لخّصلي

-التطور التاريخي للعصف الذهني
ان اول من ابتدع طريقة العصف الذهني هو العالم أوزبورن(Alex, Osborn) عام 1938, و كان يشتغل في شؤون النشر و الدعاية و الاعلام , فلم يهتم بصياغة الاسس النظرية التي قامت عليها طريقته في العصف الذهني , و انما صاغها عدد اخر من الباحثين النفسيين , و استمدت هذه الطريقة اسسها من الديانة الهندوسية فقد استخدمها الهنود قبل 4000 سنة من خلال الجماعات الدينية و كانوا يسمون هذه الطريقة باسم Brai"Barshana" تعني كلمة "" brai الجانب الذي يقع خارج نطاق التفكير.اما كلمة "Barshan" فتعني السؤال. و يفهم من هذا وضع العديد من الاسئلة خارج الذات لتوليد العديد من الافكار .و قد كان استخدام هذه الطريقة في المجال الديني فقط.
و قد بين اوزبورن في كتابه (الخيال التطبيقي -1953 imagination Applied) طريقته في العصف الذهني .و التي تصلح لتطبيقها في اغلب مجالات الحياة بما فيها العمليات الادارية و الصناعية اي انه يمكن استخدامها في كل المجالات التي تحتاج الى اثارة التفكير عند الافراد و الجماعات على حد سواء .
كما تهدف هذه الطريقة الى انتاج قائمة الافكار التي سيتم تقويمها لاحقا , و تستخدم كذلك في تحضير القدرات الابتكارية و اطلاقها .فهي بذلك عملية تفكير فردي و جماعي وضعت لاستخراج و انتاج اكبر قدر ممكن من الافكار لمشكلة ما بقدر المستطاع في غياب العوائق. و هذا يعني انها طريقة للبحث عن الافكار و الربط السريع و التحليل و المراجعة و للاتجاهات الفردية في مواقف منظمة لهذا الغرض.(18)
و بهذا اصبح العصف الذهني طريقة جماعية مشهورة اثارت الانتباه الاكاديمي حيث قامت دراسات عديدة باختبار مسلمة أزبورن التي تقول بان العصف الذهني اكثر كفاءة من العمل الفردي لانتاج الافكار .و فيما بعد تم توظيف هذا الاسلوب في تنمية التفكير الابتكاري لتلاميذ المدارس و للعاملين وهو مانحاول نحن في هذا العمل البحثي مراجعته للوقوف على مدى أهميته من عدمها.

2-الجهاز النظري( طرق و نظريات التعلم و التشريعات)

باعتبار قانون التعليم لعام 2002 كمرجعية أساسية ,يتعين علينا استكشاف طرق التعلم المتعدد و النظريات التعليمية المتنوعة , مع التركيز على تطبيق استراتيجيات تربوية فعالة لتعزيز تجربة التعلم.
أ-طرق التعلم
طريقة التعلم او طريقة التدريس كما عرفها زيتون (2003)انها مجموعة من الانظمة و الترتيبات و القواعد التي تستند الى العقل ،المتوازية ،و التي تهدف الى تقديم المعلومات ،و المهارات ،و جوانب التعلم المختلفة للعديد من استراتيجيات التدريس ،مراعية في ذلك طبيعة المتعلم ،و المادة الدراسية ،و موضوع الدرس،و اهدافه و بيئة التعلم السائدة في المدرسة. [91]

كما يعرفها طريبة (2008)" على انها ما يتبعه المعلم من خطوات متسلسلة و متتالية و مترابطة لتحقيق هدف او مجموعة اهداف تعليمية محددة". [20]

اما الحليم و مجدي (2002)فعرفا طريقة التدريس "على انها عملية تتكون من مجموعة من الانشطة، و العمليات التي يقوم بها الاستاذ و التلميذ بهدف مساعدة التلاميذ على تحقيق اهداف تربوية لتحقيق المقاصد،و الاغراض الكاملة لعملية التعليم".[21]

نستنتج اذا بنظرة فاحصة تحليلية ان طريقة التدريس عبارة عن مجموعة من الاجراءات و الانشطة التي يزاولهاالمعلم الى المتعلم في مواقف تعليمية تعلمية ،لتحقيق اهداف تربوية و على المعلم ان يكون "ملما بمختلف طرائق ،واساليب و استراتيجيات التعليم و التعلم و التدريس "،[22

