لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (19%)

إذ لم تنقض على وفاته بضع سنين حتى سقطت على يدهم إمبراطورية إيران، يحكمها ولاة يبعثهم الخلفاء من المدينة أو دمشق أو بغداد، وظل الولاة يحكمون مصر من قبل الخلفاء إلى أن استطاع أحمد بن طولون أن ينشئ فيها سنة ٢٥٤هـ / ٨٦٨م دولة مستقلة عن الخلافة العباسية إلى حد
فكان هؤلاء لا يحكمون بأنفسهم بل
يوفدون إلى الأقاليم نوابًا عنهم، وبقي إلى أن وفد أحمد بن طولون إلى مصر نائبًا عن واليها القائد
وظل القتال بينهم وبين جند الخليفة نحو أربعة عشر عامًا، ولم يعد دخل مصر يتسرب إلى بيت مال الخلافة في المدينة أو دمشق أو بغداد، وأفادت مصر من حكم الأسرة الطولونية وساد فيها رخاء نسبي، وأصبحت مصر مستقلة للمرة الأولى بعد
وعاد إليها سلطانها على الشام للمرة الأولى بعد عصر الفراعنة. وأن يعود حكم مصر إلى العباسيين
وعاد الخلفاء العباسيون يرسلون الولاة من قبلهم لحكم وادي النيل إلى سنة ٣٢٣هـ / ٩٣٥م حين استطاع محمد بن طغج التركي الأصل أن ينظم أمور مصر التي اضطربت بعد سقوط بني طولون، ونسج على منوال ابن طولون فاستولى على سورية ثم ضم إلى حكمه مكة والمدينة، وأصبح مصير الحجاز متصلا بوادي النيل لعدة قرون
فأميرًا على مصر بعد وفاتهما، والحق أن صلة وادي النيل بالمدينتين المقدستين في الحجاز ترجع إلى بداية العصر الإسلامي منذ كانت الغلال ترسل سنويا من مصر إلى الحجاز كما
على أن انتقال الفاطميين إلى مصر أطلق يد عمالهم في شمالي إفريقية، وحين كان نفوذه يمتد إلى كل هذه الأصقاع، وانتقل السلطان إلى يد الوزراء تدريجيا، وتفاقم التطاحن بين أجناسهم المختلفة ومنيت البلاد بالمنافسة بين الوزراء، ونسي كل منهم أمور البلاد ونفعها في سبيل نفعه الخاص؛ وعمل نور الدين صاحب الموصل على منعهم من ذلك حين طلب إليه بعض وزراء مصر مساعدته على وزراء آخرين وصفوة القول أن الصليبيين ونور الدين سيروا الحملات العسكرية إلى وادي النيل، وخلفه ابن أخيه صلاح الدين، فقضى على الدولة الفاطمية، وتوفي قبل أن يعرف هذا التغيير الخطير. ولم ينتطح فيها عنزان على حد قول المؤرخ أبي الفداء. بل أعظم الأمراء المسلمين على الإطلاق، وامتد حكم صلاح الدين إلى الشام ومكة والمدينة واليمن، وجهاده للفرنج وإعادته الخطبة العباسية بمصر، واستيلاءه على بلاد كثيرة في أطراف المغرب، وطلب صلاح الدين من الخليفة تقليد مصر واليمن والمغرب والشام، وكل ما يفتحه بسيفه فوافته بحماة رسل الخليفة المستضيء بأمر الله بالتشريف والأعلام السود وتوقيع بسلطنة بلاد مصر واليمن وغيرها . إمبراطوريتهم، وقامت على أنقاضها الدويلات الصغيرة. على أن هذه الدولة الواسعة التي بناها صلاح الدين، وامتدت من الدجلة إلى وادي
فيضم إلى مصر غيرها من أملاك صلاح الدين وطلب العادل من الخليفة العباسي الناصر لدين الله تقليدًا بحكم مصر والشام، وكان للأيوبيين الفضل في حماية وادي النيل من هذه الهجمات. فضلا عن أن الخراب المالي حل بالبلاد عندما كشف فاسكودي جاما طريقا جديدًا للوصول إلى الهند حول رأس الرجاء الصالح، وعلى الرغم من أن معظم سلاطين المماليك كانوا لا يمكثون
فكان ذلك ضربة قاضية على حكم المماليك،


