لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (100%)

حدثنا أبي ومحمد بن الحسن (رضي الله عنهما) قالا: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن الحسين بن سعيد قال: حدثني جعفر بن محمد النوفلي، عن يعقوب بن يزيد قال: قال أبو عبد الله جعفر بن أحمد بن محمد بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: حدثنا يعقوب بن عبد الله الكوفي قال: حدثنا موسى بن عبيدة، عن عمرو بن أبي المقدام، عن محمد بن الحنفية «رضي الله عنه»، وعمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفر قال:
وهو جالس في مسجد الكوفة، فقال:
يا أمير المؤمنين، إني أريد أن أسألك عن أشياء لا يعلمها إلا نبي أو وصي نبي. قال: سل عما بدا لك يا أخا اليهود؟!
قال: إنّا نجد في الكتاب: أن الله عز وجل إذا بعث نبياً أوحى إليه أن يتخذ من أهل بيته من يقوم بأمر أمته من بعده، وأن يعهد إليهم فيه عهداً يحتذى عليه، ويعمل به في أمته من بعده. وأن الله عز وجل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء، ويمتحنهم بعد وفاتهم. فأخبرني كم يمتحن الله الأوصياء في حياة الأنبياء؟! وكم يمتحنهم بعد وفاتهم من مرة؟!
وإلى ما يصير آخر أمر الأوصياء إذا رضي محنتهم؟!
فقال له علي «عليه السلام»: والله الذي لا إله غيره، الذي فلق البحر لبني إسرائيل، وأنزل التوراة على موسى «عليه السلام»،  لئن أخبرتك بحق عما تسأل عنه لتقرن به؟!
قال: نعم. قال: والذي فلق البحر لبني إسرائيل، وأنزل التوراة على موسى «عليه السلام» لئن أجبتك لتسلمن؟!
فقال له علي «عليه السلام»: إن الله عز وجل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ليبتلي طاعتهم، فإذا رضي طاعتهم ومحنتهم أمر الأنبياء أن يتخذوهم أولياء في حياتهم وأوصياء بعد وفاتهم، ويصير طاعة الأوصياء في أعناق الأمم ممن يقول بطاعة الأنبياء. ثم يمتحن الأوصياء بعد وفاة الأنبياء «عليهم السلام» في سبعة مواطن ليبلو صبرهم، ليلحقهم بالأنبياء، وقد أكمل لهم السعادة. فأخبرني كم امتحنك الله في حياة محمد من مرة؟!
وإلى ما يصير أخر أمرك؟!
فأخذ علي «عليه السلام» بيده وقال: انهض بنا أنبئك بذلك. فقام إليه جماعة من أصحابه، أنبئنا بذلك معه. فقال: إني أخاف أن لا تحتمله قلوبكم. قالوا: ولم ذاك يا أمير المؤمنين؟!
قال: لأمور بدت لي من كثير منكم. فقال: يا أمير المؤمنين، أنبئنا بذلك، وإنّا لنعلم أن الله لا يبعث بعد نبينا «صلى الله عليه وآله» نبياً سواه، فجلس علي «عليه السلام»، وأقبل على اليهودي فقال: يا أخا اليهود، فوجدني فيهن ـ من غير تزكية لنفسي ـ بنعمة الله له مطيعاً. قال: أما أولهن فإن الله عز وجل أوحى إلى نبينا «صلى الله عليه وآله» وحمله الرسالة وأنا أحدث أهل بيتي سناً، أخدمه في بيته، وأسعى في قضاء بين يديه في أمره، فدعا صغير بني عبد المطلب وكبيرهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، فامتنعوا من ذلك وأنكروه عليه وهجروه، ونابذوه واعتزلوه، واجتنبوه وسائر الناس مقصين له ومخالفين عليه، قد استعظموا ما أورده عليهم مما لم تحتمله قلوبهم، فأجبت رسول الله «صلى الله عليه وآله» وحدي إلى ما دعا إليه مسرعاً مطيعاً