لخّصلي

المبحث الأول : مفهومها ونشأتها 1مفهومها : أ-لغة: "اللغز مشتق من فعل لغز يـلغز، ولغز في يمينه، أي دلس فيها على المحملوف له" •يقال أيضا: " ألغز اليـربوع جحره أي حفره ملتويا، مشكلا على داخله " ألغازا، إذ ورى فيه وعرض ليخفي والجمع ألغاز" ب-اصطلاحا: •يطلق اللغز على كلام معمى، يقصد به أمرا من الأمور، وهذا من خلال عناصر لها وجه شبه بالمقصود أو بأسرار المعنى المراد الذي أبهمته التعمية في الكلام أو في الأسماء والأفعال". " •إن اللغز الشعبي جنس أدبي قائم بذاته له أصوله ومقوماته الفنية واللغوية والبلاغية، فهو يعتبر من الأشكال التعبيرية الشعبية الأكثر رواجا وشيوعا كالمثل والنكتة. وقد يطلق عليه في المفهوم الشعبي لفظة المتحاجية، أو "الحجاية" ويقصد بها اللغز في حين أن نفس اللفظة في مناطق أخرى من البلاد يقصد بها الحكاية أو القصة أو الخرافة ولكن المصطلح المتداول أكثر للكلام عن اللغز هو الحجاية ومنها اشتقت العبارة الشعبية المشهورة عن الإنسان الذي يتناقض في حديثه أو يسأل أناس آخرين عن شيء معين ويجيب في نفس الوقت عن سؤاله فيقال عنه: "راه يحاجي ويفك" أي أنه يسأل ويجيب في نفس الوقت. "
عرف محمد المرزوقي اللغز فقال: " اللغز هو الكلمات المسجوعة أو المنظومة التي تلقى في المجالس العامة أو الخاصة، في قالب أسئلة يختبر بها الناس ذكاء بعضهم بعضا، والقاعدة فيها أن يورد اللغز في شبه سؤال منظوم أو مسجوع عن شيئ تذكر صفاته البعيدة أو القريبة، ومن تلك الصفات يستطيع المسؤول بإعمال شيئ من الفكر للإهتداء إلى موضوع السؤال". المطلب الثاني : نشأتها والغاية منها
أ- النشأة: " ارتبط ظهور اللغز عند الإنسان منذ أن نطق لأول مرة بالألفاظ التساؤلية الأولى حول الظواهر التي حيرته وبقيت مجهولة بالنسبة إليه، فتحت قوة وهاجس حب المعرفة وحب الإكتشاف وبإزالة اللبس والغموض عن الأشياء المحيطة به، فمنذ أن نطق بالألفاظ التساؤلية لماذا؟ كيف؟ أين؟ متى؟ من؟، أي منذ أن بدا الإنسان يتساءل مع نفسه ويسأل أخاه من أجل معرفة سره وسر الكون وبالتالي منذ أن بدأ يعي بوجود الآخر ماديا ومعنويا ومساءلته. "
يقول "موريس فيلد " :"Morris Fildeفي بحث عن الألغاز البراهمانية ألقاه في مؤتمر الفن والعلم عام 5489م": إن اللغز نشأ منذ قديم الزمان حينما كان العقل البدائي يمرن نفسه على التلاؤم مع الكون الذي يحيط به، ذلك أنه كلما كانت الرؤية أكثر نضارة ازدادت الرغبة في إدراك ظواهر الطبيعة وظواهر الحياة، وإدراك القوانين التي تحيط بالإنسان ومن ثم فإن الأطفال يحبون الألغاز ومثلهم البدائيون، والحكاية الخرافية تتضمن الألغاز فاللغز يشير إلى غموض الحياة، " أي أن ظهور اللغز كان منذ القديم يبرز الظواهر التي تحيط بالإنسان وهو اكتشاف للعقل" . ب- الغاية من الألغاز: قامت الألغاز بأدوار عظيمة في مجالات مختلفة منها المجال التربوي فهي بمثابة السينما والإذاعة والمسرح في زماننا هذا، وبذلك فاللغز كجنس أدبي يقوم بعدة وظائف نفسية اجتماعية، فهو: "وسيلة أساسية للتربية وذلك لأنه يعلم الأطفال والكبار معا كيف ينظرون إلى المشكلة من كل جوانبها ثم يحتفظون بهذا الكد والتفكير بحس فكاهي . المبحث الثاني : خصائص اللغز الشعبي وطقوسه المطلب الأول : خصاصه للألغاز الشعبية خصائص ومميزات عديدة تختلف بها عن باقي الأشكال التعبيرية الأخرى، ومن بين هذه الخصائص نذكر مايلي: الخاصية الأولى: الإيقاع الصوتي: " إن الذوق الشعبي في الألغاز كما هو في الأمثال حريص على الأصوات المنسجمة في الكلام، ولذلك اهتم باختيار الألفاظ وتقطيع الجمل بغية تحسين الصياغة، وتنويع التراكيب لإحداث معادلة صوتية، تنبعث منها موسيقى تضفي على الترسل الشعبي نوعا من الجمال الأدبي الذي يشيع جوا خاصا، تضمن حياته وتمنحه قوة فنية وجمالية تترك أثرها في الأذن والنفس". "
ونجد أن الإيقاع الصوتي ميزة من ميزات القرآن الكريم وهذا ما يظهر في هذه الآيات في قوله تعالى في سورة الشرح: " فإذا فـرغت فانصب (7) وإلى ربِّك فارغب (8")وقوله أيضا في سورة الضحى: " فأَّما اليتيم فلا تـقهر (9) وأَّما السائل فلا تـنـهر (10) . فهناك الكثير من الإزدواجية في الآيات وذلك باعتباره كلام الخالق بالإضافة إلى تزاوج في الفواصل وتميزها بشدة الاختصار وكثرة المطابقة في الكلام وخلاصة كل هذا: •أن الذوق الشعبي يرتضي الإيقاع الصوتي الراقص. تيسير الحفظ والرواية. الخاصية الثانية: تنوع صور التعبير عن الموضوع الواحد:

