لخّصلي

البليوسين

مساحة البليوسين ، اذا انتقلنا الى نهاية الزمن الثالث ) محدودة جدا،

بل هى اقل العصور الهامة رقعة فى مصر على الاطلاق . غير انها قد تكون اهمها من وجهة العمران والحياة لارتباطها بوادى النيل . بعد هذا تبدومعظم ارسابات البليوسين اقرب الى الأشرطة الخطية البالغة الطول والضيق والى حد ما التقطع ايضا . وهناك ثلاثة خطوط متميزة ، متوازية او متعامدة، هى على الترتيب التصاعدى الساحل الشمالى الغربى ، ساحل الاحمر ، وادى النيل . ولكل منها وضعياته وظروفه الخاصة بالطبع ، لكن المفتاح المشترك بينها هو طغيان البحر سواء من الشمال او من الجنوب ثم غزوه للارض المصرية على امتداد تلك الخطوط بالتحديد .

ذلك ان الحقيقة الحاكمة فى كل جيولوجية البليوسين هى أن البحر ارتفع
ا تفاعا كبيرا بالنسبة الى اليابس خلال هذا العصر . وقد وصل هذا

الارتفاع الى اقصاه فى اواسط البليوسين الى نحو١٨٠ مترا فوق مستوى سطحه الحالى . وبالتالى غمر البحر من ارض مصر المناطق الادنى من هذا المنسوب ، وهى تلك الخطوط الثلاثة .

فعلي الساحل الشمالى ترك طغيان البليوسين بعض جيوب ضئيلة مبعثرة ومن أهمها منطقة وادي النطرون تتألف رواسبه من الرمل ، والصلصال الجبسى تضم بقايا حيوانات فقرية برية وبحرية تشير بالضروره الى بيئة نهرية . والفرضية المطروحة بالطبع هى أن هذا النهر هو بعينه نيل بلانكنهورن . فكأن وادى النطرون فى تلك المرحلة كان مصبا خليجيا لهذا النهر ،أما على ساحل البحر الاحمر فإن ارتفاع البحر المتوسط أدى الى غمرمنطقة البرزخ من جديد وبالتالى دفن نهر خليج السويس الميوسينى .

الصفير نهائيا تحت المياه المالحة . من ثم نجد رواسب البليوسين فى شمال خليج السويس قارية قليلة السمك . على الجانب الآخر اتصل المحيط .

الهندى والبحر الاحمر لاول مرة فهناك في جنوب البحر انفتح مضيف باب. المندب وغزت مياه المحيط الهندى البحر ومعها حيوانات واحياء المحيط الهندى ـ الهادى البحرية . من هنا تتكون رواسب البليوسين على طول ساحل الاحمر من كسر الجير أساسا lime grits ، مستقرة بلا تناسق طبقات على متبخرات الميوسين . وهذه المجموعة الجيرية ابرز ما تكون انتشارا واكتمالا فى قطاع سفاجة راس بناس بوجه خاص .

على محور خط وادى النيل ، أخيرا ، كان الغزو البليوسينى الاكبر

كل الدلتا برمتها ، ومعها على ضلوعها وادى النطرون ، ثم القطاع الاكبر من وادى الصعيد حتى اسنا ان لم يكن أكثر ، بما فى ذلك ايضا أفواه اودية الصحراء الشرقية التى تفتح عليه تحولت جميعا الى خليج بحرى خطى طولى مسحوب . وفى هذا الخليج البليوسينى المحورى القى البحر رواسبه ثم تركها بعد انحساره معرضة على السطح على شكل ظهورات وبروزات outcrops منعزلة على طول امتداد الوادى ، محصورة فيما بين حافه الهضبية وبين سهله الفيضي ، وموقعة على كنتور ارتفاع موحد تقريبا فوق مستوى السهل الفيضي الحالى .

وهذه الرواسب على نوعين تكوينا ونشأة وعلى قطاعين توزيعا . في
الشمال نوع بحرى من الحجر الجيرى والمارل مع الرمل والصلصال يدل

على أصل بحرى ، ويمتد من القاهرة، حتى الفشن . وفى الجنوب

نوع من الملتحمات الرملية يشي الى أصل نهرى منقول من الجنوب ، ويمتد من الفشن حتى اسنا ويتوغل حول افواه ومصاب الاودية الصحراوية الرئيسية التى تنتهى الى النهر. ولكن عند ساندفورد وآركل ان الخليج البليوسينى توغل الى ادفو بل وكوم أمبو ، بدليل وجود كتل

لرواسب البليوسينية قرب منيحه فى سهل كوم امبو . على ان الرواسب

البليوسينية لم يعثر عليها قط جنوب أسوان .
على هذه الرواسب البليوسينية جميعا فرشت فيما بعد طبقة من الحمى

والرمل من ارساب اودية الصحراء الشرقية . وفوق الجميع جاء النيل فشق مجراه فيها ونشر فوقها بدوره رواسبه النهرية الفيضية، فالبليوسين وتكويناته نرقد اذن تحت اعماق الدلتا والوادى ، ولو اننا لا نعرف سمكها ولا وصلنا الى تحديد هذا العمق . ومن هنا يقتصر ظهور تكوينات البليوسين فوق السطح على هوامش واطراف نطاقه وحدها كرقع وجيوب مشتتة ، وبهذا ابضا تتحدد مساحته على هذا النحو من الضآلة .