لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله و کفی و سلام علی عباده الذین اصطفی
إنّما الأعمال بالنیّات و إنّما لکلّ امرء ما نوی
ملخّص الخطابة الإسلامیّة (الفرقة الثانیة - الوافدین)
فضیلة الدکتور / طارق زهران)
الفصل الأوّل (مبادئ علم الخطابة ، و رکائزها الفنّیّة)
المبحث الأوّل (علم الخطابة ، المطلب الأوّل
مدلول الخطابة فی اللغة ، سؤال مهمّ : عرّف الخطابة ، و اشرح مفردات التعریف . 1- الأمر و الشأن
یقال : ما خطبک ؟ أی ما أمرک ؟ و تقول : هذا خطب جلیل و خطب یسیر
2- حسن الکلام
فی أساس البلاغة : خطب خاطبه : أحسن الخطاب
3- المواجهة بالکلام
فی أساس البلاغة : الخطبة : المواجهة بالکلام
التعریف الاصطلاحیّ الثامن : الخطابة فنُّ مشافهةِ الجمهورِ ، و إقناعِه ، و استمالتِه
الخلاصة : أنّ الخطابة علم یُقتدَر به علی إتقانِ فنِّ مشافهةِ الجمهورِ بطریقة إلقائیّة بقصد الإقناع و الاستمالة
شرح مفردات التعریف :
مدلول قوله (علم یُقتدَر به علی إتقان فنِّ . : أنّ الخطابة علم له قواعد ، و مناهج ، و مقاصد تجتمع لدی دارسِها لتمکّنه من إتقانِ فنِّ التطبیقِ و الممارسةِ
مدلول قوله (مشافهةِ) : أنّ الخطابة تقوم علی المشافهة ، لا المکاتبة و المراسلة
مدلول قوله (الجمهورِ) : أنّ الخطابة تقوم علی مشافهة الجمهور لا مشافهة شخص منفرد
مدلول قوله (بطریقة إلقائیّة) : أنّ الخطابة تعتمد علی الطریقة الإلقائیّة (التی تهتمّ بالدقّة اللفظیّة ، و القوّة الصوتیّة ، مدلول قوله (بقصد الإقناع و الاستمالة) : أنّ الخطابة لا تکتفی بالاستمالة العاطفیّة ، أو الإقناعات العقلیّة ، و إنّما تحرص علی الجمع بینهما
المطلب الثانی
أهمّیّة الخطابة فی تبلیغ الدعوة الإسلامیّة : تُعَدّ الخطابة من الوسائل الفاعلة فی تبلیغ الدعوة الإسلامیّة
ما یبیّن أهمّیّة الخطابة فی تبلیغ الدعوة الإسلامیّة :
1- استخدام النبیّ ص للخطابة (فقد استخدم النبیّ ص الخطابة فی مراحل الدعوة المتتالیة :
1- فی بدایة الدعوة لمّا نزل قوله تعالی : و أنذر عشیرتک الأقربین
2- فی توجیه قیادة الجیوش الإسلامیّة المتّجهة لنشر الإسلام فی کافّة الأنحاء
3- عند استقباله للوفود التی کانت تتوالی علیه معربةً عن قبولها للإسلام دینا)
کما أمر ثابتَ بن قیس رض أن یجیب خطیبَ وفد بنی تمیم فی خطبته بحضرته ص) . 3- استخدام الخلفاء و الأمراء للخطابة فی الدعوة إلی الله (فقد اتّخذ الخلفاء الراشدون و أولو أمر المسلمین مِن بعدهم الخطابةَ وسیلةً لنشر الإسلام إمّا بأنفسهم مباشرة ، و إمّا بتکلیفهم من یقوم بها علی وجهها) . و من أهمّ هذه المناسبات : مناسبات أسبوعیّة ، و أخری سنویّة ، فمن جاهدهم بیده فهو مؤمن ، و من جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، و من جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ، المطلب الثالث
فوائد دراسة علم الخطابة : للخطابة أهمّیّة کبری و مکانة عظمی فی حیاة الخطیب ، أهمّیّة الخطابة للخطیب :
ما تتجلّی فیه أهمّیّة الخطابة علی مستوی الخطیب :
1- إعانة الخطیب علی الاستقامة (لأنّ علم الخطابة ینیر الطریق أمام من عنده استعداد الخطابة لیربّی ملکاته و ینمی استعداداته و یطلب الشفاء لما عنده من عیوب و یرشده إلی طریق إصلاح نفسه ؛ أو التخلّی عنه إن کان شرّا) . 2- القدرة علی الإقناع و التأثیر (لأنّ الخطیب یسعی إلی إقناع المخاطبین و التأثیر فیهم ، و الخطابة تساعده فی الوصول إلی هذه الغایة ، حیث یقتنع البعض بالبرهان العقلیّ و یقتنع الآخر بالتأثیر القلبیّ) . 3- إکساب الخطیب مهارات القیادة (لأنّ الخطیب الذی استطاع أن یقنع قومَه بفکرته و یؤثّر فیهم بأدلّته یستطیع أن یقود سلوکَهم باتّجاه غایته) . 4- تهیئة الخطیب للاتّصال المباشر و بناء العلاقات مع الجماهیر (لأنّ الخطیب یوجّه کلامه إلی الجماهیر ، و ینظر إلیهم ، و یتعامل معهم ، و یهتمّ بالتعرّف علی أحوالهم ، و السعی فی حلّ مشکلاتهم) . أهمّیّة الخطابة للمخاطبین :
ما تتجلّی فیه أهمّیّة الخطابة علی مستوی المخاطبین :
1- التربیة و التعلیم (أی تربیة المخاطبین و تعلیمهم العلومَ و المبادئَ و القیمَ النافعة ، کما کان النبیّ ص یقف بین أصحابه خطیبا لیعلّمهم أمور دینهم و یعالج ما یقع من أخطائهم کما فی قضیّة المرأة المخزومیّة ، و قضیّة ابن اللتبیّة) . 2- البیان و الإعلام (أی بیان الموضوع و إعلام الناس به ، و منها : فاتّقوا الله فی النساء ، کتاب الله) . 3- جلب المنافع و درء المفاسد (أی لفت أنظار المخاطبین إلی ما یجلب لهم المنافع و یدفع عنهم المضارّ کتذکیرِ طائفتین بینهما عداوة و بغضاء بعواقب التقاطع ، و تحذیرِهم من نتائجه السیّئة) . 4- إثارة النفوس الفاترة و تهدئة النفوس الثائرة (أی إیقاظ الأنفس النائمة ، و لذلک کان قواد الجیوش المنتصرون خطباء کسیّدنا علیّ بن أبی طالب و خالد بن الولید و طارق بن زیاد رض) . 5- حلّ المشکلات و فضّ النزاعات (مثاله : لمّا أفاء الله علی رسوله یوم حنین قسّم فی الناس فی المؤلّفة قلوبهم و لم یعط الأنصارَ شیئا ، فکأنّهم وجدوا ، فخطبهم : . أ ترضون أن یذهب الناس بالشاة و البعیر و تذهبون بالنبیّ ص إلی رحالکم ، فبکی الناس)
المطلب الرابع
خصائص الخطابة و شروطها :
خصائص الخطابة :
1- أنّ الخطابة تعتمد علی عناصر ثلاثة :
1- المنطق و الحجّة (و فیه یخاطب أقواما قد غلبت علیهم الحیاة الفکریّة و العقلیّة فلا یرضیهم إلّا البراهین المحسوسة)
2- أقوال الحکماء (و الحوادث المنقولة عن ثقة ، و الأخبار المرویّة عن عظیم مصدَّق عند الناس)
3- صنعة الخطیب (الذی یمزج کلّ هذا بأسالیب متعدّدة)
2- وضوح العبارة (أی لا یصحّ أن یستعمل الخطیب کلمات لغویّة غامضة ، أو غریبة ، أو أعلی من مستوی الناس)
3- أنّ الخطابة تمتاز فی موضوعاتها بمناسبتها لحال الجماهیر (لیحصل الناس منها علی ما یفیدهم و ینفعهم)
4- أنّ الخطبة أقدر من الشعر علی الإقناع (لأنّها لا تعتمد علی تکلّف القوافی أو الأوزان)
5- أنّ الخطبة یستطیع إجادتَها جمعٌ کثیر و فئاتٌ مختلفة (بخلاف الشعر فإنّه لا یستطیع إجادتَه إلّا أصحاب قرائح معیّنة)
6- أنّ الأسلوب الخطابیّ یتمیّز بأمور ثلاثة :