• لغز السلحفاة. لا. •تغطس وتعوم: حوتة، •تولد البيض: دجاجة، •مزرقطة ومحرملة. •من فوق لوح من تحت لوح في الوسط روح.
• لغز الرسالة. •زحافة وتنقر الحيطان وتجيب الخبر من كل مكان. •تمشي بلا رجلين وتهدر بلا فم. - لغز البيضة. أ. طرفها خشب ووسطها ذهب. ما تعرف وجهها من قفاها. الخاصية الثالثة": ملكة الخيال: والخيال هو ما يرمز اليه اللغز لأن اللغز كما هو معروف يحمل في طياته سؤالا وجوابا، ولكي نصل إلى لغز ما لابد من فهم الخطاب الوصفي الإخباري الذي بدوره يشرح لنا موضوع اللغز وبالتالي القدرة على كشف المعنى الخفي والموضوع المستر ولكنه ليس بمقدور أي شخص أن يفك الرموز التي ينمو عليها لما تمتاز به الألغاز من جمالية الأسلوب الذي يعتمد إلى حد بعيد على ألوان بيانية كثيرة. حيث يوحى بهذه إلى معان مستترة في الذات أو في الأشياء بغية إثارة المشاعر للغوص في أجواء المعاني ومعرفة الحقيقة التابعة خلف قرائن دالة عليها.
  انطلاقا من فكرة أن الألغاز شحنة إيحائية بحقيقة واقعية نجد أن لغة الألغاز لها مفهوم آخر غير المفهوم العادي عند الناس فلغته غريبة غير مألوفة لأن المراد بذلك هو اختيار مقدرة معرفة المسؤول، الخاصية الرابعة: التكرار. نلاحظ في بعض الألغاز أن الفنان الشعبي، يعتمد على تكرار بعض الألفاظ والحروف وذلك لإثارة انتباه المستمع كالذي نلاحظه في اللغز التالي: حاجيتك إذا انشق السماء واش يلاقيه، وإذا انشق لبحر واش يمليه، وإذا شرا السلطان واش يغنيه، والبحر ما ينشف والوديان تصب فيه، والسلطان ما يشر والرعية قاع (كلها) تعطيه. فالتكرار واضح في هذا اللغز، ويتمثل غي عدة كلمات هي: واش، ما ينشاف وهكذا نجد في اللغز التكرار متفاوت العدد وهو في الألغاز متفاوت أكثر، يمكن أن نقول من خلال هذا أن التكرار يحدث في كلمة أو كلمتين وقد يكون أكثر من كلمتين وذلك حسب ثقافة ومعرفة منشئ اللغز. كان يرد كلمة بعينها أو جملة بعينها أو حرفا وهي تعتبر نزعة فنية في أسلوب اللغز تضفي عليه ضلال من الجمال أو مسحة من الروعة فضلا عن إيضاح المعنى وتقريره والإلمام بأطرافه وحواشيه الماما يخلو من طلاوة وتوقيع . المطلب الثاني : طقوسه طقوسه : " تختلف الطقوس التي تطرح فيها الألغاز من بلد لآخر، وذلك بحسب البيئة والثقافة والأغراض المتوخاة من إلقائها ولكنها قد تختلف أيضا من منطقة إلى أخرى، فيأخذ الحديث بهم في مثل هذه الملاغزات الطريفة خصوصا بين الفتيات أو الفتيان، ويتم هذا غالبا قبيل النوم، ويفترض أن يكون ضوء المصباح منطفئا، وقد تطرح الألغاز في مناسبات أخرى ولكنها تضل مرتبطة بالليل أولا، وباجتماع الناس والأطفال والصبايا بوجه خاص". المبحث الثالث: بنية اللغز وأقسامه المطلب الأول : بنيته يقوم هيكل نص اللغز على ثلاثة عناصر أساسية:
  أ. المقدمة ب.السؤال ج. الجواب ا_المقدمة: كما تسمى أيضا بالافتتاحية لأنها تفتح نص اللغز، إن المقدمة عادة ما تكون جملة يتلفظ بها صاحب اللغز اختياريا وكأنها إعلان صريح لبداية صراع ثنائي بين صاحب اللغز من جهة والطرف الآخر المطالب بتفكيكه أو حله وإبراز الجواب (فك المتحاجية بالمفهوم الشعبي إن الطرف الآخر هذا قد يكون شخصا واحد) كما قد يكون مجموعة (الأب أو الجد مع أفراد العائلة). يعد نص السؤال أهم عنصر في بنية اللغز التركيبية، وإن صح القول فهو نص اللغز في حد ذاته، ج.الجواب: يعد الجواب مبدئا أساسيا وضروريا في تكملة بناء الفضاء الفني والجمالي للغز، ومن خلاله تفك الرموز وتزال الدهشة. وعندها يعترف لصاحب اللغز وللمجيب عنه بالذكاء والفطنة والتفوق العقلي. وفي نهاية حديثنا عن البنية الهيكلية للغز، تورد هذا اللغز كمثال عن العناصر الأساسية الثلاثة التي يتكون منها اللغز (المقدمة، السؤال. الجواب) يقول اللغز: حاجيتك ماجيتك لوح فوق لوح وبينهم روح. والجواب هو: الفكرون أي السلحفاة. أقسام اللغز:

