خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
ثم قتل منكو تمر بعده بقليل
عودة السلطان الناصر إلى العرش ٥٦٩٨ ( ١٢٩٨ م ) :
لم يوجد بين امراء المماليك - عقب مقتل لاجين ومنكو تمر - شخصية كبرى تستطيع أن تسيطر على للوقف وتستأثر بالسلطنه ، فاضطر الامراء وسط ذلك الفراغ إلى التفكير في الناصر محمد بن قلاون الذي كان يقضى أيامه في الكرك، والذي ظل دائما يبدو فى صورة صاحب الحق الشرعي في السلطنة. وكان أن استحضر الناصر محمد إلى مصر ليتولى منصب السلطنة للمرة الثانية ۵۷۰۸ - ۱۲۹۸ - ۱۳۰۸ م ) فاستقبل استقبالا حماسيا رائعا من المماليك وعامة الناس سواء ، وتفاعل الناس بمقدمه وأقاموا الزينات في طريقه حتى صعد إلى القلعة . وهناك في القلعة جددت له البيعة ، وأخذ يباشر سلط أنه ، نعين الأمير سيف الدين سلار نائبا للسلطنة والأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير استادارا ، كما فرق الخلع على أعيان الدولة ووزع على مماليك أبيه العطايا والهدايا وكان أهم ما تعرضت له دولة المماليك في ذلك الدور هو تجدد هجمات المغول على بلاد الشام ، إذ اوغلت جيوش غازان في بلاد الشام سنة ٦٩٧هـ ( ۱۲۹۸ م ) حتى انزلت الهزيمة بالمماليك عند مجمع المروج بين حمص وحماه . و يبدو أن مقاومة الماليك فى الشام أنهارت بعد هذه الهزيمة فدخل غازان دمشق وعاث جنوده فيها فسادا . على أن غازان أكتفى بذلك وعاد إلى بلاده بعد أن عين نائباً عنه في دمشق . وكان ذلك في الوقت الذي خرج جيش كبير من المماليك على رأسه السلطان الناصر محمد قاصدا الشام سنه ٦٩٨هـ (۱۲۹۹ م ) وقد استطاع المماليك دخول دمشق ولم يعبثوا بطلب غازان مهادنتهم (1)، الأمر الذى استثار غازان يخرج من بلاده سنه ۵۷۰۲ (۱۳۰۲م) قاصدا غزو الشام من جديد . وفي موقعة مرج الصفر التي دارت قرب ده شق في تلك السنة حلت الهزيمة قاسية بالمغول ، الأمر الذي جعل الناس يفرحون بالناصر محمد رغم صغر سنه ويستقبلونه استقبالا حافلا في دمشق والقاهرة (۳). غير أنه لا يخفى علينا أن الناصر محمد تولى منصب السلطنة تلك المرة الثانية وهو لا يزال صغيرا، ولذلك فإنه كان لا يستطيع بأي حال الوقوف في وجه كبار أمراء المماليك الذين اشتدت ضراوتهم ومرنوا التلاعب بكبار السلاطين فما بالنا سلطان طفل كان لا يزال في الرابعة عشر من عمره . لذلك كانت سلطنة الناصر محمد الثانية اسميه ، بعد أن ضيق الأميران سلار وبيبرس الجاشنكير الخناق عليه ، وحالا بينه وبين الاتصال بالناس أو التصرف في أمواله (1) بل لقد بلغ الأمر بالسلطان الناصر محمد عندئذ أنه كان يشتهي نوعا معينا من الطعام فيرسل التماسا برغبته إلى الأمير سلار. ويحكى المؤرخون أنه حدث أن أرسل الناصر محمد إلى الأمير سلار يبلغه أنه يشتهى تناول بعض الحلوى والاوز، فرد الامير سلار على حامل الطلب قائلا، وإيش يعمل السلطان بالأوز ؟ هو الاكل عشرون مرة بالنهار وأخيراً ضاق السلطان الناصر بذلك الحجر المفروض عليه ، فاستدعى الأمير بكتمر الجوكندار لمساعدته في التخلص من الأميرين سلار وبيبرس. ولكن هذين الأميرين علما بالمؤامرة ، فخاصرا القلعة للقبض على الناصر محمد و منعه من الهروب، مما أثار إشتبا كا بين المماليك السلطانية وأتباع الأميرين. وجدير بالذكر أن الرأى العام في القاهرة كان يعطف على السلطان الناصر محمد الصغير عطفا غريبا ، فلم يكد العامة يعرفون بما تم من محاصرة الناصر محمد حتى تجمعوا وهم يهتفون . الله يخون من يخون ابن قلاون ۱۱۰۰۰) (۳) ولأول مرة تسمع عن إرادة الشعب بوضوح في عصر المماليك ، فوجد سلار وبيبرس الجاشنكير نفسيهما في مأزق إزاء مناصرة الشعب للسلطان الصغير ، واضطرا إلى الانحناء أمام العاصفة الجددا الولاء للناصر محمد بعد أن فى لهما أية نية سيئة تجاههما وأعلن أن أحدا من الأمراء لم يحرضه ضدهما ولكن إذا كانت العاصفة قد هدأت ، فإن هدوء ما كان في الظاهر لأن سلار وبيبرس ظلا يضمر ان الكراهية للناصر محمد في حين أن الناصر محمد نفسه كان غير مرتاح إلى وضعه، ويخشى على نفسه عاقبة غدر هذين الأميرين. وأخيراً ضاق السلطان بحياته التي قضاها حبيس القلعة، وأدرك أنه لا فائدة من التغلب على سلار وبيبرس بعد أن ، تجاوزا الحد في الانفراد بالأموال والأمر والنهي (1) . لذلك فكر الناصر محمد في الهروب من السلطنة ، فتظاهر برغبته في أداء فريضة الحج وخرج من مصر قاصدا الحجاز عن طريق السكرك . ولكنه لم يكد يصل إلى الكرك سنة ۷٠٨ هـ (۱۳۰۸م) حتى أعلن ما في نفسه ، فدعا من معه من الأمراء والمماليك وأخبرهم أنه اختار الحياة في الكرك حراً ، ثم أرسل الناصر كتابا إلى الأمراء في مصر يخبرهم فيه بنيته وقد ارتبك الأمراء فى مصر عندما وصلتهم رسالة الناصر محمد لأنهم لم يكونوا مستعدين الموقف ، فأرسلوا إليه يسألونه العودة وإلا حرموه من السلطنة ومن الإقامة في الكرك. ولكن الناصر محمد أصر على رأيه ورد عليهم قائلا ، دعونى أنا في هذه القلعة منعزلا عنكم إلى أن يفرج الله تعالى إما بالموت وإما بغيره . وكان أن عرض الأمراء على سلار منصب السلطنة ولكنه كان حريصا على ألا يتعرض للمصير الذي تعرض له كتبغا ولاجين لاسيما وأن أحوال الدولة كانت مرتبكة عندئذ ولا تبشر بخير . لذلك اعتذر سلار عن قبول المنصب، وأشار إلى زميله بيبرس الجاشنكير وقال ، ولا يصلح له إلا أخي هذا ! . وكان أن بايع الأمراء بيبرس الجاشنكير بالسلطنة
السلطان المظفر بيبرس الجاشنكير :