موقناً، لم يتخالجني في ذلك شك، فمكثنا بذلك ثلاث حجج وما على وجه الأرض خلق يصلي أو يشهد لرسول الله «صلى الله عليه وآله» بما آتاه الله غيري وغير ابنة خويلد «رحمها الله» وقد فعل. ثم أقبل «عليه السلام» على أصحابه، فقال «عليه السلام»: وأما الثانية، يا أخا اليهود، حتى كان آخر ما اجتمعت في ذلك يوم الدار ـ دار الندوة ـ وإبليس الملعون حاضر في صورة أعور ثقيف، فلم تزل تضرب أمرها ظهراً لبطن حتى اجتمعت آراؤها على أن ينتدب من كل فخذ من قريش رجل، ثم يأخذ كل رجل منهم سيفه، فيضربونه جميعاً بأسيافهم ضربة رجل واحد فيقتلوه، وإذا قتلوه منعت قريش رجالها ولم تسلمها فيمضي دمه هدراً. وأخبره بالليلة التي يجتمعون فيها، والساعة التي يأتون فراشه فيها، وأمره بالخروج في الوقت الذي خرج فيه إلى الغار. فأخبرني رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالخبر، وأمرني أن أضطجع في مضجعه، وأقيه بنفسي، فأسرعت إلى ذلك مطيعاً له، واضطجعت في مضجعه، فلما استوى بي وبهم البيت الذي أنا فيه ناهضتهم بسيفي، فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه الله والناس. ثم أقبل «عليه السلام» على أصحابه فقال: أليس كذلك؟!
قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. فقال «عليه السلام»: وأما الثالثة يا أخا اليهود فإن ابني ربيعة وابن عتبة كانوا فرسان قريش دعوا إلى البراز يوم بدر، فلم يبرز لهم خلق من قريش، وأقلهم للحرب تجربة، سوى من قتلت من جحاجحة قريش في ذلك اليوم، واستشهد ابن عمي في ذلك رحمة الله عليه. ثم التفت إلى أصحابه، فقال: أليس كذلك؟!
قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. فقال علي «عليه السلام»: وأما الرابعة يا أخا اليهود، فإن أهل مكة أقبلوا إلينا على بكرة أبيهم، قد استحاشوا [أو استجاشوا] من يليهم من قبايل العرب وقريش، طالبين بثأر مشركي قريش في يوم بدر. فهبط جبرئيل «عليه السلام» على النبي «صلى الله عليه وآله»، فأنبأه بذلك، فذهب النبي «صلى الله عليه وآله» وعسكر بأصحابه في سد أحد، وأقبل المشركون إلينا، واستشهد من المسلمين من استشهد، وبقيت مع رسول الله «صلى الله عليه وآله». وقد جرحت بين يدي رسول الله «صلى الله عليه وآله» نيفاً وسبعين جرحة منها هذه وهذه ـ ثم ألقى «عليه السلام» رداءه، وأمر يده على جراحاته ـ وكان مني في ذلك ما على الله عز وجل ثوابه إن شاء الله. قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. فقال «عليه السلام»: وأما الخامسة يا أخا اليهود، فإن قريشاً والعرب تجمعت وعقدت بينها عقداً وميثاقاً لا ترجع من وجهها حتى تقتل رسول الله، وتقتلنا معه معاشر بني عبد المطلب. فخندق على نفسه ومن معه من المهاجرين والأنصار. وفينا الضعف، ترعد وتبرق ورسول الله «صلى الله عليه وآله» يدعوها إلى الله عز وجل، فتأبى، ولا يزيدها ذلك إلا عتواً، يهدر كالبعير المغتلم يدعو إلى البراز، ويرتجز ويخطر برمحه مرة، وبسيفه مرة، لا يقدم عليه مقدم، فأنهضني إليه رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وعممني بيده، وضرب بيده إلى ذي الفقار، فخرجت إليه ونساء أهل المدينة بواك إشفاقاً عليّ من ابن عبد ود، فقتله الله عز وجل بيدي، والعرب لا تعد لها فارساً غيره، فهزم الله قريشاً والعرب بذلك، وبما كان مني فيهم من النكاية. ثم التفت «عليه السلام» إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟!
