لخّصلي

نشأة الطائفة الإسماعيلية
هي إحدى الفرق الباطنية، وتتفق مع الشيعة الإمامة (الاثنا عشرية) على صحة إمامة الأئمة السنة الأول ابتداء من على بن أبي طالب له إلى جعفر الصادق؛ لكن الخلاف وقع بين الفريقين حول أي من أبناء جعفر أحق من أخيه بالإمامة: موسى الكاظم أم إسماعيل، وقد تبع الشيعة الإمامة موسى، بينما تبع الإسماعيلية إسماعيل ومن بعده ابنه محمد بن إسماعيل قسموا الإسماعيلية. يقول أحد المستشرقين: إن الحركة الإسماعيلية ابتدأت بجماعة إسماعيل بن جعفر بمؤازرة فعالة من إسماعيل نفسه وابنه محمد، وكان بين جماعة إسماعيل ومحمد منظمو الفرقة الأولون؛ أبو الخطاب وميمون القداح وعبد الله بن مأمون )
ولما لهؤلاء الثلاثة من أثر في تأسيس مذهب الإسماعيلية والدعوة إليه وتحديد البداية الحقيقية لنشأة الإسماعيلية، كان لا بد من عرض آرائهم ودعوتهم.
أولاً: أبو الخطاب:
هو محمد بن أبي زينب مقلاص الأجدع أو محمد بن أبي ثور، وكان يكنى بأبي ظبيان ويأبي إسماعيل، وقد نشأ بالكوفة وعاصر محمد الباقر ومن بعده ابنه جعفر الصادق، وكان يتردد عليهما ويأخذ عنهما على اعتبار أنه أحد
الشيعة.
وقد تحدثت عنه مصادر الشيعة ووصفته بالاستقامة في أول أمره؛ كما قال عنه المافغاني واعتمدوا على مروياته حال استقامته ولأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطاب حال استقامته وتركوا ما رواه حال تخليطه
وبعد ذلك جاهر أبو الخطاب بمعتقدات الغلاة، ومما جهر به
الابد في كل عصر من رسولين ناطق وصامت فكان محمد ناطقا وعلى صأمنا.
• إن الإمام يتصور في أي صورة شاه.
• من غرف الإمام وضع عنه الأعمال.
• إن الله يحل في أبدان الرسل والأئمة، وقد حل هذا النور في عبد المطلب ثم صار في أبي طالب، ثم في محمد، ثم في علي، وأخيرا في جعفر، ثم في أبي الخطاب.
• إن الأرواح والأجسام لا تموت وتفنى، ولكنها تتحول ملائكة.
• تحليل الشهوات ما حلّ منها وما حرم من الزنا والسرقة والخمر والربا والدم ولحم الخنزير ونكاح المحرمات ونكاح الرجال، وقالوا: إن كل شيء فرضه الله تعالى في القرآن وحرمه وأحله فإنما هو أسماء الرجال".
• الأئمة يعلمون الغيب.
• الأئمة الهة يلبي إليهم بالحج.
• أن في السماء إليه وهو الرب، وفي الأرض إله وهو الإمام).. إن لكل ظاهراً باطنا

وبعد ما أظهر أبو الخطاب هذه الاعتقادات ذمه جعفر الصادق ولعنه وطرده، ونقلوا عن جعفر الصادق أنه قال: اللهم العن أبا الخطاب، فإنه خوفني قائما وقاعدًا، وعلى فراشي، اللهم أذقه حر الحديد
وبعد طرد جعفر الصادق لأبي الخطاب تجمع أصحابه في الكوفة بزعامته، وأخذوا ينشرون آراءهم، ويدعون إليها وكان من أهمها، إلهية آدم؛ والنبيين بعده
نبيا إلى محمدا؛ ثم بإلهية على ثم بإلهية الحسن ثم الحسين ثم محمد بن علي ثم جعفر بن محمد، ووقفوا هاهنا، وأعلنت الخطابية بذلك نهارا بالكوفة في ولاية عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس فخرجوا صدر النهار في جموع عظيمة في أزر وأردية محرمين ينادون بأعلى أصواتهم لبيك جعفر لبيك جعفر، قال ابن عياش وغيره كأني أنظر إليهم يومئذ فخرج إليهم عس بن موسى فقاتلوه فقتلهم
ولما مات أبو الخطاب تحول الباقي من أتباعه إلى محمد بن إسماعيل وولاؤهم له، وكانت فرقة الإسماعيلية هي فرقة الخطابية نفسها، يقول القمي: إن أتباع أبي الخطاب لما قتل معظمهم خرج الجماعة الباقون ممن قال بمقالة أبي الخطاب إلى محمد بن إسماعيل فقالوا بإمامته وأقاموا عليها. ويقول أحد الشيعة المعاصرين: وبإضافة الإمامة إلى محمد بن إسماعيل بدأت الإسماعيلية الباطنية، وليست هذه التسمية إلا اصطلاحًا جديدًا، وهي في الواقع تتطبق على فرق الغلاة الذين شتتهم المنصور أولاً ثم المهدي بعده، فانصب أنصار أبي الخطاب وأتباعه في هذه الفرقة الجديدة التي دبت فيها الحياة، فقالت فرقة منهم: ان روح جعفر بن محمد حلت في أبي الخطاب ثم تحولت في غيبة أبي الخطاب في محمد بن إسماعيل بن جعفر، ثم ساقوا الإمامة في ولد محمد بن إسماعيل.