النص الأصلي

توفي محمد سنة ١١هـ 11 / ٦٣٢م بعد ، أن وحد كلمة العرب؛ فاستطاع خلفاؤه إنشاء دولة إسلامية مترامية الأطراف، إذ لم تنقض على وفاته بضع سنين حتى سقطت على يدهم إمبراطورية إيران، وتقلص نفوذ بيزنطة في الشرق الأدنى، وحاز المسلمون الانتصارات المجيدة في الشام والعراق وإيران، ثم ما لبثوا أن فطنوا إلى ما لمصر من عظيم الشأن بفضل موقعها الجغرافي والحربي، وخصوبة أرضها التي تنتج الحنطة، وتدر الخير العميم، فسيرا
إليها جيوشهم، وتم لهم فتحها سنة ٢١ هـ / ٦٤١م.
وأصبحت مصر ولاية من ولايات الخلافة الإسلامية، يحكمها ولاة يبعثهم الخلفاء من المدينة أو دمشق أو بغداد، وأصبح الإسلام دين الأغلبية في وادي النيل منذ نهاية القرن الثالث الهجري (۹)م)، وظل الولاة يحكمون مصر من قبل الخلفاء إلى أن استطاع أحمد بن طولون أن ينشئ فيها سنة ٢٥٤هـ / ٨٦٨م دولة مستقلة عن الخلافة العباسية إلى حد
كبير.
والمعروف أن سنة جديدة بدأت في حكم بعض الأقاليم التابعة للخلافة حين عظم نفوذ الجند من الترك في البلاط العباسي؛ إذ بدأ الخلفاء يقطعون تلك الأقاليم أولياء عهدهم، ثم بعض قواد الجند. وطبيعي أن هؤلاء القواد الترك كانوا يؤثرون البقاء في عاصمة الخلافة خشية أن تدبر الدسائس ضدهم، وكان الخليفة نفسه يرحب ببقائهم في العاصمة مخافة أن يستقلوا بما يولونه من الأقاليم، فكان هؤلاء لا يحكمون بأنفسهم بل
يوفدون إلى الأقاليم نوابًا عنهم، ويتلقون منهم ما يتبقى من الجزية والخراج بعد دفع نفقات الإدارة، فيدفعون إلى بيت مال الخلافة جزءًا منه. وبدأ هذا النظام في مصر منذ سنة ٢١٩هـ / ٨٣٤م، وبقي إلى أن وفد أحمد بن طولون إلى مصر نائبًا عن واليها القائد
التركي.
وأدرك ابن طولون أن في استطاعته الاستقلال بشئون مصر، فقد كانت حكومة العراق قد تطرق إليها الضعف، كما قام الزنج في إقليم البصرة بثورة خطيرة، وظل القتال بينهم وبين جند الخليفة نحو أربعة عشر عامًا، وقامت ثورات إقليمية أخرى في بعض أنحاء الدولة الإسلامية. وكان صاحب الأمر والنهي في الخلافة هو الموفق أخو الخليفة المعتمد الذي لم يكن له من الأمر شيء، وطبيعي أن أعباء الحكم ونفقات الجيش كانت تتطلب الأموال الطائلة؛ فكان الموفق يلح في طلب المساعدة المالية من ابن طولون ولكن حاكم مصر لم يقدم ما كان ينتظره نائب الخليفة فدب الخلاف بينهما، وكان هذا إيذانا بعصيان ابن طولون واستقلاله بمصر. ولم يعد دخل مصر يتسرب إلى بيت مال الخلافة في المدينة أو دمشق أو بغداد، أو إلى جيوب الولاة وأصحاب الإقطاع، بل بقيت
أموال مصر فيها، وبدأ وادي النيل حياته لنفسه في مجموعة الأمم الإسلامية . وأفادت مصر من حكم الأسرة الطولونية وساد فيها رخاء نسبي، وأصبحت تخشاها الدولة العباسية، ويخطب البيزنطيون ودها بإرسال الهدايا النفيسة، وإطلاق الأسرى المسلمين. واستطاع ابن طولون فتح سورية، وأصبحت مصر مستقلة للمرة الأولى بعد
عصر البطالسة، وعاد إليها سلطانها على الشام للمرة الأولى بعد عصر الفراعنة. واستقلت دويلات أخرى عن الخلافة العباسية، أو أصبح سلطان الخليفة عليها سلطانا اسميا فحسب، ولكن الدولة الطولونية ومعظم تلك الدويلات الأخرى لم يكن لها أساس قومي في الأقاليم التي كانت مسرحًا لنشاطها، ولم يكن قيامها صدى الحركة في الرأي العام، أو خلاف في العقيدة الدينية، أو المبادئ الاجتماعية السائدة في الدولة العباسية، ولذا فليس غريبا أن نراها لا تعمر طويلا. والحق أن مؤسسي تلك الدويلات لم يكن لهم أنصار كثيرون من بني جنسهم، فكانوا في أغلب الأحيان يجمعون جيوشهم من عناصر أجنبية مختلفة، وكان مثل هذا النظام لا يمكن المحافظة عليه إلا بوساطة زعماء ذوي نفوذ شخصي عظيم كالذين يؤسسون الدويلات المذكورة، وكانت هذه الدويلات تسير
في طريق الاضمحلال تدريجيا بعد ذهاب أولئك المؤسسين. وهكذا كان طبيعيا أن تضعف الدولة الطولونية، وأن يعود حكم مصر إلى العباسيين
سنة ٢٩٢ هـ / ٩٠٥م، وعاد الخلفاء العباسيون يرسلون الولاة من قبلهم لحكم وادي النيل إلى سنة ٣٢٣هـ / ٩٣٥م حين استطاع محمد بن طغج التركي الأصل أن ينظم أمور مصر التي اضطربت بعد سقوط بني طولون، وحصل هذا الوالي على لقب إخشيد، وهو لقب بعض الأمراء الإيرانيين السابقين، واستطاع أن يؤسس الدولة الإخشيدية في مصر، وأن يحصل على قسط وافر من الاستقلال، ونسج على منوال ابن طولون فاستولى على سورية ثم ضم إلى حكمه مكة والمدينة، وأصبح مصير الحجاز متصلا بوادي النيل لعدة قرون
