لخّصلي

كان اكتشاف النفط في إمارة أبوظبي في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين إيذانا ببدء حقبة جديدة من التنمية في منطقة الخليج العربي ، مما أدى إلى قلب المشهد الاقتصادي بأكمله ، وبدأت أبوظبي في تصدير نفطها الأول في عام 1962على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أصبحت الأمور أكثر وضوحا والتحديات أكثر وضوحا لمرحلة جديدة في تاريخ أبو ظبي. اختارت عشيرة آل نهيان الشيخ زايد بصفته إماراتياً وكانت في حاجة ماسة إلى رؤية جديدة للحكومة لمواجهة هذه التحديات وتنفيذ خطة ناجحة للاستفادة المثلى من عائدات النفط، كانت السياسة. في 6 أغسطس 1966 ، أبوظبي

عندما بدأ الشيخ زايد في تحقيق إصلاحات هائلة في الدولة ، بدأ في تطوير التعليم والصحة ، ووضع خططًا لتطوير القضايا الحضرية والإسكانية للناس ، ووضع برنامجًا ضخمًا لعملية التنمية. وبدأ في حث شعبه على المشاركة في هذه العملية، وبذل كل طاقاتهم فيها، والسعي وراء القدرات الأجنبية لدعم هذه العملية بخبراتهم. في غضون أيام من توليه السلطة، أعلن عن إنشاء حكومة رسمية حديثة بها إدارات وإدارات، وكلف بالمهام اللازمة لإدارة شؤون الدولة.

وتشمل أولوياته بناء الطرق ، وبناء الجسور التي تربط الأرض بأبو ظبي ، وإنشاء المدارس ، والإسكان والخدمات الطبية ، وبناء الموانئ والمطارات. لقد تغير وجه أبو ظبي. أماكن عمل في كل اتجاه، آلات صاخبة في كل مكان، آلاف السكان ينتقلون من منازل "متداخلة" إلى منازل حديثة، طرق حديثة ممتدة فوق رمال الصحراء ، دخول المياه العذبة والكهرباء إلى كل منزل ، انتقل التعليم من نظام "المطوع" إلى النظام الحديث ومدارس بجميع مراحلها منتشرة في جميع أنحاء البلاد ، ونظام محو الأمية لمن فاته القطار التعليمي ، وافتتحت عشرات الفصول الجديدة وبدأت العيادات في تقديم الخدمات الطبية لبدو الصحراء المحرومين من الرعاية الطبية لفترة طويلة.

أجرى الشيخ زايد عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثلاثةٍ وخمسين رحلةً طاف بها العالم لتعزيز خبرته السياسيّة، إضافةً للتعرّف على خبرات الآخرين في العيش والحكم، وعاد من رحلته تلك بإصرارٍ أكبر للنهوض ببلاده بأسرع وقتٍ ممكن للحاق بركب التطوّر الحضاري الّذي وصلت له الدول الأخرى، وحدث له ما أراد في صورة ما تبدو عليه الإمارات العربيّة المتحدة في يومنا هذا. تسلّم الشيخ زايد مقاليد الحكم في الإمارات في السادس من أيلول عام ألفٍ وتسعمئةٍ وستةٍ وستّين خلفاً لشقيقه الشيخ (شخبوط بن سلطان آل نهيان)، وفور تسلّمه لمقاليد الحكم تمكّن الشيخ زايد من تحقيق العديد من الإصلاحات، ومنها تطوير العديد من القطاعات كالرّعاية الصحيّة والتعليم، والإسكان، إضافةً إلى تطوير مدن الدولة بشكلٍ عام، ووضع حدّاً لحقبةٍ طويلة بين العداء الذي كان قائِماً بين دولته مع قطر، وقد كان قراره الأوّل هو إصدار مرسوم قضى بإصدار طوابع بريديّة. كان الشيخ زايد بن سلطان هو أوّل من نادى بالاتّحاد بعد الإعلان الذي أصدرته بريطانيا عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانيةٍ وستّين، والذي ينصّ عن نيّتها إعلان الجلاء عن الإمارات بحلول عام ألفٍ وتسعمئةٍ وواحدٍ وسبعين، فشعر بحاجة إقامة كيانٍ سياسيٍّ موحّد له كلمةٌ مسموعة وقويّة في كافة المحافل الدوليّة، ووضع البذرة الأولى لبناء هذا الاتحاد بعد الاتفاق الذي تمّ بين أبو ظبي وإمارة دبي على تنسيق الدفاع والأمن والخارجيّة والقطاع الصحّي والتعليمي وتوحيد الجوازات. تمّ تعيين الشيخ زايد عام ألفٍ وتسعمئةٍ وتسعةٍ وستّين رئيساً للاتحاد التُساعي، والذي ضمّ بالإضافة للإمارات السبعة البحرين وقطر، لكن أعلنت الأخيرتين انسحابهما من الاتحاد، وتمّ بعدها إعلان قيام دولة (الإمارات العربيّة المتحدة) في يوم الثاني من كانون الأوّل عام ألفٍ وتسعمئةٍ وواحدٍ وسبعين، وتمّ انتخاب الشيخ بعدها رئيساً لهذا الاتحاد والقائد الأعلى للقوّات المُسلّحة، فقام ببناء قوّات الدولة المُسلّحة وبناء المؤسسات الاتحاديّة.

