لخّصلي

لاذا أنت تصلي وتصوم وتحج أو تقوم بعباداتك على حسب ديانتك أي كانت؟ ألن هناك وعد من هللا أن تدخل الجنة أو
هناك وعود أخرى تأمل أن تحوز عليها من خالل دينك، هذا الوعد لم تره ولم تلمسه ولم تشمه، وكما جاء في األحاديث
الشريفةأن الجنة ال يمكن لك حتى أن تتخيلها عوضا عن اإلحساس بها في الدنيا، تعزيز هذا النوع من األمل هو دافع هائل
في تحريك اإلنسان إلى درجة تصل إلى التضحية أو إلقاء النفس في التهلكة من أجل هذا األمل، وهذه هي خاصية إنسانية
وترتبط باملخمباشرة، هناكدراسةتبين كيف أن األمل هو الدافعللعمل.
عبد هللا الزعبي
163
أجريت هذه التجربة على القرود، التجربة كانت كالتالي، حينما يضغط القرد على مقبض يحصل على الجائزة )وفي حالة القرد الجائزة هي
الطعام(،وحينما يضغط القرد على املقبض بعددمن املرات يحصل علىالجائزة،قاس العلماء نسبةالدوبمين في املخ،فالحظوا أن النسبة
ترتفعقبل أن يبدأ القرد بالضغط على املقبض، وليس عند استالم الجائزة )وعلى عجالة، مادة الدوبامين لها عالقةبالسعادة، ولها عالقة
بالتعلم املدفوع بالجائزة، وهي مادة تفرز في املخ( الدوبمين ينطلق في املخبسبب توقعك في الحصول على السعادةوليس بعد حصولك على
السعادة، هنافارق مهم، التجربة على القردتبين أن حينما يتوقعأن يحصل على الجائزة تفرزمادة الدوبامين فيمخه،وليس حينما يستلم
الجائزة، أي أن السعادة تحصل حينما يكون هناكطموح للحصول علىالجائزة،وليسحين الحصول عليها.
قرر العلماء تغيير التجربة قليال، بدال من أن يعطوا القرد الجائزة في كل مرة يضغط فيها على املقبض، أعطوه الجائزة خمسين باملئة من
املرات التي يضغط بها على املقبض،وبشكل عشوائي، فال يدري القرد في أي املحاوالت للضغط سيحصل على الجائزة، اكتشف العلماء أن
كمية ضخالدوبمين فياملخترتفعبشكل أكبربكثيرمن السابق،وهيأكبرمما لو حصل القرد علىالجائزة فيكل مر ة، فيالتجربةاألولىالقرد
ضمن الجائزة، فيالتجربةالثانيةكانتنسبةالضمان 5٠.%
السبب في زيادة نسبةالدوبمين يعود ألن النتيجةأصبحت غير مضمونة، ربما تحدث ربما ال تحدث،وحسب ما يقول د. روبرت سابولسكي
، و هذا الش يء
ربما’ تسبب اإلدمان بشكل كبير“
ربما’ في املعادلة، وكلمة ‘
”أنت أدخلت كلمة ‘
) (Sapolsky Robertالعالم في علم األعصاب:
ينطبق على اإلنسان تماما حسب ما ذكر سابولسكي، ويقول أنه حينما تفصل بين الجائزة والعمل، وتجعل بينهم فارق زمني فإن مستويات
الدوبمين ترتفع عند اإلنسان، فيقول تخيل أنك تبدأ باملدرسة منذ الصغر ولديك طموح كبير في أن تصبح شيئا ما في املستقبل، فتذاكر
جيدا،وتقدم اختبارات جيدة،وتقدم على جامعات جيدة إلى أن تصل إلى غاياتك في العمل في مكان تحبه،فاإلنسان يستطيعأن يبقي على
مستويات الدوبامين في املخبشكل عالي جدا انتظارا للجائزة في املستقبل البعيد،وهذا اختالف من االختالفات بين اإلنسان والحيوان،وهو
االستعدادلالنتظار علىأمل أن يتحقق الش يء حتى لو كان الفارق الزمنيكبير.
عبد هللا الزعبي
164
ربما جردتأحاسيسالسعادةبطريقة علميةوجعلتهموادكيميائيةتفرزفياملخ،ولكن دعكعن الدوبمين، لنتحدثعن املشاعر التيتحس
فيها حينما ترى النجوم، النجوم بالذاتنظر لها اإلنسان وحاول أن يفهمها علىمر التاريخ،واإلنسان بطبيعتهيحباالكتشاف،ولذا ترى أنه
تحرك علىاألرض والبحر وسافر وقطعمسافات شاسعةبدايةباملش ي علىاألقدام ثم باستخدام الحيونات إلىالسيارات و الطائرات،وغاص
فيأعماق البحر ليشكفعن أسراره،وحطم الجسيماتالصغيرةمن أجل أن يكتشفما بداخلها،ونظر إلىالسماء في عمق الكون الكتشاف
أسراره، محاولة االكتشاف واألمل والطموح تشعره بالسعادة، وتجعله يعمل من أجل تحقيق هذه الطموحات العالية البعيدة املنال، إذن
األمل دافعللعمل.
ومن نتائج األمل والطموح واالكتشافانتفاع البشر،فترتفعمعاناتهم وتزدهر حياتهم،وهذه القصةمعروفة،وأنت تحس بها يومياوإن كنت
ال تقدر الجهد العظيم الذي بذلهالعلماء الفضوليون املكتشفون، القصة عرفت حينما اكتشف اإلنسان األرض،وال زلنا في بدايتها، القصة
ال تنتهي باكتشاف األرض والبحار التي فيه، القصة تتكامل حينما يكتشف اإلنسان النجوم والكواكب األخرى )ذلك البحث القديم(،
وسيكون لدينا يوما ما كريستوفر كولومبس آخر يرحل في الفضاء ويكشتف أماكن أخرى يمكن لإلنسان العيش فيها، وتدريجيا سيمتلك
اإلنسان املجرةوربما الكون كله(، هنا تنتهيالقصةوتكتمل.
قبل أيام غاص جيمس كاميرون إلى أعمق نقطةفي األرض،وهي موجودة في قاع البحر، وأتى من هناك ليخبرنا عن بعض التفاصيل ملا رآه في
القاع،وبكلمات بسيطةمرصعةبمشاعر إنسانيةاستطاع أن يرسل أمواج من األحساسيس حول العالم،وكماقرأت في أماكن مختلفة على
”إذاكنت تريد ّ اإلنترنت أن تلك األحاسيس بدأت ك
تحر العلماء من أجل استكشاف األعماق،وإذا ما عدنا للكلمةالتي بدأت بها البودكاست:
أن تبني سفينة، ال تحشد الرجال لجمع الحطب وال لتقسيم العمل وإصدار األوامر، بدال من ذلك علمهم االشتياق التساع و ال نهائية
، هكذا هو اإلنسان، حينما تريد منه أن يقوم بمهمة، فعليك بتحفيزه، عليك بإشعال خياله، كلما اتسعت عنده فسحة األمل كلما
البحر“
عمل أكثروأتى بنتائج أفضل، إذن حينما نتطلعإلىالنجوم فإما أن نصل لها أومادونها،وأتوقعأننا يوماما سنصل لها،و ما بعدها