لخّصلي

الفصل الثامن قوة المصالح النقابية ما يخبرنا به الاقتصاد عن السياسة كنت قد ذهبت منذ عدة سنوات لقضاء العطلة مع مجموعة من الأصدقاء، وباعتباري الدارس الأكاديمي الوحيد في المجموعة فكان البعض يتطلع لسؤالي عن بعض الأمور. وعندما ذكرت أنني أدرس السياسة العامة، سألنى أحد الرفاق بنبرة من الشك: «إن كان الجميع يفهمون السياسة العامة، كان سؤاله أحمق فهو يشبه السؤال القائل: «إن كنا نعرف كل تلك الأمور عن الطب، لماذا يموت الناس؟» ولكن دائما يصل المرء لإجابة بعض الأسئلة بعد عدة سنوات. (أذكر أنه عندما سألني وقتذاك أجبته: «إنها مسألة معقدة نوعا ما»). فقد كان علي أن أخبره أننا تمكنا من إحراز تقدم هائل في مجال السياسة العامة، مثل التقدم الذي وصلنا إليه في مجال الطب. فالأمريكيون الآن أكثر ثراء ويتمتعون بصحة أفضل وبتعليم أكثر جودة، وهم الآن أقل تعرضا للطفرات أو الإفلاسات الاقتصادية المفاجئة - باستثناء ما حدث أثناء فقاعة شركات الإنترنت. ** Result for Image/Page 2 ** قوة المصالح النقابية • ١٨٧ علق هذا السؤال بذاكرتي لسنوات لأنه يلمح إلى نقطة مهمة، أنه حتى عندما يوافق خبراء الاقتصاد بالإجماع على سياسات معينة والتي من شأنها ان تؤدي لمزيد من الرخاء - تصطدم تلك السياسات بجدار من المعارضة السياسية. التجارة الدولية خير مثال على ذلك. ولا أتحدث هنا عن رجل اقتصاد واحد تابع لتيار فكري يعتقد أن التجارة الدولية لا تشكل أية أهمية بالنسبة للتقدم الاقتصادي في الدول الغنية والفقيرة على حد سواء، بل إنها قضية أدت بالفعل إلى خروج المحتجين وقيامهم بأعمال شغب بالشوارع. وحتى قبل أن يقوم مناهضو العولمة بحركات الاحتجاج العنيفة في أماكن مثل مدينة سياتل ومدينة جنوة ( بسبب المؤتمرات التي عقدت هناك)، فقد تسببت كل ذلك والكونجرس يهتم بتشريع القوانين القائمة على المحسوبية والاسترضاء، التي تبدد المال على المشاريع الصغيرة والتي لا يمكن أن تدعم المصلحة القومية بأية حال من الأحوال. فقد تضمنت الميزانية الفيدرالية مدفوعات نقدية لمن يربون ماعز الموهير خلال فترة امتدت طوال أربعين عاما تقريبا، (يأتي الموهير من ماعز الأنجورا وهو بديل للصوف). فقد بدأ صرف تلك الإعانات عام ١٩٥٥ م بأمر من القوات المسلحة لضمان توفير ما يكفي لصناعة السترات العسكرية ذ حالة حدوث حرب.

الفصل الثامن
قوة المصالح النقابية
ما يخبرنا به الاقتصاد عن السياسة
كنت قد ذهبت منذ عدة سنوات لقضاء العطلة مع مجموعة من الأصدقاء، وباعتباري
الدارس الأكاديمي الوحيد في المجموعة فكان البعض يتطلع لسؤالي عن بعض الأمور.
وعندما ذكرت أنني أدرس السياسة العامة، سألنى أحد الرفاق بنبرة من الشك: «إن كان
الجميع يفهمون السياسة العامة، فلماذا إذا كل هذه الفوضى فز البلاد؟» من ناحية، كان
سؤاله أحمق فهو يشبه السؤال القائل: «إن كنا نعرف كل تلك الأمور عن الطب، لماذا يموت
الناس؟» ولكن دائما يصل المرء لإجابة بعض الأسئلة بعد عدة سنوات. (أذكر أنه عندما
سألني وقتذاك أجبته: «إنها مسألة معقدة نوعا ما»). فقد كان علي أن أخبره أننا تمكنا
من إحراز تقدم هائل في مجال السياسة العامة، مثل التقدم الذي وصلنا إليه في مجال
الطب. فالأمريكيون الآن أكثر ثراء ويتمتعون بصحة أفضل وبتعليم أكثر جودة، وهم الآن
أقل تعرضا للطفرات أو الإفلاسات الاقتصادية المفاجئة - باستثناء ما حدث أثناء فقاعة
شركات الإنترنت.