1 اللغز المعنوي: وهو ما يشار فيه إلى موصوف بمجرد ذكر صفاته الذاتية كقول الشاعر في القلم: وذي خضوع راكع ساجد ودمعه من جفنه جاري مواظب الخمس لأوقاتها منقطع في خدمة الباري مثل هذا اللغز في دُمْلُج.

المبحث الأول : مفهومها ونشأتها
المطلب الأول : مفهوم الألغاز
.1مفهومها :
أ-لغة: "اللغز مشتق من فعل لغز يـلغز، بفتح الغين في الماضي وضمها في المضارع.
•يقال: لغز الشيء، أي مال به عن وجهه، ولغز في يمينه، أي دلس فيها على المحملوف له"
•يقال أيضا: " ألغز اليـربوع جحره أي حفره ملتويا، مشكلا على داخله "
•ويقال أيضا: «الكلام الملبس، وقد ألغز في كلامه يـلغز، ألغازا، إذ ورى فيه وعرض ليخفي والجمع ألغاز"
ب-اصطلاحا:
•يطلق اللغز على كلام معمى، يقصد به أمرا من الأمور، وهذا من خلال عناصر لها وجه شبه بالمقصود أو بأسرار المعنى المراد الذي أبهمته التعمية في الكلام أو في الأسماء والأفعال".
" •إن اللغز الشعبي جنس أدبي قائم بذاته له أصوله ومقوماته الفنية واللغوية والبلاغية، فهو يعتبر من الأشكال التعبيرية الشعبية الأكثر رواجا وشيوعا كالمثل والنكتة.
وقد يطلق عليه في المفهوم الشعبي لفظة المتحاجية، أو "الحجاية" ويقصد بها اللغز في حين أن نفس اللفظة في مناطق أخرى من البلاد يقصد بها الحكاية أو القصة أو الخرافة ولكن المصطلح المتداول أكثر للكلام عن اللغز هو الحجاية ومنها اشتقت العبارة الشعبية المشهورة عن الإنسان الذي يتناقض في حديثه أو يسأل أناس آخرين عن شيء معين ويجيب في نفس الوقت عن سؤاله فيقال عنه: "راه يحاجي ويفك" أي أنه يسأل ويجيب في نفس الوقت. "

