لخّصلي

ينصّ الفصل 31 المُنقّح (قانون 18 فيفري 1981) على شكلين للتعويض عن الطلاق: رأس مال وجراية عمرية. يتمثل التعويض برأس مال بمبلغ دفعة واحدة، ويُطبّق على الضرر المعنوي للزوجين، والضرر المادي للزوج، وإذا وقع الطلاق قبل البناء للزوجة (معنوياً ومادياً). أما إذا وقع بعد البناء، فللزوجة الخيار بين رأس مال وجراية عمرية لتعويض ضررها المادي. الجراية العمرية، وهي مبلغ شهري، تُخصّص للزوجة فقط عن ضررها المادي، بعد الدخول الفعلي. لكنّ فقه القضاء قيّد هذا الخيار، فالمرأة العاملة، أو التي تزوجت زواجاً قصيراً، لا تحصل عليه، لأنّ الغاية هي ضمان دخل للمحتاجة. تقدير الجراية يعتمد على مستوى عيش الزوجة، مع اعتبارات أخرى كوضعها المادي والاجتماعي، ومدة الزواج. تنفيذ الجراية يتميز بصبغة حماية وقائية، بضمانات مدنية (منع العقلة والمقاصة، وعدم إسقاطها، وإمكانية اللجوء لصندوق النفقة والجراية) وجزائية (سجن 3 أشهر لعدم الدفع). الجراية قابلة للمراجعة (ارتفاع أو انخفاض) أو الإلغاء (وفاة الزوجة أو زواجها أو حصولها على دخل قار، أو وفاة الزوج).

ألقسم الثاني : شكل التعويض

كان الفصل 31 قديم لا يُفرّق بين الغرامات المادية و الغرامات المعنويّة و كان الشكل الوحيد للتعويض هو راس المال لكن بعد تنقيح الفصل 31 بموجب قانون

18 فيفري 1981 يمكن أن نفرق بين شكلين في التعويض : راسمال أو جراية

عمُريّة.

الفقرة الأولى : التعويش في شكل رأس مال يُحكم بالتعويض في شكل راس مال أي مبلغ جملي يُدفع مرّة واحدة في الحالات

التالية :

• التعويض عن الضرر المعنوي الناجم عن الطلاق يكون دانما في شكل رأس مال بغض النظر عن جنس المُتضرّر من الطلاق أي للمراة والرجل على حدّ السواء

التعويض عن الضرر المادي للزوج لا يكون إلا في شكل رأس مال .
بالنسبة للزوجة إذا وقع الطلاق قبل البناء الفعلي فإنّ التعويض يكون في شكل رأس مال سواء بالنسبة لضررها المعنوي او المادي امّا إذا وقع الطلاق بعد البناء فإنّ لها الخيار في شكل التعويض عن ضررها المادي إمّا في قالب رأس مال أو في قالب جراية عمرية.

الفقرة الثانية : التعويض في شكل جراية عمريّة بمناسبة تنقيح فيفري 1981 ادخل المشرّع شكلا جديدا للتعويض يتمثل في الجراية

• العمرية التي يمكن تعريفها بانها مبلغ مالي شهري يدفعه المُفارق لمفارقته كتعويض عن الضرر المادي في صورة حصول طلاق للضرر لفاندتها أو حصول الطلاق إنشاءا لفائدة زوجها فهذا الشكل يهم إذا المراة فقط و يهم التعويض عن ضررها المادي فقط و هو شكل اختياري لكنه الغالب على المستوى التطبيقي لذلك سننظر في إسناد هذه الجراية ثم تنفيذها.

أ- نظاء إسناد البراية

1- شروط استحقاق الجراية

في صورة حصول طلاق مرتبط بضرر على معنى الفقرة 2 و3 من الفصل 31، فإن الشرط الوحيد اللازم هو حصول الدخول الفعلي لأنّ الجراية هي تعويض على ما اعتادته الزوجة من العيش في الحياة الزوجية، فإذا لم يتمّ الدخول فلا وجود لتعوّد على مستوى من العيش، وإذا توفرت هذه الشروط، فالمرأة لها مبدئيا حريّة اختيار شكل الجراية.