كقائد حريص على تحويل الإمارات إلى أمة موحدة وقوية ومعتدلة، يؤمن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) إيمانا راسخا بقدرات شباب وطنه. إنه واثق من أن الشباب الإماراتيين، رجالاً ونساءً ، على دراية بالمسؤوليات الواجبة عليهم وسيعملون بجد وإخلاص لتحقيق مستوى الثقة الذي وضعه فيه لخلق مستقبل مشرق للبلاد. في غضون بضعة عقود، كان لديه مخاوف باقية عندما أدرك حلمه في تحويل التضاريس الصحراوية في البلاد إلى بلد ناطحات السحاب مع دخل للفرد يضاهي البلدان المتقدمة في أوروبا الغربية. ومع ذلك، فإن ثروة دولة الإمارات التي تحتفل اليوم بالعيد الوطني السابع والأربعين، لا تأتي فقط من ثروتها النفطية الهائلة ، ولكن أيضًا من ازدهارها في الخدمات المهنية والخدمات المالية وقطاعات التكنولوجيا وغيرها ، مما يعطيها أهمية أكبر من الثروة النفطية. امتيازات ومزايا باقي دول العالم. وهكذا تحتل المنطقة مكانة بارزة كقطب إقليمي في العديد من الأنشطة.

وبكلمات الشيخ زايد الحكيمة: "كل تقدم في دولة الإمارات العربية المتحدة هو تقدم كل العرب، وكل نهضة لهذا الوطن تضيف توازناً جديداً لدولتنا العربية". وتواصل توسيع قدراتها في إعادة التصدير لتسهيل التجارة مع القارات النامية والمتقدمة. لا تنجح الدولة في هذا الصدد فحسب، بل تقود المنطقة أيضًا في توفير بيئة أعمال تنافسية للتجارة. في هذا الصدد، كان جبل علي أول منطقة تجارة حرة في المنطقة، واليوم هو موطن لـ 7300 شركة دولية ، مع تجارة خارجية غير نفطية بقيمة 80.2 مليار دولار. تعيد المنطقة ابتكار نموذج أعمالها لتبقى وجهة تنافسية ومربحة وجذابة في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك ، فإن المشهد التكنولوجي في دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم يتطور بسرعة. كما أنها تتطور بسرعة لتصبح قطبًا لتطوير الطاقة المتجددة. في هذا السياق ، تمتلك أبوظبي مصنع "شمس" ، وهو أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم بمساحة 2.5 ميل مربع. تضم أبوظبي أيضًا المقر الرئيسي للوكالة الدولية للطاقة المتجددة ، مما يعكس الاعتراف العالمي المتزايد بإنجازات دولة الإمارات العربية المتحدة في تطوير الطاقة المتجددة.

في ظل قيادتها الحكيمة ، حققت دولة الإمارات العربية المتحدة أيضًا إنجازات مذهلة في الاقتصاد الرقمي ، مما جعلها واحدة من أكثر الاقتصادات الرقمية تقدمًا في العالم ، حيث احتلت المرتبة 17 ، متقدمة على ألمانيا ونيوزيلندا وإيرلندا وفرنسا واليابان ،من بين اقتصادات متقدمة كثيره. كما أنها تعتبر الأولى من نوعها على مستوى الوطن العربي من حيث مؤشرات التنمية البشرية ، مما يعكس اعتمادها للتقنيات الرقمية لتمكينها من تطوير الممارسات الحكومية ونماذج الأعمال.

كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه ، مؤكدًا على احترام القيم الإنسانية وعلاقتها بالمعتقدات الفطرية ، القائمة دائمًا على الطبيعة السليمة والإنسانية الخالصة ، وتؤمن بالمساواة بين الناس دون اعتبار لأي شخص آخر. هذه الاختلافات ، سواء كانت عرقية أو ثقافية أو دينية ، هي مصدر قوة ، وتمثل دافع وحافز الأمم والشعوب على التوحد ، والتخلي عن الصراع الذي لا يمكن أن يؤدي إلا إلى كارثة للبشرية جمعاء ، وبطريقة تجعل التعاون و التعايش جزء لا يتجزأ من كل طريقة يسعى الأفراد لتحقيق أهدافهم ويحظى بالاحترام في جميع المجتمعات.