تولى منصب السلطنة سنة ۷۰۸ هـ ( ۱۳۰۸ م ) ، و با در فور اعتلائه العرش بكتابة تقليد بمنح الناصر محمد الكرك . على أنه إذا كان السلطان بيبرس الثاني قد ظن أن الأمور قد هدأت له بذلك ، فانصرف إلى تنظيم أمور الدولة وعين الأمير سلار نائبا له ؛ فإن آماله لم تلبث أن انهارت بالسرعة التي قامت بها . ذلك أن الناصر محمد ظل دائما يتمتع بشعبية كبيرة في مصر والشام ، بحيث لم يستطع الناس أن ينسوه بالسهولة التي توهمها المظفر بيبرس. وشاءت الظروف أيضا أن يأتى قيام بيبرس الجاشنكير مقرونا بإنخفاض النيل وارتفاع الأسعار، مما جعل الناس يفسرون ذلك بسوء طالع السلطان الجديد ، فصاروا يطوفون شوارع القاهرة وهم يصيحون ه سلطاننا ركين ( تصغير ركن الدين بيبرس ) ونائبنا دقين ( يقصدون الأمير سلار ، وكان أجردا بذقنه شعيرات قليلة ) ؛ يجينا الماء منين ؟ ؟ جيبوا لنا الأعرج ( يقصدون الناصر محمد وكان به عرجا خفيفاً ) ، يجى الماء يدحرج ثم إن كثيرا من أمراء الشام رفضوا الاعتراف بالسلطان المظفر بيبرس ، وبخاصة نواب حلب وحماه وطرابلس الذين رفضوا أن يتزعزعوا عن موقفهم وأعلنوا ولاءهم البيت قلاون ؛ بل لقد بلغ الأمر بهؤلاء الأمراء الثلاثة أنهم اجتمعوا وأرسلوا إلى الناصر محمد بالكرك يستأذنه نه في القدوم عليه بالكرك المناصر نه ، « فإما أن نأخذ له الملك وإما إن نموت على خيولنا أما الناصر محمد نفسه فكان كلما تقدم به الوقت تنبه إلى حقوقه في الملك وإلى سلطانه المسلوب . نعم صار الناصر محمد سنة ۵۷۰۸ (۱۳۰۹م) غيره سنة ٥٦٩٣ (١٢٩٤م) ، وبخاصة في معاملة الأمراء . فأرسل إليه يهدده ويتوعده ، وإلا جرى عليك ماجرى على أولاد الملك الظاهر بيبرس البندقداري (1) ، بل لقد بلغ الأمر بالسلطان بيبرس الثانى أن أرسل إلى الناصر محمد بالكرك يطلب منه مالديه من خيل ومماليك ، أنتم مماليك أبى وربيتموني، فإما أن تردوه عنى وإلا أسير إلى بلاد التتار وهكذا أخذ الناصر محمد ينظم صفوفه لاسترداد سلطنته المفقودة ، فترك كثيرا من الأمراء جانب بيبرس الجاشنكير وهربوا إليه. وعندما زار دمشق استقبله أهل دمشق فى حفاوة بالغة ، أما المظفر بيبرس ، فقد ساء موقفه وانفض عنه معظم رجاله ، فحاول أن يقوى مركزه بالحصول على بيعة جديدة من الخليفة العباسى فى القاهرة - وهو أبو ربيعة سليمان - ولكن كل ذلك لم ينفعه شيئاً أمام التفاف الناس حول الناصر محمد وحبهم له . هذا إلى أن الخليفة العباسى فى القاهرة كان لا حول له ولاقوة في ذلك العصر حتى أن أحد الأمراء المماليك عندما قرأ العهد الذي منحه الخليفة سليمان للسلطان المظفر بيبرس ووجد أوله إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم رد على الفور قائلا ، والسليمان الريح وأخيرا عول الناصر محمد وحوله رجاله وأنصاره على الحضور إلى مصر ، موجد بيبرس الجاشنكير نفسه عندئذ وحيداً، لا شعب يلتف حوله و يعطف عليه ، ولا جيش يقف إلى جانبه . لذلك اضطر بيبرس إلى دعوة الأمراء المشاورتهم في الأمر، فأشار عليه بعضهم بالنزول عن العرش واستسماح الناصر محمد ليعفو عنه . ولم يكن في وسع بيبرس الثاني أن يفعل غير ذلك؛ فغادر القلعة ليلا قاصداً أطفيح ، والعامة يطاردونه حتى أوسعوه سبا وأوشكوا على الفتك به لولا أن شغلهم بما رماه إليهم من مال (٢) . وعلى هذا النحو انتهت سلطنة المظفر بيبرس الجاشنكير سلطنة الناصر محمد الثالثة ( ۷۰۹ ه -- ٥٧٤١ - ١٣٠٩ - ١٣٤٠ م )خرج السلطان الناصر محمد من الكرك قاصداً القاهرة ، يرافقه رجاله وأتباعه ، وكان المؤرخ أبو الفدا يرافق السلطان في رحلته هذه، فوصف لنا كيف كان يلتقى السلطان كل يوم أثناء مسيرته بجموع المماليك والأمراء وقد خرجوا لاستقباله وتقديم فروض الولاء والطاعة له (٣) . وهكذا حتى دخل قلعة الجبل مساء الأربعاء أول أيام عيد الفطر سنة ۷۰۹ ۵ (۱۳۰۹م)، ه وأصبح السلطان يوم الخميس جالسا على تخت الملك وسرير السلطنة ، وحضر الخليفة أبو الربيع والأمراء والقضاة وسائر أهل الدولة للمناء ) . وكان الناصر محمد عندما تولى السلطنة للمرة الثالثة سنة ۵۷۰۹ (۱۳۰۹ م ) الوقت تفقد صفتها المسيحية تدريجيا لتتخذ طابعا عربيا إسلاميا أما في الداخل ، فقد كان عهد الناصر محمد عهد رخاء واستقرار ، فأقام الناصر كثيراً من المنشآت مثل المساجد والقناطر والجسور وغيرها (۲) ومن منشآته الشهيرة المدرسة الناصرية والمسجد الذي شيده بالقلعة و الخانقاه التي أقامها في سر يا قوس . هذا فضلا عن المنشآت التي جددها مثل المارستان المنصوري الذي كان والده قد شيده سنة ٦٨٨ هـ ( ۱۲۸۹ م ) ولا عجب إذا وصف المقريزى الناصر بأنه كان محبا للعمارة . (۳) . وهكذا قضى الناصر محمد عبده الطويل في الإصلاح والإنشاء والتعمير، الأمر الذي جعل المؤرخين والرحالة المعاصرين يشيدون بسيرته وفضله
و ازدهار حکمه أولاد الناصر محمد وأحفاده :