تساعد طرق التعلم المتنوعة المعلم داخل الفصل على تلبية احتياجات التلاميذ المختلفة و تعزيز فهمهم و مشاركتهم في عملية التعلم .
و يشمل هذا التنوع بعض الطرق مثل طريقة حل المشكلات , طريقة التعلم باللعب , طريق التعلم الالكتروني , طريقة التعلم التعاوني ...على الرغم من تعدد و تنوع هذه الطرق الا ان تبقى طريقة العصف الذهني "اداة قوية لتحفيز الابداع و ايجاد حلول مبتكرة .خاصة مع تعزيز التواصل الفعال بين المشاركين , مما يتيح تبادل الافكار بحرية و بناءة و تحويلها الى حلول متكاملة قابلة للتنفيذ."
تشكل طرق التعلم رحلة ممتعة .تبدأ من القراءة الكتابة و تمر عبر التفاعل و التعاون .وصولا الى تطبيق التجربة .لتكلل بتحقيق المعرفة والفهم.اذ تعد نظريات التعلم بوصلة لفهم رحلة المعرفة .فهي تقدم لنا اطارا لفهم كيفية اكتساب المعرفة و تطبيقها.
ب-نظريات التعلم
يعد فهم نظريات التعلم أمرا بالغ الاهمية لمعرفة كيفية تعلم الانسان و اكتسابه للمعرفة . و تعد النظرية البنائية من أهم نظريات التعلم .حيث تركز على دور المتعلم في بناء المعرفة من خلال تجاربه و تفاعله مع البيئة
النظرية البنائية :
لقد اختلفت النظرة إلى مفهوم البنائية من باحث الى اخر
فمن وجهة نظر زكريا فإن البنائية: " نظرية في العلم تؤكد أهمية النموذج أو البناء في كل معرفة علمية،
وتجعل للعالقات الداخلية والنسق الباطن قيمة كبرى في اكتساب أي علم"(23)
في حين ينظر اليها ناصرعلى أنها: " منهج تحليلي تركيبي يعمد إلى تحليل كل بناء إلى جزئياته التي يتكون منها للكشف عن العلاقات الموضوعية التي تربطها بعضها ببعض، ثم إعادة تركيبها في بناء كلي جديد يكون أرقى من البنفهي: "عملية استقبال تتضمن إعادة بناء المتعلمين لمعان جديدة داخل سياق معرفتهم الحالية مع خبراتهم السابقة وبيئة التعلم، إذ تمثل كل من خبرات الحياة الحقيقية والمعلومات السابقة بجانب مناخ تعلم الجوانب الأساسية للنظرية البنائية".(24)
وينبثق عن الافتراضات السابقة لنظرية التعلم البنائية أدوار ومسؤوليات
جديدة تقع على عاتق المعلم، فهو من منظور بنائي مشرف ومسهل لعملية
التعلم، بتصميمه بيئة مثيرة للتعلم تلبي حاجات الطلبة وميولهم، وتراعي
قدراتهم، مع بذل أقصى الجهود لتحفيزهم، ودعم مهارات الاستقصاء
والاكتشاف لديهم، وتزويدهم بخبرات واقعية تتحدى مدركاتهم، وأنشطة تثير
فضولهم الذهني، وتعزز لغة الحوار والتفاعل الجماعي، وتقبل وجهات
النظر، وتنمي مهارات التفكير والتأمل لديهم، بما يجعل المتعلم محور خبرات
التعلم، فالمعلم يجعل المفاهيم الموجودة عند الطالب واضحة، كما أنه ينظم
بيئة التعلم، ويوفر أدوات التعلم، ويشارك في إدارة التعلم و تقويمه، وهو مصدر
احتياطي للمعلومات إذا لزم الامر (ناصر.2001)(25)