1- القوّة البیانیّة (بقوّة الصوت و جهوریّته)
2- الإقناع و الاستمالة (مثلا بهدوء الصوت عند بیان الثواب)
3- التأثیر النفسیّ (مثلا برفع الصوت عند بیان العقاب)
شروط الخطابة :
1- أنّه لا بدّ فی الخطابة من الجمهور (فمن یحادِث فردا لا یسمّی خطیبًا ، و لا تسمّی تلک المحادثة خطبةً)
2- أنّ الخطابة تکون بطریقة إلقائیّة (أی یکون الخطیب علی هیئة معیّنة فی الحدیث من جهارة الصوت ، و تجسیم المعانی ، و اتّباع الأسالیب البلاغیّة و الإقناعیّة ، و قد یصاحب ذلک شیء من الانفعال مع بعض الإشارات بالید إلی غیر ذلک من اللوازم) . 3- أن یکون الکلام مقنِعا (أی یشتمل علی حجج و براهین و أدلّة)
4- أن یشتمل الخطبة علی عناصر تأثیریّة (من أهمّها : إثارة العواطف ، و بعث الأحاسیس ، و مع ذلک فإنّه من الممکن تعلّمه و إتقانه و اکتسابه عن طریق الخبرة و الدربة و الممارسة) . المبحث الثانی (طرق تحصیل الخطابة)
مفهوم الاستعداد الفطریّ : هو المیل القلبیّ و الاتّجاه النفسیّ نحو وجهة معیّنة من غیر تأثیر أو إکراه . قال أبو الحسن الرمانیّ : أصل البلاغة الطبع
قال صحار بن عیاش العبدیّ : البلاغة شیء تجیش به صدورُنا فتقذفه علی ألسنتنا
دراسة القواعد النظریّة لعلم الخطابة :
أهمّیّة دراسة القواعد النظریّة للخطیب : أنّ الإحاطة بالقوانین و الأصول النظریّة هادیة مرشدة تساعد فی تحصیل الخطابة بإنارة السبیل (بمعنی أنّها مهذّبة للفطرة مساعدة لها) . سؤال (من المحاضرة) : هل یکفی الاستعداد الفطریّ وحده أو دراسة القواعد النظریّة وحدها لتحصیل الخطبة ؟
بل کلّ منهما مکمّل للآخر مساعد له (فإذا تکاملا نجح الخطیب و إذا سقط أحدهما سقط الخطیب)
3- الخشیة من تکرار نفسه ، و انصراف الناس عنه
أسباب الضعف الثقافیّ لدی الخطیب :
1- ترک الاطّلاع فی مجالات متنوّعة (مع ما یصحب ذلک من کسل و قعود ، و اعتماد علی کتب وُضعت فی عصور سابقة)
2- التبعیّة فی الثقافة لمنهج واحد (أی کثرة الاطّلاع فی مجال واحد)
3- مخالطة غیر المثقّفین (أی مخالطة الذین لا یفیدون الخطیب فی مهنته الخطابیّة ، بل ربما یشغلونه عنها)
علاج الضعف الثقافیّ للخطیب : و ذلک بتنوّع ثقافته من خلال :
1- مصاحبة القرآن الکریم و السنّة الشریفة (لأنّهما المصدر المؤسّس للسلوک السلیم)
2- دوام القراءة و الاطّلاع (أی الاطّلاع علی الکثیر من کتب الأدب ، و الشعر ، و الخطابة ، و غیرها)
المطلب الرابع
1- حسن إعداد المادّة العلمیّة (بأن یحسن جمع مادّته العلمیّة مدعومة بالأدلّة و مناسبة لحال جمهوره ، و یحسن فهمها ، 2- تقویة الإرادة و التحلّی بالشجاعة عند الإلقاء (بأن یقوّی رغبته فی الأداء الخطابیّ ، و یتحلّی بالشجاعة عند الإلقاء)
المطلب الخامس
دوام المران و التدریب : یسهم التدریب المستمرّ فی تحقیق النجاح للخطیب (أی تحقیقِ التمکّن من عملیّة الإلقاء)
أسلوب التدرّج (الذی ینتقل فیه الخطیب من مرحلة إلی أخری بسهولة تامّة) :
المرحلة الأولی : فکّ القیود (و هی تهدف فکّ القیود النفسیّة التی تحجبه عن لقاء الجماهیر ، الخطوة الأولی (فی هذه المرحلة) : أن یستعین المتدرّب بالمقاطع المحفوظة (حیث یقوم بقراءة سورة الفاتحة ، أو الإخلاص ، أو غیرها من الآیات القرآنیّة التی یتقن حفظها ، أو الصلوة علی النبیّ ص بالصیغة الإبراهیمیّة ، أو اختیار مقدّمة مشهورة یحفظها) . الخطوة الثانیة (فی هذه المرحلة) : أن یقوم بإلقاء موضوعه فی فضاء خالٍ من الجماهیر (غیر أنّه یتخیّل وجودهم فی هذا المکان) . کما ورد عن الإمام ابن الجوزیّ رح : أنّه کان فی بدایة حیاته یعانی من الکلام أمام الناس ، فکان یخرج عن البلد و ینصب أحجارا ثمّ یرفع صوته بالخطبة أمام هذه الأحجار ، و شیئا فشیئا حتّی برع فی الوعظ و الخطابة . الخطوة الثالثة (فی هذه المرحلة) : أن یلقی المتدرّب خطبته فی مسجد خال من الجماهیر (لیکسر رهبة المکان فی نفسه)
الخطوة الرابعة (فی هذه المرحلة) : أن یلقی المتدرّب خطبته أمام جمع من الأطفال (حتّی لا یتسرّب إلیه الخوف و یسهل علیه الأداء) . أو بعض أفراد الأسرة (حتّی یستفید من تشجیعهم) . المرحلة الثانیة : الانطلاقة (و هی تهدف إلی تحقیق إکساب الخطیب الشجاعةَ و الجرأةَ علی المواجهة الجماهیریّة)
الخطوة الأولی (فی هذه المرحلة) : أن یلقی الخطبة فی الزوایا و المساجد الصغیرة (و له أن یخطب خارج بلده ، أو بعیدا عن زملائه و أقرانه و جیرانه الذین یتحرّج من الحدیث أمامهم) . کما قال سیّدنا علیّ بن أبی طالب رض : قم فاخطب الناسَ یا حسن ، فتغیّب عنه حیث یسمع کلامه و لا یراه ، الخطوة الثانیة (فی هذه المرحلة) : أن یلقی خطبته أمام جمهور بلده و بین أقرانه و أهله و أساتذته
و فی هذه المرحلة یتجرّأ الخطیب جرأة کاملة . المبحث الثالث
علاقة الخطابة بالعلوم الشرعیّة و الإنسانیّة : یجب علی الخطیب المسلم أن یکون موسوعیّ الثقافة متنوّع الإطّلاع فی جمیع العلوم التی تفیده فی نشر الإسلام و تبلیغه
أهمّ العلوم التی لها صلة قویّة بعلم الخطابة :
1- علم النفس (هو العلم الباحث عن قوی النفس و خواطرها و میولها ، و تصرّفها فی علومها و تأثیر علومها فی أفعالها الإرادیّة)
وهذا العلم ضروریّ للخطیب لیتعامل مع کلّ منها بما یناسب)
3- علم التاریخ (هو علم بأحداث الماضی خیرا کان أو شرّا ، و هذا العلم ضروریّ للخطیب لیتّعظ بمن سبق إیجابا أو سلبا)
4- علم الأخلاق (هو علم یبحث فیه عن الفضائل النظریّة و العملیّة و کیفیّة تربیة الإنسان علیها ، و عن النقائص التی یجب علی الإنسان أن یتنزّه عنها ، و هذا العلم ضروریّ للخطیب لأنّه قدوة لغیره فی وجوب التحلّی بالفضائل و التخلّی عن الرذائل) . 5- علم الجغرافیا (هو علم یبحث فیه عن أحوال البلدان الجوّیّة و البیئة و الطرق الموصلة إلیها ، و هذا العلم ضروریّ للخطیب لیعدّ العدّةَ لکلّ بلد بما یناسبه إذا أراد السفر إلیه) . 6- علم اللغات (هو علم یبحث فیه کلّ اللغات ، و هذا العلم ضروریّ للخطیب لأنّه یدعو إلی الإسلام ، و الإسلام رسالة عالَمیّة لکلّ إنسان فی کلّ زمان و مکان ، و الناس مختلفون فی اللغات) . قال تعالی : و ما أرسلناک إلّا کافّة للناس بشیرا و نذیرا . قال تعالی : و من آیاته خلق السماوات و الأرض و اختلاف ألسنتکم و ألوانکم . روی عن زید بن ثابت رض یقول : أمرنی رسول الله ص أن أتعلّم له کتاب الیهود أی لغة کتابتهم . فما مرّ بی نصف شهر حتّی تعلّمته
