لخّصلي

لقد كان دور العوامل العاطفية في التسبب في التهاب المفاصل الروماتويدي موضع شك منذ زمن طويل، وتم الاعتراف به بوضوح من قبل عدد من الأطباء. ومن السمات الواضحة لهذا المرض - مساره المتقلب، وهجوماته وانتكاساته التي لا يمكن تفسيرها - أن الصراعات العاطفية مسؤولة جزئيًا عن ذلك. تم إجراء عدد قليل فقط من الدراسات النفسية الجسدية المنهجية على مرضى التهاب المفاصل. على الرغم من نشر العديد من الملاحظات السريرية في بعض الأحيان، إلا أنها لم تتم مناقشتها في هذا الكتاب ويتم إحالة القارئ إلى كتاب دنبار "العواطف والتغيرات الجسدية" (71). ومن بين الدراسات المنهجية، تستحق دراسة بوث (34) وهاليداي (113، 114) إشارة خاصة. تم دعم العديد من ملاحظاتهم من خلال الدراسات المنهجية التي أجراها جونسون ولويس شابيرو وألكسندر في معهد شيكاغو للتحليل النفسي (126). وبما أن معظم المرضى الذين تمت دراستهم كانوا من النساء، فإن هذه المناقشة تتناول في المقام الأول الحالات النسائية.
السمة الأولى التي يتم ملاحظتها بانتظام كبير هي الميل تجاه النشاط الجسدي، ويتجلى ذلك في الميل إلى الأنشطة الخارجية والرياضات التنافسية. وهذا ملحوظ بشكل خاص في سن ما قبل المراهقة والمراهقة، حيث تظهر المريضات سلوكًا صبيانيًا بالتأكيد. في مرحلة البلوغ، يُظهر هؤلاء المرضى سيطرة قوية على جميع أشكال التعبير العاطفي. لاحظ كل من بوث وهاليداي سمات الشخصية هذه. بالإضافة إلى الميل للسيطرة على مشاعرهم، يميل هؤلاء المرضى أيضًا إلى التحكم في بيئتهم البشرية وأزواجهم وأطفالهم. إنهم بشكل عام متطلبون ومتشددون تجاه أطفالهم وفي نفس الوقت يقلقون عليهم ويفعلون الكثير من أجلهم. ومع ذلك، فهو نوع متسلط من الاهتمام، وهو مزيج من الميل إلى السيطرة والحاجة المازوخية لخدمة الآخرين. وتبدو هذه المازوخية للوهلة الأولى متناقضة مع الهيمنة العدوانية، لكن بينما يخدمون بيئتهم ويضحون بأنفسهم من أجل أفراد الأسرة، فإنهم أيضا يسيطرون عليهم ويسيطرون عليهم.
كما أن هؤلاء المرضى متشابهون بشكل لافت للنظر في مواقفهم الجنسية. إنها تُظهر رفضًا صريحًا للدور الأنثوي الذي يُطلق عليه غالبًا في أدبيات التحليل النفسي "رد الفعل الاحتجاجي الذكوري". إنهم يتخذون مواقف ذكورية معينة؛ يتنافسون مع الرجال ولا يستطيعون الخضوع لهم. ومن المثير للاهتمام أن معظم هؤلاء المرضى من النساء يختارون رجالًا مطيعين وسلبيين ليكونوا رفاقهم. بل إن العديد من الأزواج كانوا يعانون من عيوب جسدية، أكثر مما يمكن تفسيره بسهولة عن طريق الصدفة. وفي أغلب الأحيان، يقبل الأزواج بسهولة دور خدمة زوجاتهم العاجزات مع تقدم المرض.
عند الفحص السطحي، يبدو أن العوامل العاطفية المتسارعة ليس لها قاسم مشترك: فهي تغطي نطاقًا واسعًا من الأحداث الخارجية. في الواقع، فإنهم يديرون سلسلة كاملة من مواقف الحياة: ولادة طفل، والإجهاض، والوفاة في الأسرة، وتغيير المهنة، والتغير المفاجئ في الحالة الزوجية أو العلاقة الجنسية، وخيبة أمل كبيرة في الحياة. بعض العلاقات الشخصية. ولذلك ليس من المدهش أن محققًا شديد الملاحظة مثل هاليداي لم يجد سوى القليل من القافية أو السبب في العوامل المعجِّلة.