فقال «عليه السلام»: وأما السادسة يا أخا اليهود، فإنا وردنا مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» مدينة أصحابك خيبر على رجال من اليهود وفرسانها من قريش وغيرها، وهم في أمنع دار، وأكثر عدد، كل ينادي ويدعو ويبادر إلى القتال، فلم يبرز إليهم من أصحابي أحد إلا قتلوه، حتى إذا احمرت الحدق، والتفت بعض أصحابي إلى بعض وكل يقول: يا أبا الحسن انهض، فأنهضني رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى دارهم، فلم يبرز إلي منهم أحد إلا قتلته، ولا يثبت لي فارس إلا طحنته، فاقتلعت باب حصنهم بيدي، حتى دخلت عليهم مدينتهم وحدي، أقتل من يظهر فيها من رجالها، وأسبي من أجد من نسائها حتى أفتتحها وحدي، ولم يكن لي فيها معاون إلا الله وحده. ثم التفت «عليه السلام» إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟!
قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. فإن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لما توجه لفتح مكة أحب أن يعذر إليهم، فكتب إليهم كتاباً يحذرهم فيه وينذرهم عذاب الله، ويعدهم الصفح ويمنيهم مغفرة ربهم، ونسخ لهم في آخره سورة براءة ليقرأها عليهم، فكلهم يرى التثاقل فيه. فلما رأى ذلك ندب منهم رجلاً، فوجهه به، فقال: يا محمد لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، فأنبأني رسول الله «صلى الله عليه وآله» بذلك، ووجهني بكتابه ورسالته إلى أهل مكة، فأتيت مكة وأهلها من قد عرفتم ليس منهم أحد إلا ولو قدر أن يضع على كل جبل مني إرباً لفعل، فبلغتهم رسالة النبي «صلى الله عليه وآله» وقرأت عليهم كتابه، ويبدى لي البغضاء، فكان مني في ذلك ما قد رأيتم. ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟!
هذه المواطن التي امتحنني فيها ربي عز وجل مع نبيه «صلى الله عليه وآله»، فوجدني فيها كلها بمنه مطيعاً، ليس لأحد فيها مثل الذي لي ولو شئت لوصفت ذلك، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ولقد أعطاك الله عز وجل الفضيلة بالقرابة من نبينا «صلى الله عليه وآله» وسلم، يقول ذلك من شهدك منا مع نبينا «صلى الله عليه وآله»، ومن شهدك بعده. فأخبرنا يا أمير المؤمنين ما امتحنك الله عز وجل به بعد نبينا «صلى الله عليه وآله» فاحتملته وصبرت، فلو شئنا أن نصف ذلك لوصفناه علماً منا به، إلا أنّا نحب أن نسمع منك ذلك، إن الله عز وجل امتحنني بعد وفاة نبيه «صلى الله عليه وآله» في سبعة مواطن فوجدني فيهن ـ من غير تزكية لنفسي ـ منه [لعل الصحيح: بمنِّه] ونعمته صبوراً. وأما أولهن يا أخا اليهود، فإنه لم يكن لي خاصة دون المسلمين عامة أحد آنس به أو أعتمد عليه، أو أتقرب به غير رسول الله «صلى الله عليه وآله». هو رباني صغيراً، وجبرني من اليتم، وأغناني عن الطلب، هذا في تصاريف أمر الدنيا مع ما خصني به من الدرجات التي قادتني إلى معالي الحق عند الله عز وجل. ولا يضبط نفسه، ولا يقوي على حمل فادح ما نزل به،


