لخّصلي

وترتيب العذر المناسب، وكان عليّ أن أمدد فترة استعباده لي شهرين آخرين، صديقه؟! هه كيف أكون صديقه وهو يستغلني ليخفي سري! في النهاية اليهودي الجيد هو مفاوض جيد، أنهي عنه أعماله المنزلية، والواجبات المدرسية عندما ننتقل إلى الصف العاشر، لكن المختلف هو نظرة التحدي في عينيه، ورغم أنني في فترة استعباد، فهذا لم يمنعني من التعليق على أن أهل شمعون لا يفصلون بين اللحم والحليب، ولا بين حوض غسل قدور اللحم وحوض غسل قدور الحليب، كيف أغسل قدور اللحم والحليب بنفس الحوض الوحيد لديهم؟ هذا شيء محرم. وكنت مشغول البال بأن تنتهي الفترة الأولى لكن شمعون قد أعجب بالأمر ويستمر في تهديدي بإخبار الكبار عن سري. كانت الأرض مرتفعة، وقدماي تجاهدان للصعود بها، في جو حار مثل لهيب نار يحاول غلي براد شاي، ظللت أدير قدماي لأحرك الدراجة، وتروسها مكان قلبي الذي يدق بشكل سريع، والبنزين عوضا عن الطعام بمعدتي، معدتي التي أوشك الطعام فيها على النفاذ- قطعة البسكوت وكوب الحليب- لكنها نسمة باردة وكأنها قادمة من شهر يناير، في كل تفاصيله. نجوم مرسومة على حواف الباب العملاق، نجوم مختلفة في عدد الرؤوس، حروف مختلفة ومبعثرة، لكنني وجدت حاجز خفي أو باب زجاجي لا أراه يمنعني من التقدم. والتي تحولت إلى ورقة بيضاء بمجرد أن امسكتها. ستتخطى الحاجز عندما تتم المرحلة الثانية. ثم تحولت الورقة إلى غبار متلألئ، ثم اندمج معها. ومنها جميعاً يختفي المنزل والباب والشجرة. أنا أعرف ماذا سأفعل، وكالعادة كان شمعون الستارة التي أختبئ ورائها، لكنه سريعًا تراجع عن طلبه، فيها نسمة دافئة إذا قارناها بهواء الشتاء البارد، وباردة إذا قارناها بهواء نهار الصيف الساخن. لكن على العموم كان الطريق ألطف وأقصر هذه المرة، وأنفاسي أكثر هدوءً، فأنا أعلم أن الصعود بالدراجة سيجعل أنفاسي تتسارع، إضاءة خفيفة وكأنها مصابيح مضيئة ولامعة مع بريق مثل غبار النجوم. كان كل شيء مضيء وله وهج، تقدمت قليلًا نحو الباب بعيون مفتوحة وفم مفتوح، ارتفعت حتى وصلت إلى طولي، بعدها رأيت انعكاسي بها، ورأيت ان جسدي كله ليس فقط يداي يتوهج. صورة لرجل وامرأة، هل يلاحقونني في كل مكان؟! عد عند الاكتمال التالي. هذه المرة كان اللغز أصعب، لكن صورة العرب كانت الجزء السيء، وهذا شيء سهل للغاية إنها الهوية الوطنية لدولة إسرائيل، 16-7-2015 عقلي لم يهدأ، اللغز هذه المرة أصعب، بالعبرية والانجليزية عن النجمة السداسية، 20- 7-2015 إذ فكرت أن ابحث بلغة الآخرين، لا أعرف لماذا قررت البحث بهذه اللغة، وبدا عليها القلق كثيرًا، خاصة نجمة داوود، الذي أطلق على نفسه اسم داوود المخلص، من الصواب ومن الخطأ، أعتقد أن هذه الرحلة خطر علي، باب النجوم هذا لم يجعلني قوياً ولم يعطيني الحجة الأكيدة إنها أرض إسرائيل، والأسوأ من ذلك أنني أعجبت بالمعمار الإسلامي، والآن أنا معجب بفنهم! لماذا عليّ أن أكمل رحلة باب النجوم؟ ولماذا وضع حقيقة نجمة داوود مع حقيقتي أنا؟ والبكاء والصراخ، كان واضحًا جدًا، وبكاااء أنادي أمي ولا تجيب. 28-7-2015 رأيتهما يناديان عليّ يابني، وما هو هدف الباب والشجرة؟ ولماذا أنا في مكان ابنهما فأشعر بعاطفة ناحيتهما؟ هل أنا ابن العرب المسلمين؟ فمن أكون أنا؟ هذا التفسير مريح أكثر. إذا كنت ابنها الحقيقي أم لا؟ وعلى حسب ردة فعلها، الأمر كله مجرد فكاهة، لا أتذكر، هو شحوب وجه أمي عندما سألتها بابتسامة: هل أنا ابنك الحقيقي مازلت أدعوها أمي فلا أعرف أماً غيرها، لا يهم أن كان والداك من العرب.