من الثابت في التاريخ أن بيت قلاون تمتع بحب الناس وإخلاصهم ، وأن الناصر محمد بن قلاون حظى بشعبية كبيرة عبرت عن نفسها في تمسك رعاياه به وإخلاصهم له . وقد يكون السبب في ذلك أن الناس في عصر سلاطين المماليك سنموا الاضطرابات والفتن والمنازعات بين طوائف المماليك وأمرائهم ، فلا يكاد ينتشر الخبر بمرض سلطان أو وفاته أو مقتله حتى تغلق الحوانيت ويختزن الناس الطعام ، أجل، ستم الناس في عصر المماليك تلك الأوضاع وأرادوا أن يهنئوا بقسط من الاستقرار والهدوء يباشرون في ظله حياتهم العادية دون أن تقلقهم فتنة أو أزمة ، فوجدوا غايتهم فى عهد المنصور قلاون وعهد ابنه الناصر محمد . ولعل هذه الشعبية الكبيرة التي تمتع بها بيت قلاون، هي التي جعلتالناس يتمسكون بسلالة الناصر محمد بعد وفاته سنة ٧٤١ هـ ( ١٣٤٠ م) ، فظل أولاده وأحفاده يحكمون الدولة حتى سنة ٥٧٨٤ (١٣٨٢ م) أي طوال أربعين سنة ، رغم أنه كان من هؤلاء الأبناء والأحفاد من لا يستحق المالك لضعفه أو سوء خلقه أو صغر سنه ، ومع ذلك فإن الهيبة التي صارت لبيت قلاون في نفوس الناس جعلتهم يتمسكون به . ويبدو أن الناصر محمد بن قلاون كان يحس دائما بشعور القلق نحو مستقبل العرش بعد وفاته، ويخشى أن يتعرض أبناؤه من بعده لما تعرض له في مستهل حياته من تلاعب كبار أمراء المماليك بمصالحه وحقوقه . لذلك عهد الناصر محمد سنة ۵۷۳١ (۱۳۳۱ م ) إلى ابنه الأمير ناصر الدين أنوك بالسلطنة، وعندئذ وافق الأمراء على ذلك ووزعت عليهم وعلى كبار رجال الدولة الخلع، وركب الأمير آنوك بشعار السلطنة . غير أن السلطان الناصر لم يلبث أن غير رأيه فجأة ، وألغى ما أحدثه بالنسبة لأنوك من ولاية العهد ، . ورسم أن يلبس آنوك شعار الأمراء ولا يطلق عليه اسم السلطنة ، (۱) وتقف المراجع صامتة إزاء هذا الانقلاب المفاجيء في سياسة الناصر محمد تجاه مسألة ولاية العهد ، أو أنه رأى أن يرجى. و مهما يكن من أمر ، فإن آنوك توفى سنة ٥٧٤١ ( ١٣٤٠م) ، وبعدها أحس الناصر محمد بمرض الموت ، مجمع الأمراء حوله وأعرب لهم عن رأيه في أن يخلفه في الحكم ابنه سيف الدين أبو بكر ، فأقر الأمراء ذلك وتعهدوا بتنفيذ رغبة السلطان (۱). ولم يلبث أن توفى السلطان الناصر محمد نفسه سنة ٧٤١ هـ ( ١٣٤٠ م) وسط مظاهر الأسى والحزن البالغ . والواقع أن وفاة السلطان الناصر محمد بن قلاون سنة ٧٤١ هـ ( ١٣٤٠م) جاءت إيذانا بانتهاء فترة الاستقرار والرخاء اللذين تمتعت بهما مصر في عهد ذلك السلطان . وإذا كان أبناء الناصر محمد وأحفاده قد تمكنوا من البقاء في الحكم أربعين سنة بعد وفاة الناصر نفسه ، فإن ذلك لا يرجع إلى موهبة خاصة ظهرت في أحد أولئك السلاطين ، وإنما كان مرجع ذلك هيبته بيت قلاون نفسه في قلوب المعاصرين ، وهى الهيبة التي وضع أساسها المنصور قلاون، و ازدادت نمواً في عهد ولده السلطان الناصر محمد. وبعبارة أخرى فإن أبناء الناصر محمد وأحفاده عاشوا على السمعة الطيبة والمكانة الراسخة والشهرة الواسعة التي تركها الناصر محمد بالذات في قلوب معاصريه وليست هناك أهمية خاصة في التاريخ تجعلنا نتكلم عن كل أحد من أبناء الناصر محمد وأحفاده الذين تولوا الحكم من بعده حتى سنة ٧٨٤ هـ (۱۳۸۲ م) ؛ وإنما تكفى الإشارة إلى أنه فى العشرين سنة الأولى التي أعقبت وفاة الناصر محمد (٧٤١ - ٧٦٢ ه ، ١٣٤١ - ١٣٦١م) تولى منصب السلطنة ثمانية من أولاده ، وفى العشرين سنة التالية (٧٦٢ - ٧٨٤ ه ، ١٣٦١ ۱۳۸۲ م) تولى المنصب أربعة من أحفاده. وحسبنا أن نعلم أن بعض هؤلاء الأبناء والأحفاد تولى منصب السلطنة وعمره عام واحد - مثل الكامل سيف الدين شعبان بن الناصر محمد - ، كما أن بعضهم لم يبق في الحكم إلا شهرين وبضعة أيام ، مثل الناصر شهاب الدين أحمد بن الناصر محمد . ولعل هذه الصورة الموجزة كافية لأن تعطينا فكرة عامة عن مدى. ما عانته الدولة بعد وفاة الناصر محمد من اضطراب وعدم استقرار وفوضى تركت أثرها واضحا في جميع نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فمات كثير من الناس ، وتأثرت الحياة الاقتصادية أسوأ أثر حتى كادت تتوقف تماما ، وتوقفت الأحوال بالقاهرة ومصر ولا شك في أنه لدينا الآن فكرة واضحة - بعد العرض السابق التاريخ المماليك - عن مدى استغلال الأمراء اصغر من السلاطين ، وما كان ينتج عن ذلك من منازعات فيما بينهم وبين بعض من ناحية ، و من تحكم واستبداد بشؤن الدولة من ناحية أخرى . (۱) وهكذا نلمس ظاهرة واضحة عند دراستنا لعصر أبناء الناصر محمد وأحفاده، هي أن كل سلطان من بني قلاون كان يقف خلفه أمير أو أكثر من كبراء أمراء المماليك، بحيث طغت شخصية أولئك الأمراء على السلاطين ، وأصبحت أسماء الأمراء - دون السلاطين - هي مدار الأحداث المعاصرة، وموضع اهتمام المؤرخين المعاصرين وغير المعاصرين . ومن هؤلاء الأمراء لمع فى عصر أبناء الناصر محمد الأمير قوصون ويلبغا اليحاوى وأقسنقر السلارى وأرغون العلائي وشيخو وطاز وصر غنمش. أما عهد احفاد الناصر محمد، فقد ظهرت فيه أسماء الأمير تشتمر المنصوري ويلبغا الخاصكي وبرقوق و يعنينا من أمر هؤلاء الأمراء أن بعضهم كان من المماليك البرجية أو الجراكسة ، الأمر الذى يدل على ازدياد نفوذ تلك الطائفة ، مما أدى الى تمكنهم من انتزاع الحكم سنة ٧٨٤ هـ ( ۱۳۸۲ م ) كما سنرى بالتفصيل في الباب الآتى الحملة الصليبية على الاسكندرية سنة ٧٦٧ هـ ( ١٣٦٥ م )هذا عن الأحوال الداخلية لدولة المماليك في عصر أبناء الناصر محمد وأحفاده . أما في الخارج فإن اضطراب أحوال مصر الداخلية وعدم وجود رجل قوى مهيب الجانب على رأس دولة المماليك ، أفقد تلك الدولة مكانتها وهيبتها التي كانت قد بلغت أوجها على عهد السلطان الناصر محمد . ولم يلبث أن استخف الاعداء بدولة المماليك وطمع الطامعون في أراضيها بل تجرأ الصليبيون على غزو مصر ذاتها سنة ٧٦٧ هـ ( ١٣٦٥ ) والمعروف أن الحروب الصليبية لم تنته باستيلاء المسلمين على عكا سنة ٦٩٠ ه ( ۱۲۹۱ م) و بطرد آخر البقايا الصليبية من الشام ، وإنما استمرت تلك الحروب في صورة أو أخرى حتى نهاية القرن الخامس عشر للميلاد تقريبا ، وأتخذت لها أكثر من ميدان في المشرق والمغرب جميعاً . وفي ذلك الدور الجديد من أدوار الحروب الصليبية ، اتخذ ملوك قبرس من آل لوزجنان جزيرتهم قاعدة كبرى لتهديد السفن والمتاجر الاسلامية في شرق