لخّصلي

تعرف الصحاري بأنها المناطق القاحلة ، التي تقل فيها كمية الأمطار عن200
ملمتر، أي أن معدل السقوط المطري السنوي فيها ، لا يزيد من 4 مليمترات فقط في بعض الصحاري الشديدة الجفاف، بينما تصل معدلات التبخر اليومي فيها لاكثر من 10 مليمترات أو ما يوزاي 3600 ملمتر في العام ، نتيجة لمعدلات الحرارة العالية في قلب الصحاري.

وتتميز تربة الصحاري بأنها تربة غير ناضجة ، لقلة المواد العضوية فيها، وعدم تميز مقطعها الراسي الى طبقات تختلف كيميائيا وفيزيائيا . وينعكس هذا الوضع على الغطاء النباتي المكون من نبت متناثر، يندر فيه وجود الأشجار وعليه ، فالصحاري تتصف بوجود مناطق شاسعة عارية تماما من النباتات وتمثل الصحاري التجمعات التي تظهر أكثر النظم البيئية جفافا . كما تتميز بالمدى الحراري الكبير سواء يوميا أو فصليا . حيث ترتفع درجات الحرارة أثناء النهار أو الصيف ارتفاعا كبيرا ، وتنخفض أثناء الليل والشتاء إلى مادون الصفر أحيانا .
أنواع الصحاري
تقسم الصحاري حسب درجات الحرارة الى قسمين هما
HOT DESERTS (1 الصحاري الحارة
2) الصحاري الباردة : COLD DESERTS

الصحاري 1) الحارة :-

ويتمثل هذا النوع من الصحاري في صحاري المناطق المدارية ، التي تتمركز حول خط العرض ۲۰ درجة شمالا وجنوبا من خط الاستواء ، كالصحراء الكبرى والصحراء العربية والأسترالية وصحراء كلهاري . ولا

يتضمن مناخها فصلا باردا ويكون صيفها حارا وشتاؤها دافئاً . وهناك نوعان من هذه الصحاري ، أولاهما الصحاري الحارة القارية continental deserts البعيدة عن سواحل البحار والمحيطات . وتتصف بالتغيرات الشديدة بالحرارة اليومية ، كالصحراء الكبرى الشمال إفريقية مارا بشبه الجزيرة العربية ( الربع الخالي وصحراء النفوذ ) ، وثانيهما الصحاري الساحلية
التي تتسم بالتغيرات المحدودة في درجات الحرارة . و تكون فيها الرطوبة النسبية أعلى من الصحاري القارية ، مثل صحراء بيرو على ساحل أمريكا الجنوبية الغربي ؛ وصحراء ناميبيا في جنوب غرب إفريقية وصحراء
موريتانيا في غرب افريقية .
الصحاري الباردة : 1)
وتتمثل في صحراء الحوض العظيم في الولايات المتحدة الأمريكية ،
وصحراء غوبي شمال الصين وصحراء تركستان شرق و جنوب شرق بحر - قزوين. وتتميز هذه الصحاري ، بفصل بارد ينخفض فيه معدل درجة الحرارة
الى 5 درجات مئوية فما دون ذلك . كما ترتفع درجات الحرارة في فصل الصيف الى نحو ۳۰ درجة مئوية أو يزيد .
كما أن هناك تصنيفاً آخر للصحاري ، بناءً على كمية التساقط . حيث
أمكن تمييز ثلاثة أنواع منها هي :-

(1) الصحاري الشديدة الجفاف

(۲) الصحاري الجافة .

الصحاري شبه الجافة (3) .
(1) الصحاري الشديدة الجفاف :- Extreme Arid Deserts
وتتميز هذه المناطق الصحراوية ، بأنها قد يمر عليها عام أو أكثر دون
ان يسقط عليها مطر . فالمطر فيها ليس حدثا يتكرر فيها كل عام . والمثال على ذلك المناطق الوسطى من الصحراء الكبرى والربع الخالي ، وصحراء النفوذ في
في شبه الجزيرة العربية ؛ وصحراء اتكاما في أمريكا الجنوبية ، وصحراء تاكلا ماكان في وسط آسيا ، وصحراء كلهاري والصحراء الأسترالية .
وتقدر مساحة هذه الصحاري بنحو ٥،٨٥ مليون كم ٢ ( ٤٠٤%) من
إجمالي مساحة اليابس .
الصحاري الجافة : Arid deserts 2)
وهي المناطق ذات الأمطار القليلة غير المنتظمة ، التي لا يتجاوز معدلها السنوي عن 125 ملمتراً. وتغطي هذه الصحاري نحو ٥،٢١ مليون كيلو متر مربع ( ١،١٦ % ) من إجمالي مساحة اليابس كله .