الفصل الثاني

10-7-2015
وأخيرًا نجحت بالتملص، وترتيب العذر المناسب، ومن هو أفضل من شمعون في ترتيب الأعذار، وكان عليّ أن أمدد فترة استعباده لي شهرين آخرين، مع أن الفترة الأولى لم تنتهي بعد، قال لي بنبرته المتعالية، أن عليّ أن أخدمه سبع سنين، ليتستر علي ولكنه سوف يجعلهم سبع شهور، لأنني صديقه، صديقه؟! هه كيف أكون صديقه وهو يستغلني ليخفي سري!
في النهاية اليهودي الجيد هو مفاوض جيد، فاستقريت معه على فترة استعبادية لمدة شهرين، لا أقول "لا" على أي شيء، أنهي عنه أعماله المنزلية، والواجبات المدرسية عندما ننتقل إلى الصف العاشر، لم تكن صعبة عليّ أن أضاعف مجهودي في أعمال المنزل -لكن مع استثناء يوم السبت المقدس- وعلى أي حال كنت أقوم بواجباته المدرسية، لكن المختلف هو نظرة التحدي في عينيه، وكأنه وجد أخيرا شيئا يتفوق عليّ به، ويستغله جيدًا.
المضحك أن شمعون لم يأتي بباله أنني سأدرس مواد مختلفة عنه، الحاسوب والتكنولوجيا، لعله افترض أن نتيجته ستسعفه بدراسة هذه المواد.
وهذه صفة شمعون المميزة فهو فريد من نوعه، ودائما يضحكني كثيراً- مع أنه لا يقصد إضحاكي- لكن في فترة الاستعباد عليّ عندما أضحك أن أشيح بوجهي عنه، أو أن اكتم الضحكة، حتى لا يغضب، ورغم أنني في فترة استعباد، فهذا لم يمنعني من التعليق على أن أهل شمعون لا يفصلون بين اللحم والحليب، ولا بين حوض غسل قدور اللحم وحوض غسل قدور الحليب، كيف أغسل قدور اللحم والحليب بنفس الحوض الوحيد لديهم؟ هذا شيء محرم.
وكنت مشغول البال بأن تنتهي الفترة الأولى لكن شمعون قد أعجب بالأمر ويستمر في تهديدي بإخبار الكبار عن سري.
على أية حال لن يضطر إلى ذلك بعد أن طلبت منه أن يغطي عليّ عندما أذهب للبحث عن الباب والشجرة.
قدت الدراجة في الصباح، في نفس الطريق التي سلكتها الحافلة إلى الضفة، كانت الأرض مرتفعة، وقدماي تجاهدان للصعود بها، في جو حار مثل لهيب نار يحاول غلي براد شاي، فكانت الشمس هي النار ورأسي هي البراد.