حوض البحر المتوسط ، فضلا عن القيام بغارات جريئة على بعض الموانى الاسلامية وموانى دولة المماليك بوجه خاص وساعد ملوك قبرس في تنفيذ هذه السياسية أن كثيرا من البقايا الصليبية التي طردت من الشام في أواخر القرن الثالث عشر اتخذت جزيرة قبرس بالذات مستقراً ومقاما ، مما هيأ لآل لوزجنان قوة محاربة مرنت حرب المسلمين وتتوق الانتقام مما حل بالصليبيين في الشام . (1)وهكذا حتى اعتلى عرش قبرس سنة ٥٧٦٠ـ (١٣٥٩ م) الملك بطرس الأول لوز جنان الذي اشتهر بقوة شخصيته وحماسته الدينية الفذة . حتى أنه أراد منذ ارتقائه العرش ان يجعل من نفسه بطال المسيحية الأول في عصره . وكان أن فكر الملك بطرس فى القيام بحملة صليبية كبرى يطعن بها المسلمين طعنة قوية ، ولكنه وجد أن تنفيذ هذا المشروع يحتاج الى استعدادات ضخمة وأموال كثيرة ورجال عديدين ، فلجأ الى القيام برحلة طويلة في غرب أوربا (٧٦٣ - ٧٦٦ هـ = ١٣٦٢ - ١٣٦٥ م ) للحصول على ما يمكنه من مساعدات من البابوية وملوك الغرب الأوربي وأخيرا جمع بطرس لوز جنان قواته في جزيرة رودس حيث تم الاتفاق على اختيار الاسكندرية بالذات هدفا للهجوم الصليبي ؛ وذلك للقضاء على دولة المماليك التي تسبيت في طرد الصليبيين من الشام من ناحية، والاستفادة من مركز تلك المدينة الحربى وموقعها التجارى من ناحية أخرى . ولا بد أن يكون الصليبيون والغرب الأوربى قد سمعوا بأخبار الفوضى التي غرقت فيها مصر فى عصر أحفاد الناصر محمد ، وكيف كانت الموانى والمدن المصرية خالية تماما من وسائل الدفاع وعلى الرغم من أن أخبار الحملة الصليبية ووجهتها طارت إلى مصر عن طريق التجار قبل وقوع الهجوم بمدة طويلة الا أنه لم يكن من الدولة اهتمام ، على حد تعبير المقريزي (1) . وكان يحكم دولة المماليك في ذلك الوقت السلطان الأشرف شعبان حفيد الناصر محمد ، وهو طفل صغير في الحادية عشرة من عمره ، في حين استبد بأمور البلاد الأمر يلبغا الخاصكي الذي اشتهر بعسفه وجوره وكبريائه ، حتى أنه عندما سمع بنية ملك قبرس في مهاجمة الاسكندرية قال : إن القبرسي أقل وأذل من أن يأتى الى الاسكندرية ولكن هذه الكبرياء لم تنفع في صد المعتدين الذين نزلوا على شاطئ. الاسكندرية صباح الجمعة ١٠ أكتوبر سنة ١٣٦٥ ( ٧٦٧ ٥ ) ، وهاجموها فور وصولهم. ولم تفلح الاستعدادات السريعة التي اتخذت لوقف الخطر الصليبي ، فاقتحم الصليبيون الاسكندرية وفر العربان الذين استحضروا من البحيرة للدفاع عن الثغر (۳). وهكذا سقطت الاسكندرية في قبضة الصليبيين، فقضوا فيها سنة أيام تعتبر من أحلك الايام في تاريخ الثغر ، إذ انتشر الصليبيون في شوارع المدينة وازقتها ينتقمون من أهلها المسلمين ه فأستلموا الناس بالسيف، ونهبوا الحوانيت والدور وأحرقوا الخانات والقصور ، وخربوا المساجد والزوايا ، واعتدو على النساء والبنات وكان قائد الحملة - الملك بطرس لوزجنان - يرى ضرورة الاحتفاظ بالاسكندرية ، والدفاع عنها لاتخاذها نقطة ارتكاز لغزو مصر بأجمعها ، ولكن بعض رجاله أقنعوه بخطورة ذلك المشروع ، فاضطر الصليبين إلى الجلاء يوم الخميس ١٦ اكتوبر بعد أن حملوا في سفنهم آلاف الأسرى وشحنوها بالمنهوبات . وأخيراً وصل يلبغا الخاصكي على رأس جيشه الى الاسكندرية ليشهد ما حل بها من دمار وخراب على أيدى الصليبيين فأمر بدفن جثث القتلى وترميم ما خرب وأحرق وإذا كانت دولة المماليك عندئذ تمر بدور من الانحلال والفوضى لم يمكنها من الثأر من جزيرة قبرس وملوكها ؛ فإن المسلمين لم يغفروا ما حل بالإسكندرية على أيدى الصليبيين سنة ٧٦٧ ٥ ( ١٣٦٥ م ) ،
ثم قتل منكو تمر بعده بقليل
عودة السلطان الناصر إلى العرش ٥٦٩٨ ( ١٢٩٨ م ) :
لم يوجد بين امراء المماليك - عقب مقتل لاجين ومنكو تمر - شخصية كبرى تستطيع أن تسيطر على للوقف وتستأثر بالسلطنه ، فاضطر الامراء وسط ذلك الفراغ إلى التفكير في الناصر محمد بن قلاون الذي كان يقضى أيامه في الكرك، والذي ظل دائما يبدو فى صورة صاحب الحق الشرعي في السلطنة. وكان أن استحضر الناصر محمد إلى مصر ليتولى منصب السلطنة للمرة الثانية ۵۷۰۸ - ۱۲۹۸ - ۱۳۰۸ م ) فاستقبل استقبالا حماسيا رائعا من المماليك وعامة الناس سواء ، وتفاعل الناس بمقدمه وأقاموا الزينات في طريقه حتى صعد إلى القلعة . وهناك في القلعة جددت له البيعة ، وأخذ يباشر سلط أنه ، نعين الأمير سيف الدين سلار نائبا للسلطنة والأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير استادارا ، كما فرق الخلع على أعيان الدولة ووزع على مماليك أبيه العطايا والهدايا وكان أهم ما تعرضت له دولة المماليك في ذلك الدور هو تجدد هجمات المغول على بلاد الشام ، إذ اوغلت جيوش غازان في بلاد الشام سنة ٦٩٧هـ ( ۱۲۹۸ م ) حتى انزلت الهزيمة بالمماليك عند مجمع المروج بين حمص وحماه . و يبدو أن مقاومة الماليك فى الشام أنهارت بعد هذه الهزيمة فدخل غازان دمشق وعاث جنوده فيها فسادا . على أن غازان أكتفى بذلك وعاد إلى بلاده بعد أن عين نائباً عنه في دمشق . وكان ذلك في الوقت الذي خرج جيش كبير من المماليك على رأسه السلطان الناصر محمد قاصدا الشام سنه ٦٩٨هـ (۱۲۹۹ م ) وقد استطاع المماليك دخول دمشق ولم يعبثوا بطلب غازان مهادنتهم (1)، الأمر الذى استثار غازان يخرج من بلاده سنه ۵۷۰۲ (۱۳۰۲م) قاصدا غزو الشام من جديد . وفي موقعة مرج الصفر التي دارت قرب ده شق في تلك السنة حلت الهزيمة قاسية بالمغول ، الأمر الذي جعل الناس يفرحون بالناصر محمد رغم صغر سنه ويستقبلونه استقبالا حافلا في دمشق والقاهرة (۳)..
