خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
يسردها الكاتب على وجه يعينه ، تتباين أساليب عيشهم وتصرفهم في الحياة ، كما تتباين حياة الناس الحقيقيين . ويفي أثره في نفسه بعد الفراغ من قراءتها ، حتى يتيسر له الكشف عن جوانبها ، وتصويرها تصويرا فنيا صاد صادقا . والواقعية بهذا المعنى كثيرا ما تكون سببا من أسباب الإعجاب يف القاص ، يدل على أن عقله يختزن كل ما ترى عينه ، والاقتدار على إعادة تركيبها للإفصاح عن معنى من المعاني ، فينتهون إلى أعمال ضعيفة ، وأن تسمى القصيرة " قصة قصيرة " ، مادامت القصيرة تسمى " قصة قصيرة " " ) . والذي نميل إليه أن تكون " القصة " علما على فن القصص كله ، وأن يسمى ما طال منها رواية ، وما قصر " قصة قصيرة " . والفرق بين النوعين أن الرواية تصور مدة طويلة من حياة شخص ، وربما عرضت لحياة شخص كاملة مع كل ما يتصل بها ، وتدور على أمر واحد ، وسنفصل الآن القول في كل من الرواية والقصة القصيرة . أولا- الرواية تتألف الرواية من عدة عناصر ، وهم الذين يقومون بهذه الحوادث ، وهو ما يكون بين الأشخاص من كلام ، بحيث تكون لها بداية ، تتكون بما أس الحدث أو الحكاية ، يتعلق به كل ما في الرواية من حوادث وأشخاص ، تسير في خط مستقيم إلى هايتها . وفي هذا النوع تكون عند الكاتب فكرة عامة قبل البدء في كتابة الرواية ، غير أن التمييز بين الروايات على أساس من هذين النوعين قد يكو غير دقيق ، فإنما قد يجتمعان أو يتقاربان في رواية واحدة . وليس لزاما أن تكون الرواية ذات الحبكة المحكمة خيرا من الرواية ذات الحبكة المفككة ، لأنها تعول على المصادفة . وأن يكون تركيبها مقنعا ومقبولا " ) . فالبسيطة تبني على حكاية واحدة ، يجمع بينها في روايته . من أجل أن يحدث شعورا بالألفة بينه وبين القارئ . ويقوم على تدوين الخواطر التي يحدث بها المرء نفسه ، فمن الصعب أن تعرض فيها مادة الرواية كلها من معرفة المتكلم وقوته ، إذا ما استعملهما روائي ماهر ) . في رسم أشخاص روايته ، ففي الأولى يرسمهم من الخارج ، وفي الطريقة الثانية يجعل الكلام على لسان الشخص ، ليبين عما في نفسه بكلامه وأفعاله ، وقد يبين عنه يجعل غيره يعلق على أعماله . إلا أن الطريقة التحليلية لا تصلح في الرواية التي يستعمل فيها ضمير المتكلم ، لأن الشخص فيها يكشف عن نفسه بنفسه ، ومن المألوف في الفن القصصي - عامة - أن يكون في القصة شخص ، وأحل محلها تصوير الوعي الاجتماعي له الطائفة من أشخاص الرواية ، " وأما الحادثة في هذه الرواية ، وإن كانت العناية بالجانب النفسي من الأشخاص تسلب القاص " وسائل التشويق القديمة القائمة على المبالغة والغلو ، وصار فنانا بالمعنى الحقيقي ، وروايات الكتاب الذين يهتمون بالأشخاص روایات نفسية ، وقد تكون الحركة الجسدية الوحيدة التي يقوم بها بطل رواية من هذه الروايات هي أن يصعد الدرج ، أو يستلقي على مقعد طويل ، وكل ما يرغب الروائي في سرده عنه " . 3- الحوار : وهو الحديث الذي يكون بين أشخاص الرواية ، وأن يكون طبيعيا ملائما للرواية وشخصيات المتكلمين ، ومما يتصل بالحوار استعمال العامية فيه ؛ ولا حجة للذين يكتبون حوارهم بالعامية : فالفصحى أقدر على تنويع الدلالات و تعميقها من العامية المحدودة في مفرداقاء التي تعجز عن المعاني العالية ، وأنه على فهمها أقدر ، هذا إلى أن استعمال العامية يخرج بالعمل الأدبي إلى الثرثرة والتفاهة ، ولا يكشف عن مجهول من قيم النفس ، ثم إن العامية تجعل العمل الأدبي محليا ، بل ربما عجز الكاتب عن إبلاغ فكرته أهل قطره كلهم ، فهي اللغة القومية التي تتساوى الأقطار العربية في فهمها . على ألا يكون في حواره تكلف ، فإنه يكتب بأسلوب عربي فصيح ، وكتاياه " إبراهيم الكاتب " ، و " إبراهيم الثاني " وإذا فوم ما يكتب اليوم في الأدب العربي من الأدب الفصتي بأنواعه كلها ( الرواية ، من أجل ذلك كان الذي يعجب النقاد منه هو ما يسمى الجوانب التقنية ، وإنما يجد الدارج من الكلام على ألسنة العوام ، ولا يدل على موهبة فنية . وجعل الفن القصصي " كلا مباحا ، بدلا من التسامي بماء والرقي بأذواقها ، فكان عملهم سلبيا ، فإن الرواية تعنى بذلك ، وإلا جاءت الرواية متكلفة ، والبيئة هي التي تسوء ظهور الأخلاق الاجتماعية في كل زمان ، والتعمق في جذور الوعي العام ، ومنهم من يكتفي بالوصف المحمل ، وأكثر ما تكون الغاية الأولى لهذا النوع الإصلاع ، وأكثر ما يكون الخلاف بين الأدباء في هذين . ولعل هذا سب أنه لا تكاد توجد صورة ثابتة للجنس القصصي كله ، أو ما يسميه بعضهم " الانطباع " ، تساعد على تكوين الأثر في النفس . فقد قال إنها " نوع من السرد ، أو يقل عن خمسمائة كلمة ومن الشائع أن يتراوح بين ألف وخمسمائة كلمة وخمسة آلاف كلمة ، وأشار إليه أليكس ب " الضيق ، تشي بأنه حاول بناء تعريفه على استقراء ، ولم يبنه على تخمين ، ويندر أن تزيد على أعلاهما ( عشرة آلاف كلمة ) ، يغلب أن تلزمه ( ما بين ألف وخمسمائة كلمة وخمسة آلاف كلمة ) . قدمها بين يدي تعريفه هذا : " شيء ما ، " شيء يمكن قراءته في ساعة ، وعن التعريفات الجيدة التي عرفت بها القصة القصيرة أيضا تعريف مبني على أن من خصائصها " وحدة الانطباع " ، يمكن أن يتصل بها ؛ فإن القصة إذا كانت على هذا الوجه ، وحالت بينه وبين التشتت في دروب كثيرة ، فإن من القصص القصيرة ما يبلغ أربعين ألف كلمة ، ومن الروايات ما يكون بين سبعين فمدار الفرق بين التوعين - إذن - ليس على الطول وحده ، ويتميز أسلوب القصة القصيرة بالإيجاز الشديد ، فإنهم كانوا يضعون هذه القاعدة نصب أعينهم ، وقال راست هيلز ( Rust Hills ) إن القصة القصيرة " تدل على علاقات متناغمة بين عناصرها كلها أكثر من أي نوع في آخر ، قدرة على قول الشيء المؤثر المكتمل في حيز محدود " ، على وجه يحول بين المرء وأن يفهم ما يريد كاتبها . على أن هذه ظاهرة عامة في كل ما يكتب بالعربية اليوم ، فهو يريد أن يزيحه عن كاهله بكل وسيلة . لنتبين الفرق بينها وبين الرواية ، وتتبين سمات القمة العربية القصيرة . " أقصى درجات الحيبة " / لحسن حجاب الحازمي ) " إطلاقا لم أكن أتوقع أن نافذة ستفتح ، والطرق تلف بي ، عيناي معلقتان في النوافذ ، حتى الأبواب المواربة حين تسمع أزيز سيارتي ، وكأنها تتآمر على قتل الأمل الذي يدفعني إلى التجوال . - غدا صباحا سوف أمر بالنافذة ، - قد تخرج إلى المدرسة في سيارة أبيها ، فكيف ستكلمها يا حلو ؟ - بالعيون ، - غدا في نفس الموعد سأمر بالنافذة ، وبيني وبينها سور وفناء وأبواب كثيرة ، وقد تلتقطتي شبكة " السي إن إن " ، ويتندرون بي في كل تلفزيونات العالم ، وتسجله وتتصل بي ؛ نعم هذا هو الحل يا أبا رعد ، فنم يا أبا رعد ، غدا سوف تكون لك حبيبة كغيرك الذين لا تعد حياتهم ، وغدا سوف تتكئ - كما يتكى أصحابك - مزهوا بنفسك ، وغيرك يؤوب كل يوم بحبيبة وحكاية . فمتى ستجيء وأمك لم تولد في مخيلة أبيك بعد ، فنم يا أبا رعد ، ليستقبل الضوء الأحمر القادم من نافذة الحبيبة التي لا تبين . فلماذا تصر على الاختباء ؟ أهذا دلال العشاق الذي يقولونه ؟ قلت لنفسي : الضوء الأحمر له دلالته ، وعيناي معلقتان بالنافذة ، عدت إلى البيت مسرعا ؛ حين رأيت ضوءا أحمر ين من نافذة علوية في بيتنا ، ورأيت لوحتي نفسها تظهر وتختفي ، فيكون بينهما ما يكون بين أتراهما من الفتيان والفتيات ، وهي تلوح بالورقة التي كان قد كتب عليها رقم هاتفه ، فيكون بينهما ما كان أخوها يريد أن يكون بينه وبين تلك الفتاة . سلط الله عليه من يفعل به مثل الذي فعل بغيره . فإنما يجوز في الرواية المبنية على الطول ، وقد علمنا أن القصة القصيرة يجب ألا تكون فيها " كلمة واحدة لا تقود مباشرة إلى صميم موضوع الأقصوصة " . هذا إلى أن بعض ذلك الحوار الطويل الذي ناجی به الكاتب نفسه ، حين أوى إلى فراشه ، واستعمال المفردات والأساليب العامية ، يدي على المقود " ، " لوحدها " ، " لم تعد كذلك " ، " قد يلحظني " ، " اختفت " ، " لست كسولا " ، " الفشل " ، " الإحراجات " ، " الدور العلوي " . ومن الأساليب العامية : " يتأقل في غد " ( أي يؤمل غدا ) ، " يا حلو " ، " لم تعد مناسبة لواحد مثلي " ، " ألا يكفيها توم " ، " في بيتنا بالضبط " ، ومن الأساليب المبتذلة : " تبخر تماما " ، " فكرة معقولة " ، " التنبؤ بما سيحدث " ، " وليحدث بعدها ما يحدث " . ومن الأساليب الضعيفة : " طيف امرأة خلف الزجاج " ( الطيف ما يكون في المنام ، والصواب ظل امرأة تعد حبيباتم " ، " انقشع كل الحدب " ، " أخرج من الجامعة وأني لأراها " ، " غيرك الذين لا تعد " وأنت لك الكلمات المقتضبة والمخجلة ، " عدت إلى البيت مسرعا ؛ ومن التعابير التي لا معنى لها : " أزقه السهر " ، ومثل ذلك قوله : " دلال العشاق الذي يقولون عنه " ، ومن غير المستبعد أن تكون هذه القصة من أول ما كتب القاص ، وأن يكون ما بما أثرا من آثار عدم الصقل والتجويد اللذين تتسم كما بواكير الأعمال الأدبية . كما أن الفن القصصي في الغرب بدأ بها ، فإن هذه الآيات - على وجازها - أبانت عن تكذيب فرعون وطغيانه وادعائه الألوهية من دون الله ، ثم ما حاق به من العذاب بسبب ذلك بأسلوب موجز ، والحقول بالمعاني ، ومن أمثلتها أيضا المثل العربي : " أوسعتهم سا وأودوا بالإبل " ، كما أنه خلاصة لمناسبة المثل التي تقول إن فتى أغار عليه قوم ، فلما رجع إلى قومه ، وأودوا بالإبل " . قال : كيف ترون عمالكم ؟ قال : شر عمال ، قال : أنا فلان بن فلان ، وأمر له بصلة " . وقصارى ما يمكن أن يقال في العلاقة بينها وبين التراث أن الكتاب لما اطلعوا عليها في أدب الغرب ، وهي تستمع إلى كلمات الطبيب : " لم يعد الدماغ يعمل ، بينما دخلت المرأة الأخرى . - " ما الذي تفعله " سالب الطبيب . حتى ذابت قلوبهم . والآن جميعهم يرقدون في مقابرهم مخلفين وراءهم صمتا ونذيرا بالنسيان ! وسبحان من له الدوام . ك " ألف ليلة وليلة " ، و " كليلة ودمنة " ، إذن لما كانت كتبه بهذه الكثرة والتنوع ، وقد ألمح ابن الندم إلى ذلك ، اختار فيه ألف سمر من أسمار العرب والعجم والروم وغيرهم ، كل جزء منه قائم بذاته ، واختار من الكتب المصنفة في الأسمار والخرافات ما يحلو بنفسه ، ثم عاجلته المنية قبل استيفاء ما في نفسه من تتميمه الف سمر " ( 2 ) . كانوا يضعون " الأسمار والخرافات على ألسنة الناس والطير والبهائم " ، وأحمد بن أبي طاهر ) . يمر بها ليلة كاملة ، لا يكون كما ألف الكتاب البلغاء ، كسهل بن هارون ، والسير الحسان الجونة ، في معارضة " كتاب كليلة ودمنة " ، و " كتاب الإخوان " ، وكان يجيد فن الكتابة والترسل كما يحسن التأليف . ومما يستانس به لذلك قول ابن الندم إنه رأى " ألف ليلة وليلة " بتمامه ، ولكن العرب نقلته هو وغيره من خرافات الفرس " إلى العربية ، فه بوه وقوه ، لابن شهيد الأندلسي ، ك " رسالة الغفران " ، و " رسالة الصامل والشاحج " ، و " كتاب القائف " ، و " حكاية أبي القاسم البغدادي " ، و " حي بن يقظان " ، و " منامات الوهراني " . وفيما ألفوا من قه قصص الأنبياء ، وما قالوا في ذمهم والتحذير منهم . وكان بعض القصاص على علم واسع بما في الكتب القديمة ، ووهب بن منبه الذي يروي أنه قال : " قرأت من كتب الله اثنين وسبعين كتابا " ( 2 ) . وإن لم يكن مأخوذا كله من كتب اليهود والنصارى ، وإن كنا لا نثق بصحة نسبة الأخبار التي تنسب إلى عبيد بن شرية ؛ وکالأخبار المنسوبة إليه في " الإكليل " ، ومع ذلك ألفت فيهم كتب قائمة بذاتها ، وفيهم من يقر ابن النديم بأن أحاديثه تدخل في السمر " ، 3- قصص الحيوان : ويبدو أن أقدمها في الأدب العربي ما عورض به " كليلة ودمنة " ، أطول ما بقي منه قطعة نشرها بعض الباحثين بعنوان : " النمر والثعلب ) . كشبه الخنزير بالفيل ، " رسالة الصاهل والشاحج " ، أما " كتاب القائف " ، وما بقي منه يدل على أنه يختلف عن " رسالة الصامل والشاحج " ، ويبدو مما قال فيه أحد أدباء الأندلس : " ولأبي العلاء المعري في كتاب القائف " إحسان مشهور ، وقد عارض محمد بن عبد الغفور الكلاعي الأندلسي ( توفي في القرن السادس الهجري ) " رسالة الصاهل والشاحج " بكتاب ، على أسلوب كليلة ودمنة بالصادح الطير ، وألفت الإمام أبو حامد الغزالي ( ه ) " رسالة الطير " ، يرويها راو عن بطل ، وغايتها الأولى تعليم أساليب العربية الأنيقة ، وقارنوا بينها وبين القصة الحديثة ، فتروي قصة يقوم بها بطل المقامات الذي يتصف بالاحتيال ، ويرويها عن البطل راو ، وراوي مقامات الحريري الحارث بن همام ، وبطلها أبو زيد السروحي . وقد لقي في المقامات عناية من أدباء العربية ، لم ينلها نوع من أنواع القصة ، والاحتفاء بها إلى العصر الحديث ، فممن كتبها من العلماء والأدباء محمد بن يوسف السرقسطي ، وأحمد بن أبي بكر الرازي ، وحاتم بن أحمد الفرحوطي ، وإنما جعلوها أشبه بالمقالات المنمقة ، ك " رسالة الغفران " ، وهي رد على رسالة بعث بها إليه ابن القارح ، فساقه أبو العلاء إلى عالم الآخرة ، من أجل الاحتجاج به على آراء يروها ، وبين رأيه في بعض القضايا الأدبية ، حتى إذا فرغ من ذلك " مضى يرد على ما جاء في " رسالة ابن القارح " ، دون أن يتخلى أبو العلاء عن وقاره وهيبته ، لابن شهيد الأندلسي ، فقد كما سبقتها بنحو من تسعة أعوام ) . وكانت " رسالة الغفران " ، وما كتب المفسرون والفلاسفة المسلمون عن الجنة والنار ، هي ملهمة الشاعر الإيطالي دانتي البحيري " الكوميديا الإلهية " ، و " رسالة التوابع والزوابع " رحلة متخيلة إلى بلاد الجن ، ومما يدخل في القصص الأدبية " حكاية أبي القاسم البغدادي " التي تنسب إلى أبي المطهر الأزدي ، 6- القصص الفلسفية : وأهمها " حي بن يقظان " ، ثم على مقدرة الإنسان ذي الفطرة الفائقة على أن يعرف كل شيء من مظاهر العالم المادي ، وفي وسعه أن ينتهي إلى ما جاء به الوحي ، وخلاصة القصة أن ملكا شديد الأنفة كانت له أخت ذات جمال باهر ، على وجه جائز في مذهبهم ، ورمت به في البحر ، فحمله إلى ساحل جزيرة لا أنيس بها ، لأن الحقائق الكبرى لا سبيل لها إلى قلوب العامة ، وسيرة الملك سيف بن ذي يزن ، والأمير حمزة البهلوان . إلا أن بعض الباحثين يقول إن قصة عنترة ألفها يوسف بن إسماعيل العزيز بالله الفاطمي ، لهج بها الناس في المنازل والأسواق ، فأشار على يوسف بن إسماعيل أن يحدث الناس بها ؛ وهنالك من يذهب إلى أن الذي ألفها هو ابن الصايغ العنتري ، وسيرة الملك سيف بن ذي يزن ، وألا تكون جنسا أدبيا قائما بذاته ؛ فإن لكل لغة مزاجها وثقافتها التي تستوجب ظهور جنس أدبي بعينه دون غيره ، كقصص عمر بن أبي ربيعة ، يسردها الكاتب على وجه يعينه ، يرمز بها إلى فكرة يريد إيصالها إلى القارئ ، أو يبرز أنموذجا من الأنموذجات الإنسانية . ويكون ذلك يعرض حادثة أو حوادث عدة ، تتعلق بأشخاص مختلفين ، تتباين أساليب عيشهم وتصرفهم في الحياة ، كما تتباين حياة الناس الحقيقيين . وحوادثها من صنع الخيال ، وهي لا تعرض الحقيقة كما تعرضها كتب التاريخ . لكن حوادئها ممكنة الحدوث ، وأشخاصها مكنو الوجود ، ليقتنع القارئ يواقعيتها ) . ومن العادة أن يغلب على القصة جانب من جوانبها ، يسترعي انتباه القارئ دون سائر الجوانب ، ويفي أثره في نفسه بعد الفراغ من قراءتها ، ويكون هذا الجانب هو الطاقة التي تبث فيها الحياة . ولم يستحوذ على اهتمام القارئ جانب من جوانبها ، كان ذلك دليلا على إخفاق الكاتب في إبرازه وتغليبه على غيره ) . ولا بد للقصة من الصدق ، والمراد به أن يكون الكاتب عارفا موضوعها ، ولا عالي التجربة التي تتحدث عنها القصة ، فلا بد أن يدرس القصة في واقع الحياة ، حتى يتيسر له الكشف عن جوانبها ، وتصويرها تصويرا فنيا صاد صادقا . وليس معنى الواقع أن الكاتب يسرد التاريخ كما حدث ، ولا أن الحوادث التي يذكر قد وقعت حقا ، فإن الأدب قائم على الاختيار من الحياة ، وترتيب الحوادث على نحو مقنع ، ومن حيث كون مثلها يقع في العادة ، أو ممكن الوقوع ) . والواقعية بهذا المعنى كثيرا ما تكون سببا من أسباب الإعجاب يف القاص ، ونفسيات البشر وطباعهم صورا ، لكن على وجه بارع ومثير ، يدل على أن عقله يختزن كل ما ترى عينه ، وأنه مقتدر على استحضاره وتوظيفه في الوقت الذي يشاء ، كما أن سبب الإعجاب ببعض الصور الشعرية التي يقع عليها بعض الشعراء هو ما تبين عنه من عبقرية الخيال ، واختزانه صور الأشياء ، والاقتدار على إعادة تركيبها للإفصاح عن معنى من المعاني ، على وجه قلع من يتهدى إليه . وكثيرا ما يقع المبتدئون من القاص في خطأ كبير ، فيكتبون عن موضوعات لا الكتاب أوتي يعرفوها معرفة جيدة ، فينتهون إلى أعمال ضعيفة ، ليست لها قيمة فنية كبيرة . وإذا كان بعض ملكة التخيل وصدق الحدس ، بحيث يمكنه أن يتخيل في صحة وصدق ما لم ير ، فما ينبغي لمن لم يؤتهما أن يتجاسر على الكتابة عما لا يعرف ) . وتنقسم القصة قسمين : قصة قصيرة ، فيفضل بعض النقاد أن تسئی " رواية " ، وأن تسمى القصيرة " قصة قصيرة " ، كما تسمى في الإنجليزية short story . وهنالك من يرى أن تسمى القصة الطويلة قصة فقط ، مادامت القصيرة تسمى " قصة قصيرة " " ) . والذي نميل إليه أن تكون " القصة " علما على فن القصص كله ، وأن يسمى ما طال منها رواية ، وما قصر " قصة قصيرة " . والفرق بين النوعين أن الرواية تصور مدة طويلة من حياة شخص ، وربما عرضت لحياة شخص كاملة مع كل ما يتصل بها ، فتناول لمحة من حياة الإنسان قصيرة جدا ، وتخوض الرواية في تفاصيل ، تتجنبها القصة القصيرة ؛ لأن القصة القصيرة تعتمد على الإيحاء ، وتدور على أمر واحد ، ولا تعرض من حياة الأشخاص إلا لمدة محددة ، أو حالة شعورية بعينها ، ولا تقبل التشعب والاستطراد إلى ما لا يمس موضوعها . ولا بد للرواية من بداية ونهاية ، ولا يشترط ذلك للقصة القصيرة ، فقد تعصف حالة نفسية ، فإذا صورها تصويرا مؤثرا ، ولذلك قال بعض الكتاب إن لها مطلق الحرية في أن تبدأ من حيث شاءت ، بعكس الرواية التي ينبغي أن تكون لها بداية وختام " ، وقال الكاتب الروسي تشيكوف : القصة القصيرة هي ما لا نهاية لها ولا بداية ) . وسنفصل الآن القول في كل من الرواية والقصة القصيرة . أولا- الرواية تتألف الرواية من عدة عناصر ، هي : الحوادث ، وهم الذين يقومون بهذه الحوادث ، وهو ما يكون بين الأشخاص من كلام ، وهما اللذان تحدث فيهما الحوادث والأعمال ، وهي الموضوع الذي يريد الروائي الإفصاح عنه ، فيتوسل إليه بمزج هذه العناصر على وجه بعينه ) . ويعتني برسم 1- الحوادث : وهي أشيع عناصر الرواية ، ولكي يحقق الكاتب