7- علم الملل والنحل (هو علم یبحث فی المعتقدات السائدة بین الناس ، وهذا العلم ضروریّ للخطیب لإحقاق الحقّ و إبطال الباطل)
الفصل الثانی (منزلة الخطیب و مقوّمات نجاحه)
المبحث الأوّل
أهمّیّة الخطیب و مکانته فی النفوس :
المقصود بالخطیب : هو من لدیه قدرة علی حمل الخطاب الدعویّ بمکوّناته العقدیّة و التشریعیّة و الأخلاقیّة و تبلیغه للمدعوّین (مسلّحا بالعلم ، و الفقه ، و القدوة ، و التزکیة ، و فقه الواقع ، منزلة الخطیب و مکانته :
1- أنّ الخطیب یوجّه همّته و یؤدّی رسالته مع أشرف أجزاء الإنسان : روحه و عقله و قلبه و ضمیره
2- أنّ الخطیب یقف من مستمعیه موقف الأمیر (و یجلس الناس تحت قدمیه مجلسَ الطلّاب أو التلامیذ یرمقونه بأنظارهم)
قال النبیّ ص : إذا قلتَ لصاحبک یوم الجمعة أنصت و الإمام یخطب فقد لغوتَ
ما روی عن عبد الله بن عمر رض قال : قدم رجلان من المشرق فخطبا فعجب الناس لبیانهما فقال رسول الله ص : إنّ من البیان لسحرا
من المواقف العملیّة التی تدعم فی نفوسنا أهمّیّة الخطابة :
لمّا أفاء الله علی رسوله یوم حنین قسّم فی الناس فی المؤلّفة قلوبهم و لم یعط الأنصارَ شیئا ، فکأنّهم وجدوا ، فخطبهم . أ ترضون أن یذهب الناس بالشاة و البعیر و تذهبون بالنبیّ ص إلی رحالکم ، فبکی الناس . 2- خطبة سیّدنا أبی بکر رض حین توفّی رسول الله ص و کادت تحدث فتنة
و لیبعثنّه الله . فجاء أبوبکر رض . ثمّ خرج فقال : أیّها الحالف علی رسلک . و قال : ألا من کان یعبد محمّدا ص فإنّ محمّدا قد مات و من کان یعبد الله فإنّ الله حیّ لا یموت و قال : إنّک میّت و إنّهم میّتون ، فنشج الناس یبکون . المبحث الثانی
1- العمل علی أن یستقی الخطیب منه مادّته الخطابیّة (لأنّ الإسلام یستند إلیه فی عقائده ، و عباداته ، و حِکَمه ، و أحکامه ، و آدابه ، و أخلاقه ، و قصصه ، و مواعظه ، و علومه ، 2- الحرص علی حفظ کتاب الله تعالی و إتقان ما یتلوه من آیات (فإنّ اللحن فی کتاب الله تعالی یسقط الخطیبَ من أعین مستمعیه) . 3- المداومة علی قراءة القرآن الکریم و حسن تدبّره و فهمه (لیکون أقدر علی استحضاره و الاستشهاد به فی کلّ مناسبة ممکنة) . 4- الاهتمام بالاطّلاع علی کتب التفسیر (لفقه القرآن الکریم ، و تنقیة التفسیر من الأخبار غیر الثابتة کالإسرائیلیّات و نحوها ، و تناول الآیات الکونیّة التی تناولت قضایا الکون) . 5- الاستعانة بما جاء فی القرآن الکریم من أسالیب الترغیب و الترهیب (لأنّ الذی یحسن استخدام الآیات یمکنه أن یَدفع بالخطبة الواحدة من المُلِمّات - أی المصائب الشدیدة - ما لا یُدفع بالبیض المُرهَفات - أی السیوف الحادّة -) . 6- الحرص علی أن یکون القرآن الکریم فی قمّة اهتمامات الخطیب (لما یتمتّع به القرآن من خصائص إعجازیّة تنضح علی الخطیب بآثارها و فوائدها مِن ترابط الأفکار و قوّة الأدلّة و روعة الأسلوب و مراعاة أحوال المخاطبین) . و وضعه فی موضعه أزاح کلَّ شبهة و قطع کلَّ شکّ) . المصدر الثانی : السنّة النبویّة المطهّرة
منهجیّة تعامل الخطیب مع السنّة النبویّة المشرّفة :
1- العمل علی حفظ کثیر من الأحادیث النبویّة المشرّفة (لیقدر الخطیب علی حسن الاستشهاد بها فی خطبه)
2- العمل علی تدعیم الخطبة بالأحادیث النبویّة الشریفة (و أن یتحرّی الصحّة لما یذکره من أحادیث)
3- القیام باستحضار الأحادیث المتّصلة بموضوعه من کتب السنّة المختلفة ، ثمّ عملیّة التصنیف و الترتیب (بوعی و حسن إدراک) . 4- الحذر من سوء الفهم للأحادیث الصحاح و الحسان (أی تحریفِها عن مواضعها ، و تأویلِها علی غیر تأویلها ، و تبعیدها عمّا أراد الله و رسوله) . 6- تجنّب الأحادیث التی تشکل علی جمهور الناس (لأنّ لها تفسیرات و تأویلات تکون أعلی من مستواهم)
المصدر الثالث : السیرة النبویّة المطهّرة و سِیَر الخلفاء الراشدین (لأنّه المنهج الذی ارتضاه الله لرسوله فی دعوته)
خصائص المنهج النبویّ :
1- أنّه منهج مسدّد بالوحی فی منطلقاته ، و ثوابته ، و أصوله
2- أنّه منهج کامل و متکامل یستقصی جمیع قضایا الدعوة علما و عملا و فکرا و سلوکا
کما روي عن عائشة رض قالت : جاء مخرق بن نوفل (من سادات قريش) يستأذن ، فلما سمع رسول الله ص صوته قال : ائذنوا له ، بئس أخو العشيرة ، فلما دخل عليه ألان له القول و أطلق وجهه و انبسط إليه ، حين رأيتَ الرجل قلتَ : كذا و كذا ، فلما دخل ألنتَ له القول و تطلّقت في وجهه و انبسطت إليه ، فقال ص : متى عهدتني فاحشًا إن شرّ الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة مَن تركه الناس اتّقاء فحشه . منهجیّة تعامل الخطیب مع السیرة النبویّة و سِیَر الخلفاء الراشدین :
1- السعی نحو الاقتداء بالنبیّ ص فی جمیع الأحوال ، و الأقوال ، و الأفعال (لأنّ الذات المحمّدیّة قد جسّدت الأسوة الصالحة و المنهج الأعلی للحیاة الإنسانیّة فی جمیع أطوارها) . 2- دراسة سیرة النبیّ ص (للتحرّک بهذا الدین فی ضوء هذه السیرة)
3- توظیف أحداث السیرة النبویّة و سِیَر الخلفاء الراشدین فی علاج کافّة المشکلات
4- دراسة مآثر الصحابة و التابعین و الاقتداء بمواقفهم تجاه فهمهم للقرآن الکریم و السنّة النبویّة (لأنّها نعم المُعین للخطیب علی إثبات ما یرید إثباتَه من حقائق الإسلام الحنیف) . 5- الاتّعاظ و الاعتبار من أحداث التاریخ الإسلامیّ
6- التصدّی للشبهات المثارة حول التاریخ الإسلامیّ (و العمل علی نقد الروایات التی تطعن فی الصحابة و علماء المسلمین و أئمّتهم ، و تقدیم الروایات التی تتماشی مع مبادئ الإسلام) . 7- العمل علی الحفاظ علی التراث الإسلامیّ (لأنّه مصدر کلّ مفکّر عاقل مبدع)
8- العمل علی قراءة کتب التراث قراءة وسطیّة بعیدة عن جمود الفهم و شطحات الوهم مع التحقیق لمسائلها
کما روی عن البعض أنّهم قالوا : إنّ رکوب الخیل و البغال بدلا عن الوسائل الحدیثة سنّة ، و قد قال الله تعالی : و أعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة . المصدر الرابع : الاطّلاع علی الثقافات المتنوّعة و الأفکار المختلفة