** Result for Image/Page 2 **
قوة المصالح النقابية • ١٨٧
ومع ذلك، علق هذا السؤال بذاكرتي لسنوات لأنه يلمح إلى نقطة مهمة، ألا وهي:
أنه حتى عندما يوافق خبراء الاقتصاد بالإجماع على سياسات معينة والتي من شأنها
ان تؤدي لمزيد من الرخاء - تصطدم تلك السياسات بجدار من المعارضة السياسية. وتعد
التجارة الدولية خير مثال على ذلك. ولا أتحدث هنا عن رجل اقتصاد واحد تابع لتيار
فكري يعتقد أن التجارة الدولية لا تشكل أية أهمية بالنسبة للتقدم الاقتصادي في الدول
الغنية والفقيرة على حد سواء، بل إنها قضية أدت بالفعل إلى خروج المحتجين وقيامهم
بأعمال شغب بالشوارع. وحتى قبل أن يقوم مناهضو العولمة بحركات الاحتجاج العنيفة في
أماكن مثل مدينة سياتل ومدينة جنوة ( بسبب المؤتمرات التي عقدت هناك)، فقد تسببت
اتفاقيات توسيع التجارة - مثل اتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة ـ في معارك
سياسية ضارية.
كل ذلك والكونجرس يهتم بتشريع القوانين القائمة على المحسوبية والاسترضاء،
التي تبدد المال على المشاريع الصغيرة والتي لا يمكن أن تدعم المصلحة القومية بأية حال
من الأحوال. فقد تضمنت الميزانية الفيدرالية مدفوعات نقدية لمن يربون ماعز الموهير
خلال فترة امتدت طوال أربعين عاما تقريبا، (يأتي الموهير من ماعز الأنجورا وهو بديل
للصوف). فقد بدأ صرف تلك الإعانات عام ١٩٥٥ م بأمر من القوات المسلحة لضمان
توفير ما يكفي لصناعة السترات العسكرية ذ حالة حدوث حرب. ولم يكن هذا تصرفا
سديدا؛ «إذ إن القوات المسلحة بدأت تستخد الألياف الصناعية لصناعة سترات الضباط
والعساكر مع بداية عا ١٩٦٠
م.» ومع ذلك، استمرت الحكومة في دفع تلك المبالغ السخية
لهؤلاء المزارعين طوال خمسة وثلاثين عاما أخرى، لماذا؟
ليس لأن مربي ماعز الموهير ذوي نفوذ هائل أو محنكين سياسيا، فهم لا هذا ولا
ذاك. ولكن كان السبب يكمن وراء عددهم الصغير الذي ساعد على استمرارية حصولهم
على الإعانات السخية من الحكومة دون أن يلاحظ دافعو الضرائب. افرض أن هناك
ممن يربون ماعز الموهير الذين يتلقى كل منهم شيكا من الحكومة الفيدرالية بقيمة
ألفا
١٠٠٠ دولار مع حلول كل فصل صيف؛ فقط لكونه يربي ماعز الموهير. ستجد بالطبع
المتلقين لهذا الدعم الحكومي يهتمون به للغاية - وربما أكثر من اهتمامهم بأية سياسة

** Result for Image/Page 3 **
الاقتصاد عاريا
حكومية أخرى. وتجدنا نحن ممن ندفع مجرد بضعة قروش إضافية للحفاظ على المخزون
غير الضروري من الموهير لا نكترث بذلك المبلغ على الإطلاق. فأي رجل سياسة يعرف أنه
إذا أجرى تصويتا على ضرورة دعم صوف الموهير سيحظى بتأييد قوي من جانب المربيين
اعز الموهير ولن يلقى حماسا من المقترعين الآخرين. وهذا أمر واضح وضوح الشمس من
الناحية السياسية.
ولكن المشكلة أن مربي ماعز الموهير ليسوا فقط من يصطفون للحصول على دعم
حكومي، أو تخفيض ضريبي، أو حماية تجارية، أو أية سياسة حكومية أخرى تحشو جيوبهم
بالنقود. لذلك يستغل هذه النقطة أكثر السياسيين ذكاء لتبادل المصالح - فإن قدمت أنت
الاعانات لمزارعي الموهير في بلدتي، أقدم أنا بدوري الإعانات لنشاط آخر في بلدتك. أذكر
أثناء فترة عملي ككاتب للخطابات التي يلقيها محافظ ولاية ماين، اعتدنا أن نشير إلى
ميزانية الولاية على أنها مثل شجرة عيد الميلاد التي يضيف إليها كل مشرع قانوني قطعة أو
قطعتين من الزينة. أما الآن فإنني أقطن في الدائرة الخامسة بولاية إلينوي التي مثلها دان
روستنكاوسكي Rostenkowski Dan لعدة عقود. فنحن - قاطني شيكاغو نشيد بما فعله
ستنكاوسكي. فعندما احتاج متحف
العلوم والصناعة عشرات الملايين من الدولارات
لبناء موقف انتظار سيارات تحت الأرض، استطاع دان روستنكاوسكي أن يجلب التمويلات
الفيدرالية اللازمة لبنائه." فهل كان لزاما على دافعي الضرائب في مدينة سياتل أو فيريف