عرف محمد المرزوقي اللغز فقال: " اللغز هو الكلمات المسجوعة أو المنظومة التي تلقى في المجالس العامة أو الخاصة، في قالب أسئلة يختبر بها الناس ذكاء بعضهم بعضا، والقاعدة فيها أن يورد اللغز في شبه سؤال منظوم أو مسجوع عن شيئ تذكر صفاته البعيدة أو القريبة، ومن تلك الصفات يستطيع المسؤول بإعمال شيئ من الفكر للإهتداء إلى موضوع السؤال".

المطلب الثاني : نشأتها والغاية منها

أ- النشأة:
" ارتبط ظهور اللغز عند الإنسان منذ أن نطق لأول مرة بالألفاظ التساؤلية الأولى حول الظواهر التي حيرته وبقيت مجهولة بالنسبة إليه، فتحت قوة وهاجس حب المعرفة وحب الإكتشاف وبإزالة اللبس والغموض عن الأشياء المحيطة به، فمنذ أن نطق بالألفاظ التساؤلية لماذا؟ كيف؟ أين؟ متى؟ من؟، أي منذ أن بدا الإنسان يتساءل مع نفسه ويسأل أخاه من أجل معرفة سره وسر الكون وبالتالي منذ أن بدأ يعي بوجود الآخر ماديا ومعنويا ومساءلته."

يقول "موريس فيلد " :"Morris Fildeفي بحث عن الألغاز البراهمانية ألقاه في مؤتمر الفن والعلم عام 5489م": إن اللغز نشأ منذ قديم الزمان حينما كان العقل البدائي يمرن نفسه على التلاؤم مع الكون الذي يحيط به، ذلك أنه كلما كانت الرؤية أكثر نضارة ازدادت الرغبة في إدراك ظواهر الطبيعة وظواهر الحياة، وإدراك القوانين التي تحيط بالإنسان ومن ثم فإن الأطفال يحبون الألغاز ومثلهم البدائيون، ولهذا كذلك فإننا نجد الأنواع الأدبية الشعبية، والحكاية الخرافية تتضمن الألغاز فاللغز يشير إلى غموض الحياة، وهو في الوقت نفسه يمثل إدراك العقل المبكر. " أي أن ظهور اللغز كان منذ القديم يبرز الظواهر التي تحيط بالإنسان وهو اكتشاف للعقل" .
ب- الغاية من الألغاز:
قامت الألغاز بأدوار عظيمة في مجالات مختلفة منها المجال التربوي فهي بمثابة السينما والإذاعة
والمسرح في زماننا هذا، وبذلك فاللغز كجنس أدبي يقوم بعدة وظائف نفسية اجتماعية، تاريخية وثقافية
فهو: "وسيلة أساسية للتربية وذلك لأنه يعلم الأطفال والكبار معا كيف ينظرون إلى المشكلة من كل
جوانبها ثم يحتفظون بهذا الكد والتفكير بحس فكاهي .

المبحث الثاني : خصائص اللغز الشعبي وطقوسه
المطلب الأول : خصاصه
للألغاز الشعبية خصائص ومميزات عديدة تختلف بها عن باقي الأشكال التعبيرية الأخرى، ومن بين هذه الخصائص نذكر مايلي:
الخاصية الأولى: الإيقاع الصوتي:
" إن الذوق الشعبي في الألغاز كما هو في الأمثال حريص على الأصوات المنسجمة في الكلام، ولذلك اهتم باختيار الألفاظ وتقطيع الجمل بغية تحسين الصياغة، وتنويع التراكيب لإحداث معادلة صوتية، تنبعث منها موسيقى تضفي على الترسل الشعبي نوعا من الجمال الأدبي الذي يشيع جوا خاصا، يسهل الطريق إلى الحفظ والتناقل بفضل الإنسجام والتناسق بين أجزاء هذا الشكل الأدبي الشعبي المتآلف من وحدات متآلفة متلاحمة متناغمة، تضمن حياته وتمنحه قوة فنية وجمالية تترك أثرها في الأذن والنفس".
إهتم بعض النقاد القدامى منهم الجاحظ "بقضية القول في المعنى واللفظ لإختيار التنسيق والإنسجام بين التعابير لأن المعاني المطروحة في الطريق يعرفها العجمي والعربي والبدوي والقروي والمدني و إنما الشأن في إقامة الوزن وتخير اللفظ وسهولة المخرج (وكثرة الماء) وفي صحة الطبع وجودة السبك ."

