجور التي كانت بـ 14 فرنك لأوروبيين و 10 فرنك للأهالي فطالبوا برفعها إلى 35 فرنك و تحديد يوم العمل بـ 08 ساعات.
أقامت لجنة الإضراب بسيدي بلعباس تجمعا كبيرا في قاعة السينما "كليبر" Kleber حضره 1500 شخص، و كان المكتب يتكون من الرئيس "مولينا"Molina من نقابة عمال البناء. الأمين العام "جيجون" Gegon من نقابة المستأجرين، و صرح "كميلو" Camillo أن سبب الأحداث تعود إلى 11 ساعة عمل بـ 14 فرنك، مطالبا بعدم التفرقة بين الأوروبيين و الأهالي. أما ابن عيش "أمين العام للإتحاد الجهوي لنقابات الجزائر" فقد حذر العمال من البطالة، و ذكر أن الحكومة الفرنسية تستمر اتجاه الأهالي في استعمال سياسة نزع الملكية و اغتصاب الأراضي لمنحها إلى كبار المستوطنين، حتى تبقى طبقة الأهالي الزراعية في العبودية "... سنذهب إلى الأرياف البعيدة و نخلق هيجان وفتنة ثورية، و نعلم الأهالي و ندخلهم في نقاباتنا ..." ثم يعود و يقول "... هناك أموال للدرك، للشرطة و كل جهاز القمع، ولا درهم للبطالين، وإن أجور العمال الأهالي تتراوح ما بين 04 و 05 فرنك في اليوم لـ 16 ساعة عمل. أما "نافرو" فقال: " هناك قتلة أحرار بينما هناك عمال شرفاء في السجون ..."
عرفت الجزائر منذ تأسيس الجبهة الشعبية هيجانا سياسيا في سنة 1936م و بعد ميلاد الحزب الشيوعي الجزائري، عرفت منطقة سيدي بلعباس في هذه السنة اضرابات، تطورت تدريجيا في مختلف القطاعات مطالبة برفع الأجور.
الجداول التالية توضح مختلف الإضرابات في مقاطعة سيدي بلعباس في سنة 1936:(19)
إضرابات دون الاستيلاء على الورشات أو المحلات .
الهيئة عدد المضربين بداية الإضراب نهاية الإضراب
الأوروبيين الأهالي
البناءBatiment 193 287 23-06-1936 28-07-1936
دهانPeintre 60 -- 26-06-1936 02-07-1936
الخبازينBoulanger 61 10 09-07-1936 28-07-1936
المجموع 314 297 -- --
إضرابات عن طريق الإستيلاء بالعمال
الهيئة عدد المضربين بداية الإضراب نهاية الإضراب
الأوروبيين الأهالي
البناءBâtiment 57 63 23-06-1936 28-07-1936
الوقودCarburant 09 08 23-06-1936 01-07-1936
مذبحAbattoirs 15 20 24-06-1936 28-06-1936
الحدادةForgerons 15 20 24-06-1936 29-06-1936
ورشاتالحلفاءC.Alfas 02 33 25-06-1936 29-06-1936
أكياس، خيم Sacs،>Tentes،Baches 07 10 23-06-1936 25-06-1936
المحاجرCarrieres 20 53 25-06-1936 29-06-1936
مؤسسة التطبيقية للكهرباء 17 03 25-06-1936 25-06-1936
المجموع 142 188 - -
في الداخل دون الإستيلاء على الورشات أو المحالات
البلديات عدد المضربين بدايةالإضراب نهايةالإضراب
الأوروبيين الأهالي
حاسي زهانة - 100 20-06-1936 23-06-1936
سليسن - 70 05-07-1936 06-07-1936
سيدي علي بن يوب - 100 09-07-1936 13-07-1936
المجموع - 270 - -

أما حركة إضراب العمال الزراعيين في سنة 1937م، فكانت امتدادا لإضرابات عمال المدن سنة 1936م، للتأكيد على عدد من المطالب الاجتماعية، منها تحسين الأجور و تحديد ساعات العمل، و قد جاءت هذه الإضرابات هي أيضا في سياق اعتلاء الجبهة الشعبية الحكم بفرنسا. سجلت الاحتجاجات أكثر من 25 إضراب و حوالي 6000 مشارك، لكن ما ميز هذه الإضرابات عن مثيلتها في المدن، مشاركة العنصر الجزائري بقوة ، و انتقالها إلى العمل التخريبي، ضد ممتلكات المعمرين.

