لخّصلي

لمسح الأثري و أنواعه
مقدمة: تعد عملية المسح من بين أهم المراحل الممهدة للاكتشافات و البحث عن الآثار من خلال بعض المعطيات التي يتحصل عليها الأثري أثناء القراءات، الأبحاث و المعلومات التي يتلقها ربما من عامة الناس. الوسائل التي يعتمد عليها الأثري في مراحل المسح للمساحات المختلفة فوق و تحت الأرض، قد تختلف حسب المواقع التي قد تحتوي على مخلفات بشرية مثيرة للتقصي و البحث الأثري العلمي. كما قد تختلف الأساليب و الطرق التي يعتمدها الأثري في هذه العملية لإنجاح المراحل الأولية لأشغاله. يحتوي هذا المقطع على تعريف لعملية المسح و أشكاله و عن أساليب الكف عن الآثار.

تعريف المسح الأثري:
يقصد بالمسح الأثري ذلك المجهود الذي يبذله المختصون في الآثار، لتحديد المواقع والمعالم الأثرية وجردها وحصر آفاقها وحيزها، و وصف مخلفاتها وبقاياها المادية التي تظهر فوق سطح الأرض، كالعناصر المعمارية والجدران والمباني، واللقى الأثرية كالفخاريات والمعدنيات والزجاجيات وغيرها، بالاستعانة بالخرائط الطبوغرافية والصور الجوية، والوسائل والطرق العلمية المستخدمة في الكشف عن المواقع الأثرية، دون القيام بأسبار أو أعمال حفر، كما أنها تبحث عن المواقع الأثارية تحت سطح البحر بوسائل مختلفة و متقدمة.
أهمية المسح الأثري:
كان المسح الأثري في بداية المراحل الأولى في البحث عن المخلفات الأثارية مجرد إجراء أولي يسبق الحفرية، يحدد حيزها وإطارها، غير انه مع مرور الوقت أصبح المسح الأثري هدفا مقصودا، وتخصصا قائما بذاته كغيره من التخصصات التي يتضمنها علم الآثار، فالعملية سهلة وسريعة الانجاز وقليلة التكاليف، مقارنة بالحفرية التي تتطلب إمكانيات كبيرة، ووقت طويل قد تستغرق سنوات عدة. فالمسح الأثري فضل عن ذلك يجعل نظرة الباحث الأثري واسعة وشاملة، ويسمح بتكوين طلبة في مختلف
أنواع المعالم والبقايا الأثرية وفترات تاريخية متعددة، عكس الحفرية التي تهتم بموقع واحد ودراسة بقاياه المكتشفة معزولة عن محيطها الأثري.و يبقى التكامل واضح بين الحفرية و المسح. فالمسح يكسب الباحث
الأثري معلومات كافية في بعض الحيان عن مواقع كثيرة.
كما أن للمسح الأثري مساهمة فعالة في حماية المعالم والمواقع الأثرية، فبتحديده وحصره لها يسهل عملية
وضع برامج لتأهيلها وتنميتها وقد ينقذها من برامج كانت ستدمرها، وقد تندثر وتتهدم بعض المعالم فتبقى الصور الملتقطة أثناء المسح شاهدا لها، فالكثير من المواقع الأثارية زال ولم يبق مما يعرفنا بها إلا الصور والمخططات والخرائط التي أنجزت حولها بعد المسح و أسباب اندثارها متعددة منعا طبيعية و أخرى عسكرية كالحروب و الخراب.
متطلبات المسح الاثري:
بعثة المسح الأثري: يتطلب المسح الأثري تضافر جهود من جميع التخصصات، على رأسهم مختص في علم الآثار ، له خبرة في الدراسات الميدانية والمسوحات الأثرية والتحكم في الأجهزة، والوسائل المستعملة في الكشف عن الآثار وتحديدها، وإليه توكل مسؤولية تسيير البعثة وتوجيه أعضائها كل حسب اختصاصه، ومراقبة سير العملية وإصدار النتائج والتقرير.