بعد ذلك. وقد خلف الإخشيد اثنان من أبنائه، ولكنهما لم يحكما إلا بالاسم فقد كانت مقاليد الأمور بيد العبد الحبشي كافور، الذي كان أبوهما اشتراه بنحو ثمانية جنيهات، ثم أصبح قائدًا في الجيش فأستاذا للأميرين، فوصيًا عليهما، فأميرًا على مصر بعد وفاتهما، وكان آخر أمراء الأسرة الإخشيدية صبيا في الحادية عشرة من عمره، ورث مع العرش أخطارًا سياسية واقتصادية قضت على دولته القرامطة في الشرق، والفواطم في الغرب، وملك النوبة في الجنوب، والقحط والوباء واضطراب الأمن في مصر نفسها.
أما الفاطميون، فقد كانوا منذ استقرارهم في إفريقية يتحدون العباسيين، ولا يعترفون لهم بالخلافة أو الرئاسة الدينية والسياسية، بل يرونها من حقهم، وهم نسل فاطمة وعلي بن أبي طالب. وكانوا غير قانعين بإفريقية، فعملوا على الاستيلاء على مصر لخيراتها الواسعة، وموقعها الجغرافي، وليستطيعوا فيها أن يوسعوا نطاق دعوتهم، ويمدوا
نفوذ خلافتهم الشيعية.
وقد حاول أول خلفاء الفاطميين وخليفتاه من بعده أن يفتحوا مصر، ولكن الحملات الحربية التي أرسلوها لهذا الغرض فشلت في بسط نفوذهم على وادي النيل، فلجأوا إلى نشر الدعوة السرية، ولم تكن تعوزهم السبل في هذا الميدان، واستطاعوا أن يكسبوا إلى جانبهم بعض أعيان مصر، وضباط الجيش، وكتب إليهم بعض هؤلاء يدعونهم إلى فتح مصر، ويسهلون لهم أمرها، ومهما يكن من الأمر فإن شرف فتح مصر من الصحراء الغربية لأول مرة كان لجوهر الصقلي قائد الجيش الذي سيره المعز لدين الله رابع الخلفاء
الفاطميين. وكان الفاطميون قد مهدوا لهذا الفتح بأعمال استراتيجية لازمة لمثل هذا المشروع العظيم، فظلوا نحو عامين يمهدون الطرق، ويحفرون الآبار، ويشيدون المباني الصغيرة، ويخزنون المؤن والعتاد في الطريق من تونس إلى الإسكندرية. وكان الفاطميون يعرفون ما في مصر من فوضى وبؤس، ويثقون بنجاح دعوتهم فيها إلى حد كبير،
ويطمئنون إلى الهدوء في أملاكهم، ولا يخشون أن تهدد مؤخرة جيوشهم. وسار جوهر الصقلي من تونس سنة ٣٥٨هـ / ٩٦٩م على رأس جيش قوامه نحو مائة ألف جندي وسلمت الإسكندرية له، ثم لقي بعض المقاومة عند الجيزة والفسطاط، ولكنه تغلب عليها في بضعة أيام، وتم له الاستيلاء على الفسطاط بعد نحو ستة أشهر من قيام حملته من القيروان، ووضع جوهر أساس مدينة جديدة قدر لها أن تكون عاصمة الإمبراطورية الفاطمية التي امتدت من سورية إلى حدود المغرب. وورث الفاطميون فيما ورثوه عن الإخشيديين حكم مكة والمدينة. والحق أن صلة وادي النيل بالمدينتين المقدستين في الحجاز ترجع إلى بداية العصر الإسلامي منذ كانت الغلال ترسل سنويا من مصر إلى الحجاز كما
كانت ترسل قبل ذلك إلى روما ثم القسطنطينية. على أن انتقال الفاطميين إلى مصر أطلق يد عمالهم في شمالي إفريقية، فلم يلبثوا
أن استقلوا تماما عن الإمبراطورية، وأسسوا أسرة بني زيري في تونس، وبني حماد في الجزائر. ولكن الإمبراطورية الفاطمية كانت قد بلغت أوج عزها في عصر العزيز، حين كان يدعى له في خطبة الجمعة بالمساجد الواقعة بين البحر الأحمر والمحيط الأطلسي وفي سورية والحجاز واليمن، وحين كان نفوذه يمتد إلى كل هذه الأصقاع، حتى تضاءلت الخلافة العباسية إلى جانب خلافة الفواطم، ثم بدأ الضعف يدب إلى الدولة الفاطمية على يد الخلفاء الضعفاء الذين تقلدوا أزمة الحكم بعد العزيز، وانتقل السلطان إلى يد الوزراء تدريجيا، حتى أتيح للوزير الفاطمي منذ سنة ٥٣١هـ / ١١٣٦م أن يتخذ لنفسه لقب «ملك»، مثل: الملك الأفضل رضوان، والملك الصالح طلائع، والملك المنصور ضرغام. وزاد الطين بلة أن الفوضى عمت بين الجند، وتفاقم التطاحن بين أجناسهم المختلفة ومنيت البلاد بالمنافسة بين الوزراء، ونسي كل منهم أمور البلاد ونفعها في سبيل نفعه الخاص؛ فكان ذلك كله سببًا في سقوط الفاطميين، ولا سيما حين قوي ساعد الصليبيين وتطلعوا إلى فتح مصر، وعمل نور الدين صاحب الموصل على منعهم من ذلك حين طلب إليه بعض وزراء مصر مساعدته على وزراء آخرين وصفوة القول أن الصليبيين ونور الدين سيروا الحملات العسكرية إلى وادي النيل، وتنافسوا في توطيد مركزهم فيه إلى أن ويتولى منصب الوزارة فيها سنة ٥٦٤هـ / ١١٦٩م ، ولكنه مات بعد ثلاثة أشهر، وخلفه ابن أخيه صلاح الدين، فقضى على الدولة الفاطمية، ونفذ ما أراده مولاه نور الدين فأحل اسم الخليفة العباسي المستضيء محل الخليفة الفاطمي العاضد في خطبة الجمعة، وكان الأخير