لقد أضفى هذا الشكل من العنف على الحركة الإضرابية بعدا سياسيا وطنيا و ثوريا مناهضا للاستعمار، مقارنة بإضرابات المدن التي انحصرت في الطابع الإصلاحي، و احتلت أحداث سفيزف الصدارة في الإضرابات الزراعية من حيث القوة و التنظيم.
مرت هذه الحركة الإضرابية بمرحلتين:
المرحلة الأولى: إضراب 02 مارس 1937م:
تعود أسباب الإضراب حسب تقارير الشرطة و رئيس البلدية السيد " بايري" Payri،إلى انخفاض الأجور التي كانت بين 08و09 فرنك يوميا و استغلالها من طرف زعماء الحركة الاحتجاجية و على رأسهم "بوطالب فقيه" ولد محمد (40 سنة) نقابي بالكونفدرالية العامة للشغل C.G.T خلال هذه الأحداث تم قطع الطرق و غلق الدكاكين، فتدخلت قوات القمع الاستعمارية إلى جانب ميليشيات المعمرين و اللفيف الأجنبي لقمعها.
تقرر اجتماع في البلدية بحضور رئيس الدائرة لسيدي بلعباس السيد "آزي" M.Aze و المستوطنين و خمسة ممثلين للعمال المزارعين الأهالي، و بعد مناقشات تم الاتفاق على رفع الأجور بين 12 و 13 فرنك. و قد صرح السيد "بايري" رئيس البلدية قائلا : "إذا أردنا أن لا تضيع منا الجزائر، فعلينا وقف بسرعة العمل المتستر للجماعة التي قادت الاضطرابات، و الذين يحاولون في هذا الوقت زرع الشقاق في صفوف السكان الأهالي لمستعمرتنا الجميلة." و تضيف بعض الجرائد أن عودة الهدوء إلى سفيزف سببه تدخل بعض القياد Caids من بينهم "بن تامة احمد" و "شعبان عبد العزيز" و" بن شنان احمد "من معسكر و" الرازي" من سعيدة
حسب جريدة Oran- Matin ، فإن أحداث سفيزف تسبب فيها الشيوعيون على رأسهم السيد "فكتور أريغي" VictorArrighi(عضو اللجنة المركزية) و دوره في التحريض من منطقة لأخرى ضد المستوطنة الفرنسية، و أن مسألة الأجور ما هي إلا ذريعة لذلك .
تصاعدت الحملة الصحفية الاستعمارية ضد سكان سفيزف، و ضد عناصر أجنبية عن البلدية، حرضت على الأحداث ، إلا أن جريدة Oran- Républicain و في عنوان لمقال لها "صحافة الكذب شوهت أحداث سفيزف" تقول أن لا وجود لأي شخص أجنبي في البلدية اتصل بالعمال الزراعيين، وأن مطالبهم في رفع الأجور شرعية، و الإجراءات الأمنية هي التي زادت من تفاقم الوضع. أسفر الإضراب على اعتقال عدد كبير من الأهالي و جرح ثلاثة عناصر من اللفيف الأجنبي ، و قيام قوات الأمن في التحقيق مع قيادي الحركة الاحتجاجية .
الجدول التالي يلخص أهم الأحداث التي رافقت الاضرابات ضد ممتلكات المعمرين بمقاطعة سيدي بلعباس:
التاريخ المستوطن المنطقة الحدث
08-01-1937 شالSchall تسالة حرق كومة من التبن Meuledepaille
29-01-1937 FlorensonAuguste طابية حرق كومة من التبن و العلف قيمتها 1500 فرنك
01-02-1937 شارميChermi تنيرة حرائق في اكوام من التبن
07-02-1937 شافينرSchafener طابية حرق كومة من التبن بقيمة 1200 فرنك
05/ 07-02-1937 Roquefer Louis بقايد بلعربي تخريب 22 شجرة زيتون + 11 شجرة فواكه + 400كومات تبن قيمة الخسائر 750 فرنك
28-02-1937 زادشZech بقايدبلعربي تخريب 200 شجرة فواكه
14-02-1937 جاكلJacquel تيليوين حرق كومة من التبن بقيمة 300 فرنك
28-02-1937 براديةPradier بقايدبلعربي حرق كومة من التبن بقيمة 2500 فرنك
04-03-1937 السيدةبرنارBernand بقايدبلعربي حرق كومة من التبن بقيمة 300 فرنك
10-03-1937 بيلامBelem زروالة تكسير اشجار الفواكه
11-03-1937 اربيرولاArberola زروالة حسائر بأشجار الزيتون
11-03-1937 مارسولوMarcelot زروالة حريق في محجرة carriére
11-03-1937 كوريCouret زروالة حرق وسائل زراعية
16-03-1937 بورياسBories سيديعليبنيوب حرق كومتين من التبن بقيمة 1000 فرنك
19-03-1937 بيرياPerea واد مبتوح حرق وسائل زراعية
26-03-1937 شامبوليفChamboulive بقايد بلعربي حرق 30 كومة من التبن بقيمة 3000 فرنك
30-03-1937 لافال اونتوانLaval
Antoine طابية محاولات حرق التبن
30-03-1937 PalduplinBabriel طابية محاولة حرق، الخسائر 300 فرنك
05-04-1937 فارنيVarnier سيدي علي بن يوب تحطيم وسائل زراعية
08-04-1937 ساردو Cerdan سيدي على بن يوب تخزين 130 كرمة و اشجار الزيتون
09-04-1937 بايريPayri سفيزف حرق مخزن للتبن و العلف بقيمة 60.000 فرنك
09-04-1937 CerveraJoseph سفيزف حرق كومة من التبن بقيمة 10.000 فرنك
12-04-1937 جاكالJacquel حاسي زهانة محاولة حرق 03 كومات من التبن
20-04-1937 توشTeuche بوشبكة تخريب 132 شجرة من الكروم
23-04-1937 الاخوة رفالRavelFréres طابية تخريب 134 شجرة من الفواكه
02-05-1937 بليسيونPelission تلاغ المختلطة حرق كمية من التبن بقيمة 500 فرنك