لكن فقه القضاء حدّ من هذه الحرية في صورتين هما صورة المطلقة التي تعمل و

صورة قصر مدّة الزواج

• حرمان المطلقة التي تعمل من حيار الجراية

إعتبر فقه القضاء أنّ المطلقة التي تعمل لا تستحق جراية شهريّة بل تستحق

التعويض في شكل رأس مال لأنّ مقصد المشرع هو تخصيص هذا الشكل للمرأة التي تكون في حاجة إليه و التي بفقدانها للنفقة بموجب الطلاق تفقد مستوى العيش الذي كانت عليه، أمّا المرأة العاملة فعملها يوفر لها دخل قار يُغنيها عن الجراية، فلا يمكن إذا حسب ما استقر عليه فقه القضاء الجمع بين دخلين قارين. مثال : ورد في القرار التعقيبي عدد 62404 المؤرخ في 09 فيفري 1998 « إنّ الخيار الذي منحه المُشرّع في التعويض عن الضرر المادي المتأتي من الطلاق يخصّ المرأة التي ليس: لها دخلّ قار و أمّا إذا كانت تعمل ولها دخل قارّ فإنّه لا يمكنها المُطالبة بجراية عمريّة حتى لا تجمع بين دخلين قارين » .

و للتدليل على مقصد المشرّع بالرجوع لعبارات الفصل 31 م ا ش في حدّ ذاته فتبين محكمة التعقيب في قرارها عدد 5812 المؤرخ في 12 جانفي 2006 « لنن كان ما تعرّض إليه الفصل 31 المذكور يخُص مراجعة الجراية بعد حكم الطلاق و شروط إسقاطها فإنّ الفهم السليم للفصل المذكور يقتضي أنّ الخيار للزوجة مرتبط بمدى احتياجها للدخل القار ضرورة أنه إذا كانت المفارقة تفقد حقِّها في التمتع بجراية إذا ما تغيّر وضعها الإجتماعي بزواج جديد تُصبح بمقتضاه نفقتها محمولة على الزوج الجديد أو بتغير حالها و وضعها المادي بحصولها على ما تكون معه في غننى عن الجراية فإنّه من الفهم السليم تبعا لذلك و من باب أولى و أحرى أن يكون استحقاقها للجراية مرتبط أساسا بحاجتها للدخل القار سيما و أنّ أساس الجراية هو ضمان استمرارية الدخل للمفارقة » .

لكن تجب ملاحظة أنّ العمل الذي يُسقط حق المُطلّقة في اختيار شكل الجراية هو العمل القار امّا العمل الوقتي محدود المدّة أو الموسمي فهو لا يحرمها من هذا الخيار لأنّه لا يُشكّل مورد دخل قار يجعلها في غنى عن الجراية قرار تعقيبي عدد 18149 المورخ في 13 ديسمبر 2002.

• حرمان المُطلقة من خيار الجراية في صورة قسر مُدّة الزوام صدرت بعض القرارات في هذا الإتجاه على اساس انّه في صورة قصر مُدّة الزواج فإنّ المرأة لم تتعوّد بعد على مستوى مُعيّن من العيش فاقرّت محكمة التعقيب مثلا في القرار عدد 34434 المفرخ في 02 جويلية 2009 انّه « لنن لم يشترط المشرع صراحة معاشرة زوجية طويلة لإستحقاق المطلقة لجرابة فإنّه يُستشَف من صياغة الفصل 31 أنّ الجراية سُنّت لعدم حرمان المُطلقة من نمط عيش اعتادته في ظل الرابطة الزوجية و بذلك فلا يُقضى بها إلا إذا تعودت الزوجة نمطا من العيش مع زوجها و هو الأمر الذي لا يتوفر إلا إذا عمرت المعاشرة بين الزوجين فترة كافية لتتعوّد فيها الزوجة على مستوى مُعين من العيش أمّا إذا كانت على خلاف ذلك فإنّ التعويض لا يكون إلا في شكل راس مال جملي يُدفع إليها صُبرة واحدة » .

2- كيفيّة تقدير الجراية

هي نفس تقدير معايير الغرامة بصفة عامة، فقد نصّ المشرّع في صلب الفصل 31 على بعض معايير تقدير الجراية و هي بصفة أساسية معيار ما اعتادته الزوجة من مستوى العيش بما في ذلك المسكن، فالجراية إذا هي تعويض عن النفقة، لكن عنصر المسكن لا يحكم به إلا إذا كانت المُفارقة لا تملك مسكنا.