القرآن هو الكتاب الأول والأكثر شمولاً ، وهو المصدر الأكثر غزارةً ، والأعمق ، والأكثر تأثيرًا ، والأكثر انتشارًا في قيادة الشيخ زايد المتميزة ، والالتزام والتمثيل والتنفيذ ، وما يشكل دستوراً سيعمل عليه. ويعلم طوال حياته وقيادته تقاس به ، ويأخذ كنقطة انطلاق في كل فعل وكل خطاب. بدأت هذه العلاقة في طفولته ، وفي إطار غرائزه الإيمانية العميقة والواضحة ، استمر هذا التأثير مع نضجه المبكر ، ثم تولى مسؤولية إنشاء دولة الاتحاد ، والتي كان لها التباين الواعي لطريق في الترقية. تفاعل مؤثر وإيجابي ، يقوم على فهم صحيح للعلاقة بين القرآن والوتيرة المتصاعدة للتقدم التكنولوجي والإنتاج الصناعي ومتطلبات وضرورات الحياة المعاصرة ، مع رؤيته الخالصة بأن "التقدم لا يناقض القرآن ، كما قال رحمه الله.

إن وعي الشيخ زايد وفهمه العميق لهذه العلاقة بين الدين والعالم ليس مجرد معلومات أو ثقافة مجردة ، لكنه يعتقد أنه عند

تطبيقها بشكل صحيح ، فإنها تشكل في الوقت نفسه أساس العلم والممارسة والتعليم. بحسن نية ، دون استغلال أو تشويه ، جاهز للأجيال الحالية و

المستقبلية ، وبالتالي ، في نظره النقي والبعيد ، يقدم دليلاً واضحًا على هذا الفهم ، موازنة المسؤوليات والقيود والطرف المسؤول ، وعبادة خالق الجنة. والأرض كما هي واجبة وطوعية ، أي حماية ثروات الأرض واستعمالها لمنفعة البشرية جمعاء،وتنفيذ الأوامر والنواهي الإلهية بما يخدم البشرية في الدنيا، طمعاً بالفوز بالجنان في الآخرة، على أمل الفوز في الجنة. 

وقد أوضح هذا التوازن المستدام لكل زمان، وشريحة، في مقولته: «إن

 المسيرة التعليمية والتربوية تقوم على أساس ربط الدين بالدنيا في تربية

 النشء، وإعداد وتأهيل الشباب».

وهذا الاستلهام من منظومة القيم عند الشيخ زايد يؤكد أنه يؤمن بأن الثقافة والتعاليم البعيدة عن القرآن هي سبب تدهور البلاد وكل مآسيها وتخلفها. المعاناة والتراجع عن التقدم نحو مستقبل لائق ومستحق، هو وحي ودعوة غير مباشرة للأمة كلها ، إحياء لعزمها على العودة الآن وفي المستقبل ، بجذور حقيقية وأسس متينة ، للبدء والمشاركة فيها. طريق الحضارة الانسانية.

إنها دعوة حكيمة من العرب الحكماء ، تربط المنهج والسلوك ، والثقافة والممارسة ، والأدب والأخلاق ، ورحلة وتفاعل مع عقول الدول المتقدمة ، وعزم على المشاركة والحسم دون المساومة على القيم والمبادئ البدائية ، فرصة العلم وحياة الإنسان كحق شرعي ، في اندماج تام للتراث والعلم والحداثة ، في تسارع مطرد للعلم ، وهو ليس تافهًا في كل تفاصيل الحياة .

هذا المنظور الفريد في تفكير الشيخ زايد لا يقتصر على مكانة الإنسان

 المواطن ، بل ينفتح على رؤية الإنسان ، بما في ذلك الإنسان كبشر ، في

 أي زمان ومكان ، وحقوقه في المصالح والحقوق وغيرها. دون تمييز أو تفضيل.

ولكي يستخدم الشيخ زايد كل هذه الأفكار والكلمات ليختبر قدرته على

 التطبيق والتأثير رحمه الله أنه هو نفسه طبقها أولاً ، مستخدمًا الوسائل التي تثير الإعجاب والتقدير ، ويؤكد أنه قائد في نفس الوقت. هم أيضا قدوة. من علامات ذلك كله أن كل هذه الوفرة الروحية ، وتدفق الناس ، والفيضان

 الهائل من العاطفة ، والعطاء والكرم اللامحدود ، تحيط به هالة من 

التواضع والحب والهيبة والاحترام ، والتواضع الكبير ، السيد عظيم القلب. وما يثير في نفوس قومه أسمى وأكرم معاني الجلال والإعجاب والمحبة و

الاحترام، بل جميع شعوب الأرض ، قال: "ان أسوأ الصفات هي التكبّر، وهي صفات 

منبوذة في القرآن الكريم. التكبّر يعني احتقار الآخرين، والمتكبرون و

المتعالون مصيرهم النار، ويجب أن يكون الإنسان متواضعاً محباً لإخوانه، متعاوناً معهم».
لقد كان الشيخ زايد، يضرب أروع الأمثلة في السلوك والقيادة بما يجسد 

عمق إيمانه، ونقاء سريرته، ونصاعة إنسانيته، وفي الكثير من الأمثلة

 تضيء على أكثر من جانب، سواء كان تربوياً، أو تعليمياً، أو تثقيفياً، ما 

يجعل من أي مبادرة منه، منارة وقدوة أعلى، خالدة، مشعة على أكثر من

 اتجاه، قابلة للتمثل والسير بهديها، في أكثر من مجال.