لخّصلي

في عالم الأعمال المعاصر، تُعد حوكمة الشركات ومعايير التدقيق المحلية من العناصر الأساسية التي تسهم في تعزيز الشفافية والمساءلة داخل الشركات، ومن ناحية أخرى تُعتبر معايير التدقيق المحلية أداة حيوية للتحقق من صحة المعلومات المالية والتأكد من مطابقتها للقوانين واللوائح المعمول بها.
فالعلاقة بين حوكمة الشركات ومعايير التدقيق المحلية تعتبر علاقة تكاملية، حيث تساهم معايير التدقيق في تعزيز مبادئ الحوكمة من خلال توفير آليات رقابة فعالة تضمن الالتزام بالقوانين والمعايير المحاسبية، وتحقق الشفافية في الإفصاح المالي بما في ذلك المساهمين والعملاء والموظفين والمجتمع ككل، كما توفر حوكمة الشركات الإطار الضروري لتطبيق معايير التدقيق بشكل فعال، مما يعزز من قدرة الشركات على إدارة المخاطر وتحسين أدائها المالي والتشغيلي فيزيد قدرتها على جذب الاستثمارات وتحسين صورتها في السوق لتوفير إطار عمل يضمن جودة ودقة عمليات التدقيق الداخلي.
وفي هذا السياق تبرز أهمية الدراسات التي تبحث في العلاقة بين هذين المكونين الأساسيين للنظام الاقتصادي، وتسلط الضوء على كيفية تأثيرهما المتبادل والدور الذي يلعبانه في تحقيق الاستقرار والنمو المستدام للشركات.
ومن خلال فهم هذه العلاقة يمكن للشركات تطوير استراتيجيات أكثر فعالية للحوكمة والتدقيق، وبالتالي تضمن المنافسة والاستدامة في السوق العالمي، لذلك يعد موضوع "العلاقة بين حوكمة الشركات ومعايير التدقيق المحلية" أمرًا حيويًا في ساحة الأعمال والاقتصاد العالمي، فحوكمة الشركات تشير إلى الهياكل والممارسات التي تحدد كيفية إدارة وتوجيه الشركات بما في ذلك العلاقات بين: "مساهمي الشركة، ومجلس الإدارة، والإدارة التنفيذية" وفي الوقت نفسه تعد معايير التدقيق المحلية مجموع الإرشادات والمعايير التي يتعين على شركات التدقيق الاستمرار في الالتزام بها أثناء تنفيذ عمليات التدقيق والتفتيش.
كما تتأثر علاقة حوكمة الشركات ومعايير التدقيق المحلية بالعديد من العوامل والتحديات؛ وهو ما يشكل أساسًا للثقة بين المستثمرين والأطراف المعنية الأخرى، ومن ناحية أخرى تعتبر معايير التدقيق المحلية أداة أساسية لضمان النزاهة والموثوقية في العمليات المالية والتقارير المالية للشركات. وبالتالي فإن العلاقة بين حوكمة الشركات ومعايير التدقيق المحلية تتعلق بتحقيق مستوى عالٍ من الشفافية والمساءلة والثقة في القطاع الاقتصادي، فهي تعزز فهمًا أفضل للمخاطر المالية والأخلاقية التي تواجه الشركات، وتوفر إطارًا لاتخاذ القرارات المناسبة للتعامل مع تلك المخاطر، وتشمل ممارسات حوكمة الشركات تعيين مجلس إدارة قوي ومستقل، وتحدد دور ومسؤوليات المساهمين والإدارة، وتطبق معايير الشفافية في إعداد التقارير المالية والإفصاح عن المعلومات المهمة للجمهور. وبالتالي تعتبر حوكمة الشركات مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمعايير التدقيق المحلية، حيث تعتبر هذه المعايير أداة هامة لتقييم ومراقبة ممارسات الشركات والامتثال للمعايير المحاسبية والمالية المعترف بها.
ومع ذلك، تختلف معايير التدقيق المحلية من دولة إلى أخرى وتعتمد على النظم القانونية والتنظيمية والثقافية في كل بلد، وقد يؤدي هذا التباين إلى تحديات في تحقيق توافق بين حوكمة الشركات ومعايير التدقيق المحلية، خاصة عندما تتعامل الشركات مع متطلبات متعددة في أكثر من سوق دولي.
وبعض الدول في الآونة الأخيرة ومنها الجزائر تعتمد على إطار قوي لحوكمة الشركات ومعايير التدقيق المحلية، مما يسهم في تعزيز النزاهة والأمانة في العمليات التجارية وتعزيز الثقة العامة. ومع ذلك، تواجه الدول الأخرى تحديات في تطبيق وتنفيذ معايير التدقيق المحلية بشكل فعال، مما قد يؤثر على مستوى الشفافية والثقة في الأعمال التجارية.
لذا تُعِد المنظمات الدولية والإقليمية، مثل الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) ومنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)والمنظمة الدولية للجنة القياسية المالية (IOSCO) جهودًا لتعزيز حوكمة الشركات ومعايير التدقيق المحلية على المستوى العالمي فتسعى إلى تطوير إطارات ومبادئ توجيهية قياسية لحوكمة الشركات ومعايير التدقيق المحلية، بهدف الجودة والموثوقية والمساءلة في الأعمال التجارية العالمية.
وعليه فإن العلاقة بين حوكمة الشركات ومعايير التدقيق المحلية تعد مرتبطة ومترابطة بشكل وثيق، حيث تعمل وفق الإطار القانوني والمنهجي لتقييم ورقابة ممارسات الشركات من خلال تطبيق معايير التدقيق لخلق النزاهة والأمانة في الأعمال التجارية وتعزيز الثقة في الأسواق المحلية والعالمية، وبالنظر إلى أهميتهما يصبح وجود العلاقة الوثيقة بينهما أمراً معتادا يسهم في بناء بيئة أعمال صحية ومستدامة، بين جميع أطراف العملية التجارية.