النص الأصلي

بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله و کفی و سلام علی عباده الذین اصطفی
إنّما الأعمال بالنیّات و إنّما لکلّ امرء ما نوی

ملخّص الخطابة الإسلامیّة (الفرقة الثانیة - الوافدین)
(فضیلة الدکتور / طارق زهران)
الفصل الأوّل (مبادئ علم الخطابة ، و رکائزها الفنّیّة)
المبحث الأوّل (علم الخطابة ، و أهمّیّته فی تبلیغ الدعوة الإسلامیّة)
المطلب الأوّل
مدلول الخطابة فی اللغة ، و الاصطلاح :
سؤال مهمّ : عرّف الخطابة ، و اشرح مفردات التعریف .
الخطابة فی اللغة : إنّ مادّة (خطب) فی المعاجم اللغویّة تدور حول عدة معانٍ ، منها :
1- الأمر و الشأن
فی لسان العرب : الخطب : الشأن أو الأمر صغرَ أو عظمَ ، یقال : ما خطبک ؟ أی ما أمرک ؟ و تقول : هذا خطب جلیل و خطب یسیر
2- حسن الکلام
فی أساس البلاغة : خطب خاطبه : أحسن الخطاب
3- المواجهة بالکلام
فی أساس البلاغة : الخطبة : المواجهة بالکلام
4- الطلب
فی أساس البلاغة : فلان یخطب کذا : أی یطلبه
الخطابة فی الاصطلاح :
التعریف الاصطلاحیّ الثامن : الخطابة فنُّ مشافهةِ الجمهورِ ، و إقناعِه ، و استمالتِه
الخلاصة : أنّ الخطابة علم یُقتدَر به علی إتقانِ فنِّ مشافهةِ الجمهورِ بطریقة إلقائیّة بقصد الإقناع و الاستمالة
شرح مفردات التعریف :
مدلول قوله (علم یُقتدَر به علی إتقان فنِّ ...) : أنّ الخطابة علم له قواعد ، و مناهج ، و مقاصد تجتمع لدی دارسِها لتمکّنه من إتقانِ فنِّ التطبیقِ و الممارسةِ
مدلول قوله (مشافهةِ) : أنّ الخطابة تقوم علی المشافهة ، لا المکاتبة و المراسلة
مدلول قوله (الجمهورِ) : أنّ الخطابة تقوم علی مشافهة الجمهور لا مشافهة شخص منفرد
مدلول قوله (بطریقة إلقائیّة) : أنّ الخطابة تعتمد علی الطریقة الإلقائیّة (التی تهتمّ بالدقّة اللفظیّة ، و القوّة الصوتیّة ، و الإشارة البدنیّة) ، و لیست المخاطبة العادیّة
مدلول قوله (بقصد الإقناع و الاستمالة) : أنّ الخطابة لا تکتفی بالاستمالة العاطفیّة ، أو الإقناعات العقلیّة ، و إنّما تحرص علی الجمع بینهما
المطلب الثانی
أهمّیّة الخطابة فی تبلیغ الدعوة الإسلامیّة : تُعَدّ الخطابة من الوسائل الفاعلة فی تبلیغ الدعوة الإسلامیّة
ما یبیّن أهمّیّة الخطابة فی تبلیغ الدعوة الإسلامیّة :
1- استخدام النبیّ ص للخطابة (فقد استخدم النبیّ ص الخطابة فی مراحل الدعوة المتتالیة :
1- فی بدایة الدعوة لمّا نزل قوله تعالی : و أنذر عشیرتک الأقربین
2- فی توجیه قیادة الجیوش الإسلامیّة المتّجهة لنشر الإسلام فی کافّة الأنحاء
3- عند استقباله للوفود التی کانت تتوالی علیه معربةً عن قبولها للإسلام دینا)
2- تکلیف النبیّ ص بعضَ أصحابه بالخطابة (فقد کان النبیّ ص یأمر من یراه أهلا للخطابة أن یخطب بحضرته و هو یستمع لخطابته ، کما أمر ثابتَ بن قیس رض أن یجیب خطیبَ وفد بنی تمیم فی خطبته بحضرته ص) .
3- استخدام الخلفاء و الأمراء للخطابة فی الدعوة إلی الله (فقد اتّخذ الخلفاء الراشدون و أولو أمر المسلمین مِن بعدهم الخطابةَ وسیلةً لنشر الإسلام إمّا بأنفسهم مباشرة ، و إمّا بتکلیفهم من یقوم بها علی وجهها) .
4- أنّ الخطابة من شعائر الإسلام (أی جعلها الإسلام شعیرة من أهمّ شعائره فی کافّة المناسبات الدینیّة و الدنیویّة ، و من أهمّ هذه المناسبات : مناسبات أسبوعیّة ، و أخری سنویّة ، و ثالثة طارئة) .
5- أنّ الخطابة وسیلة من وسائل الدعوة (کما قال النبیّ ص فی بیان موضع الخطیب المجاهد بلسانه : ... فمن جاهدهم بیده فهو مؤمن ، و من جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، و من جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ، و لیس وراء ذلک من الإیمان حبّة خردل) .
المطلب الثالث
فوائد دراسة علم الخطابة : للخطابة أهمّیّة کبری و مکانة عظمی فی حیاة الخطیب ، و المخاطبین
أهمّیّة الخطابة للخطیب :
ما تتجلّی فیه أهمّیّة الخطابة علی مستوی الخطیب :
1- إعانة الخطیب علی الاستقامة (لأنّ علم الخطابة ینیر الطریق أمام من عنده استعداد الخطابة لیربّی ملکاته و ینمی استعداداته و یطلب الشفاء لما عنده من عیوب و یرشده إلی طریق إصلاح نفسه ؛ لأنّ الخطیب إذا کان یدعو الناس إلی أمر فإنّه یکون فی حاجة إلی التحلّی به إن کان خیرا ، أو التخلّی عنه إن کان شرّا) .
2- القدرة علی الإقناع و التأثیر (لأنّ الخطیب یسعی إلی إقناع المخاطبین و التأثیر فیهم ، و الخطابة تساعده فی الوصول إلی هذه الغایة ، حیث یقتنع البعض بالبرهان العقلیّ و یقتنع الآخر بالتأثیر القلبیّ) .
3- إکساب الخطیب مهارات القیادة (لأنّ الخطیب الذی استطاع أن یقنع قومَه بفکرته و یؤثّر فیهم بأدلّته یستطیع أن یقود سلوکَهم باتّجاه غایته) .
4- تهیئة الخطیب للاتّصال المباشر و بناء العلاقات مع الجماهیر (لأنّ الخطیب یوجّه کلامه إلی الجماهیر ، و ینظر إلیهم ، و یتعامل معهم ، و یهتمّ بالتعرّف علی أحوالهم ، و السعی فی حلّ مشکلاتهم) .
أهمّیّة الخطابة للمخاطبین :
ما تتجلّی فیه أهمّیّة الخطابة علی مستوی المخاطبین :
1- التربیة و التعلیم (أی تربیة المخاطبین و تعلیمهم العلومَ و المبادئَ و القیمَ النافعة ، کما کان النبیّ ص یقف بین أصحابه خطیبا لیعلّمهم أمور دینهم و یعالج ما یقع من أخطائهم کما فی قضیّة المرأة المخزومیّة ، و قضیّة ابن اللتبیّة) .
2- البیان و الإعلام (أی بیان الموضوع و إعلام الناس به ، کما استخدمها النبیّ ص فی حجّة الوداع لبیان عدد من الموضوعات الهامّة و تأکید إعلام الناس بها ، منها : إنّ دماءکم و أموالکم حرام علیکم ، و منها : فاتّقوا الله فی النساء ، و منها : قــد ترکت فیکم ما لن تضلّوا بعده إن اعتصمتم به ، کتاب الله) .
3- جلب المنافع و درء المفاسد (أی لفت أنظار المخاطبین إلی ما یجلب لهم المنافع و یدفع عنهم المضارّ کتذکیرِ طائفتین بینهما عداوة و بغضاء بعواقب التقاطع ، و تحذیرِهم من نتائجه السیّئة) .
4- إثارة النفوس الفاترة و تهدئة النفوس الثائرة (أی إیقاظ الأنفس النائمة ، و ضبط النفوس المنحرفة ، و لذلک کان قواد الجیوش المنتصرون خطباء کسیّدنا علیّ بن أبی طالب و خالد بن الولید و طارق بن زیاد رض) .
5- حلّ المشکلات و فضّ النزاعات (مثاله : لمّا أفاء الله علی رسوله یوم حنین قسّم فی الناس فی المؤلّفة قلوبهم و لم یعط الأنصارَ شیئا ، فکأنّهم وجدوا ، فخطبهم : .. أ ترضون أن یذهب الناس بالشاة و البعیر و تذهبون بالنبیّ ص إلی رحالکم ، فبکی الناس)
المطلب الرابع
خصائص الخطابة و شروطها :
خصائص الخطابة :
1- أنّ الخطابة تعتمد علی عناصر ثلاثة :
1- المنطق و الحجّة (و فیه یخاطب أقواما قد غلبت علیهم الحیاة الفکریّة و العقلیّة فلا یرضیهم إلّا البراهین المحسوسة)
2- أقوال الحکماء (و الحوادث المنقولة عن ثقة ، و الأخبار المرویّة عن عظیم مصدَّق عند الناس)
3- صنعة الخطیب (الذی یمزج کلّ هذا بأسالیب متعدّدة)
2- وضوح العبارة (أی لا یصحّ أن یستعمل الخطیب کلمات لغویّة غامضة ، أو غریبة ، أو أعلی من مستوی الناس)
3- أنّ الخطابة تمتاز فی موضوعاتها بمناسبتها لحال الجماهیر (لیحصل الناس منها علی ما یفیدهم و ینفعهم)
4- أنّ الخطبة أقدر من الشعر علی الإقناع (لأنّها لا تعتمد علی تکلّف القوافی أو الأوزان)
5- أنّ الخطبة یستطیع إجادتَها جمعٌ کثیر و فئاتٌ مختلفة (بخلاف الشعر فإنّه لا یستطیع إجادتَه إلّا أصحاب قرائح معیّنة)
6- أنّ الأسلوب الخطابیّ یتمیّز بأمور ثلاثة :
1- القوّة البیانیّة (بقوّة الصوت و جهوریّته)
2- الإقناع و الاستمالة (مثلا بهدوء الصوت عند بیان الثواب)
3- التأثیر النفسیّ (مثلا برفع الصوت عند بیان العقاب)
شروط الخطابة :
1- أنّه لا بدّ فی الخطابة من الجمهور (فمن یحادِث فردا لا یسمّی خطیبًا ، و لا تسمّی تلک المحادثة خطبةً)
2- أنّ الخطابة تکون بطریقة إلقائیّة (أی یکون الخطیب علی هیئة معیّنة فی الحدیث من جهارة الصوت ، و تجسیم المعانی ، و اتّباع الأسالیب البلاغیّة و الإقناعیّة ، و قد یصاحب ذلک شیء من الانفعال مع بعض الإشارات بالید إلی غیر ذلک من اللوازم) .
3- أن یکون الکلام مقنِعا (أی یشتمل علی حجج و براهین و أدلّة)
4- أن یشتمل الخطبة علی عناصر تأثیریّة (من أهمّها : إثارة العواطف ، و بعث الأحاسیس ، و استجاشة العزائم)
سؤال (من المحاضرة) : اشرح هذه العبارة : الخطابة فنّ علمیّ ، و علم فنّیّ
جواب : معنی العبارة أنّ الخطابة فنّ عظیم لا یعتمد علی القواعد العلمیّة وحدها (بل إنّه کثیرا ما یعتمد علی الذوق الجمالیّ و یستند إلی الخلق الکسبیّ و یمیل إلی الاستعداد الفطریّ ، و مع ذلک فإنّه من الممکن تعلّمه و إتقانه و اکتسابه عن طریق الخبرة و الدربة و الممارسة) .
المبحث الثانی (طرق تحصیل الخطابة)
المطلب الأوّل
الاستعداد الفطریّ :
مفهوم الاستعداد الفطریّ : هو المیل القلبیّ و الاتّجاه النفسیّ نحو وجهة معیّنة من غیر تأثیر أو إکراه .
أهمّیّة الاستعداد الفطریّ للخطیب : أنّ الاستعداد الفطریّ من أهمّ طرق تحصیل الخطابة (بمعنی أنّ الإنسان إذا اکتسب المهارة الخطابیّة و لم یمتلک روحا حیّة جاءت خطبته ناقصة مفتقدة روحها الحقیقیّة) .
قال أبو الحسن الرمانیّ : أصل البلاغة الطبع
قال صحار بن عیاش العبدیّ : البلاغة شیء تجیش به صدورُنا فتقذفه علی ألسنتنا
المطلب الثانی
دراسة القواعد النظریّة لعلم الخطابة :
أهمّیّة دراسة القواعد النظریّة للخطیب : أنّ الإحاطة بالقوانین و الأصول النظریّة هادیة مرشدة تساعد فی تحصیل الخطابة بإنارة السبیل (بمعنی أنّها مهذّبة للفطرة مساعدة لها) .
سؤال (من المحاضرة) : هل یکفی الاستعداد الفطریّ وحده أو دراسة القواعد النظریّة وحدها لتحصیل الخطبة ؟
جواب : أنّه لا یکفی ، بل کلّ منهما مکمّل للآخر مساعد له (فإذا تکاملا نجح الخطیب و إذا سقط أحدهما سقط الخطیب)