تتشكل فرقة البحث عن الآثار من تخصصات مختلفة بما أنها تتعامل مع المواقع والمعالم الأثرية التي ترجع إلى فترات تاريخية مختلفة، فتحتاج الفرقة إلى مختصين في الآثار للحضارات القديمة والترميم، بالإضافة إلى متخصصين في علم الكتابات الأثرية واللغات القديمة وعلم المسكوكات وغيرها.
كما يجب أن يرافق هؤلاء الباحثين الأثريين متخصصون في علوم مساعدة لعلم الثار.
وبالإضافة إلى ما سبق، يجب أن تضم البعثة أفرادا آخرين كسائقي السيارات، ودليل يفضل أن يكون من
أبناء المنطقة الممسوحة، يستبدل كلما انتقلت البعثة إلى منطقة جديدة.
وسائل المسح الأثري:
يحتاج المسح الأثري إلى مجموعة من الوسائل، تأتي في مقدمتها الخرائط على اختلف أنواعها، الجغرافية، الجيولوجية، و الطبوغرافية و الصور الجوية، فبهذه الخرائط والصور تتعرف البعثة على طبيعة المنطقة و الطرق والمسالك المؤدية للمواقع معنية بالبحث و الحفائر، ويساعد هذا في تنظيم عملية المسح وتسهيلها، كما تكشف الصور الجوية على الكثير من المواقع المطمورة تحت الأرض، و تبقى من الوسائل الهامة التي تستعمل في الكشف عن الثار.
بالإضافة إلى الخرائط والصور، يحتاج المسح إلى أجهزة تصوير فوتوغرافي وكاميرات، ومخبر لتحميض الصور و تخزنها والتأكد من سلمتها وجودتها، وأجهزة للقياس وأجهزة الكتابة والرسم .
كما يجب أن تزود البعثة بأدوات تهيئة قد تحتاجها في نزع الأعشاب لتظهر في الصورة واضحة كالمسطرين وفأس وفرشاة، دون أن ننسى وسائل نقل ملائمة لطبيعة المنطقة .
أنواع المسح الأثري:
-1 المسح الشامل: يعد المسح الشامل احدث أنواع المسح الأثري، وهو يهدف إلى مسح كل أجزاء المنطقة ، وتحديد المواقع الأثرية الظاهرة والمطمورة، بالوسائل والطرق العلمية المستخدمة في الكشف عن الثار، مهما كان نوع الآثار وفتراتها التاريخية، شظايا أدوات حجرية وفخار وعناصر معمارية وقبور وكهوف وأسوار ومباني.
-2 المسح الاختياري: أو المسح الجزئي، وهو اختيار أماكن محددة حسب الأهداف المسطرة لعملية المسح، فإذا كنا نهدف إلى الحصول على معلومات عن فترة تاريخية معينة، فإننا نقوم بمسح المواقع التي
ترجع إليها الفترة دون غيرها من المواقع، وإذا كانت دراستنا تهدف إلى التعرف على نوع من المنشآت أو المعالم الأثرية كالطرق أو المدافن أو الرسوم الجدارية ضمن نطاق جغرافي محدد فإننا سنتجاهل المعالم الأخرى.
فعملية المسح الاختياري قليلة التكاليف وسريعة الانجاز، عكس المسح الشامل الذي يتطلب جهدا ووقتا كبيرين.
3-المسح الإنقاذي: يتم هذا المسح في المناطق التي ستقام فيها مشاريع كبرى كالسدود وشق الطرقات الرئيسية و الوطنية والمؤسسات الصناعية الهامة التي تستدعي الضرورة إلى انجازها في منطقة محددة، ويصبح دور المسح في مثل هذه المناطق إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الآثار والمعلومات المهددة بالزوال والاندثار، ويجب أن يتم بسرعة وبطريقة دقيقة وشاملة، حتى تتبعه حفريات إنقاذية هي الأخرى، ويجب أن تسجل المعلومات الأساسية لكل المواقع المعنية بالإنقاذ من صور ومخططات وخرائط وأشكال.