المرحلة الثانية: إضراب 05جويلية1937م:
بدأ الإضراب بعدما قام بعض الملاك بطرد عمال زراعيين، بحجة أن هناك فائض في العمالة الزراعية، ما أدى بالعمال الآخرين إلى التوقف عن العمل، و تضامن معهم أيضا عمال البناء. فقامت السلطات الاستعمارية بتحميل السيد "عدو" Addou(سكرتير C.G.T في سفيزف) مسؤولية ذلك، و بسبب ما حصل من أحداث في الإضراب السابق تخوف المستوطنون حيث غادروا المنطقة متجهين إلى مدينة سيدي بلعباس لقضاء ليلتهم.
أرسل سكرتير النقابة "عدو" مجموعة مطالب العمال إلى رئيس البلدية فتحققت معظمها، فاعتبر ذلك انتصارا للمضربين و تم الإتفاق على ما يلي:(أنظر ملحق رقم 09)
• بالنسبة للأشغال العمومية: تطبيق المقاولون قانون 40 ساعة مع الحفاظ على الأجور السابقة و منح العطل المأجورة بطلب من العمال .
• بالنسبة للزراعة:

– الأجور : الأجور التي تدفع من طرف المستوطنين محددة بمراسيم ولائية، لابد من احترامها.

• حرية النقابة :احترام أرباب العمل للحرية النقابية، و لا يجب فصل العمال بسبب انتمائهم إلى C.G.T،لأن معظم عمال منطقة سفيزف ينتمون إلى هذه النقابة، من جهة أخرى لا يجب على النقابيين أن يمارسوا ضغوطا أو تهديدا ضد العمال الأحرار.


• تنظيم أوقات العمل من السادسة صباحا إلى السادسة مساءا.


• إعادة إدماج العمال المفصولين المشاركين في الحركة الاحتجاجية.
  تدخل هذه الإضرابات في سياقها السياسي، كظاهرة وطنية اجتاحت الجزائر، و لم يكن القطاع الوهراني عامة و سيدي بلعباس خاصة بمنأى من هذه الموجه العنيفة نتيجة الأزمة الاقتصادية الحادة، التي شملت مختلف القطاعات الحيوية ، و كان غلاء المعيشة و تفاقم البطالة من العوامل الأساسية في ظهور الحركة الاضرابية، فضعفت القدرة الشرائية بالنسبة للعمال و الطبقة المتوسطة من الأوروبيين و الجزائريين على حد السواء. أما نجاح الجبهة الشعبية في فرنسا و ظهور بعض الحريات الديمقراطية في المستعمرات، خلق وضعا جديدا في الجزائر و أعتبر من العوامل المشجعة لزيادة حدة المواجهات .
  من أعظم النتائج التي ترتبت عن تلك الإضرابات و كانت ذات أثر كبير على الحركة الوطنية الجزائرية، فرض الطبقة الشغيلة الجزائرية وجودها و حصولها على الاعتراف بتنظيمها النقابي، كما أصبحت منظمة جماهيرية حقيقية للعمال تساهم في تكوين الوعي الطبقي و التأطير السياسي للطبقة الشغيلة الجزائرية.
  رغم أن الحزب الشيوعي عمل جاهدا على توعية الطبقة العمالية و الكادحة لإفتكاك حقوقهم الاجتماعية، عمد في الجانب الآخر إلى رفض الأفكار القومية ، لذلك لم يكترث له الجزائريون، في عملية مناهضة الاستعمار لأن نظرته كانت مقيدة للتحرر الوطني و مهملة للأبعاد الأساسية للحركة القومية، المتمثلة في القضاء على الهيمنة الأجنبية بكل أشكالها،و عليه ليس غريبا أن تلتقي أفكار الحزب الشيوعي الجزائري و السياسة الاستعمارية الرافضة لتكوين أمة جزائرية. لقد كشفت الثورة التحريرية و أظهرت حقيقة التناقض الجوهري بين النظري و التطبيقي، بين الإيديولوجية الشيوعية و النظام الاستعماري تجاه القضية الوطنية.