النص الأصلي

حدثنا أبي ومحمد بن الحسن (رضي الله عنهما) قالا: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن الحسين بن سعيد قال: حدثني جعفر بن محمد النوفلي، عن يعقوب بن يزيد قال: قال أبو عبد الله جعفر بن أحمد بن محمد بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: حدثنا يعقوب بن عبد الله الكوفي قال: حدثنا موسى بن عبيدة، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن محمد بن الحنفية «رضي الله عنه»، وعمرو بن أبي المقدام، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر قال:


أتى رأس اليهود علي بن أبي طالب «عليه السلام» عند منصرفه عن وقعة النهروان، وهو جالس في مسجد الكوفة، فقال:


يا أمير المؤمنين، إني أريد أن أسألك عن أشياء لا يعلمها إلا نبي أو وصي نبي.


قال: سل عما بدا لك يا أخا اليهود؟!


قال: إنّا نجد في الكتاب: أن الله عز وجل إذا بعث نبياً أوحى إليه أن يتخذ من أهل بيته من يقوم بأمر أمته من بعده، وأن يعهد إليهم فيه عهداً يحتذى عليه، ويعمل به في أمته من بعده.


وأن الله عز وجل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء، ويمتحنهم بعد وفاتهم. فأخبرني كم يمتحن الله الأوصياء في حياة الأنبياء؟! وكم يمتحنهم بعد وفاتهم من مرة؟!


وإلى ما يصير آخر أمر الأوصياء إذا رضي محنتهم؟!


فقال له علي «عليه السلام»: والله الذي لا إله غيره، الذي فلق البحر لبني إسرائيل، وأنزل التوراة على موسى «عليه السلام»، لئن أخبرتك بحق عما تسأل عنه لتقرن به؟!


قال: نعم.


قال: والذي فلق البحر لبني إسرائيل، وأنزل التوراة على موسى «عليه السلام» لئن أجبتك لتسلمن؟!


قال: نعم.


فقال له علي «عليه السلام»: إن الله عز وجل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ليبتلي طاعتهم، فإذا رضي طاعتهم ومحنتهم أمر الأنبياء أن يتخذوهم أولياء في حياتهم وأوصياء بعد وفاتهم، ويصير طاعة الأوصياء في أعناق الأمم ممن يقول بطاعة الأنبياء.


ثم يمتحن الأوصياء بعد وفاة الأنبياء «عليهم السلام» في سبعة مواطن ليبلو صبرهم، فإذا رضي محنتهم ختم لهم بالسعادة، ليلحقهم بالأنبياء، وقد أكمل لهم السعادة.


قال له رأس اليهود: صدقت يا أمير المؤمنين، فأخبرني كم امتحنك الله في حياة محمد من مرة؟!


وكم امتحنك بعد وفاته من مرة؟!


وإلى ما يصير أخر أمرك؟!


فأخذ علي «عليه السلام» بيده وقال: انهض بنا أنبئك بذلك.


فقام إليه جماعة من أصحابه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، أنبئنا بذلك معه.


فقال: إني أخاف أن لا تحتمله قلوبكم.


قالوا: ولم ذاك يا أمير المؤمنين؟!


قال: لأمور بدت لي من كثير منكم.


فقام إليه الأشتر، فقال: يا أمير المؤمنين، أنبئنا بذلك، فوالله إنا لنعلم أنه ما على ظهر الأرض وصي نبي سواك، وإنّا لنعلم أن الله لا يبعث بعد نبينا «صلى الله عليه وآله» نبياً سواه، وأن طاعتك لفي أعناقنا موصولة بطاعة نبينا.


فجلس علي «عليه السلام»، وأقبل على اليهودي فقال: يا أخا اليهود، إن الله عز وجل امتحنني في حياة نبينا محمد «صلى الله عليه وآله» في سبعة مواطن، فوجدني فيهن ـ من غير تزكية لنفسي ـ بنعمة الله له مطيعاً.