غير أنه لا يخفى علينا أن الناصر محمد تولى منصب السلطنة تلك المرة الثانية وهو لا يزال صغيرا، ولذلك فإنه كان لا يستطيع بأي حال الوقوف في وجه كبار أمراء المماليك الذين اشتدت ضراوتهم ومرنوا التلاعب بكبار السلاطين فما بالنا سلطان طفل كان لا يزال في الرابعة عشر من عمره . لذلك كانت سلطنة الناصر محمد الثانية اسميه ، بعد أن ضيق الأميران سلار وبيبرس الجاشنكير الخناق عليه ، وحالا بينه وبين الاتصال بالناس أو التصرف في أمواله (1) بل لقد بلغ الأمر بالسلطان الناصر محمد عندئذ أنه كان يشتهي نوعا معينا من الطعام فيرسل التماسا برغبته إلى الأمير سلار. ويحكى المؤرخون أنه حدث أن أرسل الناصر محمد إلى الأمير سلار يبلغه أنه يشتهى تناول بعض الحلوى والاوز، فرد الامير سلار على حامل الطلب قائلا، وإيش يعمل السلطان بالأوز ؟ هو الاكل عشرون مرة بالنهار وأخيراً ضاق السلطان الناصر بذلك الحجر المفروض عليه ، فاستدعى الأمير بكتمر الجوكندار لمساعدته في التخلص من الأميرين سلار وبيبرس. الجاشنكير. ولكن هذين الأميرين علما بالمؤامرة ، فخاصرا القلعة للقبض على الناصر محمد و منعه من الهروب، مما أثار إشتبا كا بين المماليك السلطانية وأتباع الأميرين. وجدير بالذكر أن الرأى العام في القاهرة كان يعطف على السلطان الناصر محمد الصغير عطفا غريبا ، فلم يكد العامة يعرفون بما تم من محاصرة الناصر محمد حتى تجمعوا وهم يهتفون . يا ناصر يا منصور !... الله يخون من يخون ابن قلاون ۱۱۰۰۰) (۳) ولأول مرة تسمع عن إرادة الشعب بوضوح في عصر المماليك ، فوجد سلار وبيبرس الجاشنكير نفسيهما في مأزق إزاء مناصرة الشعب للسلطان الصغير ، واضطرا إلى الانحناء أمام العاصفة الجددا الولاء للناصر محمد بعد أن فى لهما أية نية سيئة تجاههما وأعلن أن أحدا من الأمراء لم يحرضه ضدهما ولكن إذا كانت العاصفة قد هدأت ، فإن هدوء ما كان في الظاهر لأن سلار وبيبرس ظلا يضمر ان الكراهية للناصر محمد في حين أن الناصر محمد نفسه كان غير مرتاح إلى وضعه، ويخشى على نفسه عاقبة غدر هذين الأميرين. وأخيراً ضاق السلطان بحياته التي قضاها حبيس القلعة، وأدرك أنه لا فائدة من التغلب على سلار وبيبرس بعد أن ، تجاوزا الحد في الانفراد بالأموال والأمر والنهي (1) . لذلك فكر الناصر محمد في الهروب من السلطنة ، فتظاهر برغبته في أداء فريضة الحج وخرج من مصر قاصدا الحجاز عن طريق السكرك . ولكنه لم يكد يصل إلى الكرك سنة ۷٠٨ هـ (۱۳۰۸م) حتى أعلن ما في نفسه ، فدعا من معه من الأمراء والمماليك وأخبرهم أنه اختار الحياة في الكرك حراً ، وأنه ترك السلطنة وقيودها ؛ ثم أرسل الناصر كتابا إلى الأمراء في مصر يخبرهم فيه بنيته وقد ارتبك الأمراء فى مصر عندما وصلتهم رسالة الناصر محمد لأنهم لم يكونوا مستعدين الموقف ، فأرسلوا إليه يسألونه العودة وإلا حرموه من السلطنة ومن الإقامة في الكرك. ولكن الناصر محمد أصر على رأيه ورد عليهم قائلا ، دعونى أنا في هذه القلعة منعزلا عنكم إلى أن يفرج الله تعالى إما بالموت وإما بغيره .. وكان أن عرض الأمراء على سلار منصب السلطنة ولكنه كان حريصا على ألا يتعرض للمصير الذي تعرض له كتبغا ولاجين لاسيما وأن أحوال الدولة كانت مرتبكة عندئذ ولا تبشر بخير .
لذلك اعتذر سلار عن قبول المنصب، وأشار إلى زميله بيبرس الجاشنكير وقال ، والله يا أمراء أنا ما أصلح للملك ، ولا يصلح له إلا أخي هذا ! . .