إبرازها ، وتغليبها على غيرها من العناصر يجعلها تشتمل على المغامرات الغريبة ، والأحداث الغامضة والمثيرة ، والعواطف المتأججة المشاهد ، من غير أن يغني كثيرا بتصوير الأشخاص ، وتصوير البيئات تصويرا دقیقا . من أجل ذلك لا تدگر شخوص " رواية الأحداث " ، وإنما تتذكر أفعال ضخمة ، وحوادث مثيرة " ويعمد الكاتب في هذا النوع من الرواية إلى المبالغة والغلو في العرض ، من أجل أن يغري القارئ بانتظار النتيجة ، ازدادت القصة تشابكا وتعقيدا ، قدم له الحل بما يشبه المفاجأة ، وهو في توتر من يريد أن يعرف سرا ، ولا بد من ترتيب الأحداث ترتيبا ، تصير به ذات وحدة عضوية ، بحيث تكون لها بداية ، تتكون بما أس الحدث أو الحكاية ، ثم تبلغ الحوادث أوج التأزم ، ثم تصير إلى نهايتها في الخاتمة . وتتأتي الوحدة العضوية في الرواية من وحدة الحدث ، أي جمع الحقائق على أمر ، يتعلق به كل ما في الرواية من حوادث وأشخاص ، وينتج من ذلك وحدة الاهتمام ، ووحدة الشعور بالموضوع أو الشخص ( ۳ ) . . " ) . ويعد هذا النوع من الرواية أقلها قيمة فنية ( 5 ) . ومما يدخل في الحوادث حبكة الرواية ، وهي طريقة معالجة الكاتب الفنية لمادتا ، وعرض حوادثها ، بحيث تكون مرتبطة برابر السببية . ولا بد فيها من مهارة فنية ، تتجاوز الاقتصار على سرد ما وقع . ويجب أن تكون الحكاية التي هي مادة الرواية طريفة ومشوقة ، وأن يتجنب الروائي فيها السرد ، والحذف المفسدين ) . قسمين : رواية ذات حبكة مفككة ، ورواية ذات حبكة عضوية محكمة . ويبئى النوع الأول على طائفة من الحوادث ، لا يربط بينها رابط قوي ، وتعتمد وحدة العمل القصصي في هذا النوع على البيئة التي تحدث فيها الحوادث ، أو النتيجة التي تنتظم الحوادث والأشخاص ، أو البطل الذي يكون هو مركز الرواية الرئيس ، فيجمع العناصر المتفرقة في شخصه ، وتكو الرواية حينئذ تاريخا لوقائع متنوعة ، أكثر من أن تكون وقائع منظمة مترابطة . والرواية ذات الحبكة المحكمة بعكس هذه ، فهي تقوم على حوادث مترابطة ، تسير في خط مستقيم إلى هايتها . وفي هذا النوع تكون عند الكاتب فكرة عامة قبل البدء في كتابة الرواية ، ثم يدرس بناء الرواية بالتفصيل ، وينظم الأشخاص والحوادث ، ويضع كلا منها في موضعه الصحيح ، ويرسم الاتجاهات التي تتلاقي في الخاتمة . وهذا النوع هو أكثر النوعين شيوعا في القصص . غير أن التمييز بين الروايات على أساس من هذين النوعين قد يكو غير دقيق ، فإنما قد يجتمعان أو يتقاربان في رواية واحدة . وليس لزاما أن تكون الرواية ذات الحبكة المحكمة خيرا من الرواية ذات الحبكة المفككة ، بل قد تكون المفككة خيرا منها ، وقد تتعرض المحكمة النوعين من الضعف : أن يكون إحكامها آليا ومصطنعا ، لأنها تعول على المصادفة . من أجل ذلك اشرط للحبكة المحكمة أن تتحرك تحركا طبيعيا ، وأن يكون تركيبها مقنعا ومقبولا " ) . فالبسيطة تبني على حكاية واحدة ، وتبني المركبة على أكثر من حكاية . وحرية المؤلف في طريقة عرض الرواية لا تحدها القواعد ، وذكاؤه هو الذي يعينه على الإفادة من الطريقة التي يختار ، أو على الانتفاع بطرق عدة ، يجمع بينها في روايته . ومن أشهر الطرق التي تعرض بها حوادث الرواية السرد المباشر ، والوثائق والرسائل المتبادلة ، ففي السرد المباشر يكون الكاتب کالمؤرخ ، بحكي تاريخ أشخاصة ، ويتكلم بضمير الغائب ، كما يفعل المؤرخ . وفي الترجمة الذاتية يجعل نفسه مكان بطل الرواية ، فيحکی حوادثها بضمير المتكلم ، من أجل أن يحدث شعورا بالألفة بينه وبين القارئ . وفي طريقة الوثائق والرسائل يعتمد على الرسائل أو المذكرات ، فمن أحدث طرق القصة ، ويقوم على تدوين الخواطر التي يحدث بها المرء نفسه ، وهي لا ترد على الذهن مرتبة ، ويستعمل الكتاب هذه الطريقة حين يريدون دراسة الشخصية الإنسانية ، بعرض صورة داخلية لحالتها العقلية عرضا طبيعيا عفويا ( ) . ولكل من هذه الطرق مزايا وعيوب : قالطريقة الأولى تسمح بحرية السير ، فمن الصعب أن تعرض فيها مادة الرواية كلها من معرفة المتكلم وقوته ، وطريقة الرسائل عرضة للجفاف وعدم الإقناع . غير أن المتعة في هاتين الطريقتين - على صعوبتهما - ق تكون أكبر ، إذا ما استعملهما روائي ماهر ) . وربما لا تصلح طريقة تيار الوعي إلا للرواية التي تكون تحليل الشخصية المفردة ودراستها ، وإظهار مكنوناتها ، وهي لا تقل صعوبة عن الطريقتين السالفتين . 2- الأشخاص : ويستوحي الكاتب أشخاصه من واقع الحياة ، عن الأشخاص المعروفين في الواقع ، لأن الكاتب يشرحها ويوضحها ؛ يريد إبلاغها ، فليس من الممكن أن يكونوا غامضين ، وأعمالهم مجهولة الدوافع والغايات ، ثم يعرف ما يرمزون إليه ) . في رسم أشخاص روايته ، على وسائل مباشرة ، ففي الأولى يرسمهم من الخارج ، محللا عواطفهم وأفكارهم ومشاعرهم ، وفي الطريقة الثانية يجعل الكلام على لسان الشخص ، ليبين عما في نفسه بكلامه وأفعاله ، وقد يبين عنه يجعل غيره يعلق على أعماله . إلا أن الطريقة التحليلية لا تصلح في الرواية التي يستعمل فيها ضمير المتكلم ، ولا الرواية التي تستعمل فيها الرسائل والوثائق ؛ لأن هاتين لا يتاح فيهما إلا التمثيل وحده . ويميل النقد الحديث إلى الطريقة التمثيلية أكثر من ميله إلى الطريقة التحليلية ؛ لأن الشخص فيها يكشف عن نفسه بنفسه ، ولأنها تقلل من تدخل الروائي ، وتظهر براعته وتمكنه في فنه ) . ومن المألوف في الفن القصصي - عامة - أن يكون في القصة شخص ، يكون هو محورها الذي تدور عليه أهم أحداثها ، والرابط بين سائر الأشخاص فيها ، وينال تصويره من الكاتب - من أجل ذلك - عناية خاصة . ويسمى هذا الشخص البطل ، ولا نعني به الرجل الشجاع الذي لا بد له من قوة بدنية ، يظهر فيها قوة احتمال بدنه ، فقد تغير مفهوم الشجاعة في القصة الحديثة ، فغدا الشجاع فيها " هو الذي يعي واقعه بنوع من الشاعرية والإحساس المرهف " . وصار من الممكن أن يكون بطل القصة الحديثة إنسانا معذبا حائرا ، ومع ذلك تبلغ به الشجاعة حدا يدفعه الاعتقار معنى من الحياة رغم اقتناعه يعبث المحاولة . ، والبطل الحديث هو الرجل العادي ، أو الشعب ممثلا في فرد لا يكاد يتميز منه " ( 2 ) . من أجل ذلك تخلى بعض المذاهب الفنية عن فكرة البطل ، وأحل محلها تصوير الوعي الاجتماعي له الطائفة من أشخاص الرواية ، أو طبقة من طبقات المجتمع ، ويكون الشخص في رواية الأشخاص هو المحور الذي تدور عليه ، وكل شيء فيها يمسه من قريب أو بعيد ، " وأما الحادثة في هذه الرواية ، بل لتفسير الشخصيات " . ويرى النقاد أن الأحداث تبقى جا ، ما لم ينفذ القاص إلى ما وراءها من حياة ، ويغن يالحالات النفسية تقع في وإبرازها ، وإبراز ما يترتب عليها من تصرف وسلوك ، وإن كانت العناية بالجانب النفسي من الأشخاص تسلب القاص " وسائل التشويق القديمة القائمة على المبالغة والغلو ، وعلى الخضوع لما عرف بأركان الرواية الثلاثة : العرض ، فإن الرواية الحديثة لا تؤمن هذه الأركان إيمان مبالغة ؛ فهي ما تزال با تقلل من شأنها ولا بقي منها إلا القليل القليل الذي ينسجم مع طبيعة الواقع ، ويناسب نضج القاري الجديد ، ويرتضيه الفنان نفسه الذي ارتقى كثيرا اجتماعيا وفكريا ، وصار فنانا بالمعنى الحقيقي ، يعتز بوجوده وعمله ورسالته " ( 1 ) . وروايات الكتاب الذين يهتمون بالأشخاص روایات نفسية ، " معدومة الحادثة أو مضطريتها . وقد أصبح هم الكتاب المحدثين أن يسجلوا ما يدور بعقول أبطال رواياهم ، وقد تكون الحركة الجسدية الوحيدة التي يقوم بها بطل رواية من هذه الروايات هي أن يصعد الدرج ، أو يستلقي على مقعد طويل ، ثم يأخذ الروائي في إبراز خواطره وخلجات نفسه ، حتى إذا ما بلغ البطل نهاية الدرج ، أو اعتدل في مقعده يكون القارئ قد أم ماضيه كله ، وطريقة تفكيره ، وكل ما يرغب الروائي في سرده عنه " . وقد يؤخر الكاتب نقطة انطلاق القصة حتى يظهر الشخص ، ويحيط بيده اللثام عن الحوادث . وقد يلفت القاص القراء إلى الشخص بتحليله ، أو أخلاقه وأفعاله ) . 3- الحوار : وهو الحديث الذي يكون بين أشخاص الرواية ، وإذا أدي أداء جيدا كان من أمتع أجزائها . وهو مهم في عرض الانفعالات والدوافع والعواطف ، ويقوم مقام التحليل والتعليق . ومن شروطه أن يكون جزءا منتظما في الرواية ، يخدم سير الحوادث ، وتصوير الأشخاص ، وبيان صلتهم بالحوادث ، وأن يكون طبيعيا ملائما للرواية وشخصيات المتكلمين ، وملائما للموقف الذي يعرض فيه ، وأن يكون سهلا ممتعا ) . ومما يتصل بالحوار استعمال العامية فيه ؛ فإن بعض كتاب العرب يعرض حوادث القصة بالفصحى ، ومنهم من ينوب عن الأشخاص فينطقهم بالفصحى ( ) . ولا حجة للذين يكتبون حوارهم بالعامية : فالفصحى أقدر على تنويع الدلالات و تعميقها من العامية المحدودة في مفرداقاء التي تعجز عن المعاني العالية ، ولا يصح أن يراعي حال الجمهور ، بدعوى أخا أيسر ، وأنه على فهمها أقدر ، بل يجب الرقي به ، وتعليمه ما لا يعلم وتعويده ما لم يتعود ، بدلا من تركه حيث يجده الكاتب . هذا إلى أن استعمال العامية يخرج بالعمل الأدبي إلى الثرثرة والتفاهة ، وإشعار القارئ بعدم الجد ، لا يغتفر في الأعمال الأدبية المكتوبة . والذي يكتفي بالتقاط الحوار من السنة الأشخاص لا يخلق أدبا ، ولا يكشف عن مجهول من قيم النفس ، أو قيم المجتمع وأخلاقه . ثم إن العامية تجعل العمل الأدبي محليا ، لا يقرأ ويفهم إلا في قطر كاتبه ، بل ربما عجز الكاتب عن إبلاغ فكرته أهل قطره كلهم ، لاختلاف اللهجات ، فهي اللغة القومية التي تتساوى الأقطار العربية في فهمها . والذين يرون أن إنطاق الأميين وعامة المجتمع بالفصحى ليس واقعيا ، يغفلون عن أن الأدب ليس نقلا حرفيا للحياة ، ليست منقولة من الحياة نقلا حرفيا واقعيا ، فلم لا تكون اللغة كذلك ؟ " والواقعية الحقيقية ليست في الألفاظ ، أو في القضايا والأوضاع الاجتماعية التي ينبغي أن يحسن أداءها القاص ، والتي لا يستطيع الناس أن يعيروا عنها على نحو ما يعبر عنها في قصته " ( ) . إنه لا ضير من أن يحاور صبي أو عامل بالعربية الفصحى ، على ألا يكون في حواره تكلف ، ولكن الضير في أن يجري الكاتب على لسان صبي أو عامی آراء وأفكارا لا يعرفها أمثاله في الواقع " ) ، " وكلما عبر كل شخص فيها بلغته حسب مستواه فيها ووضعه ، وشعورنا بأن الحياة بحري طبيعية أمامنا ، دون أن يعترضها تنسيقه المفتعل " ( 2 ) . إن لغة الحوار في آداب اللغات العالمية الكبيرة ، كالإنجليزية والفرنسية ، مع أن الفرق بين لهجاتها ولغتها الفصحى يسير جدا ، ويرفض شعراؤها وكتابجا استعمال اللهجات وسيلة والذين يصرون على استعمال العامية في الأدب الجاد لا يشلمون من مؤثرات فكرية خارجة عن الفن ، كما أن قلة معرفتهم بالعربية الفصحى ، وقلة طموحهم إلى الكمال ، وقناعتهم بما تعودوا ، قد يكون لها أثر كبير في ذلك . وقد نجح بعض الكتاب في تطويع العربية الفصحى لما كتبوا من أعمال قصصية ، وكان من أنحهم إبراهيم عبد القادر المازني ، فإنه يكتب بأسلوب عربي فصيح ، في جده إن جد وهزله ، وفيما يضع على ألسنة عامة الناس وخاصتهم ، ومن أمثلة ذلك كتابه " صندوق الدنيا " ، وكتاياه " إبراهيم الكاتب " ، و " إبراهيم الثاني " وإذا فوم ما يكتب اليوم في الأدب العربي من الأدب الفصتي بأنواعه كلها ( الرواية ، ليس فيه ما يرقى إلى الآداب العالمية ؛ بعيدة من لغة الأدب الراقي ، من أجل ذلك كان الذي يعجب النقاد منه هو ما يسمى الجوانب التقنية ، اللذين عليهما مدار الأدب ، وهما - بعد - ما ينشده القارئ ، حين يقرأ الأدب . ويظهر ذلك في أن الرواية التي تكتب بالعامية لا يجد المرء فيها إيداعا ، وإنما يجد الدارج من الكلام على ألسنة العوام ، مما لا يبين عن شخصية الكاتب ، ولا يدل على موهبة فنية . والكتابة القصص بالعامية ضرر آخر ، هو أنه چرا المهرجين على تعاطي الأدب ، وسهل ولوجه على من ليس أهلا لأن يلحه ، وجعل الفن القصصي " كلا مباحا ، يغدو فيه ويروح كل من اقتدر على السرد القصصي " ( ) ؛ وأغروا المجتمعات العربية بالرضا بالبساطة ، بدلا من التسامي بماء والرقي بأذواقها ، ويوجهها الوجهة التي تغير واقعها ، أي إنهم حادوا بالفن عما ينبغي أن يكون غايته ، فكان عملهم سلبيا ، وكان أمثل هذا الأدب التمثيليات الهزلية التي تكون غاية أثرها الإضحاك ، وأمثلها تلك التي تعالج بعض القضايا الاجتماعية ، وإن كانت لا ترقی إلى الأدب المميز ، لكن طبيعتها الهزلية تحمل لغتها يغتفر فيها ما لا يغتفر في لغة الأدب الجاد . - البيئة : والمراد با شيئان : القوى والمؤثرات الخفية الثابتة والطارئة التي تحيط بالإنسان ، وتوجهه وجهة بعينها ، والجو الظاهر الذي تجري فيه أحداثها ، وكل ما يتصل بوسطها الطبيعي والاجتماعي ، فإن الرواية تعنى بذلك ، كما تصف البلدة والمحلية والشارع والمسكن ، و " البيئة الاجتماعية ، ، وتنفذ بذلك إلى جزئيات الحياة اليومية ، وصغائر سلوك الأفراد ضمن مجتمعهم " ( ؟ ) . ويستلزم تصوير مواقف الأشخاص أن ينظر إليهم مرتبطين بمجتمع ، وإلا جاءت الرواية متكلفة ، وكان أشخاصها معزولين عن بيئتهم وجنسهم . وقد قال بعض النقاد إن البيئة " تعبيرات مجانية عن الشخصية . إن بیت الإنسان امتداد لنفسه . ، وبين الإنسان والطبيعة مجلات متداخلة واضحة " ( 2 ) . والبيئة هي التي تسوء ظهور الأخلاق الاجتماعية في كل زمان ، كما تسوغ زوالها ، وفي ربط صراع الأشخاص بها ، والتعمق في جذور الوعي العام ، في العصر الذي كتب فيه الرواية ) . وتستوحي بيئة الرواية من المشاهدة والقراءة والخيال . وعناية الكتاب بالبيئة متفاوتة ، فمنهم من يؤثر الوصف المفصل الدقيق ، ومنهم من يكتفي بالوصف المحمل ، ومنهم من يجعله عاملا مؤثرا في الحوادث والأشخاص ، ومنهم من يجعله إرهاصا لما سياتي من الحوادث " ) . إلا أنه ينبغي ألا يكون الوصف منعزلا عن حوادث الرواية وأشخاصها ؛ إذ الغاية منه وصف عالم الرواية المكتمل ، وتفسير الحالات والدوافع النفسية ، وتسويغ ما يكون من أحداث ، وله صلة وثيقة بتصوير الأشخاص " . وإذا لم تكن تلك هي غاية وصف البيئة ، كان وصفها ضربا من الثرثرة المملة ، التي تدل على أن الكاتب يقلد عن غير وعي ، ويتكثر من الكلام لغير غاية . 5- الفكرة : وهناك نوع من القصص يكون الغالب فيه هو الفكرة ، وفي هذا الضرب من القصة يسر القاص الأشخاص والحوادث التصوير الفكرة . وأكثر ما تكون الغاية الأولى لهذا النوع الإصلاع ، أو السخرية من بعض النقائص الاجتماعية ، أو استهجان بعض الأفكار الطارئة . وفي هذا النوع يعمد الكاتب إلى تشخيص العيوب ، وإظهارها مع الفضائل ؛ " حتى تقدم للقارئ ملا محسوسا ، يستطيع أن يضع إصبعه عليه ، ويميز خبیثه من طيبه بسهولة ، لا تتاح له لو ظلت هذه المثل أفكارا محردة ، خالية من من كل حياة " ( 2 ) . القصة القصيرة لا تختلف القصة القصيرة عن سائر الأنواع الأدبية ، ولذلك وقع بين النقاد الخلاف في تعريفها مثل الذي وقع بينهم في تعريف المقالة . وليس من اليسير تعريف الأجناس الأدبية - عامة - تعريفا دقيقا ؛ فإن التحديد يخالف ماهيتها ؛ لأنها تصدر عن ذوق وشعور ، وأكثر ما يكون الخلاف بين الأدباء في هذين . ولعل هذا سب أنه لا تكاد توجد صورة ثابتة للجنس القصصي كله ، لأن الفكرة التي يريد الكاتب معالجتها هي التي تصنع الشكل الذي يلائمها . وأكثر ماب في تعريف الأجناس الأدبية إنما هو تلمس لبعض خصائصها الظاهرة . وأكثر ما اتجهت إليه تعاريف القصة القصيرة من خصائصها الكم ( الطول ) ، ويراد بالطول عدد كلماقا ، فيراد به الفكرة التي نتركها في نفس القارئ ، أو ما يسميه بعضهم " الانطباع " ، تساعد على تكوين الأثر في النفس . وربما كان تعريف اليكس كيحان أوجز ما عرفت به القصة القصيرة ، فقد قال إنها " نوع من السرد ، نادرا ما يتجاوز عشرة آلاف كلمة ، أو يقل عن خمسمائة كلمة ومن الشائع أن يتراوح بين ألف وخمسمائة كلمة وخمسة آلاف كلمة ، ولكن مع وقت ووزن كافيين لتحريك القارئ والتأثير فيه ، ويقتضي نوعا من الضيق ، والتركيز في إنجاز التأثير المنفرد " ( 1 ) 6 فهذا التعريف - كما لا يخفى - يشتمل على أمرين : الكم الغالب ، مع عدم إغفال القليل والنادر ، فالسمة الغالبة على القصة القصيرة هي القصر ، ولذلك كان علما عليها ( القصة القصيرة ) ، وأشار إليه أليكس ب " الضيق ، فلم يحدده تحديدا قاطعا ؛ لم يصدق تعريفه إلا على بعض القصص القصيرة دون بعض ، وإنما عمد - بدلا منه - إلى صيغة مرنة ، تشي بأنه حاول بناء تعريفه على استقراء ، ولم يبنه على تخمين ، يفرضه على ما يعرف ؛ إذ كثيرا ما يخالف التخمي المحرد الواقع ، فعل للقصة القصيرة حدا أقصى وحدا أدنى ، يغلب أن تقع بينهما ، ويندر أن تزيد على أعلاهما ( عشرة آلاف كلمة ) ، أو تنقص عن أدناهما ( خمسمائة كلمة ) ، يغلب أن تلزمه ( ما بين ألف وخمسمائة كلمة وخمسة آلاف كلمة ) . ومن مزايا هذا التعريف عدم اعتماده القطع والتدقيق المتعسف الذي يغلب ألا يلائم فئا كالقصة القصيرة ليست له حدود واضحة ، وتعريف ما كان كذلك لا يكاد ينتهي إلا إلى التحجير ، والبعد عن إصابة روح المعرف ، وخير منه الاستقراء والتقريب اللذان هما أقرب إلى روح الأدب وفنونه . وإذا ووزن هذا التعريف بتعريفات أخرى للقصة ، وهو - إلى ذلك - خلاصة تعاريف ، كان الكاتب قد حاول أن يعرف ما القصة ، ثم يخلص إلى أن هذا هو فحواها . أما الجانب الآخر من التعريف ، فهو الأثر الذي تحدثه القصة القصيرة في القارئ ، ورما كان أوضح عبارات الكاتب عنه قوله ، قدمها بين يدي تعريفه هذا : " شيء ما ، يمكن أن يقرأ في جلسة واحدة ، ويمنح القارئ تتويرا قريدا ، مفاجئا وذهبيا مثل شعاع الشمس ، وهو ينش وشط غيمة كثيفة " ، " شيء يمكن قراءته في ساعة ، لكنه يثبت في الذاكرة مدى العمر " ، " شكل توضيحي ، لوجه واحد صغير من الطبيعة الإنسانية " ( 1 ) . وعن التعريفات الجيدة التي عرفت بها القصة القصيرة أيضا تعريف مبني على أن من خصائصها " وحدة الانطباع " ، وهي الأثر النفسي الذي تتركه في القارئ ، ومصدره التخلص من الزوائد ، والعناية بفكرة قصيرة محددة ، يمكن أن يتصل بها ؛ فإن القصة إذا كانت على هذا الوجه ، جمعت ذهن القارئ ، وحالت بينه وبين التشتت في دروب كثيرة ، وتعدد ما تشتمل عليه من أفكار ، وليست القصة القصيرة " - ولا يمكن أن تكون - حدثا كبيرا مكثفا ، أو مجموعة أحداث وانفعالات متراصة ، أي إنها ليست رواية مختصرة أو مقصرة - كما أن الرواية ليست قصة قصيرة مطولة ؛ لأن الاختصار أو التطويل ليس قنا ، ، والفن الصحيح هو الذي يقف حيث تقف طبيعة الأشياء ، أو ألف " ( 3 ) .