المطلب الثالث
دوام القراءة ، و سعة الإطّلاع : إنّ تحصیل الخطابة یستلزم من الخطیب أن یداوم علی القراءة و أن یکون واسع الاطّلاع ، و ذلک لأنّ الکلام من الکلام
أسباب أهمّیّة سعة الثقافة للخطیب :
1- شمول رسالته (لأنّ الخطیب المسلم یجب أن یعالج قضایا الدنیا و الآخرة ، و یجب أن یهتمّ بالروح و البدن ، و أن یعتنی بالفرد و الجماعة) .
2- تنوّع جمهوره (لأنّ الخطیب یأتی إلیه الناس و قد تنوّعت دراساتهم العلمیّة و مذاهبهم الفقهیّة و اتّجاهاتهم الفکریّة)
3- الخشیة من تکرار نفسه ، و انصراف الناس عنه
أسباب الضعف الثقافیّ لدی الخطیب :
1- ترک الاطّلاع فی مجالات متنوّعة (مع ما یصحب ذلک من کسل و قعود ، و اعتماد علی کتب وُضعت فی عصور سابقة)
2- التبعیّة فی الثقافة لمنهج واحد (أی کثرة الاطّلاع فی مجال واحد)
3- مخالطة غیر المثقّفین (أی مخالطة الذین لا یفیدون الخطیب فی مهنته الخطابیّة ، بل ربما یشغلونه عنها)
علاج الضعف الثقافیّ للخطیب : و ذلک بتنوّع ثقافته من خلال :
1- مصاحبة القرآن الکریم و السنّة الشریفة (لأنّهما المصدر المؤسّس للسلوک السلیم)
2- دوام القراءة و الاطّلاع (أی الاطّلاع علی الکثیر من کتب الأدب ، و الشعر ، و الخطابة ، و غیرها)
المطلب الرابع
الجرأة علی مواجهة الجمهور : یحتاج الخطیب الناجح إلی امتلاک قدر کبیر من الثقة بالنفس بحیث یمکّنه من اکتساب الجرأة و الشجاعة فی مواجهة الجماهیر و التأثیر فیهم
وسائل اکتساب الجرأة فی مواجهة الجماهیر :
1- حسن إعداد المادّة العلمیّة (بأن یحسن جمع مادّته العلمیّة مدعومة بالأدلّة و مناسبة لحال جمهوره ، و یحسن فهمها ، و یحفظ النقاط الهامّة منها) .
2- تقویة الإرادة و التحلّی بالشجاعة عند الإلقاء (بأن یقوّی رغبته فی الأداء الخطابیّ ، و یتحلّی بالشجاعة عند الإلقاء)
المطلب الخامس
دوام المران و التدریب : یسهم التدریب المستمرّ فی تحقیق النجاح للخطیب (أی تحقیقِ التمکّن من عملیّة الإلقاء)
أسلوب التدرّج (الذی ینتقل فیه الخطیب من مرحلة إلی أخری بسهولة تامّة) :
المرحلة الأولی : فکّ القیود (و هی تهدف فکّ القیود النفسیّة التی تحجبه عن لقاء الجماهیر ، وإزالة الرهبة من الإلقاء الخطابیّ)
الخطوة الأولی (فی هذه المرحلة) : أن یستعین المتدرّب بالمقاطع المحفوظة (حیث یقوم بقراءة سورة الفاتحة ، أو الإخلاص ، أو غیرها من الآیات القرآنیّة التی یتقن حفظها ، أو الصلوة علی النبیّ ص بالصیغة الإبراهیمیّة ، أو اختیار مقدّمة مشهورة یحفظها) .
الخطوة الثانیة (فی هذه المرحلة) : أن یقوم بإلقاء موضوعه فی فضاء خالٍ من الجماهیر (غیر أنّه یتخیّل وجودهم فی هذا المکان) .
کما ورد عن الإمام ابن الجوزیّ رح : أنّه کان فی بدایة حیاته یعانی من الکلام أمام الناس ، فکان یخرج عن البلد و ینصب أحجارا ثمّ یرفع صوته بالخطبة أمام هذه الأحجار ، و شیئا فشیئا حتّی برع فی الوعظ و الخطابة .
الخطوة الثالثة (فی هذه المرحلة) : أن یلقی المتدرّب خطبته فی مسجد خال من الجماهیر (لیکسر رهبة المکان فی نفسه)
الخطوة الرابعة (فی هذه المرحلة) : أن یلقی المتدرّب خطبته أمام جمع من الأطفال (حتّی لا یتسرّب إلیه الخوف و یسهل علیه الأداء) .
الخطوة الخامسة (فی هذه المرحلة) : أن یلقی المتدرّب خطبته أمام نفر من الأصدقاء ، أو بعض أفراد الأسرة (حتّی یستفید من تشجیعهم) .
المرحلة الثانیة : الانطلاقة (و هی تهدف إلی تحقیق إکساب الخطیب الشجاعةَ و الجرأةَ علی المواجهة الجماهیریّة)
الخطوة الأولی (فی هذه المرحلة) : أن یلقی الخطبة فی الزوایا و المساجد الصغیرة (و له أن یخطب خارج بلده ، أو بعیدا عن زملائه و أقرانه و جیرانه الذین یتحرّج من الحدیث أمامهم) .
کما قال سیّدنا علیّ بن أبی طالب رض : قم فاخطب الناسَ یا حسن ، قال : إنّی أهابک أن أخطب و أنا أراک ، فتغیّب عنه حیث یسمع کلامه و لا یراه ، فقام الحسن فحمد الله و أثنی علیه و تکلّم ثمّ نزل .
الخطوة الثانیة (فی هذه المرحلة) : أن یلقی خطبته أمام جمهور بلده و بین أقرانه و أهله و أساتذته
و فی هذه المرحلة یتجرّأ الخطیب جرأة کاملة .
المبحث الثالث
علاقة الخطابة بالعلوم الشرعیّة و الإنسانیّة : یجب علی الخطیب المسلم أن یکون موسوعیّ الثقافة متنوّع الإطّلاع فی جمیع العلوم التی تفیده فی نشر الإسلام و تبلیغه
أهمّ العلوم التی لها صلة قویّة بعلم الخطابة :
1- علم النفس (هو العلم الباحث عن قوی النفس و خواطرها و میولها ، و تصرّفها فی علومها و تأثیر علومها فی أفعالها الإرادیّة)
2- علم الاجتماع (هو علم یبحث عن أحوال الأمم والشعوب البشریّة ، وهذا العلم ضروریّ للخطیب لیتعامل مع کلّ منها بما یناسب)
3- علم التاریخ (هو علم بأحداث الماضی خیرا کان أو شرّا ، و هذا العلم ضروریّ للخطیب لیتّعظ بمن سبق إیجابا أو سلبا)
4- علم الأخلاق (هو علم یبحث فیه عن الفضائل النظریّة و العملیّة و کیفیّة تربیة الإنسان علیها ، و عن النقائص التی یجب علی الإنسان أن یتنزّه عنها ، و هذا العلم ضروریّ للخطیب لأنّه قدوة لغیره فی وجوب التحلّی بالفضائل و التخلّی عن الرذائل) .
5- علم الجغرافیا (هو علم یبحث فیه عن أحوال البلدان الجوّیّة و البیئة و الطرق الموصلة إلیها ، و هذا العلم ضروریّ للخطیب لیعدّ العدّةَ لکلّ بلد بما یناسبه إذا أراد السفر إلیه) .
6- علم اللغات (هو علم یبحث فیه کلّ اللغات ، و هذا العلم ضروریّ للخطیب لأنّه یدعو إلی الإسلام ، و الإسلام رسالة عالَمیّة لکلّ إنسان فی کلّ زمان و مکان ، و الناس مختلفون فی اللغات) .
قال تعالی : و ما أرسلناک إلّا کافّة للناس بشیرا و نذیرا ...
قال تعالی : و من آیاته خلق السماوات و الأرض و اختلاف ألسنتکم و ألوانکم ...
روی عن زید بن ثابت رض یقول : أمرنی رسول الله ص أن أتعلّم له کتاب الیهود أی لغة کتابتهم ... فما مرّ بی نصف شهر حتّی تعلّمته
7- علم الملل والنحل (هو علم یبحث فی المعتقدات السائدة بین الناس ، وهذا العلم ضروریّ للخطیب لإحقاق الحقّ و إبطال الباطل)
الفصل الثانی (منزلة الخطیب و مقوّمات نجاحه)
المبحث الأوّل
أهمّیّة الخطیب و مکانته فی النفوس :
المقصود بالخطیب : هو من لدیه قدرة علی حمل الخطاب الدعویّ بمکوّناته العقدیّة و التشریعیّة و الأخلاقیّة و تبلیغه للمدعوّین (مسلّحا بالعلم ، و الفقه ، و القدوة ، و التزکیة ، و فقه الواقع ، و إیجاد حلول لقضایاه المستجدّة) .
منزلة الخطیب و مکانته :
ممّا یُعرف به منزلة الخطیب و مکانته :
1- أنّ الخطیب یوجّه همّته و یؤدّی رسالته مع أشرف أجزاء الإنسان : روحه و عقله و قلبه و ضمیره
2- أنّ الخطیب یقف من مستمعیه موقف الأمیر (و یجلس الناس تحت قدمیه مجلسَ الطلّاب أو التلامیذ یرمقونه بأنظارهم)
قال النبیّ ص : إذا قلتَ لصاحبک یوم الجمعة أنصت و الإمام یخطب فقد لغوتَ
من الکلمات التی تدعم فی نفوسنا أهمّیّة الخطابة :
ما روی عن عبد الله بن عمر رض قال : قدم رجلان من المشرق فخطبا فعجب الناس لبیانهما فقال رسول الله ص : إنّ من البیان لسحرا
من المواقف العملیّة التی تدعم فی نفوسنا أهمّیّة الخطابة :
1- خطبة النبیّ ص یوم حنین
لمّا أفاء الله علی رسوله یوم حنین قسّم فی الناس فی المؤلّفة قلوبهم و لم یعط الأنصارَ شیئا ، فکأنّهم وجدوا ، فخطبهم ... أ ترضون أن یذهب الناس بالشاة و البعیر و تذهبون بالنبیّ ص إلی رحالکم ، فبکی الناس .
2- خطبة سیّدنا أبی بکر رض حین توفّی رسول الله ص و کادت تحدث فتنة
عن السیّدة عائشة رض : أنّ رسول الله ص مات و أبوبکر بالسنح (موضع فی شرق المدینة) ، فقام عمر یقول : والله ما مات رسول الله ص ... و لیبعثنّه الله ... فجاء أبوبکر رض ... ثمّ خرج فقال : أیّها الحالف علی رسلک ... و قال : ألا من کان یعبد محمّدا ص فإنّ محمّدا قد مات و من کان یعبد الله فإنّ الله حیّ لا یموت و قال : إنّک میّت و إنّهم میّتون ، فنشج الناس یبکون .
المبحث الثانی
منهجیّة تعامل الخطیب مع مصادر الدعوة الإسلامیّة :
المصدر الأوّل : القرآن الکریم
منهجیّة تعامل الخطیب مع القرآن الکریم :