وكان أن بايع الأمراء بيبرس الجاشنكير بالسلطنة
السلطان المظفر بيبرس الجاشنكير :
تولى منصب السلطنة سنة ۷۰۸ هـ ( ۱۳۰۸ م ) ، و با در فور اعتلائه العرش بكتابة تقليد بمنح الناصر محمد الكرك . على أنه إذا كان السلطان بيبرس الثاني قد ظن أن الأمور قد هدأت له بذلك ، فانصرف إلى تنظيم أمور الدولة وعين الأمير سلار نائبا له ؛ فإن آماله لم تلبث أن انهارت بالسرعة التي قامت بها . ذلك أن الناصر محمد ظل دائما يتمتع بشعبية كبيرة في مصر والشام ، بحيث لم يستطع الناس أن ينسوه بالسهولة التي توهمها المظفر بيبرس. وشاءت الظروف أيضا أن يأتى قيام بيبرس الجاشنكير مقرونا بإنخفاض النيل وارتفاع الأسعار، مما جعل الناس يفسرون ذلك بسوء طالع السلطان الجديد ، فصاروا يطوفون شوارع القاهرة وهم يصيحون ه سلطاننا ركين ( تصغير ركن الدين بيبرس ) ونائبنا دقين ( يقصدون الأمير سلار ، وكان أجردا بذقنه شعيرات قليلة ) ؛ يجينا الماء منين ؟ ؟ جيبوا لنا الأعرج ( يقصدون الناصر محمد وكان به عرجا خفيفاً ) ، يجى الماء يدحرج ثم إن كثيرا من أمراء الشام رفضوا الاعتراف بالسلطان المظفر بيبرس ، وبخاصة نواب حلب وحماه وطرابلس الذين رفضوا أن يتزعزعوا عن موقفهم وأعلنوا ولاءهم البيت قلاون ؛ بل لقد بلغ الأمر بهؤلاء الأمراء الثلاثة أنهم اجتمعوا وأرسلوا إلى الناصر محمد بالكرك يستأذنه نه في القدوم عليه بالكرك المناصر نه ، « فإما أن نأخذ له الملك وإما إن نموت على خيولنا أما الناصر محمد نفسه فكان كلما تقدم به الوقت تنبه إلى حقوقه في الملك وإلى سلطانه المسلوب . نعم صار الناصر محمد سنة ۵۷۰۸ (۱۳۰۹م) غيره سنة ٥٦٩٣ (١٢٩٤م) ، إذ فعلت هذه السنوات الخمس عشرة - منذ عزله أول مرة - فعلها في صقله واكسابه قدرا كبيرا من التجربة، وبخاصة في معاملة الأمراء . وكان المظفر بيبرس قد علم بما دار من إتصالات بين الناصر محمد وأمراء الشام ، فأرسل إليه يهدده ويتوعده ، وإلا جرى عليك ماجرى على أولاد الملك الظاهر بيبرس البندقداري (1) ، بل لقد بلغ الأمر بالسلطان بيبرس الثانى أن أرسل إلى الناصر محمد بالكرك يطلب منه مالديه من خيل ومماليك ، وهنا غضب الناصر محمد غضبا شديدا وصاحه أنا خليت ملك مصر والشام البيبرس ( الثانى ) وما يكفيه حتى ضاقت عينه على فرس عندى أو مملوك لى ! وفى الحال أرسل الناصر محمد إلى حلفائه من أمراء الشام يقول لهم . أنتم مماليك أبى وربيتموني، فإما أن تردوه عنى وإلا أسير إلى بلاد التتار وهكذا أخذ الناصر محمد ينظم صفوفه لاسترداد سلطنته المفقودة ، فترك كثيرا من الأمراء جانب بيبرس الجاشنكير وهربوا إليه. وعندما زار دمشق استقبله أهل دمشق فى حفاوة بالغة ، وأقيمت الخطبة باسمه يوم الجمعة ٢٢ شعبان سنة ۵۷۰۹ (۱۳۰۹م) . أما المظفر بيبرس ، فقد ساء موقفه وانفض عنه معظم رجاله ، فحاول أن يقوى مركزه بالحصول على بيعة جديدة من الخليفة العباسى فى القاهرة - وهو أبو ربيعة سليمان - ولكن كل ذلك لم ينفعه شيئاً أمام التفاف الناس حول الناصر محمد وحبهم له . هذا إلى أن الخليفة العباسى فى القاهرة كان لا حول له ولاقوة في ذلك العصر حتى أن أحد الأمراء المماليك عندما قرأ العهد الذي منحه الخليفة سليمان للسلطان المظفر بيبرس ووجد أوله إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم رد على الفور قائلا ، والسليمان الريح وأخيرا عول الناصر محمد وحوله رجاله وأنصاره على الحضور إلى مصر ، موجد بيبرس الجاشنكير نفسه عندئذ وحيداً، لا شعب يلتف حوله و يعطف عليه ، ولا جيش يقف إلى جانبه . لذلك اضطر بيبرس إلى دعوة الأمراء المشاورتهم في الأمر، فأشار عليه بعضهم بالنزول عن العرش واستسماح الناصر محمد ليعفو عنه . ولم يكن في وسع بيبرس الثاني أن يفعل غير ذلك؛ فغادر القلعة ليلا قاصداً أطفيح ، والعامة يطاردونه حتى أوسعوه سبا وأوشكوا على الفتك به لولا أن شغلهم بما رماه إليهم من مال (٢) . وعلى هذا النحو انتهت سلطنة المظفر بيبرس الجاشنكير سلطنة الناصر محمد الثالثة ( ۷۰۹ ه -- ٥٧٤١ - ١٣٠٩ - ١٣٤٠ م )خرج السلطان الناصر محمد من الكرك قاصداً القاهرة ، يرافقه رجاله وأتباعه ، وكان المؤرخ أبو الفدا يرافق السلطان في رحلته هذه، فوصف لنا كيف كان يلتقى السلطان كل يوم أثناء مسيرته بجموع المماليك والأمراء وقد خرجوا لاستقباله وتقديم فروض الولاء والطاعة له (٣) . وهكذا حتى دخل قلعة الجبل مساء الأربعاء أول أيام عيد الفطر سنة ۷۰۹ ۵ (۱۳۰۹م)، ه وأصبح السلطان يوم الخميس جالسا على تخت الملك وسرير السلطنة ، وحضر الخليفة أبو الربيع والأمراء والقضاة وسائر أهل الدولة للمناء ) .. وكان الناصر محمد عندما تولى السلطنة للمرة الثالثة سنة ۵۷۰۹ (۱۳۰۹ م ) الوقت تفقد صفتها المسيحية تدريجيا لتتخذ طابعا عربيا إسلاميا أما في الداخل ، فقد كان عهد الناصر محمد عهد رخاء واستقرار ، فأقام الناصر كثيراً من المنشآت مثل المساجد والقناطر والجسور وغيرها (۲) ومن منشآته الشهيرة المدرسة الناصرية والمسجد الذي شيده بالقلعة و الخانقاه التي أقامها في سر يا قوس . هذا فضلا عن المنشآت التي جددها مثل المارستان المنصوري الذي كان والده قد شيده سنة ٦٨٨ هـ ( ۱۲۸۹ م ) ولا عجب إذا وصف المقريزى الناصر بأنه كان محبا للعمارة ... وبلغ مصروف العمارة في كل يوم من أيامه سبعة آلاف درهم فضة ، (۳) .
وهكذا قضى الناصر محمد عبده الطويل في الإصلاح والإنشاء والتعمير، الأمر الذي جعل المؤرخين والرحالة المعاصرين يشيدون بسيرته وفضله
و ازدهار حکمه أولاد الناصر محمد وأحفاده :
من الثابت في التاريخ أن بيت قلاون تمتع بحب الناس وإخلاصهم ، وأن الناصر محمد بن قلاون حظى بشعبية كبيرة عبرت عن نفسها في تمسك رعاياه به وإخلاصهم له . وقد يكون السبب في ذلك أن الناس في عصر سلاطين المماليك سنموا الاضطرابات والفتن والمنازعات بين طوائف المماليك وأمرائهم ، فلا يكاد ينتشر الخبر بمرض سلطان أو وفاته أو مقتله حتى تغلق الحوانيت ويختزن الناس الطعام ، ويستعدون لفترة عصيبة يتزعزع فيها الأمن وتقل المؤن وتضطرب الحياة الاقتصادية . أجل، ستم الناس في عصر المماليك تلك الأوضاع وأرادوا أن يهنئوا بقسط من الاستقرار والهدوء يباشرون في ظله حياتهم العادية دون أن تقلقهم فتنة أو أزمة ، فوجدوا غايتهم فى عهد المنصور قلاون وعهد ابنه الناصر محمد .