Semi-Arid. Deserts : ۳) الصحاري شيه الجافة(
ويتراوح معدل سقوط الأمطار في هذه المناطق ما بين ١٥٢ الى ٢٥٠ و تغطي ما مساحته تغطي 21 مليون كم ٢ مليون كم ٢ ( ٨، ١٥ % ) من مساحة اليابس
كله و البالغ نحو 144 مليون كم2 .

السمات الطبيعية والنباتية للصحاري :-

يتضح لنا مما سبق أن المساحة الكلية للصحارى في العالم ، تغطي ما مساحته نحو 350,48 مليون كم ٢ أو ما يعادل ٣٦,٣% من إجمالي مساحة اليابس كله.

وتعتمد هذه التقديرات على معدلات المناخ فقط . ولكنه بالنظر في سمات الأراضي وخصائص الكساء النباتي ، فأن مساحة الصحارى الكلية تغطي ما نسبتة نحو ٤٣ % من مساحة اليابس الإجمالية. ويمثل الفرق بين هذين التقديرين ، مساحة ما حوله الإنسان من أراض معمورة كالمراعي الى صحراء. وتغطي هذه الأراضي المتصحرة نحو( 9,115 مليون كم ۲ ) بما نسبته( ٦,٧%) من مساحة اليابس . وهي في الغالب تتميز بأنها مناطق شبه جافة ، ومناطق حشائش السهوب .

حيث تتراوح كمية المطر السنوية فيها ما بين ۲۰۰ - ۳۰۰ ملم ، لكنها نتيجة لسوء الاستغلال البشري غير المنظم تحولت إلى أراض
صحراوية .
أما فيما يتعلق بالغطاء النباتي في الصحارى ، فيتسم بالقلة والتبعثر
والفقر بوجه عام . ويحتوي على نباتات صغيرة لا تزيد عن شجيرات قصيرة أو
أشواك قزميه ونادرا ما تكون هناك أشجار ضخمة تكيفت مع الجفاف الحاد ، بحيث زادت قدرتها على الاحتفاظ بالماء . بالإضافة الى النباتات الحولية والموسمية وثنائية الحول ، التي تنمو بعد سقوط المطر مباشرة ؛ وتنهي دورة
حياتها النباتية في اقل من عامين .
وتكاد تكون الصحارى الشديدة الجفاف ، جرداء في معظم مساحتها . أما في الصحارى الجافة فيقتصر وجود النباتات المعمرة على المناطق المنخفضة ، والمجاري المائية ومسارب الأودية ، التي تتلقى ماء الانسياب السطحي ، بالإضافة الى ماء المطر . ولا يقتصر وجود النباتات المعمرة في الصحارى شبه الجافة أو البوادي ، على أماكن معينة . فهي أراض يتيح مطرها ودرجة حرارة الجو بها ( بخلاف الصحارى الشديدة الجفاف والجافة ) زراعة أنواع معينة من المحاصيل . ويكون ذلك في الأماكن المنخفضة التي تتلقى موارد مائية أكثر من كمية المطر ، نتيجة للانسياب السطحي الذي يؤدي الى تجمع قدر محدد من الماء
في هذه المنخفضات .
وتضم الصحاري الحارة كثيرا من الأنواع النباتية الجفافية ؛ كالصبار والعجرم والدوم والسنط والطلح ؛ والسمر والأثل والطرفا ؛ خاصة في مسارب الأودية وقرب الواحات ، ويندر وجود حيوانات كبيرة في الصحاري ، بالرغم من وجود الغزلان وغيرها في الأراضي ، التي تتوفر فيها بعض النباتات الرعوية. أما القوارض فهي من ابرز أنواع الثدييات ، التي تعيش بالصحارى ، إضافة الى وجود الثعالب والسحالي والأفاعي والمفصليات وغيرها . كما تتميز حيوانات
هذه البيئة بالقدرة على الركض والحفر والقفز
وبوجه عام تعتبر الصحراء إقليم مناخي ونباتي ( وجيمورفولوجي ) تكون بعد تراجع الزحف الجليدي قبل ٥٠ ألف سنة مضت . فسادت الفترة الدفيئة
الجافة بعد الفترة المطيرة التي كانت قبل تراجع ذلك الزحف .
من الأسباب التي أدت لتكوين الصحارى هي :- و
(۱) وقوع المنطقة في ظل الأمطار
(۲) هبوط التيارات الهوائية الباردة فيما وراء المدارين ذات الضغط المرتفع و التي لا تساعد على سقوط لامطار .
(۳) سلوكيات الإنسان الخاطئة اتجاه موارد البيئة ، من قطع الأشجار الغابات.
ورعي جائر وري مكثف ، وبالتالي تملح التربة أو تفكك نسيجها وانجرافها .