ونجد أن الإيقاع الصوتي ميزة من ميزات القرآن الكريم وهذا ما يظهر في هذه الآيات في قوله تعالى في سورة الشرح: " فإذا فـرغت فانصب (7) وإلى ربِّك فارغب (8")وقوله أيضا في سورة الضحى: " فأَّما اليتيم فلا تـقهر (9) وأَّما السائل فلا تـنـهر (10) .
فهناك الكثير من الإزدواجية في الآيات وذلك باعتباره كلام الخالق بالإضافة إلى تزاوج في الفواصل وتميزها بشدة الاختصار وكثرة المطابقة في الكلام وخلاصة كل هذا:
•أن الذوق الشعبي يرتضي الإيقاع الصوتي الراقص.
•تقوم صياغة اللغز الشعبي على التوازن الموسيقي الذي يحقق ضربا من اللون البلاغي المعروف بالسجع.
•تقف وراء هذا السجع أهداف هي:
إثارة الإنتباه وإيقاظ التفكير وتحريك الذكاء.
تيسير الحفظ والرواية.
إضفاء مسحة التفخيم والتعظيم والتحسين.

وفي هذا كله ما يجعل "الفنان الشعبي يخول لنفسه اصطناع بعض الألفاظ وإقحام بعض المفردات أو الجمل لإقامة التوازن الصوتي الموسيقي في الكلام وذلك بتعادل أو توازن أجزاءه وقد نجد في بعض الألغاز أحد الأجزاء أطول من الآخر".
الخاصية الثانية: تنوع صور التعبير عن الموضوع الواحد:
نلاحظ في بعض الألغاز تكرير الموضوع عدة مرات من خلال تعابير متباينة، ويرجع سبب ذلك
إلى عاملين هما:
أ. تعديل منشئ اللغز.
ب.اختلاف أمكنة ظهور اللغز.
وللتدليل على ذلك مايلي:

• لغز السلحفاة.
  •عندها ربع كرعين: بقرة، لا.
  •تغطس وتعوم: حوتة، لا.
  •تولد البيض: دجاجة، لا.
  •مزرقطة ومحرملة.
  •من فوق لوح من تحت لوح في الوسط روح...


• لغز الرسالة.
  •زحافة وتنقر الحيطان وتجيب الخبر من كل مكان...
  •تمشي بلا رجلين وتهدر بلا فم...


• لغز البيضة.
  أ. طرفها خشب ووسطها ذهب.
  ب.باها بنت باها، ما تعرف وجهها من قفاها.

الخاصية الثالثة": ملكة الخيال:
والخيال هو ما يرمز اليه اللغز لأن اللغز كما هو معروف يحمل في طياته سؤالا وجوابا، ولكي نصل إلى لغز ما لابد من فهم الخطاب الوصفي الإخباري الذي بدوره يشرح لنا موضوع اللغز وبالتالي القدرة على كشف المعنى الخفي والموضوع المستر ولكنه ليس بمقدور أي شخص أن يفك الرموز التي ينمو عليها لما تمتاز به الألغاز من جمالية الأسلوب الذي يعتمد إلى حد بعيد على ألوان بيانية كثيرة.
فالرمزية "تعتمد على الاستعارة والكناية والتشبيه والمجاز والتورية، حيث يوحى بهذه إلى معان مستترة في الذات أو في الأشياء بغية إثارة المشاعر للغوص في أجواء المعاني ومعرفة الحقيقة التابعة خلف قرائن دالة عليها.