على فراش الموت، وتوفي قبل أن يعرف هذا التغيير الخطير. وأسندت المناصب الدينية إلى فقهاء المذهب السني، وعادت مصر إلى هذا المذهب، ولم تكن ثمت مقاومة حتى تمت هذه
العودة، ولم ينتطح فيها عنزان على حد قول المؤرخ أبي الفداء.
وكان طبيعيا أن تتوتر العلاقة بين صلاح الدين ومولاه نور الدين، ولكن الأول كان
حكيمًا بعيد النظر، فاستمر على إظهار ولائه لمولاه، وكان من حسن الحظ أن توفي نور الدين سنة ٥٦٩هـ / ١١٧٤م فخلا الجو لصلاح الدين، وأصبح حاكم مصر المستقل، بل أعظم الأمراء المسلمين على الإطلاق، وامتد حكم صلاح الدين إلى الشام ومكة والمدينة واليمن، فكتب إلى الخليفة في بغداد سنة ٥٧٠هـ / ١١٧٥ م يعدد فتوحاته، وجهاده للفرنج وإعادته الخطبة العباسية بمصر، واستيلاءه على بلاد كثيرة في أطراف المغرب، وعلى بلاد اليمن كلها. وطلب صلاح الدين من الخليفة تقليد مصر واليمن والمغرب والشام، وكل ما يفتحه بسيفه فوافته بحماة رسل الخليفة المستضيء بأمر الله بالتشريف والأعلام السود وتوقيع بسلطنة بلاد مصر واليمن وغيرها . والحق أن هذه الأقاليم الواسعة التي أرسل الخليفة إلى صلاح الدين تقليدًا بتوليتها لم تكن خاضعة للخلافة العباسية تماما، ولم يكن للخليفة أي سلطان فعلي عليها، ولكنه كان يطرب لطلب صلاح الدين ويسره أن يرى لنفسه ظلا من سلطان الخلفاء السابقين، ذلك السلطان الذي فقده خلفاؤه منذ تفككت
إمبراطوريتهم، وقامت على أنقاضها الدويلات الصغيرة. على أن هذه الدولة الواسعة التي بناها صلاح الدين، وامتدت من الدجلة إلى وادي
النيل لم تلبث أن قسمت بين أولاده وإخوته، واستطاع أخوه العادل سيف الدين أن يتفق مع العزيز أحد أبناء صلاح الدين، وأن تصبح له المكانة الأولى، فيضم إلى مصر غيرها من أملاك صلاح الدين وطلب العادل من الخليفة العباسي الناصر لدين الله تقليدًا بحكم مصر والشام، وسائر البلاد التي تحت حكمه، فجاءه هذا التقليد مع الخلع الثمينة له
ولأولاده، وكبار رجال دولته، وتم تسليم ذلك في احتفال عظيم. ومهما يكن من الأمر فإن أمراء الأيوبيين ظلوا يحكمون الأقاليم المختلفة من
إمبراطوريته الكبيرة، ولكن كلا منهم كان يخشى الآخرين، ولا يثق بهم، فاضطروا إلى مسالمة الصليبيين حينا، وعقد بعضهم مع الصليبيين اتفاقا، قوامه أن يساعدوه على منافسيه لقاء ما ينزل لهم عنه من الامتيازات، وأفاد المسيحيون من ذلك كثيرًا. وحسبهم أن الملك الكامل نزل للإمبراطور فريدريك الثاني عن بيت المقدس لقاء تعهده بمساعدة
الملك الكامل ضد أعدائه.