قال: وفيم يا أمير المؤمنين؟!


قال: أما أولهن فإن الله عز وجل أوحى إلى نبينا «صلى الله عليه وآله» وحمله الرسالة وأنا أحدث أهل بيتي سناً، أخدمه في بيته، وأسعى في قضاء بين يديه في أمره، فدعا صغير بني عبد المطلب وكبيرهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأنه رسول الله، فامتنعوا من ذلك وأنكروه عليه وهجروه، ونابذوه واعتزلوه، واجتنبوه وسائر الناس مقصين له ومخالفين عليه، قد استعظموا ما أورده عليهم مما لم تحتمله قلوبهم، وتدركه عقولهم.


فأجبت رسول الله «صلى الله عليه وآله» وحدي إلى ما دعا إليه مسرعاً مطيعاً موقناً، لم يتخالجني في ذلك شك، فمكثنا بذلك ثلاث حجج وما على وجه الأرض خلق يصلي أو يشهد لرسول الله «صلى الله عليه وآله» بما آتاه الله غيري وغير ابنة خويلد «رحمها الله» وقد فعل.


ثم أقبل «عليه السلام» على أصحابه، فقال: أليس كذلك؟!


قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.


فقال «عليه السلام»: وأما الثانية، يا أخا اليهود، فإن قريشاً لم تزل تخيل الآراء، وتعمل الحيل في قتل النبي «صلى الله عليه وآله»، حتى كان آخر ما اجتمعت في ذلك يوم الدار ـ دار الندوة ـ وإبليس الملعون حاضر في صورة أعور ثقيف، فلم تزل تضرب أمرها ظهراً لبطن حتى اجتمعت آراؤها على أن ينتدب من كل فخذ من قريش رجل، ثم يأخذ كل رجل منهم سيفه، ثم يأتي النبي «صلى الله عليه وآله» وهو نائم على فراشه، فيضربونه جميعاً بأسيافهم ضربة رجل واحد فيقتلوه، وإذا قتلوه منعت قريش رجالها ولم تسلمها فيمضي دمه هدراً.


فهبط جبرئيل «عليه السلام» على النبي «صلى الله عليه وآله» فأنبأه بذلك، وأخبره بالليلة التي يجتمعون فيها، والساعة التي يأتون فراشه فيها، وأمره بالخروج في الوقت الذي خرج فيه إلى الغار.


فأخبرني رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالخبر، وأمرني أن أضطجع في مضجعه، وأقيه بنفسي، فأسرعت إلى ذلك مطيعاً له، مسروراً لنفسي بأن أقتل دونه.


فمضى «عليه السلام» لوجهه، واضطجعت في مضجعه، وأقبلت رجالات قريش موقنة في أنفسها: أن تقتل النبي «صلى الله عليه وآله»، فلما استوى بي وبهم البيت الذي أنا فيه ناهضتهم بسيفي، فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه الله والناس.


ثم أقبل «عليه السلام» على أصحابه فقال: أليس كذلك؟!


قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.


فقال «عليه السلام»: وأما الثالثة يا أخا اليهود فإن ابني ربيعة وابن عتبة كانوا فرسان قريش دعوا إلى البراز يوم بدر، فلم يبرز لهم خلق من قريش، فأنهضني رسول الله «صلى الله عليه وآله» مع صاحبي ـ رضي الله عنهما ـ وقد فعل وأنا أحدث أصحابي سناً، وأقلهم للحرب تجربة، فقتل الله عز وجل بيدي وليداً وشيبة، سوى من قتلت من جحاجحة قريش في ذلك اليوم، وسوى من أسرت، وكان مني أكثر مما كان من أصحابي، واستشهد ابن عمي في ذلك رحمة الله عليه.


ثم التفت إلى أصحابه، فقال: أليس كذلك؟!


قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.