ظللت أدير قدماي لأحرك الدراجة، كان المكان أقرب عندما كنت بالحافلة، ومحركها مكان قدماي، وتروسها مكان قلبي الذي يدق بشكل سريع، ودخانها بدلاً من أنفاسي التي تقطعت، والبنزين عوضا عن الطعام بمعدتي، معدتي التي أوشك الطعام فيها على النفاذ- قطعة البسكوت وكوب الحليب-
إلى أن ظهرت فروع الشجرة من بعيد، فتحول إحساس التعب والحر إلى الحماسة وزادت حركتي وسرعة الدراجة، حتى وصلت، آآه وصلت أخيرًا، إلى المكان الذي سأثبت من خلاله، أنني مواطن جيد وينتهي استعباد شمعون لي.
وقفت تحت ظل الشجرة العملاقة، وحينها تلطف الجو فجأةً، نسمة هواء باردة تهب من فتحة بالباب، على ما أعتقد، لكنها نسمة باردة وكأنها قادمة من شهر يناير، جلست قليلاً حتى انتظمت أنفاسي، وهدأ قلبي، بعدها تفحصت بنظري الباب أمامي، إنه بالفعل مذهل، في كل تفاصيله.
نجوم مرسومة على حواف الباب العملاق، نجوم مختلفة في عدد الرؤوس، لكن المهم هو وجود نجمة داوود السداسية، وبجسم الباب يوجد حفر بارز لأرقام وحروف وأشكال مختلفة دوائر ومربعات، حتى أشكال لا أعرف اسمها، حروف مختلفة ومبعثرة، لكنها مرسومة بحرفية وجمال بهيج، زاد على روعة الحفر هو نظافة الباب فليس عليه ذرة غبار واحدة.
نظرت حولي على الأرض ولم أجد حتى ورقة شجر واحدة، ثم قررت أن أتقدم وأحاول فتح الباب، لكن بعد خطوتين توقفت، ليس ترددًا مني أبداً، لكنني وجدت حاجز خفي أو باب زجاجي لا أراه يمنعني من التقدم.
ثم نظرت لأعلى فوجدت ورقة تسقط فوقي، التقطت الورقة الخضراء، والتي تحولت إلى ورقة بيضاء بمجرد أن امسكتها.
ظهرت بعض الكلمات بالترتيب وهي: أتممت المرحلة الأولي وهي ظهور باب النجوم لك،
ستتخطى الحاجز عندما تتم المرحلة الثانية.
وتوجد ملحوظة بالنهاية تقول: عد عندما تنظر إلى فوق وتري دائرة النور كاملة.
ثم تحولت الورقة إلى غبار متلألئ، وتناثر بالهواء نحو الشجرة واستقر على الأوراق، ثم اندمج معها.
بعدها بدأ الحاجز الخفي من الأسفل يزيل صورة الباب، أو أنه يعكس المنظر خلف البيت ليخفيه، مثل أن يتم رسم خلفية مكان على ورقة فتظهر الورقة وكأنها جزء من المكان، إذا نظرنا إليها من زاوية معينة وتختلف إذا غيرنا هذه الزاوية، انا أحب الفن وأعرف هذه الخدعة.
فقُدت دراجتي وابتعدت عن المكان، وأخذت أنظر إليه من كل الزوايا، ومنها جميعاً يختفي المنزل والباب والشجرة.
نظرت إلى ساعتي وأدركت أن الوقت قد تأخر، فأسرعت للعودة، وفي الحقيقة لم أسرع أنا، فقد قامت الجاذبية بأداء المهمة كاملة.

أنا أعرف ماذا سأفعل، عليّ أن أعود إلى الشجرة عندما يكتمل القمر، كان لغًزا سهلًا، وبقي فقط أن أرتب للزيارة من الآن.