1- العمل علی أن یستقی الخطیب منه مادّته الخطابیّة (لأنّ الإسلام یستند إلیه فی عقائده ، و عباداته ، و حِکَمه ، و أحکامه ، و آدابه ، و أخلاقه ، و قصصه ، و مواعظه ، و علومه ، و معارفه) .
2- الحرص علی حفظ کتاب الله تعالی و إتقان ما یتلوه من آیات (فإنّ اللحن فی کتاب الله تعالی یسقط الخطیبَ من أعین مستمعیه) .
3- المداومة علی قراءة القرآن الکریم و حسن تدبّره و فهمه (لیکون أقدر علی استحضاره و الاستشهاد به فی کلّ مناسبة ممکنة) .
4- الاهتمام بالاطّلاع علی کتب التفسیر (لفقه القرآن الکریم ، و تنقیة التفسیر من الأخبار غیر الثابتة کالإسرائیلیّات و نحوها ، و تناول الآیات الکونیّة التی تناولت قضایا الکون) .
5- الاستعانة بما جاء فی القرآن الکریم من أسالیب الترغیب و الترهیب (لأنّ الذی یحسن استخدام الآیات یمکنه أن یَدفع بالخطبة الواحدة من المُلِمّات - أی المصائب الشدیدة - ما لا یُدفع بالبیض المُرهَفات - أی السیوف الحادّة -) .
6- الحرص علی أن یکون القرآن الکریم فی قمّة اهتمامات الخطیب (لما یتمتّع به القرآن من خصائص إعجازیّة تنضح علی الخطیب بآثارها و فوائدها مِن ترابط الأفکار و قوّة الأدلّة و روعة الأسلوب و مراعاة أحوال المخاطبین) .
7- العمل علی أن یحسن الخطیب الاستدلال بالقرآن الکریم و آیاته علی ما یرید تقریرَه (لأنّه إذا أحسن الاستدلال بالقرآن الکریم ، و وضعه فی موضعه أزاح کلَّ شبهة و قطع کلَّ شکّ) .
8- الحذر من الانحراف و سوء التأویل لآیات کتاب الله تعالی (لأنّ هذا نوع من التحریف الذی ذمّ الله علیه أهلَ الکتاب)
المصدر الثانی : السنّة النبویّة المطهّرة
منهجیّة تعامل الخطیب مع السنّة النبویّة المشرّفة :
1- العمل علی حفظ کثیر من الأحادیث النبویّة المشرّفة (لیقدر الخطیب علی حسن الاستشهاد بها فی خطبه)
2- العمل علی تدعیم الخطبة بالأحادیث النبویّة الشریفة (و أن یتحرّی الصحّة لما یذکره من أحادیث)
3- القیام باستحضار الأحادیث المتّصلة بموضوعه من کتب السنّة المختلفة ، ثمّ عملیّة التصنیف و الترتیب (بوعی و حسن إدراک) .
4- الحذر من سوء الفهم للأحادیث الصحاح و الحسان (أی تحریفِها عن مواضعها ، و تأویلِها علی غیر تأویلها ، و تبعیدها عمّا أراد الله و رسوله) .
5- الوعی بحملات التشکیک التی یشنّها خصوم الإسلام علی السنّة
6- تجنّب الأحادیث التی تشکل علی جمهور الناس (لأنّ لها تفسیرات و تأویلات تکون أعلی من مستواهم)
المصدر الثالث : السیرة النبویّة المطهّرة و سِیَر الخلفاء الراشدین (لأنّه المنهج الذی ارتضاه الله لرسوله فی دعوته)
خصائص المنهج النبویّ :
1- أنّه منهج مسدّد بالوحی فی منطلقاته ، و أهدافه ، و ثوابته ، و أصوله
2- أنّه منهج کامل و متکامل یستقصی جمیع قضایا الدعوة علما و عملا و فکرا و سلوکا
3- أنّه منهج یعلّم الداعیةَ کیف یتعامل مع الواقع بالمعرفة العمیقة
کما روي عن عائشة رض قالت : جاء مخرق بن نوفل (من سادات قريش) يستأذن ، فلما سمع رسول الله ص صوته قال : ائذنوا له ، بئس أخو العشيرة ، فلما دخل عليه ألان له القول و أطلق وجهه و انبسط إليه ، فلمّا انطلق الرجل قلت : يا رسول الله ، حين رأيتَ الرجل قلتَ : كذا و كذا ، فلما دخل ألنتَ له القول و تطلّقت في وجهه و انبسطت إليه ، فقال ص : متى عهدتني فاحشًا إن شرّ الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة مَن تركه الناس اتّقاء فحشه .
منهجیّة تعامل الخطیب مع السیرة النبویّة و سِیَر الخلفاء الراشدین :
1- السعی نحو الاقتداء بالنبیّ ص فی جمیع الأحوال ، و الأقوال ، و الأفعال (لأنّ الذات المحمّدیّة قد جسّدت الأسوة الصالحة و المنهج الأعلی للحیاة الإنسانیّة فی جمیع أطوارها) .
2- دراسة سیرة النبیّ ص (للتحرّک بهذا الدین فی ضوء هذه السیرة)
3- توظیف أحداث السیرة النبویّة و سِیَر الخلفاء الراشدین فی علاج کافّة المشکلات
4- دراسة مآثر الصحابة و التابعین و الاقتداء بمواقفهم تجاه فهمهم للقرآن الکریم و السنّة النبویّة (لأنّها نعم المُعین للخطیب علی إثبات ما یرید إثباتَه من حقائق الإسلام الحنیف) .
5- الاتّعاظ و الاعتبار من أحداث التاریخ الإسلامیّ
6- التصدّی للشبهات المثارة حول التاریخ الإسلامیّ (و العمل علی نقد الروایات التی تطعن فی الصحابة و علماء المسلمین و أئمّتهم ، و تقدیم الروایات التی تتماشی مع مبادئ الإسلام) .
7- العمل علی الحفاظ علی التراث الإسلامیّ (لأنّه مصدر کلّ مفکّر عاقل مبدع)
8- العمل علی قراءة کتب التراث قراءة وسطیّة بعیدة عن جمود الفهم و شطحات الوهم مع التحقیق لمسائلها
کما روی عن البعض أنّهم قالوا : إنّ رکوب الخیل و البغال بدلا عن الوسائل الحدیثة سنّة ، و قد قال الله تعالی : و أعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة .
المصدر الرابع : الاطّلاع علی الثقافات المتنوّعة و الأفکار المختلفة
و ذلک من خلال :
1- الإلمام بالأحکام الشرعیّة (التی کثیرا ما یتعرّض للسؤال عنها)
2- العمل علی تحصیل الثقافة اللغویّة و الأدبیّة (لأنّ اللغة العربیّة وسیلة للدعوة ، و وسیلة لبیان المنهج الربّانیّ)
3- الإلمام بطرف من العلوم الإنسانیّة ، و هی علم النفس و علم الاجتماع (لیقف من خلالهما علی أداء النفس و المجتمع و عللهما و الطرق المناسبة لعلاجها من خلال النظرة الإسلامیّة) .
4- الوقوف علی معرفة عقائد الآخرین و لو علی سبیل الإجمال (لیبرز جمالَ الإسلام و یدفع الشبهَ التی تثار ضدّه)
5- الوقوف علی معرفة الأفکار و التیّارات القدیمة و المعاصرة (لیوجّه الأنظار إلی تلک الفرق التی تعمل فی الظلام لنشر أفکارها و فرض مخطّطاتها المعادیة للإسلام) .
المبحث الثالث
آداب الخطیب و صفاته الأخلاقیّة : الخطیب مطالب بتحصیل الأخلاق الکریمة و الصفات الحمیدة لیکون له التأثیر الإیجابیّ فی الجمهور
من أهمّ الصفات التی یجب أن یتحلّی بها الخطیب لنجاح خطبته :
1- الصدق (و هو الإخبار عن الشیء بحقیقته و تمامه دون تغییر أو تبدیل مجرّدا عن دوافع الکراهیّة للمخبر عنه)
قال تعالی : و قل ربّ أدخلنی مدخل صدق و أخرجنی مخرج صدق و اجعل لی من لدنک سلطانا نصیرا
و قال تعالی : و اذکر فی الکتاب إبراهیم إنّه کان صدّیقا نبیّا
و قال تعالی : یا أیّها الذین آمنوا اتّقوا الله و کونوا مع الصادقین
و قال النبیّ ص : آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، و إذا وعد أخلف ، و إذا اؤتمن خان
عن صفوان بن سُليم رض : أنّ النبيّ ص سُئل : أ يكون المؤمن جباناً ؟ قال : نعم ، ثم سُئل : أ يكون المؤمن بخيلاً ؟ قال : نعم ، ثم سُئل : أ يكون المؤمن كذّاباً ؟ قال : لا .
2- الأمانة (و هی الاهتمام بحفظ و تأدیة کلّ شیء للغیر مع التعفّف عنه سواء أ کان هذا الشیء حسّیّا أو معنویّا)
3- الاستقامة (و هی الثبات علی المنهج الإسلامیّ ، و المداومة علی هدیه ، و الاستجابة لأوامره ، و الانتهاء عن محارمه)
قال تعالی : فاستقم کما أمرت و من تاب معک و لا تطغوا إنّه بما تعملون بصیر
و ذلک لأنّ القدوة العملیّة تصیب من القلوب أکثر ممّا تصیب الکلمة مهما کانت طیّبة و جدیة و مؤثّرة
و قد حدث مثل هذا مع رسول الله ص حین أمر أصحابَه بعد صلح الحدیبیّة أن ینحروا هدیهم و یحلقوا رؤوسهم لمّا فرغ من قضیّة الکتاب قال رسول الله ص : قوموا فانحروا ثمّ احلقوا ، فو الله ما قام منهم رجل واحد ... فقام ص فخرج و لم یکلّم أحدا منهم حتّی فعل ذلک نحر بدنته و دعا حالقه فحلقه ، فلمّا رأی الناس ذلک قاموا فنحروا و جعل بعضهم یحلق بعضا حتّی کاد بعضهم یقتل بعضا غمّا
4- الإیثار (و هو تقدیم الغیر علی النفس ، و تفضیله علیها و علی مطالبها و حاجاتها)
قال تعالی : و الذین تبوّءوا الدار و الإیمان من قبلهم یحبّون من هاجر إلیهم و لا یجدون فی صدورهم حاجة ممّا أوتوا و یؤثرون علی أنفسهم و لو کان بهم خصاصة و من یوق شحّ نفسه فأولئک هم المفلحون .
5- حبّ الخیر للغیر (و هو تمنّی الخیر و حبّه للغیر کتمنّیه و حبّه للنفس)
عن جریر بن عبد الله البجلیّ رض قال : کنّا فی صدر النهار عند رسول الله ص ، فجاء قوم عراة مجتابی النمار أو العباء متقلّدی السیوف عامّتهم من مضر بل کلّهم من مضر ، فتمعّر وجه رسول الله ص لما رأی بهم من الفاقة ، فدخل ثمّ خرج فأمر بلالا ، فأذّن و أقام ، فصلّی ثمّ خطب فقال : یا أیّها الناس اتّقوا ربّکم الذی خلقکم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثّ منهما رجالا کثیرا و نساء و اتّقوا الله الذی تساءلون به و الأرحام إنّ الله کان علیکم رقیبا .