فقال علي «عليه السلام»: وأما الرابعة يا أخا اليهود، فإن أهل مكة أقبلوا إلينا على بكرة أبيهم، قد استحاشوا [أو استجاشوا] من يليهم من قبايل العرب وقريش، طالبين بثأر مشركي قريش في يوم بدر.


فهبط جبرئيل «عليه السلام» على النبي «صلى الله عليه وآله»، فأنبأه بذلك، فذهب النبي «صلى الله عليه وآله» وعسكر بأصحابه في سد أحد، وأقبل المشركون إلينا، فحملوا إلينا [لعل الصحيح: علينا] حملة رجل واحد، واستشهد من المسلمين من استشهد، وكان ممن بقي من الهزيمة، وبقيت مع رسول الله «صلى الله عليه وآله».


ومضى المهاجرون والأنصار إلى منازلهم من المدينة كل يقول: قتل النبي «صلى الله عليه وآله» وقتل أصحابه، ثم ضرب الله عز وجل وجوه المشركين. وقد جرحت بين يدي رسول الله «صلى الله عليه وآله» نيفاً وسبعين جرحة منها هذه وهذه ـ ثم ألقى «عليه السلام» رداءه، وأمر يده على جراحاته ـ وكان مني في ذلك ما على الله عز وجل ثوابه إن شاء الله.


ثم التفت «عليه السلام» إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟!


قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.


فقال «عليه السلام»: وأما الخامسة يا أخا اليهود، فإن قريشاً والعرب تجمعت وعقدت بينها عقداً وميثاقاً لا ترجع من وجهها حتى تقتل رسول الله، وتقتلنا معه معاشر بني عبد المطلب.


ثم أقبلت بحدها وحديدها حتى أناخت علينا بالمدينة، واثقة بأنفسها فيما توجهت له.


فهبط جبرئيل «عليه السلام» على النبي «صلى الله عليه وآله»، فأنبأه بذلك، فخندق على نفسه ومن معه من المهاجرين والأنصار.


فقدمت قريش، فأقامت على الخندق محاصرة لنا، ترى في أنفسها القوة، وفينا الضعف، ترعد وتبرق ورسول الله «صلى الله عليه وآله» يدعوها إلى الله عز وجل، ويناشدها بالقرابة والرحم، فتأبى، ولا يزيدها ذلك إلا عتواً، وفارسها وفارس العرب يومئذ عمرو بن عبد ود، يهدر كالبعير المغتلم يدعو إلى البراز، ويرتجز ويخطر برمحه مرة، وبسيفه مرة، لا يقدم عليه مقدم، ولا يطمع فيه طامع، ولا حمية تهيجه ولا بصيرة تشجعه.


فأنهضني إليه رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وعممني بيده، وأعطاني سيفه هذا، وضرب بيده إلى ذي الفقار، فخرجت إليه ونساء أهل المدينة بواك إشفاقاً عليّ من ابن عبد ود، فقتله الله عز وجل بيدي، والعرب لا تعد لها فارساً غيره، وضربني هذه الضربة ـ وأومأ بيده إلى هامته ـ.


فهزم الله قريشاً والعرب بذلك، وبما كان مني فيهم من النكاية.


ثم التفت «عليه السلام» إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟!


قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.


فقال «عليه السلام»: وأما السادسة يا أخا اليهود، فإنا وردنا مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» مدينة أصحابك خيبر على رجال من اليهود وفرسانها من قريش وغيرها، فتلقونا بأمثال الجبال من الخيل والرجال والسلاح، وهم في أمنع دار، وأكثر عدد، كل ينادي ويدعو ويبادر إلى القتال، فلم يبرز إليهم من أصحابي أحد إلا قتلوه، حتى إذا احمرت الحدق، ودعيت إلى النزال وأهمت كل امرئ نفسه.