يسردها الكاتب على وجه يعينه ، تتباين أساليب عيشهم وتصرفهم في الحياة ، كما تتباين حياة الناس الحقيقيين . ويفي أثره في نفسه بعد الفراغ من قراءتها ، حتى يتيسر له الكشف عن جوانبها ، وتصويرها تصويرا فنيا صاد صادقا . والواقعية بهذا المعنى كثيرا ما تكون سببا من أسباب الإعجاب يف القاص ، يدل على أن عقله يختزن كل ما ترى عينه ، والاقتدار على إعادة تركيبها للإفصاح عن معنى من المعاني ، فينتهون إلى أعمال ضعيفة ، وأن تسمى القصيرة " قصة قصيرة " ، مادامت القصيرة تسمى " قصة قصيرة " " ) . والذي نميل إليه أن تكون " القصة " علما على فن القصص كله ، وأن يسمى ما طال منها رواية ، وما قصر " قصة قصيرة " . والفرق بين النوعين أن الرواية تصور مدة طويلة من حياة شخص ، وربما عرضت لحياة شخص كاملة مع كل ما يتصل بها ، وتدور على أمر واحد ، وسنفصل الآن القول في كل من الرواية والقصة القصيرة . أولا- الرواية تتألف الرواية من عدة عناصر ، وهم الذين يقومون بهذه الحوادث ، وهو ما يكون بين الأشخاص من كلام ، بحيث تكون لها بداية ، تتكون بما أس الحدث أو الحكاية ، يتعلق به كل ما في الرواية من حوادث وأشخاص ، تسير في خط مستقيم إلى هايتها . وفي هذا النوع تكون عند الكاتب فكرة عامة قبل البدء في كتابة الرواية ، غير أن التمييز بين الروايات على أساس من هذين النوعين قد يكو غير دقيق ، فإنما قد يجتمعان أو يتقاربان في رواية واحدة . وليس لزاما أن تكون الرواية ذات الحبكة المحكمة خيرا من الرواية ذات الحبكة المفككة ، لأنها تعول على المصادفة . وأن يكون تركيبها مقنعا ومقبولا " ) . فالبسيطة تبني على حكاية واحدة ، يجمع بينها في روايته . من أجل أن يحدث شعورا بالألفة بينه وبين القارئ . ويقوم على تدوين الخواطر التي يحدث بها المرء نفسه ، فمن الصعب أن تعرض فيها مادة الرواية كلها من معرفة المتكلم وقوته ، إذا ما استعملهما روائي ماهر ) . في رسم أشخاص روايته ، ففي الأولى يرسمهم من الخارج ، وفي الطريقة الثانية يجعل الكلام على لسان الشخص ، ليبين عما في نفسه بكلامه وأفعاله ، وقد يبين عنه يجعل غيره يعلق على أعماله . إلا أن الطريقة التحليلية لا تصلح في الرواية التي يستعمل فيها ضمير المتكلم ، لأن الشخص فيها يكشف عن نفسه بنفسه ، ومن المألوف في الفن القصصي - عامة - أن يكون في القصة شخص ، وأحل محلها تصوير الوعي الاجتماعي له الطائفة من أشخاص الرواية ، " وأما الحادثة في هذه الرواية ، وإن كانت العناية بالجانب النفسي من الأشخاص تسلب القاص " وسائل التشويق القديمة القائمة على المبالغة والغلو ، وصار فنانا بالمعنى الحقيقي ، وروايات الكتاب الذين يهتمون بالأشخاص روایات نفسية ، وقد تكون الحركة الجسدية الوحيدة التي يقوم بها بطل رواية من هذه الروايات هي أن يصعد الدرج ، أو يستلقي على مقعد طويل ، وكل ما يرغب الروائي في سرده عنه " . 3- الحوار : وهو الحديث الذي يكون بين أشخاص الرواية ، وأن يكون طبيعيا ملائما للرواية وشخصيات المتكلمين ، ومما يتصل بالحوار استعمال العامية فيه ؛ ولا حجة للذين يكتبون حوارهم بالعامية : فالفصحى أقدر على تنويع الدلالات و تعميقها من العامية المحدودة في مفرداقاء التي تعجز عن المعاني العالية ، وأنه على فهمها أقدر ، هذا إلى أن استعمال العامية يخرج بالعمل الأدبي إلى الثرثرة والتفاهة ، ولا يكشف عن مجهول من قيم النفس ، ثم إن العامية تجعل العمل الأدبي محليا ، بل ربما عجز الكاتب عن إبلاغ فكرته أهل قطره كلهم ، فهي اللغة القومية التي تتساوى الأقطار العربية في فهمها . على ألا يكون في حواره تكلف ، فإنه يكتب بأسلوب عربي فصيح ، وكتاياه " إبراهيم الكاتب " ، و " إبراهيم الثاني " وإذا فوم ما يكتب اليوم في الأدب العربي من الأدب الفصتي بأنواعه كلها ( الرواية ، من أجل ذلك كان الذي يعجب النقاد منه هو ما يسمى الجوانب التقنية ، وإنما يجد الدارج من الكلام على ألسنة العوام ، ولا يدل على موهبة فنية . وجعل الفن القصصي " كلا مباحا ، بدلا من التسامي بماء والرقي بأذواقها ، فكان عملهم سلبيا ، فإن الرواية تعنى بذلك ، وإلا جاءت الرواية متكلفة ، والبيئة هي التي تسوء ظهور الأخلاق الاجتماعية في كل زمان ، والتعمق في جذور الوعي العام ، ومنهم من يكتفي بالوصف المحمل ، وأكثر ما تكون الغاية الأولى لهذا النوع الإصلاع ، وأكثر ما يكون الخلاف بين الأدباء في هذين . ولعل هذا سب أنه لا تكاد توجد صورة ثابتة للجنس القصصي كله ، أو ما يسميه بعضهم " الانطباع " ، تساعد على تكوين الأثر في النفس . فقد قال إنها " نوع من السرد ، أو يقل عن خمسمائة كلمة ومن الشائع أن يتراوح بين ألف وخمسمائة كلمة وخمسة آلاف كلمة ، وأشار إليه أليكس ب " الضيق ، تشي بأنه حاول بناء تعريفه على استقراء ، ولم يبنه على تخمين ، ويندر أن تزيد على أعلاهما ( عشرة آلاف كلمة ) ، يغلب أن تلزمه ( ما بين ألف وخمسمائة كلمة وخمسة آلاف كلمة ) . قدمها بين يدي تعريفه هذا : " شيء ما ، " شيء يمكن قراءته في ساعة ، وعن التعريفات الجيدة التي عرفت بها القصة القصيرة أيضا تعريف مبني على أن من خصائصها " وحدة الانطباع " ، يمكن أن يتصل بها ؛ فإن القصة إذا كانت على هذا الوجه ، وحالت بينه وبين التشتت في دروب كثيرة ، فإن من القصص القصيرة ما يبلغ أربعين ألف كلمة ، ومن الروايات ما يكون بين سبعين فمدار الفرق بين التوعين - إذن - ليس على الطول وحده ، ويتميز أسلوب القصة القصيرة بالإيجاز الشديد ، فإنهم كانوا يضعون هذه القاعدة نصب أعينهم ، وقال راست هيلز ( Rust Hills ) إن القصة القصيرة " تدل على علاقات متناغمة بين عناصرها كلها أكثر من أي نوع في آخر ، قدرة على قول الشيء المؤثر المكتمل في حيز محدود " ، على وجه يحول بين المرء وأن يفهم ما يريد كاتبها . على أن هذه ظاهرة عامة في كل ما يكتب بالعربية اليوم ، فهو يريد أن يزيحه عن كاهله بكل وسيلة . لنتبين الفرق بينها وبين الرواية ، وتتبين سمات القمة العربية القصيرة . " أقصى درجات الحيبة " / لحسن حجاب الحازمي ) " إطلاقا لم أكن أتوقع أن نافذة ستفتح ، والطرق تلف بي ، عيناي معلقتان في النوافذ ، حتى الأبواب المواربة حين تسمع أزيز سيارتي ، وكأنها تتآمر على قتل الأمل الذي يدفعني إلى التجوال . - غدا صباحا سوف أمر بالنافذة ، - قد تخرج إلى المدرسة في سيارة أبيها ، فكيف ستكلمها يا حلو ؟ - بالعيون ، - غدا في نفس الموعد سأمر بالنافذة ، وبيني وبينها سور وفناء وأبواب كثيرة ، وقد تلتقطتي شبكة " السي إن إن " ، ويتندرون بي في كل تلفزيونات العالم ، وتسجله وتتصل بي ؛ نعم هذا هو الحل يا أبا رعد ، فنم يا أبا رعد ، غدا سوف تكون لك حبيبة كغيرك الذين لا تعد حياتهم ، وغدا سوف تتكئ - كما يتكى أصحابك - مزهوا بنفسك ، وغيرك يؤوب كل يوم بحبيبة وحكاية . فمتى ستجيء وأمك لم تولد في مخيلة أبيك بعد ، فنم يا أبا رعد ، ليستقبل الضوء الأحمر القادم من نافذة الحبيبة التي لا تبين . فلماذا تصر على الاختباء ؟ أهذا دلال العشاق الذي يقولونه ؟ قلت لنفسي : الضوء الأحمر له دلالته ، وعيناي معلقتان بالنافذة ، عدت إلى البيت مسرعا ؛ حين رأيت ضوءا أحمر ين من نافذة علوية في بيتنا ، ورأيت لوحتي نفسها تظهر وتختفي ، فيكون بينهما ما يكون بين أتراهما من الفتيان والفتيات ، وهي تلوح بالورقة التي كان قد كتب عليها رقم هاتفه ، فيكون بينهما ما كان أخوها يريد أن يكون بينه وبين تلك الفتاة . سلط الله عليه من يفعل به مثل الذي فعل بغيره . فإنما يجوز في الرواية المبنية على الطول ، وقد علمنا أن القصة القصيرة يجب ألا تكون فيها " كلمة واحدة لا تقود مباشرة إلى صميم موضوع الأقصوصة " . هذا إلى أن بعض ذلك الحوار الطويل الذي ناجی به الكاتب نفسه ، حين أوى إلى فراشه ، واستعمال المفردات والأساليب العامية ، يدي على المقود " ، " لوحدها " ، " لم تعد كذلك " ، " قد يلحظني " ، " اختفت " ، " لست كسولا " ، " الفشل " ، " الإحراجات " ، " الدور العلوي " . ومن الأساليب العامية : " يتأقل في غد " ( أي يؤمل غدا ) ، " يا حلو " ، " لم تعد مناسبة لواحد مثلي " ، " ألا يكفيها توم " ، " في بيتنا بالضبط " ، ومن الأساليب المبتذلة : " تبخر تماما " ، " فكرة معقولة " ، " التنبؤ بما سيحدث " ، " وليحدث بعدها ما يحدث " . ومن الأساليب الضعيفة : " طيف امرأة خلف الزجاج " ( الطيف ما يكون في المنام ، والصواب ظل امرأة تعد حبيباتم " ، " انقشع كل الحدب " ، " أخرج من الجامعة وأني لأراها " ، " غيرك الذين لا تعد " وأنت لك الكلمات المقتضبة والمخجلة ، " عدت إلى البيت مسرعا ؛ ومن التعابير التي لا معنى لها : " أزقه السهر " ، ومثل ذلك قوله : " دلال العشاق الذي يقولون عنه " ، ومن غير المستبعد أن تكون هذه القصة من أول ما كتب القاص ، وأن يكون ما بما أثرا من آثار عدم الصقل والتجويد اللذين تتسم كما بواكير الأعمال الأدبية . كما أن الفن القصصي في الغرب بدأ بها ، فإن هذه الآيات - على وجازها - أبانت عن تكذيب فرعون وطغيانه وادعائه الألوهية من دون الله ، ثم ما حاق به من العذاب بسبب ذلك بأسلوب موجز ، والحقول بالمعاني ، ومن أمثلتها أيضا المثل العربي : " أوسعتهم سا وأودوا بالإبل " ، كما أنه خلاصة لمناسبة المثل التي تقول إن فتى أغار عليه قوم ، فلما رجع إلى قومه ، وأودوا بالإبل " . قال : كيف ترون عمالكم ؟ قال : شر عمال ، قال : أنا فلان بن فلان ، وأمر له بصلة " . وقصارى ما يمكن أن يقال في العلاقة بينها وبين التراث أن الكتاب لما اطلعوا عليها في أدب الغرب ، وهي تستمع إلى كلمات الطبيب : " لم يعد الدماغ يعمل ، بينما دخلت المرأة الأخرى . - " ما الذي تفعله " سالب الطبيب . حتى ذابت قلوبهم . والآن جميعهم يرقدون في مقابرهم مخلفين وراءهم صمتا ونذيرا بالنسيان ! وسبحان من له الدوام . ك " ألف ليلة وليلة " ، و " كليلة ودمنة " ، إذن لما كانت كتبه بهذه الكثرة والتنوع ، وقد ألمح ابن الندم إلى ذلك ، اختار فيه ألف سمر من أسمار العرب والعجم والروم وغيرهم ، كل جزء منه قائم بذاته ، واختار من الكتب المصنفة في الأسمار والخرافات ما يحلو بنفسه ، ثم عاجلته المنية قبل استيفاء ما في نفسه من تتميمه الف سمر " ( 2 ) . كانوا يضعون " الأسمار والخرافات على ألسنة الناس والطير والبهائم " ، وأحمد بن أبي طاهر ) . يمر بها ليلة كاملة ، لا يكون كما ألف الكتاب البلغاء ، كسهل بن هارون ، والسير الحسان الجونة ، في معارضة " كتاب كليلة ودمنة " ، و " كتاب الإخوان " ، وكان يجيد فن الكتابة والترسل كما يحسن التأليف . ومما يستانس به لذلك قول ابن الندم إنه رأى " ألف ليلة وليلة " بتمامه ، ولكن العرب نقلته هو وغيره من خرافات الفرس " إلى العربية ، فه بوه وقوه ، لابن شهيد الأندلسي ، ك " رسالة الغفران " ، و " رسالة الصامل والشاحج " ، و " كتاب القائف " ، و " حكاية أبي القاسم البغدادي " ، و " حي بن يقظان " ، و " منامات الوهراني " . وفيما ألفوا من قه قصص الأنبياء ، وما قالوا في ذمهم والتحذير منهم . وكان بعض القصاص على علم واسع بما في الكتب القديمة ، ووهب بن منبه الذي يروي أنه قال : " قرأت من كتب الله اثنين وسبعين كتابا " ( 2 ) . وإن لم يكن مأخوذا كله من كتب اليهود والنصارى ، وإن كنا لا نثق بصحة نسبة الأخبار التي تنسب إلى عبيد بن شرية ؛ وکالأخبار المنسوبة إليه في " الإكليل " ، ومع ذلك ألفت فيهم كتب قائمة بذاتها ، وفيهم من يقر ابن النديم بأن أحاديثه تدخل في السمر " ، 3- قصص الحيوان : ويبدو أن أقدمها في الأدب العربي ما عورض به " كليلة ودمنة " ، أطول ما بقي منه قطعة نشرها بعض الباحثين بعنوان : " النمر والثعلب ) . كشبه الخنزير بالفيل ، " رسالة الصاهل والشاحج " ، أما " كتاب القائف " ، وما بقي منه يدل على أنه يختلف عن " رسالة الصامل والشاحج " ، ويبدو مما قال فيه أحد أدباء الأندلس : " ولأبي العلاء المعري في كتاب القائف " إحسان مشهور ، وقد عارض محمد بن عبد الغفور الكلاعي الأندلسي ( توفي في القرن السادس الهجري ) " رسالة الصاهل والشاحج " بكتاب ، على أسلوب كليلة ودمنة بالصادح الطير ، وألفت الإمام أبو حامد الغزالي ( ه ) " رسالة الطير " ، يرويها راو عن بطل ، وغايتها الأولى تعليم أساليب العربية الأنيقة ، وقارنوا بينها وبين القصة الحديثة ، فتروي قصة يقوم بها بطل المقامات الذي يتصف بالاحتيال ، ويرويها عن البطل راو ، وراوي مقامات الحريري الحارث بن همام ، وبطلها أبو زيد السروحي . وقد لقي في المقامات عناية من أدباء العربية ، لم ينلها نوع من أنواع القصة ، والاحتفاء بها إلى العصر الحديث ، فممن كتبها من العلماء والأدباء محمد بن يوسف السرقسطي ، وأحمد بن أبي بكر الرازي ، وحاتم بن أحمد الفرحوطي ، وإنما جعلوها أشبه بالمقالات المنمقة ، ك " رسالة الغفران " ، وهي رد على رسالة بعث بها إليه ابن القارح ، فساقه أبو العلاء إلى عالم الآخرة ، من أجل الاحتجاج به على آراء يروها ، وبين رأيه في بعض القضايا الأدبية ، حتى إذا فرغ من ذلك " مضى يرد على ما جاء في " رسالة ابن القارح " ، دون أن يتخلى أبو العلاء عن وقاره وهيبته ، لابن شهيد الأندلسي ، فقد كما سبقتها بنحو من تسعة أعوام ) . وكانت " رسالة الغفران " ، وما كتب المفسرون والفلاسفة المسلمون عن الجنة والنار ، هي ملهمة الشاعر الإيطالي دانتي البحيري " الكوميديا الإلهية " ، و " رسالة التوابع والزوابع " رحلة متخيلة إلى بلاد الجن ، ومما يدخل في القصص الأدبية " حكاية أبي القاسم البغدادي " التي تنسب إلى أبي المطهر الأزدي ، 6- القصص الفلسفية : وأهمها " حي بن يقظان " ، ثم على مقدرة الإنسان ذي الفطرة الفائقة على أن يعرف كل شيء من مظاهر العالم المادي ، وفي وسعه أن ينتهي إلى ما جاء به الوحي ، وخلاصة القصة أن ملكا شديد الأنفة كانت له أخت ذات جمال باهر ، على وجه جائز في مذهبهم ، ورمت به في البحر ، فحمله إلى ساحل جزيرة لا أنيس بها ، لأن الحقائق الكبرى لا سبيل لها إلى قلوب العامة ، وسيرة الملك سيف بن ذي يزن ، والأمير حمزة البهلوان . إلا أن بعض الباحثين يقول إن قصة عنترة ألفها يوسف بن إسماعيل العزيز بالله الفاطمي ، لهج بها الناس في المنازل والأسواق ، فأشار على يوسف بن إسماعيل أن يحدث الناس بها ؛ وهنالك من يذهب إلى أن الذي ألفها هو ابن الصايغ العنتري ، وسيرة الملك سيف بن ذي يزن ، وألا تكون جنسا أدبيا قائما بذاته ؛ فإن لكل لغة مزاجها وثقافتها التي تستوجب ظهور جنس أدبي بعينه دون غيره ، كقصص عمر بن أبي ربيعة ،
النص الأصلي
يسردها الكاتب على وجه يعينه ، يرمز بها إلى فكرة يريد إيصالها إلى القارئ ، أو يبرز أنموذجا من الأنموذجات الإنسانية . ويكون ذلك يعرض حادثة أو حوادث عدة ، تتعلق بأشخاص مختلفين ، تتباين أساليب عيشهم وتصرفهم في الحياة ، كما تتباين حياة الناس الحقيقيين . وحوادثها من صنع الخيال ، وهي لا تعرض الحقيقة كما تعرضها كتب التاريخ . لكن حوادئها ممكنة الحدوث ، وأشخاصها مكنو الوجود ، ليقتنع القارئ يواقعيتها ) . ومن العادة أن يغلب على القصة جانب من جوانبها ، يسترعي انتباه القارئ دون سائر الجوانب ، ويفي أثره في نفسه بعد الفراغ من قراءتها ، ويكون هذا الجانب هو الطاقة التي تبث فيها الحياة . ولم يستحوذ على اهتمام القارئ جانب من جوانبها ، كان ذلك دليلا على إخفاق الكاتب في إبرازه وتغليبه على غيره ) . ولا بد للقصة من الصدق ، والمراد به أن يكون الكاتب عارفا موضوعها ، ولا عالي التجربة التي تتحدث عنها القصة ، فلا بد أن يدرس القصة في واقع الحياة ، حتى يتيسر له الكشف عن جوانبها ، وتصويرها تصويرا فنيا صاد صادقا . وليس معنى الواقع أن الكاتب يسرد التاريخ كما حدث ، ولا أن الحوادث التي يذكر قد وقعت حقا ، فإن الأدب قائم على الاختيار من الحياة ، وترتيب الحوادث على نحو مقنع ، ومن حيث كون مثلها يقع في العادة ، أو ممكن الوقوع ) . والواقعية بهذا المعنى كثيرا ما تكون سببا من أسباب الإعجاب يف القاص ، ونفسيات البشر وطباعهم صورا ، لكن على وجه بارع ومثير ، يدل على أن عقله يختزن كل ما ترى عينه ، وأنه مقتدر على استحضاره وتوظيفه في الوقت الذي يشاء ، كما أن سبب الإعجاب ببعض الصور الشعرية التي يقع عليها بعض الشعراء هو ما تبين عنه من عبقرية الخيال ، واختزانه صور الأشياء ، والاقتدار على إعادة تركيبها للإفصاح عن معنى من المعاني ، على وجه قلع من يتهدى إليه . وكثيرا ما يقع المبتدئون من القاص في خطأ كبير ، فيكتبون عن موضوعات لا الكتاب أوتي يعرفوها معرفة جيدة ، فينتهون إلى أعمال ضعيفة ، ليست لها قيمة فنية كبيرة . وإذا كان بعض ملكة التخيل وصدق الحدس ، بحيث يمكنه أن يتخيل في صحة وصدق ما لم ير ، فما ينبغي لمن لم يؤتهما أن يتجاسر على الكتابة عما لا يعرف ) . وتنقسم القصة قسمين : قصة قصيرة ، فيفضل بعض النقاد أن تسئی " رواية " ، وأن تسمى القصيرة " قصة قصيرة " ، كما تسمى في الإنجليزية short story . وهنالك من يرى أن تسمى القصة الطويلة قصة فقط ، مادامت القصيرة تسمى " قصة قصيرة " " ) . والذي نميل إليه أن تكون " القصة " علما على فن القصص كله ، وأن يسمى ما طال منها رواية ، وما قصر " قصة قصيرة " . والفرق بين النوعين أن الرواية تصور مدة طويلة من حياة شخص ، وربما عرضت لحياة شخص كاملة مع كل ما يتصل بها ، فتناول لمحة من حياة الإنسان قصيرة جدا ، وتخوض الرواية في تفاصيل ، تتجنبها القصة القصيرة ؛ لأن القصة القصيرة تعتمد على الإيحاء ، وتدور على أمر واحد ، ولا تعرض من حياة الأشخاص إلا لمدة محددة ، أو حالة شعورية بعينها ، ولا تقبل التشعب والاستطراد إلى ما لا يمس موضوعها . ولا بد للرواية من بداية ونهاية ، ولا يشترط ذلك للقصة القصيرة ، فقد تعصف حالة نفسية ، فإذا صورها تصويرا مؤثرا ، ولذلك قال بعض الكتاب إن لها مطلق الحرية في أن تبدأ من حيث شاءت ، بعكس الرواية التي ينبغي أن تكون لها بداية وختام " ، وقال الكاتب الروسي تشيكوف : القصة القصيرة هي ما لا نهاية لها ولا بداية ) . وسنفصل الآن القول في كل من الرواية والقصة القصيرة . أولا- الرواية تتألف الرواية من عدة عناصر ، هي : الحوادث ، وهم الذين يقومون بهذه الحوادث ، وهو ما يكون بين الأشخاص من كلام ، وهما اللذان تحدث فيهما الحوادث والأعمال ، وهي الموضوع الذي يريد الروائي الإفصاح عنه ، فيتوسل إليه بمزج هذه العناصر على وجه بعينه ) . ويعتني برسم 1- الحوادث : وهي أشيع عناصر الرواية ، ولكي يحقق الكاتب إبرازها ، وتغليبها على غيرها من العناصر يجعلها تشتمل على المغامرات الغريبة ، والأحداث الغامضة والمثيرة ، والعواطف المتأججة المشاهد ، من غير أن يغني كثيرا بتصوير الأشخاص ، وتصوير البيئات تصويرا دقیقا . من أجل ذلك لا تدگر شخوص " رواية الأحداث " ، وإنما تتذكر أفعال ضخمة ، وحوادث مثيرة " ويعمد الكاتب في هذا النوع من الرواية إلى المبالغة والغلو في العرض ، من أجل أن يغري القارئ بانتظار النتيجة ، ازدادت القصة تشابكا وتعقيدا ، قدم له الحل بما يشبه المفاجأة ، وهو في توتر من يريد أن يعرف سرا ، ولا بد من ترتيب الأحداث ترتيبا ، تصير به ذات وحدة عضوية ، بحيث تكون لها بداية ، تتكون بما أس الحدث أو الحكاية ، ثم تبلغ الحوادث أوج التأزم ، ثم تصير إلى نهايتها في الخاتمة . وتتأتي الوحدة العضوية في الرواية من وحدة الحدث ، أي جمع الحقائق