ومع ذلك، إذا ركزنا اهتمامنا على ما تعنيه هذه الأحداث المختلفة للمرضى، فيمكننا تقليل الأسباب المؤدية إلى عدد قليل من العوامل الديناميكية النفسية المهمة. وهي تظهر في ثلاث مجموعات: (1) يبدأ المرض غالبًا عندما يزداد التمرد والاستياء اللاواعي ضد الرجال بسبب تقلبات معينة في الحياة؛ على سبيل المثال، عندما يتخلى رجل كانت تشعر بالأمان معه عن مريضة، أو عندما يصبح رجل مطيع في السابق أكثر حزما، أو عندما يخيبها رجل استثمرت فيه المريضة كثيرا. (2) قد ينجم المرض أيضًا عن أحداث تميل إلى زيادة مشاعر العداء والذنب، التي كانت كامنة في السابق. على سبيل المثال، قد تكون ولادة طفل تعيد تنشيط التنافس القديم بين الأخوة هي العامل المعجل. قد يتم تعبئة الشعور بالذنب عندما يتم إحباط فرصة التضحية والخدمة، كما هو الحال في حالة سوء النقل أو وفاة قريب معال مكروه أو عندما تضطر المريضة إلى موقف حيث يجب عليها قبول المساعدة بما يتجاوز قدرتها على التعويض مع الخدمة. يؤدي تفاقم الشعور بالذنب إلى زيادة الموانع التي يفرضها المريض على نفسه وينشط العداء الذي لا يستطيع التعبير عنه لأنه لم يعد بإمكانه الجمع بينه وبين تقديم الخدمة للآخرين. لقد تم تعطيل الجمع بين الخدمة والسيطرة الذي كان وسيلة للتعبير عن الدوافع العدائية بطريقة مقنعة. (3) في حالات قليلة، تم التعجيل بالمرض من خلال التجارب الجنسية في اللحظة التي اضطرت فيها المريضة إلى قبول الدور الأنثوي الذي تفاعلت معه باحتجاج ذكوري متزايد.
لقد أعطتنا هذه الأحداث المتسارعة نقطة انطلاق جيدة لإعادة بناء نقاط الضعف في بنية شخصية هؤلاء المرضى. إن الخلفية الديناميكية النفسية العامة في جميع الحالات هي حالة عدوانية عدائية مكبوتة مزمنة، وتمرد ضد أي شكل من أشكال الضغط الخارجي أو الداخلي. بالتأكيد، ضد الخضوع لسيطرة أشخاص آخرين أو ضد التأثير المثبط لضمائرهم شديدة الحساسية. إن رد الفعل الاحتجاجي الذكوري في العلاقات الجنسية هو المظهر الأبرز لهذا التمرد ضد الهيمنة.
هذه النتيجة الديناميكية النفسية المركزية، وهي حالة تمرد عدائية مزمنة ومكبوتة، يمكن إرجاعها في معظم الحالات إلى مجموعة عائلية مبكرة مميزة للغاية، وعادة ما تكون أمًا قوية ومستبدة ومتطلبة، وعادةً ما تكون أبًا أكثر اعتمادًا وطاعة. أعجب بوث وهاليداي بهذه النتيجة. يتحدث بوث عن الآباء الصارمين لمرضاه، وقد وجد هاليداي أن مريض التهاب المفاصل كان لديه والد واحد على الأقل متسلط وأن تقييد الذات بدأ في وقت مبكر من الحياة. عندما كانت الفتيات الصغيرات، طور مرضانا الاعتماد على الأم الباردة والعدوانية والخوف منها، وفي الوقت نفسه كان لديهم تمرد لم يجرؤوا على التعبير عنه بسبب هذا الاعتماد والخوف. وهذا التمرد المكبوت ضد الأم هو نواة دوافعهم العدائية. وينتقل فيما بعد إلى الرجال وإلى كل فرد في الأسرة. وبعد ذلك، عندما يصبحن أمهات، فإنهن يعكسن وضع الماضي ويتحكمن في أطفالهن كما تم التحكم فيهن من قبل أمهاتهن.
كصيغة ديناميكية نفسية عامة للأسباب المسببة والتفاقم، فإننا نفترض عامل الشخصية المؤهبة الذي يتطور نتيجة للمواقف الأبوية المقيدة بشكل مفرط. التعبير الأكثر بدائية عن الإحباط لدى الطفل الصغير هو التفريغ الحركي العشوائي. ثانيًا، من خلال الإجراءات العقابية، يصبح هذا الإفراز مرتبطًا بالخوف والشعور بالذنب، ثم في وقت لاحق من الحياة يرتبط بالخوف والشعور بالذنب تنشأ هناك نتائج "سترة مقيدة" نفسية. ويحاول هؤلاء المرضى تحقيق التوازن بين النبضات العدوانية والسيطرة. ويتعلمون التخلص من العدوان من خلال النشاط العضلي في القنوات المقبولة: العمل الجاد، والرياضة، والبستنة، وإدارة المنزل بنشاط. ويتعلمون أيضًا تخفيف التأثير المقيد للضمير من خلال خدمة الآخرين. عندما يختل هذا التوازن بسبب أحداث محددة تعطل النمط التكيفي لتفريغ العداوة وتخفيف الشعور بالذنب، فإن العدوان المكبوت المزمن يؤدي إلى زيادة قوة العضلات وبطريقة ما إلى التهاب المفاصل.