والتفت بعض أصحابي إلى بعض وكل يقول: يا أبا الحسن انهض، فأنهضني رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى دارهم، فلم يبرز إلي منهم أحد إلا قتلته، ولا يثبت لي فارس إلا طحنته، ثم شددت عليهم شدَّة الليث على فريسته، حتى أدخلتهم جوف مدينتهم مسدداً عليهم، فاقتلعت باب حصنهم بيدي، حتى دخلت عليهم مدينتهم وحدي، أقتل من يظهر فيها من رجالها، وأسبي من أجد من نسائها حتى أفتتحها وحدي، ولم يكن لي فيها معاون إلا الله وحده.


ثم التفت «عليه السلام» إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟!


قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.


فقال «عليه السلام»: وأما السابعة يا أخا اليهود، فإن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لما توجه لفتح مكة أحب أن يعذر إليهم، ويدعوهم إلى الله عز وجل آخراً كما دعاهم أولاً، فكتب إليهم كتاباً يحذرهم فيه وينذرهم عذاب الله، ويعدهم الصفح ويمنيهم مغفرة ربهم، ونسخ لهم في آخره سورة براءة ليقرأها عليهم، ثم عرض على جميع أصحابه المضي به، فكلهم يرى التثاقل فيه.


فلما رأى ذلك ندب منهم رجلاً، فوجهه به، فأتاه جبرئيل، فقال: يا محمد لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، فأنبأني رسول الله «صلى الله عليه وآله» بذلك، ووجهني بكتابه ورسالته إلى أهل مكة، فأتيت مكة وأهلها من قد عرفتم ليس منهم أحد إلا ولو قدر أن يضع على كل جبل مني إرباً لفعل، ولو أن يبذل في ذلك نفسه وأهله وولده وماله.


فبلغتهم رسالة النبي «صلى الله عليه وآله» وقرأت عليهم كتابه، فكلهم يلقاني بالتهدد والوعيد، ويبدى لي البغضاء، ويظهر الشحناء من رجالهم ونسائهم، فكان مني في ذلك ما قد رأيتم.


ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟!


قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.


فقال «عليه السلام»: يا أخا اليهود، هذه المواطن التي امتحنني فيها ربي عز وجل مع نبيه «صلى الله عليه وآله»، فوجدني فيها كلها بمنه مطيعاً، ليس لأحد فيها مثل الذي لي ولو شئت لوصفت ذلك، ولكن الله عز وجل نهى عن التزكية.


فقالوا: يا أمير المؤمنين، صدقت والله، ولقد أعطاك الله عز وجل الفضيلة بالقرابة من نبينا «صلى الله عليه وآله» وسلم، وأسعدك بأن جعلك أخاه، تنزل منه بمنزلة هارون من موسى، وفضلك بالمواقف التي باشرتها، والأهوال التي ركبتها، وذخر لك الذي ذكرت وأكثر منه مما لم تذكره، ومما ليس لأحد من المسلمين مثله، يقول ذلك من شهدك منا مع نبينا «صلى الله عليه وآله»، ومن شهدك بعده.


فأخبرنا يا أمير المؤمنين ما امتحنك الله عز وجل به بعد نبينا «صلى الله عليه وآله» فاحتملته وصبرت، فلو شئنا أن نصف ذلك لوصفناه علماً منا به، وظهوراً منا عليه، إلا أنّا نحب أن نسمع منك ذلك، كما سمعنا منك ما امتحنك الله به في حياته فأطعته فيه.


فقال «عليه السلام»: يا أخا اليهود، إن الله عز وجل امتحنني بعد وفاة نبيه «صلى الله عليه وآله» في سبعة مواطن فوجدني فيهن ـ من غير تزكية لنفسي ـ منه [لعل الصحيح: بمنِّه] ونعمته صبوراً.


وأما أولهن يا أخا اليهود، فإنه لم يكن لي خاصة دون المسلمين عامة أحد آنس به أو أعتمد عليه، أو أستنيم إليه، أو أتقرب به غير رسول الله «صلى الله عليه وآله». هو رباني صغيراً، وبوأني كبيراً، وكفاني العيلة، وجبرني من اليتم، وأغناني عن الطلب، ووقاني المكسب. وعال لي النفس والولد والأهل.