تعد نظرية التعلم البنائية أداة قوية لتعزيز تطبيق طريقة العصف الذهني و ذلك لعديد الاسباب منها التركيز على المشاركة الفعالة و بناء المعرفة و التعلم من خلال التجربة و التعلم الاجتماعي و التعلم الذاتي ...كما يمكن لهذه الاخيرة ان تساعد التلاميذ على تنمية قدراتهم الكتابية الابداعية و حل مشكلات التواصل.تعد رحلة المعرفة مزيجا من تنوع طرق التعلم و اطار نظريات التعلم و فعالية الاستراتيجيات التربوية , لتكلل بتحقيق الاهداف التعليمية المنشودة .كما يعد القانون التوجيهي للتربية والتعليم المدرسي لسنة 2002 اطارا قانونيا هاما يحدد مبادئ و اهداف العملية التعليمية .ويمثل هذا القانون مرجعية اساسية لوضع التشريعات التربوية الازمة لتطبيق أي طريقة جديدة في التعليم.
ج-التشريعات التربوية لقانون 2002
يدعم القانون التوجيهي للتربية و التعليم لسنة 2002 استخدام طريقة العصف الذهني في العملية التعليمية من خلال العديد من التشريعات التي تؤكد على اهمية تنمية القدرة على الابداع الكتابي لدى التلاميذ و تشجع على استخدام الاساليب التربوية الحديثة .و تشكل هذه التشريعات أساسا قانونيا لتطوير برامج تعليمية تركز على تنمية مهارات التلاميذ اللغوية و الابداعية من خلال استخدام طريقة العصف الذهني.و من بين الفصول التي جاءت بها هذه التشريعات و التي نادت بضرورة تطبيق طرق جديدة للنهوض بالجانب الكتابي لدى التلاميذ و طريقة تواصلهم نذكر
.
اولا
الفصل 8 ـ تعمل المدرسة، في إطار وظيفتها التربوية، بالتعاون مع الأولياء وفي تكامل مع الأسرة، على تربية الناشئة على الأخلاق الحميدة والسلوك القويم وروح المسؤولية والمبادرة، وهي تضطلع على هذا الأساس :
ـ بتنمية الحس المدني لدى الناشئة وتربيتهم على قيم المواطنة وترسيخ الإدراك لديهم بالتلازم بين الحرية والمسؤولية وإعدادهم للإسهام في دعم أسس مجتمع متضامن يقوم على العدل والإنصاف والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات،
ـ بتنمية شخصية الفرد بكل أبعادها الخلقية والوجدانية والعقلية والبدنية وصقل مواهبه وملكاته وتمكينه من حق بناء شخصيته على النحو والذي يذكي فيه ملكة النقد والإرادة الفاعلة لينشأ على التبصر في الحكم والثقة بالنفس وروح المبادرة والإبداع،
ـ بتربية الناشئة على الاجتهاد وحب العمل والتبصر بقيمته الأخلاقية باعتباره عاملا فاعلا في الترشيد الذاتي ونحت الشخصية وغرس الطموح إلى التفوق،
ـ بتنشئة التلميذ على احترام القيم الجماعية وقواعد العيش معا.
ثانيا
الفصل 9 ـ تعمل المدرسة، في إطار وظيفتها التعليميةـ على ضمان تعليم جيّد للجميع يتيح اكتساب ثقافة عامة ومعارف نظرية وعملية ويمكّن من تنمية مواهب المتعلمين وتطوير قدراتهم على التعلم الذاتي والانخراط في مجتمع المعرفة.
والمدرسة المدعوة بالخصوص إلى :
ـ تمكين المتعلمين من إتقان اللغة العربية، بصفتها اللغة الوطنية،
ـ تمكين المتعلمين من حذق لغتين أجنبيتين على الأقل،
ـ تنمية مختلف أشكال الذكاء الفكري والحسي والعملي،
ـ تطوير ملكات التواصل وتوظيف كل أنواع التعبير اللغوي والفني والرمزي والجسماني،
ـ تمكين المتعلمين من حذق استعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصال وإكسابهم القدرة على توظيفها في سائر المجالات،
ـ تهيئة الناشئة لمواجهة المستقبل وإعدادهم لمسايرة المتغيرات والإسهام فيها إيجابيا.

ثالثا:

الفصل 10 ـ تسعى المدرسة، في إطار وظيفتها التأهيلية، إلى تنمية كفايات ومهارات لدى خريجيها حسب سن التلميذ والمرحلة التعليمية وتتولى مؤسسات التكوين المهني والتعليم العالي تطوير هذه الكفايات والمهارات لاحقا.
ولهذا الغرض، فإن المدرسة مدعوة إلى إكساب المتعلمين القدرة على :
ـ استثمار المعارف والمهارات المكتسبة لتدبر البدائل والخيارات في حل المسائل التي تعرض لهم،
ـ التكيف مع المتغيرات،
ـ المبادرة والابتكار،
ـ العمل الجماعي،
ـ التعلم مدى الحياة.

تشكل التشريعات التربوية اطارا تنظيميا لعمل المدرسة تحدد وظائفها و أهدافها .و تعد المدرسة مسؤولة عن المعرفة بتطوير مهارات التلاميذ و غرس القيم الايجابية فيهم و اعدادهم للحياة العملية .اذ تعد طريقة العصف الذهني أسلوبا فعالا لتحفيز المتعلمين على الابداع الكتابي و التواصل .مما يساعد على توليد افكار جديدة و حلول مبتكرة لحل المشكلات.