ثم أضاف فقه القضاء عدة معايير و هي التي رايناها سابقا سواء المعايير الموضوعية كأهميّة الضرر و الوضع الإقتصادي العام أو المعايير الشخصيّة كالحالة الماديّة و الاجتماعية للأطراف و مدة المعاشرة و إنجاب الابناء و سنَ الزوجة وذلك لتقدير مدى تقلص حظوظ الزوجة في الزواج ثانية.

و تؤكد كل هذه المعايير على الطبيعة المعاشية للجراية.

ب - نظام تنفيد الجراية

يتميّز هذا النظام بخاصيتين : له صبغة حمانيّة وصبغة وقتية

1- الصبغة الحمائية لنطاء تنفيد الجراية

تدفع الجراية حسب الفصل 31 مشاهرة و بالحلول ( أي في بداية كلّ شهر ) بعد سيرورة حكم الطلاق باتا و انقضاء العدّة و ذلك لأنه خلال فترة العدّة تتمتع المفارقة بالنفقة و لا يمكن الجمع بينهما، وقد وفر المشرع ضمانات خاصة لتنفيذ حكم الجراية تشبه إلى حدّ كبير ضمانات تنفيذ حكم النفقة و ذلك لتشابه المؤسستين في صبغتهما المعاشية :

الضمانات على المستوى المدني :
لا يمكن عقلة مبلغ الجراية
لا يمكن المقاصة إذا كان أحد الدينين جراية
لا يجوز الإتفاق على الإعفاء من الجراية
لا تسقط الجراية بمضي المدّة
يمكن اعتماد حكم الجراية كسند للعقلة على مكاسب المفارق :
خلافا لحكم النفقة، في صورة عدم دفع المدين بدين الجراية العمريّة، يُمكن للمفارقة الإلتجاء إلى صندوق مال النفقة و جراية الطلاق الذي يشترط فقط حكما باتا في الطلاق و شهادة نشر في قضية جزانية ثمّ يقوم الصندوق بدفع المبالغ المستحقة لفائدة المطلقة نظرا لصبغتها المعاشية ثم يحلّ محلّها في استحقاق الدين.
•الضمانات على المستوى الجزائي :

رتّب المشرع في الفصل 53 مكرر عقابا جزانيا يتمثَّل في 3 أشهر سجنا في ضورة عدم دفع الجراية لكن بعد توفر أركان الجريمة و هي تتمثل في صدور يحكم بات في الجراية ثم الإعلام به بواسطة عدل تنفيذ و امتناع المدين عن الدفع لمدّة شهر منذ الإعلام مع ضرورة توفر ركن العمد الذي ينتفي في صورة إعسار المدين.

• كما جعل المشرع من الأداء موجبا لإيقاف التتبع أو المحاكمة أو التنفيذ.

2- الصبغة الوقنيّة لحكم الجراية

حكم الجراية قابل للمراجعة أو الإلغاء :

• مُراجعة الجراية

تأكيدا لصبغتها المعاشية، جعل المشرع من الجراية قابلة للمراجعة ارتفاعا أو انخفاضا و ذلك في صورة ارتفاع مصاريف أحد المفارقين أو انخفاض في مواردهم، واستقر فقه القضاء على إسناد الاختصاص للمحكمة الابتدانية.

• إلغاء الجراية

أسباب الإلغاء ترجع بصفة اساسية إلى الصبغة التعويضية للجراية و تتمثل في :

• صورة وفاة المفارقة فينتهي مفعول الجراية لأنّها تعويض شخصي فلا تنتقل لورثتها

صورة زواج المفارقة ويُشترط هنا الدخول و ذلك لأنّها تصبح مُستحقة للذفقة من زوجها الجديد.:
صورة: حصول المفارقة على ما تكون معه في غنى عن الجراية كالعمل أو الإرث....
صورة وفاة المفارق فتنقلب الجراية إلى راس مال يضبح دينا على التركة، ويتمّ تحديد المبلغ إمّا بالتراضي مع الورثة أو بالتقاضي ( لكن الجراية ليست من الديون الممتازة بل العاديّة ).