هذا في تصاريف أمر الدنيا مع ما خصني به من الدرجات التي قادتني إلى معالي الحق عند الله عز وجل.


فنزل بي من وفاة رسول الله «صلى الله عليه وآله» ما لم أكن أظن الجبال لو حملته عنوة كانت تنهض به، فرأيت الناس من أهل بيتي ما بين جازع لا يملك جزعه، ولا يضبط نفسه، ولا يقوي على حمل فادح ما نزل به، قد أذهب الجزع صبره، وأذهل عقله، وحال بينه وبين الفهم والافهام والقول والإسماع.


وسائر الناس من غير بني عبد المطلب بين معز يأمر بالصبر، و بين مساعد باك لبكائهم، جازع لجزعهم.


وحملت نفسي على الصبر عند وفاته بلزوم الصمت والاشتغال بما أمرني به من تجهيزه، وتغسيله وتحنيطه وتكفينه، والصلاة عليه، ووضعه في حفرته، وجمع كتاب الله وعهده إلى خلقه، لا يشغلني عن ذلك بادر دمعة، ولا هائج زفرة، ولا لاذع حرقة، ولا جزيل مصيبة حتى أديت في ذلك الحق الواجب لله عز وجل ولرسوله «صلى الله عليه وآله» علي، وبلغت منه الذي أمرني به، واحتملته صابراً محتسباً.


ثم التفت «عليه السلام» إلى أصحابه، فقال: أليس كذلك؟!


قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.


فقال «عليه السلام»: وأما الثانية يا أخا


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

نقلت وكالة رويت...

نقلت وكالة رويترز، عن مصادر وصفتها بالأمنية البحرية أن الحوثيين استخدموا سلاحا في البحر الأحمر مع تص...

سلط الكاتب الضو...

سلط الكاتب الضوء على مرحلة مهمة في تاريخ علم الفلك، وهي مرحلة ازدهاره في العصر الذهبي للإسلام. وركز ...

من الناحية المو...

من الناحية الموضوعية، يجب أن يكون هناك نزاع محدد يمكن حله عبر التحكيم، ويجب أن تكون إرادة الأطراف ال...

"هل تريد أن تجع...

"هل تريد أن تجعل صيف أطفالك 🤵 مليئًا بالمرح والمغامرات؟ لدينا كل ما تحتاجه لجعل كل يوم على الشاطئ 🏖️...

L’accouchement ...

L’accouchement normal ou eutocique : C’est un accouchement qui terme d’une grossesse normale dépass...

بتاريخ اليوم، و...

بتاريخ اليوم، واعتبارا بسيناريو المتلازمة النفسية الحادة الوخيمة (سارس) وبحجم وديناميكيات سوق السفر ...

بناء على تجربتي...

بناء على تجربتي أود أن أقدم بعض الاقتراحات تحسين المحتوى التدريبي، والاهتمام أكثر بالتطبيقات العملية...

استحضار المعلوم...

استحضار المعلومات والخبرات المختزنة للإستفادة منها في التعامل مع المسألة التي طرقت من أجل الوصول الى...

بالنسبة للعائلا...

بالنسبة للعائلات على وجه الخصوص، يمكن للنفقات التي تبدو صغيرة أن تتراكم بسرعة، فإذا كانت لديك اشتراك...

الرد المناسب عل...

الرد المناسب على مقالة "مستقبل الشباب يبدو مشرقًا" يمكن أن يكون كما يلي: --- أولاً، أود أن أشكر ال...

It is the proce...

It is the process of revealing and dismantling colonialist power in all its forms. It includes disma...

والحقيقة كما يذ...

والحقيقة كما يذكر مصطفى الشكعة أن إيراد الخبر على هذا النحو يشكل خطًأ جسيما يخدش من سمعة هذا المؤرخ...