6- الزهد فیما عند الغیر (و هو تنزّه الإنسان و عفّته و عدم تطلّعه إلی ما یملکه الآخرون من متاع حسّیّ أو معنویّ حتّی و إن کان محتاجا إلی شیء منه لتیقّنه بما عند الله تعالی) .
قال تعالی : ن و القلم و ما یسطرون ما أنت بنعمة ربّک بمجنون و إنّ لک لأجرا غیر ممنون
و قال تعالی : أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون
7- الإخلاص (و هو إفراد الحقّ سبحانه بالقصد فی الطاعة)
قال رسول الله ص : إنّ الله تبارک و تعالی یقول : (أنا خیر شریک ، فمن أشرک معی شریکا فهو لشریکی) یا أیّها الناس أخلصوا أعمالکم ، فإنّ الله تبارک و تعالی لا یقبل من الأعمال إلّا ما خلص له .
و قال النبیّ ص : إذا کان یوم القیامة جاءت الملائکة بصحف مختمة ، فیقول الله تعالی : ألقوا هذا و اقبلوا هذا ، فتقول الملائکة و عزّتک و جلالک ما کتبنا إلّا ما کان ، فیقول : إنّ هذا کان لغیری و لا أقبل الیوم .
المبحث الرابع
العوامل التخصّصیّة لنجاح الخطیب :
1- الاستعداد الفطریّ (لأنّ کلّ عمل لا بدّ له من دافع یدفع إلیه مادّیّا أو معنویّا ، و أهمّ الدوافع هو الدافع النفسیّ المرکوز فی الفطرة) .
قیل للجاحظ : لماذا لم تقل الشعر ؟ فقال : أنا مشحذ لا سکّین ، أی أنا ناقد للشعر و لستُ شاعرا
قیل للخلیل بن أحمد : لماذا لا تقول الشعر و قد وضعتَ عروضه و أبدعتَ بحوره و قوافیه ؟ قال : یأبی علیّ جیّده ...
جاء أحد الراغبین فی صیاغة الشعر إلی الخلیل بن أحمد ، فلم یجد الخلیل عنده موهبة الشعر فقال له : زِن هذا البـــــــــیت عروضیّا : إذا لم تستطع شیئا فدعه ... و جاوزه إلی ما تستطیع ...
2- الدربة المتوالیة (لأنّ الخطابة موهبة تصقلها الدراسة المتواصلة ، و ینمیها المران العملیّ المتوالی)
قد ذکر الجاحظ : أنّ رأس الخطابة الطبع (أی الفطرة) و عمودها الدربة ...
3- الثقة بالنفس
و هی تعنی عدة أمور :
1- إیمان الخطیب و اقتناعه بخطبته (لأنّ هذا یجعله متأثّرا بخطبته و مؤثّرا بها فی غیره)
2- عدم القلق بشأن نجاح الخطبة
3- التفکیر فی النجاح و الرغبة فی الفوز بالمأمول
4- التصمیم و الإصرار فی مواجهة المواقف ، و عدم التفکیر فی الهزیمة تجاه أیّ موقف من المواقف
مکوّنات الثقة بالنفس :
1- إعداد الخطبة إعدادا سلیما مبنیّا علی الأسس العلمیّة السلیمة و المصادر و المراجع الصحیحة
2- ثقة الخطیب فی توفیق الله تعالی له و نصره إیّاه
3- الإیمان القویّ و العزیمة الصادمة ، و الثبات علی الحقّ المبین ، و الجهر به دون أن یخشی لومة لائم
4- سرعة البدیهة (و هی موهبة فنّیّة تسعف الخطیب فی المواقف الحرجة ، و معناها الإصابة فی الجواب مع السرعة فیه)
کان لوید جورج الخطیب الإنجلیزیّ المشهور یخطب و یعدّ بالحکم الذاتیّ فیقول : سنعطی الحکم الذاتیّ لکندا و سنعطیه لإیرلاندا و سنعطیه ... و لم یتمّ الکلمة حتّی قال أحد السامعین : لجهنّم . فردّ علیه لوید جورج بقوله : هو ذلک یعجبنی أن یتذکّر کلّ إنسان وطنه .
5- سعة الثقافة (أی أن یکون غزیر العلم ، عمیق المعرفة ، کثیر الاطّلاع ، واسع الثقافة ، طالبا الحکمة من جمیع مظانّها)
قال النبیّ ص : الحکمة ضالّة المؤمن أنّی وجدها فهو أحقّ الناس بها
أقوی الأمور التی تعین الخطیبَ علی سعة الثقافة و الاستبحار فیها :
1- کثرة السماع
2- کثرة القراءة
3- کثرة مجالسته للعلماء (حتّی یجود لفظه و یحسن أدبه و یرقی ذوقه و یقوم لسانه)
4- العزیمة
الفصل الثالث (الخطبة و مقوّمات نجاحها)
المبحث الأوّل
أرکان بناء الخطبة و شروط جودتها : (مهمّة جدّا)
أرکان الخطبة (من حیث البناء و الإعداد) : 1- المقدّمة 2- عرض الموضوع 3- الخاتمة
أرکان الخطبة (من حیث موضوعها) :
عند الإمام الشافعیّ رح : یجب أن تشتمل علی خمسة أرکان : 1- حــمد الله تعالی 2- الصلوة علی رسول الله ص 3- الوصیّة بالتقوی 4- قراءة آیة 5- الدعاء للمؤمنین و المؤمنات .
عند الإمام أبی حنیفة رح : لو سبّح أو هلّل أجزأه و کفاه (و قال أبو یوسف و محمّد رح : لا بدّ من کلام یسمّی خطبة فی العادة)
قول الإمام مالک رح فی روایة : کقول الإمام أبی حنیفة رح ، و فی روایة : کقول الإمام أبی یوسف و الإمام محمّد رح
توضیح أرکان الخطبة (من حیث البناء و الإعداد) :
1- المقدّمة : هی التی یبدء بها الخطیب و یجعلها فی صدر خطبته تهیئة لأذهان الحضور لسماع خطبته و جذبا لانتباههم و إثارة لحماستِهم و إعدادِهم للاقتناع بما یدعو إلیه فی خطبته (فینبغی أن یهتمّ الخطیب بها اهتماما)
دور المقدّمة فی نجاح الخطبة : أنّه یتوقّف قدر کبیر من نجاح الخطیب علی حسن ابتدائه و براعة استهلاله و قدرته علی جذب انتباه سامعیه و إثارة اهتمامهم به و بموضوعه
شروط جودة المقدّمة :
1- أنّه یستحبّ الاستهلال بحمد الله تعالی و الثناء علیه (من نحو ما استفتح به رسول الله ص خطبةَ حجّة الوداع و هی : الحمد لله نحمده و نستعینه و نستغفره و نتوب إلیه ...) .
2- الإشارة إلی موضوع الخطبة و التنبیه إلی القصد منها (فلو کانت الخطبة عن الزواج مثلا جاءت المقدّمة : الحمد لله الذی خلقکم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثّ منهما رجالا کثیرا و نساء ، و الصلوة و السلام علی من کان النکاح سنته ...) .
3- أن یفتح خطبته بإثارة فضول المستمعین
(کأن یعمد إلی ذکر جوانب مهمّة تتّصل بما یتحدّث عنه قبل الإفصاح عنه ، و مثله من حدیث رسول الله ص قوله : نعمتان مغبون فیهما کثیر من الناس : الصحّة و الفراغ ،
أو یطرح أسئلة فی مفتتح خطبته لاستدراج الجمهور إلی التفکیر معه ، کأن یقول : هل سألت نفسک ما هی الأضرار التی یمکن أن تصیب الأمّة إن تعامل أفرادها بالربا) .
4- الابتداء بآیة کریمة ، أو حدیث نبویّ شریف ، أو حکمة ، أو مثل سائر ، أو بعض أقوال المتقدّمین (ممّا یتناسب مع موضوع الخطبة) .
5- أنّه قد یبدأ بالحدیث عن حادثة مثیرة أو ظرف طارئ له علاقة بموضوعه وقع له أو لمستمعیه قبل الخطبة (فیستخلص مقدّمته من الملابسات الحاضرة و بما یفرضه الظرف) .
2- عرض الموضوع : یقوم الخطیب بعرض موضوع الخطبة بعد المقدّمة مباشرة (و فیه یبیّن ما یرید أن یتحدّث عنه أو یدعو إلیه و یشرح دعوته أو وجهة نظره و یدلّل علیها) .
شروط جودة عرض الموضوع :
1- مراعاة وحدة الموضوع (و هو أن یحصر الخطیب حدیثه فی موضوع واحد أو قضیّة واحدة حتّی لا یتوزّع انتباه السامعین)
2- ترتیب العناصر و ترابطها
(و یتمّ ذلک من خلال ترتیبها ترتیبا منطقیّا کأن یبدأ بالمعلوم من الأفکار لدی السامعین لینتقل منها إلی المجهول اعتمادا علی المعلوم و قیاسا علیه ،
أو یبدء بالنقطة الأساسیّة أو المحوریّة ثمّ یتفرّع منها إلی جوانبها أو ما یترتّب علیها من قضایا أو نتائج علی أن یتمّ الانتقال من نقطة إلی أخری و من جزئیّة إلی التی تلیها انتقالا طبیعیّا) .
3- الجدّة و المعاصرة
معنی الجدّة فی الخطابة : ألّا یلتزم الخطیب طریقة واحدة أو وتیرة واحدة فی أسلوبه و طریقة إلقائه (بل یکون استفهامیّا تارة ، و تقریریّا تارة أخری ، و ضربا للأمثال ، و تلمّسا للحکم و الأسرار ، مع ما یطلب من معایشة الأحداث) .
معنی المعاصرة فی الخطبة : أن یتوخّی الخطیب فی اختیار موضوعات خطبه ما یهمّ الناس فی حیاتهم (و یبتعد عن القضایا التی لا وجود لها فی الحیاة المعاصرة ، و یبتعد أیضا عن إعادة الموضوع الواحد و تکراره بغیر سبب قویّ) .
4- الالتزام بوقت محدّد (فإنّ سامعیه إذا خبروه بانضباطه و دقّة التزامه أحبّوه و لازموا حضوره)
3- الخاتمة : هی الجزء الأخیر من الخطبة (ویعتنی بها الخطباء عنایة فائقة لأنّها آخر ما یعلّق بأذهان السامعین من الخطبة)
ما تشتمل علیه الخاتمة غالبا : و تشتمل الخطبة غالبا علی :
1- موجز آراء الخطیب (التی وردت فی خطبته)
2- أو توضیح دقیق لغایته و مرماه (من موضوع الخطبة)
3- أو الترکیز علی ما یرجو أن یثبت فی أذهان المستمعین من أفکاره (إن کانت أفکار الخطبة جدیدة بالنسبة إلی غالبهم)
4- و یستحسن بعضهم : أن یختم خطبته بآیة قرآنیّة ملائمة للنهایة ، أو بعض أبیات الشعر اللطیفة
شروط جودة الخاتمة :
1- ألّا تکون بعیدة عن موضوع الخطبة بل تکون امتدادا و تلخیصا لها (لأنّ الإطالة فی هذه الحالة تجلب المَلل و تشتّت الفکر) .
2- أن تکون عبارتها قویّة لتهزّ مشاعر المستمعین (لأنّها آخر ما یطرق سمعَ السامع و یبقی فی ذهنه)
3- التعبیر بأسالیب مغایرة عمّا جاء فی عرض الموضوع
(و یستحسن أن تشتمل علی آیات قرآنیّة أو أحادیث نبویّة لم یسقها الخطیب من قبلُ تجمع موضوعه ،
و قد تکون إعادة لعناصر الخطبة بأسلوبٍ مغایر و طریقةٍ جامعة واضحة ذات تأثیر قویّ) .