على أمر ، يتعلق به كل ما في الرواية من حوادث وأشخاص ، وينتج من ذلك وحدة الاهتمام ، ووحدة الشعور بالموضوع أو الشخص ( ۳ ) . . " ) . ويعد هذا النوع من الرواية أقلها قيمة فنية ( 5 ) . ومما يدخل في الحوادث حبكة الرواية ، وهي طريقة معالجة الكاتب الفنية لمادتا ، وعرض حوادثها ، بحيث تكون مرتبطة برابر السببية . ولا بد فيها من مهارة فنية ، تتجاوز الاقتصار على سرد ما وقع . ويجب أن تكون الحكاية التي هي مادة الرواية طريفة ومشوقة ، وأن يتجنب الروائي فيها السرد ، والحذف المفسدين ) . قسمين : رواية ذات حبكة مفككة ، ورواية ذات حبكة عضوية محكمة . ويبئى النوع الأول على طائفة من الحوادث ، لا يربط بينها رابط قوي ، وتعتمد وحدة العمل القصصي في هذا النوع على البيئة التي تحدث فيها الحوادث ، أو النتيجة التي تنتظم الحوادث والأشخاص ، أو البطل الذي يكون هو مركز الرواية الرئيس ، فيجمع العناصر المتفرقة في شخصه ، وتكو الرواية حينئذ تاريخا لوقائع متنوعة ، أكثر من أن تكون وقائع منظمة مترابطة . والرواية ذات الحبكة المحكمة بعكس هذه ، فهي تقوم على حوادث مترابطة ، تسير في خط مستقيم إلى هايتها . وفي هذا النوع تكون عند الكاتب فكرة عامة قبل البدء في كتابة الرواية ، ثم يدرس بناء الرواية بالتفصيل ، وينظم الأشخاص والحوادث ، ويضع كلا منها في موضعه الصحيح ، ويرسم الاتجاهات التي تتلاقي في الخاتمة . وهذا النوع هو أكثر النوعين شيوعا في القصص . غير أن التمييز بين الروايات على أساس من هذين النوعين قد يكو غير دقيق ، فإنما قد يجتمعان أو يتقاربان في رواية واحدة . وليس لزاما أن تكون الرواية ذات الحبكة المحكمة خيرا من الرواية ذات الحبكة المفككة ، بل قد تكون المفككة خيرا منها ، وقد تتعرض المحكمة النوعين من الضعف : أن يكون إحكامها آليا ومصطنعا ، لأنها تعول على المصادفة . من أجل ذلك اشرط للحبكة المحكمة أن تتحرك تحركا طبيعيا ، وأن يكون تركيبها مقنعا ومقبولا " ) . فالبسيطة تبني على حكاية واحدة ، وتبني المركبة على أكثر من حكاية . وحرية المؤلف في طريقة عرض الرواية لا تحدها القواعد ، وذكاؤه هو الذي يعينه على الإفادة من الطريقة التي يختار ، أو على الانتفاع بطرق عدة ، يجمع بينها في روايته . ومن أشهر الطرق التي تعرض بها حوادث الرواية السرد المباشر ، والوثائق والرسائل المتبادلة ، ففي السرد المباشر يكون الكاتب کالمؤرخ ، بحكي تاريخ أشخاصة ، ويتكلم بضمير الغائب ، كما يفعل المؤرخ . وفي الترجمة الذاتية يجعل نفسه مكان بطل الرواية ، فيحکی حوادثها بضمير المتكلم ، من أجل أن يحدث شعورا بالألفة بينه وبين القارئ . وفي طريقة الوثائق والرسائل يعتمد على الرسائل أو المذكرات ، فمن أحدث طرق القصة ، ويقوم على تدوين الخواطر التي يحدث بها المرء نفسه ، وهي لا ترد على الذهن مرتبة ، ويستعمل الكتاب هذه الطريقة حين يريدون دراسة الشخصية الإنسانية ، بعرض صورة داخلية لحالتها العقلية عرضا طبيعيا عفويا ( ) . ولكل من هذه الطرق مزايا وعيوب : قالطريقة الأولى تسمح بحرية السير ، فمن الصعب أن تعرض فيها مادة الرواية كلها من معرفة المتكلم وقوته ، وطريقة الرسائل عرضة للجفاف وعدم الإقناع . غير أن المتعة في هاتين الطريقتين - على صعوبتهما - ق تكون أكبر ، إذا ما استعملهما روائي ماهر ) . وربما لا تصلح طريقة تيار الوعي إلا للرواية التي تكون تحليل الشخصية المفردة ودراستها ، وإظهار مكنوناتها ، وهي لا تقل صعوبة عن الطريقتين السالفتين . 2- الأشخاص : ويستوحي الكاتب أشخاصه من واقع الحياة ، عن الأشخاص المعروفين في الواقع ، لأن الكاتب يشرحها ويوضحها ؛ يريد إبلاغها ، فليس من الممكن أن يكونوا غامضين ، وأعمالهم مجهولة الدوافع والغايات ، ثم يعرف ما يرمزون إليه ) . في رسم أشخاص روايته ، على وسائل مباشرة ، ففي الأولى يرسمهم من الخارج ، محللا عواطفهم وأفكارهم ومشاعرهم ، وفي الطريقة الثانية يجعل الكلام على لسان الشخص ، ليبين عما في نفسه بكلامه وأفعاله ، وقد يبين عنه يجعل غيره يعلق على أعماله . إلا أن الطريقة التحليلية لا تصلح في الرواية التي يستعمل فيها ضمير المتكلم ، ولا الرواية التي تستعمل فيها الرسائل والوثائق ؛ لأن هاتين لا يتاح فيهما إلا التمثيل وحده . ويميل النقد الحديث إلى الطريقة التمثيلية أكثر من ميله إلى الطريقة التحليلية ؛ لأن الشخص فيها يكشف عن نفسه بنفسه ، ولأنها تقلل من تدخل الروائي ، وتظهر براعته وتمكنه في فنه ) . ومن المألوف في الفن القصصي - عامة - أن يكون في القصة شخص ، يكون هو محورها الذي تدور عليه أهم أحداثها ، والرابط بين سائر الأشخاص فيها ، وينال تصويره من الكاتب - من أجل ذلك - عناية خاصة . ويسمى هذا الشخص البطل ، ولا نعني به الرجل الشجاع الذي لا بد له من قوة بدنية ، يظهر فيها قوة احتمال بدنه ، فقد تغير مفهوم الشجاعة في القصة الحديثة ، فغدا الشجاع فيها " هو الذي يعي واقعه بنوع من الشاعرية والإحساس المرهف " . وصار من الممكن أن يكون بطل القصة الحديثة إنسانا معذبا حائرا ، ومع ذلك تبلغ به الشجاعة حدا يدفعه الاعتقار معنى من الحياة رغم اقتناعه يعبث المحاولة . ، والبطل الحديث هو الرجل العادي ، أو الشعب ممثلا في فرد لا يكاد يتميز منه " ( 2 ) . من أجل ذلك تخلى بعض المذاهب الفنية عن فكرة البطل ، وأحل محلها تصوير الوعي الاجتماعي له الطائفة من أشخاص الرواية ، أو طبقة من طبقات المجتمع ، ويكون الشخص في رواية الأشخاص هو المحور الذي تدور عليه ، وكل شيء فيها يمسه من قريب أو بعيد ، " وأما الحادثة في هذه الرواية ، بل لتفسير الشخصيات " . ويرى النقاد أن الأحداث تبقى جا ، ما لم ينفذ القاص إلى ما وراءها من حياة ، ويغن يالحالات النفسية تقع في وإبرازها ، وإبراز ما يترتب عليها من تصرف وسلوك ، وإن كانت العناية بالجانب النفسي من الأشخاص تسلب القاص " وسائل التشويق القديمة القائمة على المبالغة والغلو ، وعلى الخضوع لما عرف بأركان الرواية الثلاثة : العرض ، فإن الرواية الحديثة لا تؤمن هذه الأركان إيمان مبالغة ؛ فهي ما تزال با تقلل من شأنها ولا بقي منها إلا القليل القليل الذي ينسجم مع طبيعة الواقع ، ويناسب نضج القاري الجديد ، ويرتضيه الفنان نفسه الذي ارتقى كثيرا اجتماعيا وفكريا ، وصار فنانا بالمعنى الحقيقي ، يعتز بوجوده وعمله ورسالته " ( 1 ) . وروايات الكتاب الذين يهتمون بالأشخاص روایات نفسية ، " معدومة الحادثة أو مضطريتها . وقد أصبح هم الكتاب المحدثين أن يسجلوا ما يدور بعقول أبطال رواياهم ، وقد تكون الحركة الجسدية الوحيدة التي يقوم بها بطل رواية من هذه الروايات هي أن يصعد الدرج ، أو يستلقي على مقعد طويل ، ثم يأخذ الروائي في إبراز خواطره وخلجات نفسه ، حتى إذا ما بلغ البطل نهاية الدرج ، أو اعتدل في مقعده يكون القارئ قد أم ماضيه كله ، وطريقة تفكيره ، وكل ما يرغب الروائي في سرده عنه " . وقد يؤخر الكاتب نقطة انطلاق القصة حتى يظهر الشخص ، ويحيط بيده اللثام عن الحوادث . وقد يلفت القاص القراء إلى الشخص بتحليله ، أو أخلاقه وأفعاله ) . 3- الحوار : وهو الحديث الذي يكون بين أشخاص الرواية ، وإذا أدي أداء جيدا كان من أمتع أجزائها . وهو مهم في عرض الانفعالات والدوافع والعواطف ، ويقوم مقام التحليل والتعليق . ومن شروطه أن يكون جزءا منتظما في الرواية ، يخدم سير الحوادث ، وتصوير الأشخاص ، وبيان صلتهم بالحوادث ، وأن يكون طبيعيا ملائما للرواية وشخصيات المتكلمين ، وملائما للموقف الذي يعرض فيه ، وأن يكون سهلا ممتعا ) . ومما يتصل بالحوار استعمال العامية فيه ؛ فإن بعض كتاب العرب يعرض حوادث القصة بالفصحى ، ومنهم من ينوب عن الأشخاص فينطقهم بالفصحى ( ) . ولا حجة للذين يكتبون حوارهم بالعامية : فالفصحى أقدر على تنويع الدلالات و تعميقها من العامية المحدودة في مفرداقاء التي تعجز عن المعاني العالية ، ولا يصح أن يراعي حال الجمهور ، بدعوى أخا أيسر ، وأنه على فهمها أقدر ، بل يجب الرقي به ، وتعليمه ما لا يعلم وتعويده ما لم يتعود ، بدلا من تركه حيث يجده الكاتب . هذا إلى أن استعمال العامية يخرج بالعمل الأدبي إلى الثرثرة والتفاهة ، وإشعار القارئ بعدم الجد ، لا يغتفر في الأعمال الأدبية المكتوبة . والذي يكتفي بالتقاط الحوار من السنة الأشخاص لا يخلق أدبا ، ولا يكشف عن مجهول من قيم النفس ، أو قيم المجتمع وأخلاقه . ثم إن العامية تجعل العمل الأدبي محليا ، لا يقرأ ويفهم إلا في قطر كاتبه ، بل ربما عجز الكاتب عن إبلاغ فكرته أهل قطره كلهم ، لاختلاف اللهجات ، فهي اللغة القومية التي تتساوى الأقطار العربية في فهمها . والذين يرون أن إنطاق الأميين وعامة المجتمع بالفصحى ليس واقعيا ، يغفلون عن أن الأدب ليس نقلا حرفيا للحياة ، ليست منقولة من الحياة نقلا حرفيا واقعيا ، فلم لا تكون اللغة كذلك ؟ " والواقعية الحقيقية ليست في الألفاظ ، أو في القضايا والأوضاع الاجتماعية التي ينبغي أن يحسن أداءها القاص ، والتي لا يستطيع الناس أن يعيروا عنها على نحو ما يعبر عنها في قصته " ( ) . إنه لا ضير من أن يحاور صبي أو عامل بالعربية الفصحى ، على ألا يكون في حواره تكلف ، ولكن الضير في أن يجري الكاتب على لسان صبي أو عامی آراء وأفكارا لا يعرفها أمثاله في الواقع " ) ، " وكلما عبر كل شخص فيها بلغته حسب مستواه فيها ووضعه ، وشعورنا بأن الحياة بحري طبيعية أمامنا ، دون أن يعترضها تنسيقه المفتعل " ( 2 ) . إن لغة الحوار في آداب اللغات العالمية الكبيرة ، كالإنجليزية والفرنسية ، مع أن الفرق بين لهجاتها ولغتها الفصحى يسير جدا ، ويرفض شعراؤها وكتابجا استعمال اللهجات وسيلة والذين يصرون على استعمال العامية في الأدب الجاد لا يشلمون من مؤثرات فكرية خارجة عن الفن ، كما أن قلة معرفتهم بالعربية الفصحى ، وقلة طموحهم إلى الكمال ، وقناعتهم بما تعودوا ، قد يكون لها أثر كبير في ذلك . وقد نجح بعض الكتاب في تطويع العربية الفصحى لما كتبوا من أعمال قصصية ، وكان من أنحهم إبراهيم عبد القادر المازني ، فإنه يكتب بأسلوب عربي فصيح ، في جده إن جد وهزله ، وفيما يضع على ألسنة عامة الناس وخاصتهم ، ومن أمثلة ذلك كتابه " صندوق الدنيا " ، وكتاياه " إبراهيم الكاتب " ، و " إبراهيم الثاني " وإذا فوم ما يكتب اليوم في الأدب العربي من الأدب الفصتي بأنواعه كلها ( الرواية ، ليس فيه ما يرقى إلى الآداب العالمية ؛ بعيدة من لغة الأدب الراقي ، من أجل ذلك كان الذي يعجب النقاد منه هو ما يسمى الجوانب التقنية ، اللذين عليهما مدار الأدب ، وهما - بعد - ما ينشده القارئ ، حين يقرأ الأدب . ويظهر ذلك في أن الرواية التي تكتب بالعامية لا يجد المرء فيها إيداعا ، وإنما يجد الدارج من الكلام على ألسنة العوام ، مما لا يبين عن شخصية الكاتب ، ولا يدل على موهبة فنية . والكتابة القصص بالعامية ضرر آخر ، هو أنه چرا المهرجين على تعاطي الأدب ، وسهل ولوجه على من ليس أهلا لأن يلحه ، وجعل الفن القصصي " كلا مباحا ، يغدو فيه ويروح كل من اقتدر على السرد القصصي " ( ) ؛ وأغروا المجتمعات العربية بالرضا بالبساطة ، بدلا من التسامي بماء والرقي بأذواقها ، ويوجهها الوجهة التي تغير واقعها ، أي إنهم حادوا بالفن عما ينبغي أن يكون غايته ، فكان عملهم سلبيا ، وكان أمثل هذا الأدب التمثيليات الهزلية التي تكون غاية أثرها الإضحاك ، وأمثلها تلك التي تعالج بعض القضايا الاجتماعية ، وإن كانت لا ترقی إلى الأدب المميز ، لكن طبيعتها الهزلية تحمل لغتها يغتفر فيها ما لا يغتفر في لغة الأدب الجاد . - البيئة : والمراد با شيئان : القوى والمؤثرات الخفية الثابتة والطارئة التي تحيط بالإنسان ، وتوجهه وجهة بعينها ، والجو الظاهر الذي تجري فيه أحداثها ، وكل ما يتصل بوسطها الطبيعي والاجتماعي ، فإن الرواية تعنى بذلك ، كما تصف البلدة والمحلية والشارع والمسكن ، و " البيئة الاجتماعية ، ، وتنفذ بذلك إلى جزئيات الحياة اليومية ، وصغائر سلوك الأفراد ضمن مجتمعهم " ( ؟ ) . ويستلزم تصوير مواقف الأشخاص أن ينظر إليهم مرتبطين بمجتمع ، وإلا جاءت الرواية متكلفة ، وكان أشخاصها معزولين عن بيئتهم وجنسهم . وقد قال بعض النقاد إن البيئة " تعبيرات مجانية عن الشخصية . إن بیت الإنسان امتداد لنفسه . ، وبين الإنسان والطبيعة مجلات متداخلة واضحة " ( 2 ) . والبيئة هي التي تسوء ظهور الأخلاق الاجتماعية في كل زمان ، كما تسوغ زوالها ، وفي ربط صراع الأشخاص بها ، والتعمق في جذور الوعي العام ، في العصر الذي كتب فيه الرواية ) . وتستوحي بيئة الرواية من المشاهدة والقراءة والخيال . وعناية الكتاب بالبيئة متفاوتة ، فمنهم من يؤثر الوصف المفصل الدقيق ، ومنهم من يكتفي بالوصف المحمل ، ومنهم من يجعله عاملا مؤثرا في الحوادث والأشخاص ، ومنهم من يجعله إرهاصا لما سياتي من الحوادث " ) . إلا أنه ينبغي ألا يكون الوصف منعزلا عن حوادث الرواية وأشخاصها ؛ إذ الغاية منه وصف عالم الرواية المكتمل ، وتفسير الحالات والدوافع النفسية ، وتسويغ ما يكون من أحداث ، وله صلة وثيقة بتصوير الأشخاص " . وإذا لم تكن تلك هي غاية وصف البيئة ، كان وصفها ضربا من الثرثرة المملة ، التي تدل على أن الكاتب يقلد عن غير وعي ، ويتكثر من الكلام لغير غاية . 5- الفكرة : وهناك نوع من القصص يكون الغالب فيه هو الفكرة ، وفي هذا الضرب من القصة يسر القاص الأشخاص والحوادث التصوير الفكرة . وأكثر ما تكون الغاية الأولى لهذا النوع الإصلاع ، أو السخرية من بعض النقائص الاجتماعية ، أو استهجان بعض الأفكار الطارئة . وفي هذا النوع يعمد الكاتب إلى تشخيص العيوب ، وإظهارها مع الفضائل ؛ " حتى تقدم للقارئ ملا محسوسا ، يستطيع أن يضع إصبعه عليه ، ويميز خبیثه من طيبه بسهولة ، لا تتاح له لو ظلت هذه المثل أفكارا محردة ، خالية من من كل حياة " ( 2 ) . القصة القصيرة لا تختلف القصة القصيرة عن سائر الأنواع الأدبية ، ولذلك وقع بين النقاد الخلاف في تعريفها مثل الذي وقع بينهم في تعريف المقالة . وليس من اليسير تعريف الأجناس الأدبية - عامة - تعريفا دقيقا ؛ فإن التحديد يخالف ماهيتها ؛ لأنها تصدر عن ذوق وشعور ، وأكثر ما يكون الخلاف بين الأدباء في هذين . ولعل هذا سب أنه لا تكاد توجد صورة ثابتة للجنس القصصي كله ، لأن الفكرة التي يريد الكاتب معالجتها هي التي تصنع الشكل الذي يلائمها . وأكثر ماب في تعريف الأجناس الأدبية إنما هو تلمس لبعض خصائصها الظاهرة . وأكثر ما اتجهت إليه تعاريف القصة القصيرة من خصائصها الكم ( الطول ) ، ويراد بالطول عدد كلماقا ، فيراد به الفكرة التي نتركها في نفس القارئ ، أو ما يسميه بعضهم " الانطباع " ، تساعد على تكوين الأثر في النفس . وربما كان تعريف اليكس كيحان أوجز ما عرفت به القصة القصيرة ، فقد قال إنها " نوع من السرد ، نادرا ما يتجاوز عشرة آلاف كلمة ، أو يقل عن خمسمائة كلمة ومن الشائع أن يتراوح بين ألف وخمسمائة كلمة وخمسة آلاف كلمة ، ولكن مع وقت ووزن كافيين لتحريك القارئ والتأثير فيه ، ويقتضي نوعا من الضيق ، والتركيز في إنجاز التأثير المنفرد " ( 1 ) 6 فهذا التعريف - كما لا يخفى - يشتمل على أمرين : الكم الغالب ، مع عدم إغفال القليل والنادر ، فالسمة الغالبة على القصة القصيرة هي القصر ، ولذلك كان علما عليها ( القصة القصيرة ) ، وأشار إليه أليكس ب " الضيق ، فلم يحدده تحديدا قاطعا ؛ لم يصدق تعريفه إلا على بعض القصص القصيرة دون بعض ، وإنما عمد - بدلا منه - إلى صيغة مرنة ، تشي بأنه حاول بناء تعريفه على استقراء ، ولم يبنه على تخمين ، يفرضه على ما يعرف ؛ إذ كثيرا ما يخالف التخمي المحرد الواقع ، فعل للقصة القصيرة حدا أقصى وحدا أدنى ، يغلب أن تقع بينهما ، ويندر أن تزيد على أعلاهما ( عشرة آلاف كلمة ) ، أو تنقص عن أدناهما ( خمسمائة كلمة ) ، يغلب أن تلزمه ( ما بين ألف وخمسمائة كلمة وخمسة آلاف كلمة ) . ومن مزايا هذا التعريف عدم اعتماده القطع والتدقيق المتعسف الذي يغلب ألا يلائم فئا كالقصة القصيرة ليست له حدود واضحة ، وتعريف ما كان كذلك لا يكاد ينتهي إلا إلى التحجير ، والبعد عن إصابة روح المعرف ، وخير منه الاستقراء والتقريب اللذان هما أقرب إلى روح الأدب وفنونه . وإذا ووزن هذا التعريف بتعريفات أخرى للقصة ، وهو - إلى ذلك - خلاصة تعاريف ، كان الكاتب قد حاول أن يعرف ما القصة ، ثم يخلص إلى أن هذا هو فحواها . أما الجانب الآخر من التعريف ، فهو الأثر الذي تحدثه القصة القصيرة في القارئ ، ورما كان أوضح عبارات الكاتب عنه قوله ، قدمها بين يدي تعريفه هذا : " شيء ما ، يمكن أن يقرأ في جلسة واحدة ، ويمنح القارئ تتويرا قريدا ، مفاجئا وذهبيا مثل شعاع الشمس ، وهو ينش وشط غيمة كثيفة " ، " شيء يمكن قراءته في ساعة ، لكنه يثبت في الذاكرة مدى العمر " ، " شكل توضيحي ، لوجه واحد صغير من الطبيعة الإنسانية " ( 1 ) . وعن التعريفات الجيدة التي عرفت بها القصة القصيرة أيضا تعريف مبني على أن من خصائصها " وحدة الانطباع " ، وهي الأثر النفسي الذي تتركه في القارئ ، ومصدره التخلص من الزوائد ، والعناية بفكرة قصيرة محددة ، يمكن أن يتصل بها ؛ فإن القصة إذا كانت على هذا الوجه ، جمعت ذهن القارئ ، وحالت بينه وبين التشتت في دروب كثيرة ، وتعدد ما تشتمل عليه من أفكار ، وليست القصة القصيرة " - ولا يمكن أن تكون - حدثا كبيرا مكثفا ، أو مجموعة أحداث وانفعالات متراصة ، أي إنها ليست رواية مختصرة أو مقصرة - كما أن الرواية ليست قصة قصيرة مطولة ؛ لأن الاختصار أو التطويل ليس قنا ، ، والفن الصحيح هو الذي يقف حيث تقف طبيعة الأشياء ، أو ألف " ( 3 ) . وهذا يتبين عدم صحة دعوى أن الفرق الأوحد بين الرواية
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
ﻣﻼﺣﻈﺔ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻫﺬا ﻛﺘﺎب ﻳﻄﺮح ﺳﺆاﻻً »:ﻛﻴﻒ ﻧﺘﻐﲑّ؟ «، وﳚﻴﺐ »:ﻧﺘﻐﲑّ ﲝﺴﺐ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ « .و...
بحيث لا يكون للدولة الفلسطينية حدود مع الاردن بالمعنى الجعرافى ، بل بالمعنى المعنوى والسياسى ، وقد ص...
I have the skill to design an electrical circuit designed to control the sequential operation of mot...
التهاب المعدة والأمعاء الحاد (AGE) هو التهاب الأغشية المخاطية في الجهاز الهضمي. ويتميز بالقيء ولأو ا...
L’environnement extérieur d’une structure aéronautique est souvent la source de nombreux dommages qu...
How far is it correct to sympathise with Heathcliff? We sympathise with Heathcliff We sympathise wit...
Evaluate Thermal Properties of Pipeline Materials. 2. Optimize Material Selection Based on Cost, ...
A sharp blade of the proper size should be used. A sharp blade allows incisions to be made cleanly, ...
Heathcliff He is a Vagabond, a foundling , a gypsy who was brought from the streets of Liverpool by...
الكنيسة والنظام الديني 1 - المسيحية في عصورها الأولى: كانت الديانة المسيحية من أهم مميزات العصور ا...
أنظمتنا جعلتنا دولا لا نفعل شيئا سوى أننا نتفرج على مايحدث في العالم والأدهى والامر أن أنظمتنا مجرد ...
"يُعَدُّ موضوعُ (.........) من المواضيع البارزة التي تستحقّ الوقوف عندها والتأمّل في أبعادها المختلف...