كما تتصف الصحارى بارتفاع معدلات الحرارة ، ومعدلات تركيز الأشعة الفوق بنفسجية أثناء النهار، وانخفاض درجات الحرارة أثناء الليل . حيث
يصل المدى الحراري اليومي خلال ٢٤ ساعة الى نحو ٥٠ درجة مئوية ، واحيانا أكثر من ذلك في بعض المناطق تلك !!؟ ويعزى ى ذلك الى سطح التربة الصحراوية التي تستقبل نحو ۹۰% من كمية الإشعاع الشمسي أثناء النهار ، وتفقد التربة طاقتها الحرارية أثناء الليل ، لعدم توفر غطاء نباتي كثيف، وعدم
وجود سحب لتمنع فقدان الحرارة. وتعد مشكلة اختلاف معدلات درجات الحرارة هذه ، بالإضافة إلى نقص كميات المياه ، من أهم العوامل المحددة للكائنات الحية ، التي تعيش في الصحراء. لذلك نجد أن نباتاتها وحيواناتها ، هي أنواع قليلة ، لتكوين شبكات وسلاسل غذائية بالمعنى المعروف في البيئات المعتدلة . ولكنها تطورت في الشكل الخارجي والتشريحي والوظيفي ، لتواجه الظروف الصحراوية القاسية . فبينما نجد الغزلان في البوادي العربية صغيرة الحجم قليلة الشعر ، نجدها في الصحاري الباردة كثيفة الشعر كبيرة الحجم .
وإذا ما سعى الإنسان ممثلا في الحكومات والمجتمعات المحلية ؛ والإقليمية والدولية على تسخير الطاقة الشمسية ، في تحويل المياه المالحة لمياه عذبة ، (۱) وتوسع في زراعة غراس النباتات المحبة للملوحة أو الجفاف، فسوف تستغل مساحة الصحارى البالغة 39,235 مليون كم ۲ كاراض صحراوية ، تشكلت بفعل الظروف المناخية . أما سلوكيات الإنسان الخاطئة ، فحولت نحو 9,115 مليون كم ٢ الى أراض صحراوية ، يمكن ترميمها واعادتها السيرتها الأولى ؛ كحواف للصحارى شبه الجافة من خلال استزراعها ، بالنباتات المحبة للملوحة أو الجفاف ، وبالتالي تخفيف زحف التصحر ووقفه تماما عن تدمير التربة والنبات والحيوان ، والمساكن وغيرها من الأراضي المعمورة من سطح اليابسة.
سابعا : الأماكن المهددة بالتصحر في بعض الأقطار العربية :-

(۱) تونس
لقد تعرضت الأراضي الواقعة في جنوب تونس لخطورة زحف التصحر عليها . فقد ذكر الخبير ليهورو lehourou
عام ۱۹۷۷ م ، أن هناك ما مساحته نحو ١٠٦ آلاف كيلومتر مربع أي نحو (١٠٦) ملايين دونم جنوب تونس ، تبين الدراسة أن نحو ١٤٥٠٠ كم ٢ من تلك المساحة ، قد تحولت بفعل استغلال الإنسان الخاطئ إلى أراض شبه متصحرة ، خلال فترة لا تزيد عن العشر سنوات !؟ وقد تمتلث تلك الأنشطة الخاطئة اتجاه تلك البيئة المدمرة ، في الرعي الجائر والقطع الجائر للأشجار ، وبالتالي تدهور نسيج التربة المتماسك . فأصبحت في مهب الرياح العاصفة . حيث تعرت تلك التربة بفعل الرياح الشديدة. والأمطار الفجائية ، فأزيلت الطبقات الجيدة من التربة . وقد قدرت كمية التربة
المزالة بفعل عوامل التعرية السطحية ، في تلك المنطقة ، بنحو عشرة أطنان للهكتار الواحد سنويا .

أما في المناطق الواقعة للجنوب منها وعلى أطراف الصحراء الكبرى، فتراوحت معدلات الإزالة الهوائية ما بين 200 الی 250 طنا للهكتار في السنة .

ان محاولة إعادة بناء نسيج التربة من جديد في مثل ذلك الموقع - جنوب تونس - ليس بالأمر الممكن . فعملية بناء التربة في الطبيعة ، تحتاج لمئات بل آلاف السنوات . حيث مرت بعمليات معقدة من التفاعل بين المناخ والأرض والنبات ، من أجل بناء التربة، لتصبح كمورد طبيعي من موارد البيئة الطبيعية ، وجزء

أساسي وجوهري من الغلاف الحيوي. وعليه ، فادا ما حاول الإنسان إعادة هذا المورد كما كان عليه من قبل التدمير، فسوف تحتاج للكثير الكثير من الأموال والجهود الجماعية لتحقيق هذا الهدف . ومن هنا اصبح من الضروري التعاون التام ، بين الحكومات والشعوب ، والجمعيات والمؤسسات التعليمية ، التصدي لمثل هذه المخاطر البيئية ووضع

الحلول الجذرية لها .