إن فهم الديناميكيات النفسية لالتهاب المفاصل الروماتويدي يلقي الضوء على العديد من حالات الشفاء وكذلك على الانتكاسات التي تحدث لدى المرضى أثناء التحليل. إذا تم فتح طريق قديم لتفريغ العداء مرة أخرى من خلال الامتثال المفاجئ من جانب الزوج، فقد لوحظ أن التهاب المفاصل يهدأ. كان على المرأة التي تعاني من التهاب المفاصل الحاد أن يحملها زوجها. وعندما توفي فجأة، نهضت من السرير، وتولت مسؤولية كل شيء، وسافرت عبر البلاد لحضور الجنازة، وتعافت على الفور واستمرت لعدة أشهر. وقد لوحظ تكرار الإصابة بالتهاب المفاصل عندما تتضاءل فرص الخدمة المازوخية، يليه تراجعه عندما تتطلب الظروف العائلية التضحية بالنفس مرة أخرى. ومع ازدياد قدرة المرضى على تلقي المساعدة تحت تأثير التحليل النفسي، يتضاءل المرض.
في دراسة التهاب المفاصل يجب أن نأخذ في الاعتبار حقيقة أن الصورة الشخصية لحالات الإعاقة المتقدمة يعلوها تكيف نفسي مزمن للشخصية مع حالة الإعاقة. وبطبيعة الحال، فإن الشخصية الموجودة مسبقا لها تأثير على السلوك، ولكن السمات الجديدة تهيمن على الصورة. معظم المؤلفين الذين درسوا مثل هذه الحالات أعجبوا بالسمات الثانوية، مثل الرواقية والتفاؤل. بالإضافة إلى تحقيق الرغبة الخادعة للذات، يمكن فهم هذا النوع من التكيف من خلال حقيقة أن الحالة المرضية تعفي المريض من مشاعر الذنب وتمنحه الحق في توقع الاهتمام الذي كان محجوبًا أو غير مقبول سابقًا. وقد ظهر هذا بوضوح في مريض كان عليه أن يعتني بأب متطلب لسنوات. وعندما أصبح التهاب المفاصل في مرحلة متقدمة قالت: "الآن عليه أن يعتني بي.
أود أن أؤكد أنه في الوضع الحالي لدراساتنا، فإننا لسنا قادرين بعد على تقييم الأهمية المسببة لجميع هذه النتائج. ونفترض أن تثبيط النبضات العدائية يؤدي إلى زيادة التوتر العضلي. تسعى النبضات العدائية إلى تفريغها عن طريق انقباضات العضلات، لكن تثبيطها يؤدي إلى زيادة متزامنة في قوة الخصم العضلات. قد يؤدي هذا التنشيط المتزامن للمضادات إلى إصابة المفاصل بصدمة ويفضل عملية مرضية موجودة بالفعل والتي ربما يكون لها أساس جسدي غير معروف حتى الآن.
إن ميل مرضى التهاب المفاصل للتعبير عن الميول المكبوتة من خلال العضلات الهيكلية قد تم توضيحه جيدًا من قبل فرينش وشابيرو في دراستهما لأحلام مريض يعاني من التهاب المفاصل الروماتويدي (91). يظهر المرضى الذكور أيضًا حالة مزمنة من العداء المتمرد المكبوت. يبدو أن هذا رد فعل ضد الاتجاهات الأنثوية اللاواعية التي يعوضون عنها بالعدوانية. إن تثبيط هذه الدوافع العدوانية يخلق صورة ديناميكية نفسية مشابهة لتلك التي تظهر لدى المرضى الإناث.
يجب أن ينتظر التحقق النهائي من صحة هذه المفاهيم حتى تقيس الدراسات الموغرافية العضلية الموسعة التغيرات في التوتر العضلي لدى مرضى التهاب المفاصل وغير المصابين بالتهاب المفاصل فيما يتعلق بالحالات العاطفية المختلفة. أظهرت النتائج الأولية لدراسة مشتركة أجراها المعهد النفسي الجسدي التابع لمستشفى مايكل ريس ومعهد شيكاغو للتحليل النفسي أن درجة الاستجابة العضلية للمنبهات العاطفية أكبر من المعتاد عند مرضى التهاب المفاصل وفي بعض المرضى الآخرين. ، مثل ارتفاع ضغط الدم. ويشير هذا إلى أنه سيتم العثور على عوامل أخرى تميز مريض التهاب المفاصل. وفي ظل الوضع الحالي لمعرفتنا، لا يزال من السابق لأوانه استخلاص أي استنتاجات حول تأثير العلاج النفسي في هذه الحالات. عند تقييم حقيقة أن العديد من هؤلاء المرضى قد تم علاجهم بنجاح عن طريق العلاج النفسي، يجب على المرء أن يأخذ في الاعتبار تكرار حالات الهدأة التلقائية لمدة أقصر أو أطول في هذا المرض.