وقد وجه الصليبيون إلى مصر ثلاث حملات في عصر خلفاء صلاح الدين، ولكنهم لم يوفقوا فيها، وكان للأيوبيين الفضل في حماية وادي النيل من هذه الهجمات. وسقطت الدولة الأيوبية حين ضعف سلاطينها، وقوي شأن عبيدهم وجندهم من المماليك الذين انتهى بهم الأمر إلى القبض على مقاليد الحكم سنة ٦٤٨هـ / ١٢٥٠م. وانقضى بسقوط الأيوبيين عهد الأسرات الوراثية الحاكمة، إذ الواقع أن الوراثة لم تكن دائما القاعدة المتبعة في نظام العرش عند المماليك، ولا سيما الشراكسة منهم، بل كانت دولتهم حكومة حربية أوليجاركية، البقاء فيها للأصلح، والعرش فيها لأقوى المماليك، وأعظمهم نفوذا، وإن حدث أن أفرادا من أسرة واحدة - كأسرة قلاوون - تعاقبوا على عرش مصر فترة من الزمن. وظل المماليك البرجية أو البحرية - وهم من الترك والمغول - يحكمون وادي النيل إلى سنة ٧٩٢هـ / ۱۳۹۰م، ثم خلفهم المماليك الشراكسة الذين استمر سلطانهم على العرش طويلاً، وأن المنافسات بينهم كانت تؤدي إلى الحروب الأهلية، والمؤامرات والثورات والسلب والنهب، وأنهم لم يراعوا نظام الوراثة في الحكم، نقول: إنهم على الرغم من ذلك كله أفلحوا في إقامة إمبراطورية إسلامية عظيمة في الشرق الأدنى، ولكن تسرب الضعف إلى سلاطينهم في نهاية القرن التاسع الهجري (١٥م) بسبب بعدهم عن الشعب، واستغلالهم إياه استغلالاً معيبًا، يعود عليهم بالمال الوفير، ويترك الشعب في بؤس شديد، فضلا عن أن الخراب المالي حل بالبلاد عندما كشف فاسكودي جاما طريقا جديدًا للوصول إلى الهند حول رأس الرجاء الصالح، فتحولت التجارة إلى هذا الطريق وضاعت على المماليك وعلى مصر المكوس التي كانت تفرض على التجارة التي تمر في مصر
إلى سنة ٩٢٢هـ / ١٥١٧م. وعلى الرغم من أن معظم سلاطين المماليك كانوا لا يمكثون
وسورية، فكان ذلك ضربة قاضية على حكم المماليك، وفاتحة لانتهاء دولتهم. وكانت الدولة العثمانية الفتية تطمع في الاستيلاء على مصر، واستطاع السلطان
سليم الأول أن ينتحل المعاذير، فأخذ على المماليك أنهم كانوا يجيرون من يلتجئ إليهم من أعدائه، وأنهم كانوا يوالون عدوه الشاه إسماعيل الصفوي، وحارب سليم الشاه إسماعيل، وانتصر عليه، ثم انقلب يزحف على مصر ففتحها سنة ٩٢٣هـ / ١٥١٧م، وأصبحت مصر ولاية عثمانية، وانتقل مركز العالم الإسلامي منها إلى القسطنطينية.
ووضع العثمانيون لحكم مصر نظامًا يقضي بتوزيع الحكم بين الوالي العثماني وديوان مكون من ضباط جيش الاحتلال على أن تبقى السلطة الإدارية المحلية في يد (البكوات) أمراء المماليك، وكان الغرض من هذا التوزيع منع حكام وادي النيل من الاستقلال عن الباب العالي، ولكنه لم يستمر أكثر من قرن واحد، إذ دب الضعف في الدولة العلية، وزادت سلطة المماليك في مصر. والحق أن الحكم العثماني في وادي النيل من بداية الفتح إلى نهاية القرن الثاني عشر الهجري (۱۸م) كان فترة ركود، بل كان من أظلم العصور في التاريخ المصري عامة، وليس فيه ما يستحق الذكر إلا ظهور علي بك الكبير
واستقلاله بمصر سنة ١١٨٣ هـ / ١٧٦٩م.
ولم تكن مصر لتبقى بعيدة عن الثورة الفرنسية وآثارها الدولية فغزاها نابليون سنة ۱۷۹۸ ميلادية، وكانت الحملة الفرنسية على مصر ثم ظهور محمد علي فاتحة التاريخ المصري الحديث، وإيذانا باندماج وادي النيل في زمرة الأمم الحديثة بدون أن يفقد صلته
بالعالم الإسلامي.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