الفصل الثالث
15-7-2015
الليلة سيكتمل القمر، وكالعادة كان شمعون الستارة التي أختبئ ورائها، لكن هذه المرة أثار الأمر فضول شمعون، وطلب أن يرافقني، لكنه سريعًا تراجع عن طلبه، عندما علم أنه سيقود دراجة ويصعد بها إلى مكان مرتفع، صحيح أن شمعون لديه فضول لكن كسله أكبر منه، فهو يريد الاحتفاظ بدهون بطنه في مكانها، لا أن تطير مع الهواء.
بدأت الرحلة بالمساء، وكانت ليلة صيف عادية، فيها نسمة دافئة إذا قارناها بهواء الشتاء البارد، وباردة إذا قارناها بهواء نهار الصيف الساخن.
لكن على العموم كان الطريق ألطف وأقصر هذه المرة، وأقل بالمجهود، كانت دقات قلبي أقل قليلاً، وأنفاسي أكثر هدوءً، فدائما المرات الأولى في طريق جديد أو مكان جديد تكون الأصعب – لأن المرات التالية نكون على علم بما ينتظرنا، فأنا أعلم أن الصعود بالدراجة سيجعل أنفاسي تتسارع، وهذه المعرفة تجعلني أشعر بألم أقل بصدري- حتى رأيت المنزل والباب والشجرة من بعيد.
لا أعرف كيف أصف ما رأيته، لكنه كان مختلف عن المرة الأولى، أو أن هذا هو سحر نور البدر، اممم! لا أعرف.
كانت الشجرة والأوراق الخضراء، تبدو من بعيد مضيئة، إضاءة خفيفة وكأنها مصابيح مضيئة ولامعة مع بريق مثل غبار النجوم.
وعندم وصلت إلى الباب ظهر كأشكال مضيئة، كان كل شيء مضيء وله وهج، إلا الجزء الأسود من الباب فلا يعكس أي نور، ولا يظهر أبدا، فتبدو الأشكال وكأنها تسبح في فضائها الخاص.
تقدمت قليلًا نحو الباب بعيون مفتوحة وفم مفتوح، ثم نظرت إلى يدي فوجدتهما أيضا تتوهجان، بعدها، وجدت شيئا يصعد من أسفل الحاجز الزجاجي، انها مرآة عاكسة، ارتفعت حتى وصلت إلى طولي، بعدها رأيت انعكاسي بها، ورأيت ان جسدي كله ليس فقط يداي يتوهج.
بعدها ظهرت صورة لطفل صغير أقل من العامين، ثم ظهر ورائه، صورة لرجل وامرأة، يبدو من ملابس المرأة انهما من العرب المسلمين، ما علاقة المسلمين، والعرب بالأمر، هل يلاحقونني في كل مكان؟!
ثم سقطت الورقة من الشجرة بين يدي وتحولت من الأخضر إلى الأبيض وظهرت الكلمات:" ابحث عن حقيقة النجمة السداسية، ثم بعدها، ابحث عن حقيقة نفسك".
أول خطوة للإيمان هي الشك.
عد عند الاكتمال التالي.
وعندما يحين وقت العملاق، تزول الحواجز.
......
هذه المرة كان اللغز أصعب، وعلى الرغم من التجربة الاستثنائية، لكن صورة العرب كانت الجزء السيء،
وما هو العملاق؟ بالأول عرب وبعدها عماليق!

لكنني أعرف من أين أبدأ، حقيقة النجمة السداسية، وهذا شيء سهل للغاية إنها الهوية الوطنية لدولة إسرائيل، وكانت رمزًا على درع داوود، ما الحاجة للبحث؟
لكنني وعلى الرغم من يقيني بحقيقة النجمة السداسية وحقيقتي، لكنني سأبحث حتى أنفذ التعليمات، فينفتح الباب، وأحقق هدفي.
16-7-2015
عقلي لم يهدأ، أعاني من الأرق، اللغز هذه المرة أصعب، لكنني قررت تقسيمه إلى مراحل، وعليّ أن أصل الى الحلول كلها قبل الاكتمال التالي.
