لخّصلي

أَسْهَمَتْ طَبيعَةُ الحَياةِ الّتي عاشَها الشَّيخُ زايدٌ -رَحِمَهُ اللهُ- في العَينِ مُنْذُ طُفولَتِهِ المُبَكِّرَةِ في الصَّحراءِ، وَبَينَ
بَدْوِها، وَعلى مَقْرُبَةٍ مِنَ القَبائِلِ وَحَياتِهِمْ وَمَشاكِلِهِمْ وَعاداتِهِمْ وَتَقاليدِهِمْ في اكتِسابِهَ الكَثيرَ مِنَ الصِّفاتِ
الّتي مَيَّزَتْ شَخصيّتَهُ، وَطَبَعَتْها بِمَزايا الحِرصِ على المَأْلوفِ مِنَ العاداتِ والتّقاليدِ وَتَعزيزِ إِحياءِ التُّراثِ
وَتَجسيدِهِ مادّيًّا وَنَظريًّا وَعَمليًّا مِنْ أَبناءِ الجيلِ الحاليِّ، وَأَجيالِ المُسْتَقبَلِ.
وَيُمكِنُ القَوْلُ: إِنَّ الشّيخَ زايدًا -رَحِمَهُ اللهُ- عَرفَ مِنَ التُّراثِ ما تَعَلَّمَهُ مِنَ الباديَةِ، وَأَعرافِها،
وَمِنْ إِشراقاتِ التُّراثِ العَربيِّ والإِسلاميِّ الّذي يَتضَمّنُ جَوانِبَ دينيّةً وَتاريخيّةً وَأَدبيّةً، إِلى جانِبِ المَوروثِ
المَحَليِّ والخَليجيِّ في التُّراثِ الشَّعبيِّ الإِماراتيِّ الّذي تَأَثّرَ بِهِ، وَكانَ طَريقًا لِتَشكيلِ مَلامِحِ شَخصيّتِهِ، والّذي
مَكَّنَهُ فيما بَعدُ مِنَ الإِسهامِ في بَلوَرةِ التُّراثِ الخَليجيِّ والعَربيِّ مِنْ خِالِ الشِّعرِ النَّبَطيِّ الّذي كانَ أَحدَ
فُرسانِهِ، وَتَحويلِ قيمِ التُّراثِ إِلى إِنجازاتٍ، واستِلهامِ مَعانيهِ عِنْدَ صياغَةِ أَيِّ خَطٍّ سياسيٍّ أَوْ إِنسانيٍّ بِهَدفِ
إِسعادِ العَشيرَةِ والقَبيلَةِ والدَّوْلَةِ، وُصولً إِلى الإِنسانِ في كُلِّ مَكانٍ.
وَمِنَ الواضحِ تَمامًا مَدى ارتِباطِ الشّيخِ زايدٍ -رَحِمَهُ اللهُ- بِشَعبِهِ، وَوقفتُهُ عندَ بعضِ المَعالِمِ التُّراثيّةِ، مِمّا
جعلَهُ رَمزًا لِلتُّراثِ بينَ أَبناءِ شَعبِ دَولةِ الإِماراتِ العَربيّةِ المتّحدةِ؛ لارتِباطِ شَخصيّتِهِ بِالنّهضَةِ التّنموَيّةِ
الكَبيرَةِ الّتي قادَها، وَظَهرَتْ آثارُها في حَياةِ الناسِ في مَجالاتِ الحَياةِ كُلِّها في مُجتَمعٍ يُحافِظُ على مَوْروثِهِ،
وَيَسعى إِلى التَّوفيقِ بينَ الأَصالَةِ والمُعاصَرةِ، وَمِنْ هُنا نُلاحِظُ أَنَّ أَهمَّ مَلامِحِ مَسيرَةِ الشَّيخِ زايدٍ -رَحِمَهُ
اللهُ- أَنَّهُ، وَمُنْذُ طُفولَتِهِ نَشأَ في أَحضانِ الطَّبيعَةِ، وَتَعرَّفَ أَسرارَ البيئَةِ المَحلّيَّةِ، وَعاشَها يَومًا بيَومٍ معَ النّاسِ
جَميعِهِمْ، بِمَنْ فيهِمُ القَبائِلُ والبَداوةُ.
وكانَ منْ فُرسانِ الشِّعرِ النَّبَطيِّ، حيثُ جسَّدَ فيهِ التزامَهُ بِعاداتِ وتَقاليدِ وأَعرافِ المُجتمَعِ، معَ حرصِهِ على
حفظِها ونَقلِها إِلى الأَجيالِ منْ خلالِ إِقامَةِ الهَيئاتِ العامِلَةِ على تَوِثيقِها وَصوْنِها. ويمكنُنا أنْ نقولَ: إِنَّ الشَّيخَ
زايدًا -طَيَّبَ اللهُ ثَراهُ- كانَ شاعِرًا نَبطيًّا مُبدِعًا، وَقَدْ نُشِرَ الكَثيرُ مِنْ قَصائِدِهِ، وَدارَتْ مُساجَلاتٌ شِعريّةٌ
كَثيرَةٌ بَينَهُ وَبينَ شُعَراءَ مِنْ أَنحاءِ دَولةِ الإِماراتِ العَربيّةِ المتّحدةِ، كما أَنَّهُ كانَ يَستمِعُ إِلى الشُّعَراءِ، وَيَتذوَّقُ
أَشعارَهُمْ، وَقَدْ يوَجِّهُهُمْ، وَيُبدي إِعجابَهُ بِهِمْ.
كما انتَشرَتْ مَجالِسُ الشُّعَراءِ في الدَّوْلَةِ؛ لِتُشارِكَ في الأَحداثِ الاجتِماعيّةِ، وَتعملَ على تَشجيعِ النّاشِئينَ
مِنْهُمْ، وَقَدْ صَدرَ لِلشَّيخِ زايدٍ -رَحِمَهُ اللهُ- ديوانُ شِعرٍ جَمَعَ قَصائِدَهُ الشّاعِرُ «حمد بو شهاب » -رَحِمَهُ اللهُ-
والّتي تَنوَّعَتْ أَغراضُها في مَوضوعاتِ الوَصفِ والغَزلِ والمُناجاةِ،