ثانيا: ميمون القداح وابنه عبد الله:
ذكر أهل السنة أن أسرة القداح لها صلة باليهود نسيا ودينا، كما قال الهمذاني وهو من علماء المعتزلة: إن جد القداحين يهودي حداد كان يقيم في سلمية من أرض الشام .
ويذكر الهمذاني كيف ادعى جد هذه العائلة أنه من آل البيت؛ وهو: أن والدة هذا اليهودي مات عنها زوجها وتزوجت بعده برجل اسمه الحسين من آل البيت، وأحب هذا الولد لما فيه من ذكاء وفطنة، وتولى تربيته وعرف أسرار الدعوة ورجالها وظهر كأحد أبنائه).
لقد بين أصحاب المقالات علاقة ميمون وابنه في الدعوة إلى الإسماعيلية؛ فيقول إدريس عماد قام إسماعيل بن جعفر صلوات الله وسلامه عليه المبارك الميميون في كتف أبيه، وهو سادس... ولما أن الإسماعيلي الأجل أوصى إسماعيل والده جعفر الصادق أن يقيم لولده حجبا ومستودعًا كما أوصى هارون موسى أن يقيم لولده كفيلاً فأقام له يوشع بن نون سترا عليه وحجابًا له، فسلمه أعني: مولانا محمد بن إسماعيل إلى ميمون بن غيلان بن بدر بن مهران بن سلمان الفارسي قدس الله روحه، فرياه وأخفى شخصه عليه السلام وهو ابن ثلاث سنين مع ميمون القداح قدس الله روحه، وهو كفيل له ومستودع أمره، وميمون من أولاد سلمان، وسلمان من أولاد إسحاق بن يعقوب أهل الاستيداع والقائمين بالبلاغ والإبلاغ . وبعضهم يقول إن الذي كان كفيلاً على محمد بن إسماعيل هو عبد الله بن ميمون؛ يقول الداعي إدريس وكان الإمام إسماعيل بن جعفر؛ قد اختص عبد الله بن ميمون القداح وأقامه حجة له ولأبنه محمد بن إسماعيل ؛ ودليلاً عليهما، وهاديًا إليهما، بأمر الصادق ؛ فخرج عبد الله بن ميمون إلى مكة، وأظهر الدعوة إلى أهل البيت ولم يبين أمر ولي الله، بل ستره وأخفاه وكتمه نقية عليه من الأضداد، وخوفا من أهل العناد.
يقول المقريزي رحمه الله: "ميمون القداح، واليه تنتسب الميمونة، وكان له مذهب في الغلو، فولد لميمون هذا ابن يقال له عبد الله، كان أخبث من أبيه،
وأعلم بالحيل منه فعمل أبوابا عظيمة من المكر والخديعة على بطلان الإسلام، وكان عارفا عالما بجميع الشرائع والسنن، وجميع علوم المذاهب كلها، فرتب ما جعله من المكر في سبع دعوات يتدرج الإنسان من واحدة إلى أخرى حتى ينتهي إلى الأخيرة، فيبقى معرى من جميع الأديان لا يعتقد غير التعطيل والإباحة، ولا يرجوا ثواباً، ولا يخاف عقابًا، ويقول إنه على هدى وأهل مذهبه، وغيرهم ضال مغفل.
وكان عبد الله بن ميمون يريد بهنا في الباطن أن يجعل المخدوعين أمة له، يستمد من أموالهم بالمكر والخديعة، وأما في الظاهر فإنه كان يدعو إلى الإمام من آل البيت محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، ليجمع الناس بهذه الحيلة.
وكان عبد الله بن ميمون هذا قد أراد أن يتنبأ قلم يتم له... وكان يتستر بالتشيع والعلم، وصار له دعاة، وظهر ما هو عليه من التعطيل والإباحة والمكر والخديعة، فتارت به الشيعة والمعتزلة وكبسوا داره، ففر إلى البصرة، ومعه رجل من أصحابه يعرف بـ: الحسين الأهوازي، فادعى أنه من ولد عقيل بن أبي طالب، وأنه يدعو إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، ثم اشتهر خبره، فطلبه العسكريون، فهرب هو والحسين الأهوازي إلى سلمية من أرض الشام، ليخفي أمره بها، فولد له بها ابن يقال له أحمد

ومن خلال ما تقدم نصل إلى نتائج في نشأة الإسماعيلية:

1. إن فرقة الإسماعيلية أخذت هذا الاسم نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق.


2. الإسماعيلية امتداد لفرقة الخطابية.


3. ميمون القداح وابنه عبد الله هم من قاموا بنشر مذهب الإسماعيلية.