بحثت كثيرا، بالعبرية والانجليزية عن النجمة السداسية، وكانت النتائج متوقعة إنها نجمة علم إسرائيل وكان النازي المجرم هتلر يجبر أجدادنا على وضعها ليمارس اضطهاده لهم.
لكنني شعرت أن هناك المزيد، هناك ما هو أكثر، فإذا كانت الأمور واضحة جدًا، فلماذا تهتم الشجرة بالبحث عنها.
20- 7-2015
أعتقد أن نتيجة البحث كانت صادمة، إذ فكرت أن ابحث بلغة الآخرين، لغة العرب، لا أعرف لماذا قررت البحث بهذه اللغة، لكنني ترجمت كلمات البحث إلى العربية، ثم ترجمت كل نتيجة بحث ومقال، حينها وجدت أشياء مختلفة، يقولون أن النجمة السداسية موجودة في العديد من الحضارات القديمة، ولها دلالات مختلفة، وحتى في قبيلة المورمون المسيحية، والأكثر غرابة هي وجود النجمة بكثرة في الحضارة الإسلامية، في الزخارف النقوش الإسلامية، وحتى على علم بعض الإمارات والدول، مثل دولة المغرب قديمًا، وإمارة قرمان، والأخيرة يشبه علمها علم إسرائيل إلى حد كبير، أو علم إسرائيل هو من يشبه علم هذه الإمارة.

الفصل الرابع
21-7-2015
أصبحت شارد الذهن، ولاحظت أمي ذلك، وبدا عليها القلق كثيرًا، لم أعد أشعر بالراحة، فأنا الآن أشك بالرواية الإسرائيلية، خاصة نجمة داوود، الذي لم يكن بالفعل داوود النبي، إنه مناحيم الخزري، الذي أطلق على نفسه اسم داوود المخلص، ووضع النجمة السداسية على درعه.
من الصواب ومن الخطأ، أعتقد أن هذه الرحلة خطر علي، باب النجوم هذا لم يجعلني قوياً ولم يعطيني الحجة الأكيدة إنها أرض إسرائيل، بل جعلني أشك بذلك.
والأسوأ من ذلك أنني أعجبت بالمعمار الإسلامي، وأشكاله الهندسية والتداخل بينها، فهو بالتأكيد ليس طريقة بناء حيوانات أو عماليق، إنه فن جميل.
في السابق كنت ضعيفا ولا أقدر على قتل عربي، والآن أنا معجب بفنهم!
23-7-2015
انا أصبح أكثر ضعفا، لماذا عليّ أن أكمل رحلة باب النجوم؟
24-7-2015
ما معنى أن أبحث عن حقيقة نفسي، ولماذا وضع حقيقة نجمة داوود مع حقيقتي أنا؟
ماهو وجه التشابه؟
وهل أنا مثل نجمة داوود؟ متواجد في كل الحضارات! كيف يكون ذلك معقولاً؟
25-7-2015
اليوم اتخذت قرارًا، اليوم انتهت رحلة باب النجوم، وعليّ أن أعود إلى روتيني السابق.
26-7-2015
لا أستطيع أن أمحو صورة النقوش من عقلي، وأصوات الانفجار، والبكاء والصراخ، تزداد في كوابيسي.

27-7-2015
اليوم تذكرت، نعم تذكرت الكابوس الذي يتكرر معي، كان واضحًا جدًا، شعرت بكل جزء به، في كل مرة كان مثل ومضات، لكن الليلة الماضية كان الكابوس كامل، وكأنه ذكرى.
في البداية هناك طفل على حجر أمه تلاعبه وتداعبه، ثم دخل الأب بيده كيس حلوى، ثم أصبحت أنا هذا الطفل الصغير، وشعرت بالسعادة، لا أتذكر الوجوه جيدًا، لكنني شعرت بالفزع من صوت انفجار قريب، وأخذت أبكي، ثم تحطم كل شيء حولي، وأمي كانت تحميني بجسدها، صراااخ، وبكاااء
وأنا لوحدي وسط الحطام، وسط الظلام، أنادي أمي ولا تجيب.