4- أن تکون قصیرة لینتهی المستمعون و هم فی میل إلی الاستزادة (و ذلک بأن یصبّ مواعظه و هدایاته فی قوالب من الحکم و الوصایا و الإرشادات) .


المبحث الثانی
مراحل إعداد الخطبة الناجحة : (مهمّة جدّا)
1- اختیار الموضوع المناسب (و أفضله ما کان موافقا لما تدعو إلیه حاجة الناس فی حیاتهم)
2- الإعدادُ الجیّد لموضوع الخطبة قبل إلقائِها ، و تنسیقُ أجزائها ، و ترتیبُ أفکارها (إذ ینبغی لمن یرید إلقاء خطبة أن یکون علی علم تامّ بموضوعه مدرکا لجوانبه) .
3- جمع العناصر و ترتیبها (و ذلک بقراءةِ ما تجمع لدیه من معلوماتٍ و نصوصٍ قراءةً متأنّیةً ، و استیعابِها و تحدید عناصرها و تنسیقها فی ذهنه قبل إلقائها علی الناس) .
4- الاقتصار علی موضوع واحد غیر متشعّب الأطراف و لا متعدّد القضایا (لأنّ ذلک فی الغالب یشتّت الأذهان و ینسی بعضه بعضا) .
5- عدم التعرّض لذکر الإختلاف فی الفروع (لتؤدّی الخطبة دورها فی جمع الکلمة ، و التمسّک بشعب الإیمان)
6- الحرص قدر الإمکان أن یلائم موضوع الخطبة الأحداث الجاریة و الملابسات الواقعة فی دنیا الناس
7- التنبیه إلی الأخطار الإلحادیّة و الفلسفات الأجنبیّة و النزعات المنحرفة و النحل الباطلة (بأن یتوجّه إلی بیان حقائق الإسلام بقوّة ، من غیر خوض فی أسلوب جدلیّ عقیم ، أو تجریحیّ مبلبل) .
8- ضرورة المعایشة الواقعیّة و الممارسة الحیاتیّة (لأنّ الخطیب طبیب فعلیه بتشخیص الداء قبل وصف الدواء)
9- الحرص علی الإیجاز قدر الإمکان (لأنّ النفس البشریّة لا تزکو فیها المعانی إلّا إذا أمکن تحدیدها و تقویمها)
خصوصا فی مسجد علی الطریق ، أو المحطّة ، أو المطار
المبحث الثالث
صیاغة الخطبة و طرق تحضیرها :
الطریقة الأولی (و هی طریقة المتمرّن علی المواقف الخطابیّة) : أن یکتفی فی تحضیره بدراسة الموضوع دراسة تامّة ، ثمّ یجمع عناصره فی خاطره ، و ترتیبها بینه و بین نفسه ، و یستحضر الألفاظ اللائقة بالمقام ، و العبارات الجدیرة بالموضوع ،
الطریقة الثانیة (و هی أیضا طریقة الخطباء الذین مرنوا علی القول) : أن یدرس الموضوع ، و یهیّء معانی الخطبة ، و یرتّبها ترتیبا محکما ، ثمّ یکتب عناصرها و أجزاءها فی مذکّرة یستصحبها عند الخطبة ؛ لتکون مرجعا له و ضابطا ، و لیحفظ المعانی و الأفکار من أن تضیع بضلال الذاکرة .
و فی الأخذ بهذه الطریقة مزایا کثیرة ؛ لما فیها من ضبط للأفکار ، و جمع للخواطر ، و إحکام للمعانی .
الطریقة الثالثة (و هی طریقة مَن یرید أن یربی فی نفسه طریقة إلقاء خاصّة یمرن علیها) : أن یطّلع علی الموضوع و یدرسه بعنایة ، ثمّ یتکلّم فیه بینه و بین نفسه بصوت مرتفع فی غرفة قد انفرد فیها أو فی مکان خلویّ أو یتکلّم علی بعض الناس .
الطریقة الرابعة : أن یکتب الخطبة و یتحرّی فی الکتابة أبلغ الأسالیب ، و یحکم معانیها ، و یحملها کلّ ما یبغی من وسائل التأثیر و طرق الإقناع ، و بعد الکتابة یقرأ ما کتب مرارا و ینقّحه فی کلّ مرّة ، و بهذه القراءة التی یتحرّی بها جودة الإلقاء و حسن النطق تعلّق معانی الخطبة مرتّبة الترتیب التامّ بذاکرته و یحفظ کثیرا من ألفاظها و عباراتها .
الطریقة الخامسة : أن یکتب خطبته ، و یحسن تحبیرها ، ثمّ یحفظها حفظا تامّا
الطریقة السادسة : أن یکتب الخطبة ، ثمّ یلقیها بالقراءة فی القرطاس الذی کتبها فیه
و یحسن لمن سلک ذلک المسلک : أن یقرأ ما کتب قراءة جیّدة قبل إلقائه ، و عند الإلقاء یجتهد فی أن یلقی بعض الخطبة من غیر المکتوب ؛ لیکون فی ذلک تجدید فی الإلقاء .
الطریقة المثلی لطالب الخطابة :
أن یبتدأ بکتابةِ الخطبة و حفظِها و إلقائِها کما حفظ ،
ثمّ یأخذ بنفسه بالتغییر شیئا فشیئا فیما حفظ حتّی إذا شبّ فی الخطابة و تقدّم فی المران علیها کتب الخطبة و عنی بأن تعلّق کلّ معانیها بقلبه و أکثر ألفاظها بذاکرته ثمّ یتقدّم لإلقائها و قد تحصّن بذلک التحضیر ،
فإذا صارت له الخطابة ملکة و عُدّ فی صفوف الخطباء اکتفی بدراسة الموضوع دراسة وافیة ثمّ کتب العناصر أو لم یکتبها إن أسعفته ذاکرة قویّة أو کانت الخطبة قصیرة لا عناصر لها و ألقی الخطبة مکتفیا بذلک التحضیر .
المبحث الرابع (أنواع الخطب و سبل النهوض بها)
أنواع الخطب (باعتبار اختلاف موضوعها و الغرض منها) :
1- الخطب الدینیّة (و هی التی تتناول دعوة الناس إلی الهدی و دین الحقّ ، و ما یتناوله الخطباء فی المحافل و الجمعیّات الدینیّة ، و التی یلقیها قادة الجیوش فی ساحات الجهاد) .
2- الخطبة الاجتماعیّة (و هی التی تلقی فی الاحتفالات العامّة ، أو الخاصّة بغرض تکریم أو استقبال أو وداع أو تهنئة أو ...)
3- الخطبة السیاسیّة (و هی التی تتناول شؤون الحکم و الدولة ، و التی تلقی فی المجالس النیابیّة أو الشوریّة ، و التی تلقی فی المؤتمرات السیاسیّة و الصراعات الانتخاباتیّة) .
4- الخطبة القضائیّة (و هی التی تلقی فی قاعات المحاکم و دور القضاء)
5- الخطبة الإداریّة (و هی التی یلقیها مدراء الدوائر علی المرؤوسین و العمّال ، و کذلک الخطب التی یلقیها أصحاب الشرکات الکبری علی الموظّفین و المعنیین) .
سؤال مهمّ : اکتب خطبة فی أحد الموضوعین التالیین : 1- میلاد النبیّ ص 2- برّ الوالدین .
تمّ بالخیر
سبحان ربّک ربّ العزّة عمّا یصفون و سلام علی المرسلین و الحمد لله ربّ العالمین
تلخیص : مطیع الله الأفغانیّ الحنفیّ الماتریدیّ


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

المستخدم عادة ك...

المستخدم عادة كلمة الصدمة للتعبير عن التأثير النفسي الشديد لكن مفتاح تعريف هذه الحالة والمعروفة "ame...

ما هو دور الأخل...

ما هو دور الأخلاقيات في صناعة الترجمة؟ اً في عالم الاتصالات العالمية دائم التطور، تلعب صناعة الترجمة...

sBusiness Repor...

sBusiness Report: Business Report is a document prepared by executives to know about the business c...

يشير إلى صورة ش...

يشير إلى صورة شيء مألوف عندما يسمى أمامه ينطق كلمة واحدة ليعبر من خلالها عن جملة ينخرط في كلام غير...

عندما نخوض في ن...

عندما نخوض في نقاش حول عقوبة الإعدام، ندخل إلى عالم معقد يتخلله تشابك للقيم الأخلاقية والقوانين والس...

وجدت الحيوانات ...

وجدت الحيوانات في هذا الكلام شيئًا غريبًا وطريفًا، فانطلقت تضحك وتقهقه بشدة. وحين رأت البيضة دُهِشَت...

وصلت ماريال وآن...

وصلت ماريال وآن لبيت السيدة سبنسر الكبير وسألت ماريال عن خطأ اإلتيان بفتاة وقد طلبت صبي قالت لها سبن...

1. المقدمة تعت...

1. المقدمة تعتبر العمارة التقليدية الليبية جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية والثقافية لليبيا. على م...

وفي مجال التعلي...

وفي مجال التعليم هناك تمييز واضح ضد العرب الفلسطينيين إسرائيل. والفرق ينبع من مشكلتين أساسيتين يعاني...

المركّبات العضو...

المركّبات العضويّة تعبّر المركّبات العضويّة عن مجموعةٍ كبيرةٍ من المركّبات الكيميائيّة، وتتميّز باحت...

المطر الحمضي هو...

المطر الحمضي هو أحد ملوثات الهواء الخطرة وينتج بسبب تلوث الهواء بملوثات أولية مثل أكاسيد الكبريت وال...

أمام هذا الوضع؛...

أمام هذا الوضع؛ عرفت الصين موجة من السخط والغضب عمّت أرجائها رافضة الحكم الإمبراطوري الفاشل وتدخلات ...