ولعل هذه الشعبية الكبيرة التي تمتع بها بيت قلاون، هي التي جعلتالناس يتمسكون بسلالة الناصر محمد بعد وفاته سنة ٧٤١ هـ ( ١٣٤٠ م) ، فظل أولاده وأحفاده يحكمون الدولة حتى سنة ٥٧٨٤ (١٣٨٢ م) أي طوال أربعين سنة ، رغم أنه كان من هؤلاء الأبناء والأحفاد من لا يستحق المالك لضعفه أو سوء خلقه أو صغر سنه ، ومع ذلك فإن الهيبة التي صارت لبيت قلاون في نفوس الناس جعلتهم يتمسكون به .ويبدو أن الناصر محمد بن قلاون كان يحس دائما بشعور القلق نحو مستقبل العرش بعد وفاته، ويخشى أن يتعرض أبناؤه من بعده لما تعرض له في مستهل حياته من تلاعب كبار أمراء المماليك بمصالحه وحقوقه . لذلك عهد الناصر محمد سنة ۵۷۳١ (۱۳۳۱ م ) إلى ابنه الأمير ناصر الدين أنوك بالسلطنة، وعندئذ وافق الأمراء على ذلك ووزعت عليهم وعلى كبار رجال الدولة الخلع، وركب الأمير آنوك بشعار السلطنة . غير أن السلطان الناصر لم يلبث أن غير رأيه فجأة ، وألغى ما أحدثه بالنسبة لأنوك من ولاية العهد ، . ورسم أن يلبس آنوك شعار الأمراء ولا يطلق عليه اسم السلطنة ، (۱) وتقف المراجع صامتة إزاء هذا الانقلاب المفاجيء في سياسة الناصر محمد تجاه مسألة ولاية العهد ، ولا نستطيع أن نفسر نحن ذلك إلا في ضوء عدم رضى الناصر عن ولده آنوك ، أو أنه رأى أن يرجى. هذا الأمر حتى يكبر ابنه ويتجاوز مرحلة الطفولة ، لأن سنه كان عندئذ تسع سنوات فقط .و مهما يكن من أمر ، فإن آنوك توفى سنة ٥٧٤١ ( ١٣٤٠م) ، وبعدها أحس الناصر محمد بمرض الموت ، مجمع الأمراء حوله وأعرب لهم عن رأيه في أن يخلفه في الحكم ابنه سيف الدين أبو بكر ، فأقر الأمراء ذلك وتعهدوا بتنفيذ رغبة السلطان (۱). ولم يلبث أن توفى السلطان الناصر محمد نفسه سنة ٧٤١ هـ ( ١٣٤٠ م) وسط مظاهر الأسى والحزن البالغ .والواقع أن وفاة السلطان الناصر محمد بن قلاون سنة ٧٤١ هـ ( ١٣٤٠م) جاءت إيذانا بانتهاء فترة الاستقرار والرخاء اللذين تمتعت بهما مصر في عهد ذلك السلطان . وإذا كان أبناء الناصر محمد وأحفاده قد تمكنوا من البقاء في الحكم أربعين سنة بعد وفاة الناصر نفسه ، فإن ذلك لا يرجع إلى موهبة خاصة ظهرت في أحد أولئك السلاطين ، وإنما كان مرجع ذلك هيبته بيت قلاون نفسه في قلوب المعاصرين ، وهى الهيبة التي وضع أساسها المنصور قلاون، و ازدادت نمواً في عهد ولده السلطان الناصر محمد. وبعبارة أخرى فإن أبناء الناصر محمد وأحفاده عاشوا على السمعة الطيبة والمكانة الراسخة والشهرة الواسعة التي تركها الناصر محمد بالذات في قلوب معاصريه وليست هناك أهمية خاصة في التاريخ تجعلنا نتكلم عن كل أحد من أبناء الناصر محمد وأحفاده الذين تولوا الحكم من بعده حتى سنة ٧٨٤ هـ (۱۳۸۲ م) ؛ وإنما تكفى الإشارة إلى أنه فى العشرين سنة الأولى التي أعقبت وفاة الناصر محمد (٧٤١ - ٧٦٢ ه ، ١٣٤١ - ١٣٦١م) تولى منصب السلطنة ثمانية من أولاده ، وفى العشرين سنة التالية (٧٦٢ - ٧٨٤ ه ، ١٣٦١ ۱۳۸۲ م) تولى المنصب أربعة من أحفاده. وحسبنا أن نعلم أن بعض هؤلاء الأبناء والأحفاد تولى منصب السلطنة وعمره عام واحد - مثل الكامل سيف الدين شعبان بن الناصر محمد - ، كما أن بعضهم لم يبق في الحكم إلا شهرين وبضعة أيام ، مثل الناصر شهاب الدين أحمد بن الناصر محمد . ولعل هذه الصورة الموجزة كافية لأن تعطينا فكرة عامة عن مدى. ما عانته الدولة بعد وفاة الناصر محمد من اضطراب وعدم استقرار وفوضى تركت أثرها واضحا في جميع نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.وزاد من أحوال البلاد سوءاً في ذلك الدور انتشار وباء خطير عرف باسم الوباء الأسود سنة ٧٤٩ هـ ( ١٣٤٩ م ) - أي في عهد السلطان الناصر حسن بن السلطان الناصر محمد ، فمات كثير من الناس ، وتأثرت الحياة الاقتصادية أسوأ أثر حتى كادت تتوقف تماما ، وتوقفت الأحوال بالقاهرة ومصر ولا شك في أنه لدينا الآن فكرة واضحة - بعد العرض السابق التاريخ المماليك - عن مدى استغلال الأمراء اصغر من السلاطين ، وما كان ينتج عن ذلك من منازعات فيما بينهم وبين بعض من ناحية ، و من تحكم واستبداد بشؤن الدولة من ناحية أخرى . (۱) وهكذا نلمس ظاهرة واضحة عند دراستنا لعصر أبناء الناصر محمد وأحفاده، هي أن كل سلطان من بني قلاون كان يقف خلفه أمير أو أكثر من كبراء أمراء المماليك، بحيث طغت شخصية أولئك الأمراء على السلاطين ، وأصبحت أسماء الأمراء - دون السلاطين - هي مدار الأحداث المعاصرة، وموضع اهتمام المؤرخين المعاصرين وغير المعاصرين . ومن هؤلاء الأمراء لمع فى عصر أبناء الناصر محمد الأمير قوصون ويلبغا اليحاوى وأقسنقر السلارى وأرغون العلائي وشيخو وطاز وصر غنمش. أما عهد احفاد الناصر محمد، فقد ظهرت فيه أسماء الأمير تشتمر المنصوري ويلبغا الخاصكي وبرقوق و يعنينا من أمر هؤلاء الأمراء أن بعضهم كان من المماليك البرجية أو الجراكسة ، الأمر الذى يدل على ازدياد نفوذ تلك الطائفة ، مما أدى الى تمكنهم من انتزاع الحكم سنة ٧٨٤ هـ ( ۱۳۸۲ م ) كما سنرى بالتفصيل في الباب الآتى الحملة الصليبية على الاسكندرية سنة ٧٦٧ هـ ( ١٣٦٥ م )هذا عن الأحوال الداخلية لدولة المماليك في عصر أبناء الناصر محمد وأحفاده . أما في الخارج فإن اضطراب أحوال مصر الداخلية وعدم وجود رجل قوى مهيب الجانب على رأس دولة المماليك ، أفقد تلك الدولة مكانتها وهيبتها التي كانت قد بلغت أوجها على عهد السلطان الناصر محمد . ولم يلبث أن استخف الاعداء بدولة المماليك وطمع الطامعون في أراضيها بل تجرأ الصليبيون على غزو مصر ذاتها سنة ٧٦٧ هـ ( ١٣٦٥ ) والمعروف أن الحروب الصليبية لم تنته باستيلاء المسلمين على عكا سنة ٦٩٠ ه ( ۱۲۹۱ م) و بطرد آخر البقايا الصليبية من الشام ، وإنما استمرت تلك الحروب في صورة أو أخرى حتى نهاية القرن الخامس عشر للميلاد تقريبا ، وأتخذت لها أكثر من ميدان في المشرق والمغرب جميعاً . وفي ذلك الدور الجديد من أدوار الحروب الصليبية ، اتخذ ملوك قبرس من آل لوزجنان جزيرتهم قاعدة كبرى لتهديد السفن والمتاجر الاسلامية في شرق حوض البحر المتوسط ، فضلا عن القيام بغارات جريئة على بعض الموانى الاسلامية وموانى دولة المماليك بوجه خاص وساعد ملوك قبرس في تنفيذ هذه السياسية أن كثيرا من البقايا الصليبية التي طردت من الشام في أواخر القرن الثالث عشر اتخذت جزيرة قبرس بالذات مستقراً ومقاما ، مما هيأ لآل لوزجنان قوة محاربة مرنت حرب المسلمين وتتوق الانتقام مما حل بالصليبيين في الشام . (1)وهكذا حتى اعتلى عرش قبرس سنة ٥٧٦٠ـ (١٣٥٩ م) الملك بطرس الأول لوز جنان الذي اشتهر بقوة شخصيته وحماسته الدينية الفذة . حتى أنه أراد منذ ارتقائه العرش ان يجعل من نفسه بطال المسيحية الأول في عصره . وكان أن فكر الملك بطرس فى القيام بحملة صليبية كبرى يطعن بها المسلمين طعنة قوية ، ولكنه وجد أن تنفيذ هذا المشروع يحتاج الى استعدادات ضخمة وأموال كثيرة ورجال عديدين ، فلجأ الى القيام برحلة طويلة في غرب أوربا (٧٦٣ - ٧٦٦ هـ = ١٣٦٢ - ١٣٦٥ م ) للحصول على ما يمكنه من مساعدات من البابوية وملوك الغرب الأوربي وأخيرا جمع بطرس لوز جنان قواته في جزيرة رودس حيث تم الاتفاق على اختيار الاسكندرية بالذات هدفا للهجوم الصليبي ؛ وذلك للقضاء على دولة المماليك التي تسبيت في طرد الصليبيين من الشام من ناحية، والاستفادة من مركز تلك المدينة الحربى وموقعها التجارى من ناحية أخرى . ولا بد أن يكون الصليبيون والغرب الأوربى قد سمعوا بأخبار الفوضى التي غرقت فيها مصر فى عصر أحفاد الناصر محمد ، وكيف كانت الموانى والمدن المصرية خالية تماما من وسائل الدفاع وعلى الرغم من أن أخبار الحملة الصليبية ووجهتها طارت إلى مصر عن طريق التجار قبل وقوع الهجوم بمدة طويلة الا أنه لم يكن من الدولة اهتمام ، على حد تعبير المقريزي (1) . وكان يحكم دولة المماليك في ذلك الوقت السلطان الأشرف شعبان حفيد الناصر محمد ، وهو طفل صغير في الحادية عشرة من عمره ، في حين استبد بأمور البلاد الأمر يلبغا الخاصكي الذي اشتهر بعسفه وجوره وكبريائه ، حتى أنه عندما سمع بنية ملك قبرس في مهاجمة الاسكندرية قال : إن القبرسي أقل وأذل من أن يأتى الى الاسكندرية ولكن هذه الكبرياء لم تنفع في صد المعتدين الذين نزلوا على شاطئ. الاسكندرية صباح الجمعة ١٠ أكتوبر سنة ١٣٦٥ ( ٧٦٧ ٥ ) ، وهاجموها فور وصولهم. ولم تفلح الاستعدادات السريعة التي اتخذت لوقف الخطر الصليبي ، فاقتحم الصليبيون الاسكندرية وفر العربان الذين استحضروا من البحيرة للدفاع عن الثغر (۳). وهكذا سقطت الاسكندرية في قبضة الصليبيين، فقضوا فيها سنة أيام تعتبر من أحلك الايام في تاريخ الثغر ، إذ انتشر الصليبيون في شوارع المدينة وازقتها ينتقمون من أهلها المسلمين ه فأستلموا الناس بالسيف، ونهبوا الحوانيت والدور وأحرقوا الخانات والقصور ، وخربوا المساجد والزوايا ، واعتدو على النساء والبنات وكان قائد الحملة - الملك بطرس لوزجنان - يرى ضرورة الاحتفاظ بالاسكندرية ، والدفاع عنها لاتخاذها نقطة ارتكاز لغزو مصر بأجمعها ، ولكن بعض رجاله أقنعوه بخطورة ذلك المشروع ، فاضطر الصليبين إلى الجلاء يوم الخميس ١٦ اكتوبر بعد أن حملوا في سفنهم آلاف الأسرى وشحنوها بالمنهوبات . وأخيراً وصل يلبغا الخاصكي على رأس جيشه الى الاسكندرية ليشهد ما حل بها من دمار وخراب على أيدى الصليبيين فأمر بدفن جثث القتلى وترميم ما خرب وأحرق وإذا كانت دولة المماليك عندئذ تمر بدور من الانحلال والفوضى لم يمكنها من الثأر من جزيرة قبرس وملوكها ؛ فإن المسلمين لم يغفروا ما حل بالإسكندرية على أيدى الصليبيين سنة ٧٦٧ ٥ ( ١٣٦٥ م ) ، حتى تمكنوا من الانتقام في عصر دولة المماليك البرجية كما سنرى فيما بعد .
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
WE NOTICED SOME DIFFICULITIESIN COOKING AT HOME AND WE THOUGHT OF SOME SOLUTIONS BY INVENTING THIS M...
سيواجه الطلاب تحديات في دراستهم، فقد يجدون صعوبة في فهم موضوع ما أو فهم مفهوم ما. يكاد يكون من المست...
تقرير عن حدث لم يكن معروفاً عند الناس من قبل، جمع بدقة من مصادر موثوق بصحتها (۱۱۰) أما الدكتور عبد ا...
حين وصل سعيد س. إلى مشارف حيفا، قادماً إليها بسيارته عن طريق القدس، أحس أن شيئاً ما ربط لسانه، فالتز...
تأسست شرطة عمان السلطانية كجهاز أمني أساسي في سلطنة عمان، وتعتبر جزءًا حيويًا من البنية الأمنية والق...
تقوم نظرية الترجمة على مجموعة من المبادئ والأسس التي انتهى إليها النظر في الأبعاد الموضوعية للعمل في...
Windows Defender: Da det er indbygget i Windows, er Windows Defender normalt mere brugervenligt og k...
مسألة الخصوصيّة و الكونيّة الخصوصيّة والكونيّة تعني الخصوصيّة التفرّد و التميّز وهي جملة الصّف...
تعد األنتروبولوجيا علما حديث النشأة بالمقارنة مع علوم إنسانية أخرى كالسوسيولوجيا واللسانيات..، إال ...
The last portion of the graph indicates the projections done based on the previous 12 months' sales ...
كل ميت يعلم أنَّ مآله إلى الجنة لا يمكن -إذا خيِّر بين البقاء في قبره والرجوع إلى أهله- أن يختار الر...
تعد المحاسبة وسيلة من الوسائل التي استخدمها الإنسان خلال مراحل تطوره لتلبية حاجات تتناسب مع درجة الت...