3-الدراسات السابقة
دراسة اجنبية
دراسة بارنس وميدو
اجريت هذه الدراسة على المرحلة الجامعية، وهدفت الى التعرف على اثر طريقة العصف الذهني في
حل المشكلة، وتكونت عينة الدراسة من (52) طالباً تم تقسيمهم الى مجموعتين (مجموعة ضابطة واخرى (اختبارية).
تم تقديم لكل مجموعة منهما مشكلة، الاولى مشكلة (الحمالة) والثانية مشكلة (المكنسة)، وكان الغرض من المشكلتين واحد وهو ذكر جميع الاستخدامات الممكنة لهذا الشيء المألوف.
وكانت التعليمات المقدمة لمجموعة العصف الذهني مختصرة وبسيطة (عليك ان تكتب جميع الافكار التي ترد الى ذهنك دونان تحكم عليها بأية طريقة، انس نوعية الافكار نسياناً تاماً لاننا سنحصي كم هذا العمل، عبر عن اية فكرة ترد الى ذهنك وتذكر ان الكم وحرية التعبير دون تقويم هما النقطتان الاساسيتان).
اما التعليمات التي اعطيت الى المجموعة الثانية فكانت (عليك ان تسجل جميع الافكار الجيدة، وان الدرجة التي سوف تحصل عليها هي عدد الافكار الجيدة، لا تسجل اية فكرة ما لم تشعر انها فكرة جيدة). ;وقد أشارت النتائج الى ان الطلبة قد انتجوا حلولاً جيدة واكثر في تعليماتالعصف الذهني. كما ان مقدار الافكار الجيدة كان متصلاً على نحو موجب بالعدد الكلي للأفكار التي اقترحها الطلبة وله دلالة احصائية.
ويرى الباحثان ان الاسهام الذي حققتها تعليمات العصف الذهني هو انها شجعت الطلبة على الادلاء بكل افكارهم. (26)
الدراسات العربية
دراسة عبد نور وشمعون (1994). اجريت في العراق وهدفت الى الكشف
عن اثر استخدام مبادئ العصف الذهني الاربعة في عدد الافكار التي ينتجها الطلبة المتميزون الذين
يستخدمون تلك المبادئ، مقارنة بعدد الافكار التي ينتجها الطلبة المميزون الذين لا يستخدمون تلك المبادئ.
كما هدفت الى الكشف عن اثر استخدام مبادئ العصف الذهني الاربعة في الافكار ذات النوعية العالية التي ينتجها الطلبة المتميزون الذي يستخدمون تلك المبادئ مقارنة بأقرانهم الطلة المتميزون الذين لا يستخدمونها.
تكونت عينة الدراسة من (79) طالباً وطالبة من طلبة الصف الثاني متوسط المستمرين في الدراسة فيثانويتي المتميزين والمتميزات في بغداد/الرصافة. وتم تقسيمهم عشوائياً الى مجموعة اختبارية واخر ىضابطة. اما ادوات الدراسة فكانت (مبادئ العصف الذهني الاربعة ومشكلة الدراسة). وقد استخدمت النسب المئوية لتحليل النتائج.
ومن اهم النتائج التي توصلت اليها الدراسة هي ان مبادئ العصف الذهني قد حفزتتفكير المجموعة التي استخدمتها مما ادى الى زيادة كم ونوع الافكار التي انتجتها، مقارنة مع كم ونوع
الافكار التي انتجتها المجموعة التي لم تستخدم تلك المبادئ. كما تفوق المتميزون على المتميزات في كم
الافكار ونوعها في كل من المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة. (27)
دراسة حسين (1996)
اجريت في العراق، وهدفت الى الكشف عن اثر استخدام طريق العصف الذهنيفي تدريس التربية الفنية. وتم اختيار مادة التصميم لإجراء الدراسة عليها.
تألفت عينة الدراسة من (10)طلاب في قسم التربية الفنية – كلية الفنون الجميلة – جامعة بغداد. تم تقسيمهم الى مجموعة تجريبية تضم(5) طلاب، ومجموعة ضابطة وتضم (5) طلاب، واجري التكافؤ بين المجموعتين في مادة التصميم بواسطة الاختبار القبلي.
تم تدريس المجموعة التجريبية بطريقة العصف الذهني، والمجموعة الضابطة بالطريقة الاستقرائية، وقام الباحث بتدريس المجموعتين بنفسه، واستغرق تطبيق التجربة مدة (10) اسابيع.
كما قام الباحث بتصميم اداة لقياس مستوى الابداع.
اما الوسائل الاحصائية المستخدمة فكانت اختبار لعينتين مستقلتين.
من اهم النتائج التي توصلت اليها الدراسة وجود فرق ذو دلالة احصائية في مستوى الابداع لصالح المجموعة التجريبية التي درست بطريقة العصف الذهني مقارنة بالمجموعة الضابطة
التي درست بطريقة الاستقرار(28)

أظهرت هذه الدراسات أن طريقة العصف الذهني تعد فعالة حيث تعمل هذه الاخيرة على تحفيز التفكير الإبداعي لدى الأفراد من خلال تشجيعهم على توليد أفكار جديدة ومبتكرة.
يمكن أن تساهم في تنمية القدرة على الإبداع الكتابي و تحسن التواصل لتلاميذ الدرجة الثالثة في مادة العربية .