انطلاقا من فكرة أن الألغاز شحنة إيحائية بحقيقة واقعية نجد أن لغة الألغاز لها مفهوم آخر غير المفهوم العادي عند الناس فلغته غريبة غير مألوفة لأن المراد بذلك هو اختيار مقدرة معرفة المسؤول، حيث نجد في هذه اللغة الغريبة أن الأشياء لا تسمى بمسمياتها الكلية المصطلح عليها في اللغة المتداولة العادية، وإموا يثار بها مغزى ومعنى عميق .
الخاصية الرابعة: التكرار.
نلاحظ في بعض الألغاز أن الفنان الشعبي، يعتمد على تكرار بعض الألفاظ والحروف وذلك لإثارة انتباه المستمع كالذي نلاحظه في اللغز التالي: حاجيتك إذا انشق السماء واش يلاقيه، وإذا انشق لبحر واش يمليه، وإذا شرا السلطان واش يغنيه، السما ما ينشق والملائكة فيه، والبحر ما ينشف والملائكة فيه، والبحر ما ينشف والوديان تصب فيه، والسلطان ما يشر والرعية قاع (كلها) تعطيه.
فالتكرار واضح في هذا اللغز، ويتمثل غي عدة كلمات هي: واش، ما ينشاف وهكذا نجد في اللغز التكرار متفاوت العدد وهو في الألغاز متفاوت أكثر، فقد يكثر في بعضها ويقل في بغضها الآخر وينعدم في غير ذلك ،يمكن أن نقول من خلال هذا أن التكرار يحدث في كلمة أو كلمتين وقد يكون أكثر من كلمتين وذلك حسب ثقافة ومعرفة منشئ اللغز.
" إن ظهور التكرار في الألغاز الشعبية فيها دلالة فالفنان الشعبي يعتمد أحيانا إلى ضروب التكرار من الترديد,كان يرد كلمة بعينها أو جملة بعينها أو حرفا وهي تعتبر نزعة فنية في أسلوب اللغز تضفي عليه ضلال من الجمال أو مسحة من الروعة فضلا عن إيضاح المعنى وتقريره والإلمام بأطرافه وحواشيه الماما يخلو من طلاوة وتوقيع .
المطلب الثاني : طقوسه
طقوسه :
" تختلف الطقوس التي تطرح فيها الألغاز من بلد لآخر، وذلك بحسب البيئة والثقافة والأغراض المتوخاة من إلقائها ولكنها قد تختلف أيضا من منطقة إلى أخرى، فلتقديم الألغاز أو التباري بها عندنا في الجزائر عامة طقوس معينة بحيث تلقى أثناء السمر وذلك حينما تجتمع العائلة في مناسبة سعيدة، فيأخذ الحديث بهم في مثل هذه الملاغزات الطريفة خصوصا بين الفتيات أو الفتيان، وقد يكون بين جدة وأحفادها، ويفترض فيهم صغر السن، كما قد يكون بين أم وأطفالها، ويتم هذا غالبا قبيل النوم، ويفترض أن يكون ضوء المصباح منطفئا، وقد تطرح الألغاز في مناسبات أخرى ولكنها تضل مرتبطة بالليل أولا، وباجتماع الناس والأطفال والصبايا بوجه خاص".
انطلاقا من هذه النظرة فالألغاز لم تعد ذات أهمية كبيرة في الحاضر على عكس ما كانت تعنيه في زمن ما "فاللغز من هذا الجانب ذو دلالة اجتماعية خاصة يعبر عن طبقة اجتماعية معينة في زمن معين.

المبحث الثالث: بنية اللغز وأقسامه
المطلب الأول : بنيته
يقوم هيكل نص اللغز على ثلاثة عناصر أساسية:

أ. المقدمة
ب.السؤال
ج. الجواب
ا_المقدمة:
كما تسمى أيضا بالافتتاحية لأنها تفتح نص اللغز، أو الدعوة أي دعوة لآخر إلى الإستماع أو طلب حل نص اللغز أو الإعلان والتنبيه لسؤال اللغز الموجه.
إن المقدمة عادة ما تكون جملة يتلفظ بها صاحب اللغز اختياريا وكأنها إعلان صريح لبداية صراع ثنائي بين صاحب اللغز من جهة والطرف الآخر المطالب بتفكيكه أو حله وإبراز الجواب (فك المتحاجية بالمفهوم الشعبي إن الطرف الآخر هذا قد يكون شخصا واحد) كما قد يكون مجموعة (الأب أو الجد مع أفراد العائلة).
إن صاحب اللغز منذ المقدمة يحدد لنفسه مرتبة أعلى معرفة من الطرف الآخر فهو يمتلك قدرة الجواب وفي أحيان كثيرة يبحث سؤاله عبر هذه المقدمة محملا بخطاب عنيف وصاحب تشيع منه روح التحدي.
مثل: حاجيتك ماجيتك.
إن نص المقدمة الأكثر شيوعا وانتشارا والتصاقا بنص اللغز الجزائري هو حاجيتك ماجيتك
ب.السؤال:
يعد نص السؤال أهم عنصر في بنية اللغز التركيبية، وإن صح القول فهو نص اللغز في حد ذاته، ففيه تتجلى براعة مبدعه حين يتألق وصفا وتصويرا وتعمية للموصوف المعروف لديه والمجهول لدى سامعيه.
ج.الجواب:
يعد الجواب مبدئا أساسيا وضروريا في تكملة بناء الفضاء الفني والجمالي للغز، ومن خلاله تفك الرموز وتزال الدهشة.
وقد يلجأ صاحب اللغز عند العجز عن الجواب إلى تدليل بعض الصعوبات بطرق مختلفة، وعندها يعترف لصاحب اللغز وللمجيب عنه بالذكاء والفطنة والتفوق العقلي.
وفي نهاية حديثنا عن البنية الهيكلية للغز، تورد هذا اللغز كمثال عن العناصر الأساسية الثلاثة التي يتكون منها اللغز (المقدمة، السؤال. الجواب)
يقول اللغز:
حاجيتك ماجيتك
لوح فوق لوح وبينهم روح.
والجواب هو: الفكرون أي السلحفاة.
أقسام اللغز:
يقسم اللغز بوجه عام إلى قسمين: معنوي ولفظي.

1 اللغز المعنوي: وهو ما يشار فيه إلى موصوف بمجرد ذكر صفاته الذاتية كقول الشاعر في
القلم: وذي خضوع راكع ساجد ودمعه من جفنه جاري
مواظب الخمس لأوقاتها منقطع في خدمة الباري
2 اللغز اللفظي: وهو ما يشار فيه إلى الموصوف بذكر كلمات تتضمن اسمه أو بعض أحرفه تضمينا خفيا.
مثل هذا اللغز في دُمْلُج.

إلى النساء يلتجي وعندهن يوجد
الجسم منه فضة والقلب منه جامد
ويكون اللغز في عمومه منظوما أو مسجوعا أو عاديا وتنطبق هذه الأشكال الثلاثة على اللغز الشعبي واللغز الفصيح على حد السواء، والأمثلة على ذلك كثيرة: فمن الفصيح المنظوم المثالين السابقين، أما الفصيح المسجوع فنورد هذا النموذج، روي عن يحي بن الجراح المصري ملغزا في "دملج"قال "ماشي" قلبه حجر ووجهه قمر، إن تفد به صبر واعتزل البشر وإن أجعته رضي بالنوى.

المطلب الثاني : وظائف اللغز الشعبي
قامت الألغاز بأدوار عظيمة في مجالات مختلفة في حياة الجماعة الشعبية التي يتداول فيها وينتشر فهي تعد بمثابة القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي في زمننا هذا" فهي وسيلة أساسية للتربية لأنه يعلم الأطفال والكبار معا كيف ينظرون إلى المشكلة من كل جوانبها ثم يحتفلون بعد الكد والتفكير بحس فكاهي" وقد وسع عبد الملك مرتاض " من الدائرة الوظيفية للغز فهو بالنسبة له ليس ترفا ثقافيا وتسلية عابرة بل إننا نجد للغز دلالات عميقة تعني الحضارة والتاريخ وتعني التربية والتعليم، وقلما تكون غايته سطحية عابرة" .
وبصفة عامة نقول أن للغز وظيفتين أساسيتين هما:
•وظيفة ترفيهية: كأن يلتقي مجموعة من الناس تنتمي الى جماعة شعبية واحدة، يجيدون الممارسات التلغيزية، فيتداولونها من أجل الترفيه عن بعضهم البعض من مشاق الحياة الصعبة التي يعيشونها، وبالتالي التباري فيها والبحث عن حلول لها، وقد تستغرق هذه الممارسة التقليدية ساعات طويلة وجلسات مطولة.
•وظيفة اختيار الذكاء: "إذ يساهم اللغز في تنمية قدرات التفكير والإدراك والتخيل لدى الأفراد بصفة عامة، والأطفال بصفة خاصة، لذلك يلجأ إليه في كثير من الأحيان المعلمون والمربون والنفسانيون. "