الصحة العقلية و...

الصحة العقلية والرفاهية النفسية والاجتماعية للسوريين المتضررين من النزاع المسلح الأهداف: تستند هذه ...

Sodium is a hig...

Sodium is a highly reactive metal that can react violently with air and water. To prevent accidental...

A. Assessment •...

A. Assessment • Assess medical file to identify patient’s diagnosis • Assess the patient for underst...

أسباب الحرب الع...

أسباب الحرب العالمية الثانية مهّدت الحرب العالمية الأولى التي استمرت خلال الفترة 1914-1918م إلى نزاع...

إن لخلافة الراش...

إن لخلافة الراشدين صبغة جمهورية إذ إنها تستند إلى الانتخاب، ولكن طريقة الانتخاب لم تكن واحدة، ولا من...

الفكر الإداري ه...

الفكر الإداري هو العملية الفكرية والمفاهيمية التي تستخدم في تحليل وتطوير النظم الإدارية وتنظيمها، وت...

ماهية بطاقات ال...

ماهية بطاقات الائتمان : تعتبر بطاقات الائتمان من البطاقات الواسعة الانتشار في العالم على مستوى البن...

مع اكتشاف النفط...

مع اكتشاف النفط في إمارة أبوظبي عام 1962، طلبت الحكومة البريطانية تقـديـم مخططات لبناء مدينة «أبو ظب...

ًم قـد عرفـت يف...

ًم قـد عرفـت يف اليـوم اخلامس بفضـل اخلروف وكما هـو احلـال دائ ً شـيئ ً ا جديـدا عن األمير الصغري. ...

بعدما أن يكون ا...

بعدما أن يكون العميل عايش الحدث الصدمي يحدث نوع من التغير في بنيته، فتتغير عاداته اليومية، تصرفاته م...

ما هو دور الأخل...

ما هو دور الأخلاقيات في صناعة الترجمة؟ اً في عالم الاتصالات العالمية دائم التطور، تلعب صناعة الترجمة...

Memos: A memora...

Memos: A memorandum or memo means to remember, and means literally “a thing to be remembered”. Howe...