28-7-2015
رأيتهم، رأيت العرب من الصورة بالمرآة عند الباب، الرجل والمرأة، رأيتهما يناديان عليّ يابني، فهل أصبحت أحلم بما رأيته بالمرآة أو أن للمرآة سحر يجعلني لا أنسى أي شيء يظهر بها؟
رأيتهما ورأيت نفسي هذا الطفل الصغير، لا أعرف ما المغزى من الحلم، وما هو هدف الباب والشجرة؟ ولماذا أنا في مكان ابنهما فأشعر بعاطفة ناحيتهما؟
لا استغرب شيء، الآن عرفت أن هذا الباب لن يكون الدليل الذي أرغب به، بل العكس تماما، وإذا كنت أريد أن أصبح مواطنًا صالحًا، عليّ أن أبتعد عن هذا الباب، فهو يدخل الشك الى قلبي.
29-7-2015
سؤال يلح عليّ ولا أستطيع مقاومته، هل أنا هذا الطفل فعلا؟
هل أنا ابن العرب المسلمين؟
فإذا كانت الإجابة نعم، فهذا يفسر كل شيء
إذا كانت الإجابة نعم، فهذا يحطم كل شيء.
إذا كانت الإجابة نعم، فمن أكون أنا؟
إذا كانت الإجابة نعم أو لا، ففي كل الأحوال تحققت الجملة الثالثة برسالة الشجرة وهي الشك.
" الشك أول خطوة للإيمان"
لكن قد أفسر الأمر بطريقة مختلفة، وأن يكون هذا اختبار، اختبار الشك، يختبر المنزل إيماني بأنني يهودي إسرائيلي وطني، نعم نعم، هذا التفسير مريح أكثر.
30-7-2015
لست متأكد مما توصلت إليه، فأنا اخترت الإجابة السهلة، لكن هل هي فعلا الإجابة الصحيحة؟
اممم لدي خطة؛ سوف أسأل أمي، إذا كنت ابنها الحقيقي أم لا؟ وعلى حسب ردة فعلها، أكمل كلامي، فإذا كانت عادية، وشعرت بذلك أدّعي أنني كنت امزح، الأمر كله مجرد فكاهة، نعم نعم الأمر كله مجرد مزحة.
10-8-2015
كم مر من الوقت وأنا حبيس الغرفة؟
لا أعرف
لا أتذكر، كل ما أتذكره، هو شحوب وجه أمي عندما سألتها بابتسامة: هل أنا ابنك الحقيقي
مازلت أدعوها أمي فلا أعرف أماً غيرها، فهمي من ربتني.
هرب الدم من المواجهة، وتركها وحيدة، ثم قالت: من؟ من أخبرك بهذا الأمر؟
حينها لم أنطق بأي كلمة، فأكملت: أنت لست على طبيعتك الفترة الماضية، كنت خائفة من هذه المواجهة التي أجلناها أنا ووالدك للعام القادم.
ثم تابعت: انت ابني، انا من ربيتك، لا يهم أن كان والداك من العرب.
لم تعد قدماي تتحمل وزني، فجلست على كرسي لكنني أخطأت في مكانه، وسقطت على الأرض.
كان كل ما تقوله أمي مثل خلفية صورة ضبابية.
وتساءلت هل كل هذا وهم؟ وهل أنا في كابوس والحقيقة هي الأحلام؟
كانت تحكي قصتها، كيف جاءت من بولندا هي ووالدي، أنا أحفظ هذه القصة، لكنها كانت مقتطعة، طوال الوقت، وأهم جزء فيها لم يذكر ابدا.
كانت الدنيا تدور بي، ولم تتوقف عن الدوران إلى الآن.