لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (55%)

ومن أهم رواد المسرح الذين عرفتهم بلاد الشام، كان أحمد أبو خليل القباني، الذي يعتبر المؤسس الأول للمسرح الحديث في سوريا، قبل ظهور أحمد أبو خليل القباني فيها". ثم انتقل إلى إحدى المدارس الابتدائية. لقد عمل في مجال المسرح في سوريا منذ سنة 1878 حتى سنة 1884، ويقال إنه التقط أصول هذا الفن من مشاهدته مسرحيات فرنسية تم عرضها في إحدى مدارس دمشق، كما ويقال إنه تعلم أصول هذا الفن من اللبنانيين، ولم ينقل هذا الفن عن الغرب، بعد النجاح الذي لاقاه في بلاد الشام قام بعض المعارضين لهذا الفن باعتراض مسيرته المسرحية والفنية، رافضين القبول بظهور هارون الرشيد على المسرح على شكل أبي الحسن المغفل، فصدر عنها أمر بمنع التمثيل في سوريا، وهكذا قضي على المسرح في هذا البلد. لقد اعتمد القباني بشكل واضح على القصص الشعبية التي اعتاد قصاصي المقاهي على قصها للزبائن، متخذا المسرح أداته في القص". ولقد رأى بعض الدارسين أن مسرح القباني أضعف صياغة من مسرح مارون النقاش، لأن معرفة القباني بالمسرح الأجنبي اقتصرت على اللغة التركية، "فكانت النتيجة العملية لكل هذا نشأة البراعم الأولى لفن الأوبريت في البلاد العربية". لعب رواد المسرح في كل من سوريا ولبنان دورا هاما ومفصلية في وضع اللبنات الأولى للمسرح العربي، يعزى ذلك إلى شبه الاستقلال الذي تمتعت به مصر، بعدها الجغرافي عن مركز الخلافة العثمانية. بينما تعرضت بلاد الشام، مما حدا بكثير من الفنانين والشعراء إلى النزوح من بلاد الشام إلى مصر. تألفت الفرقة من اثني عشر ممثلا وأربع ممثلات، هذا إضافة إلى فرقة أبو خليل القباني التي وصلت مصر هي الأخرى في نفس الفترة الزمنية (1884-1909) لتتابع عملها المسرحي الذي بدأته في سوريا. يؤكد الباحث محمد مندور على أهمية ما قام به أهل الشام، مشيرا إلى انتقال أهم تلك الفرق من هناك والإقامة في مصر، فضل في ظهور رائد فن الأوبرا والأوبريت المصري الشيخ سلامة حجازي (1852-1917) الذي أخذ هذا الفن عن القباني قبل أن يستقل ويكون فرقته الخاصة التي عملت من سنة 1905-1914. لم يقتصر دور السوريين على دورهم الريادي في إنشاء الفرق والمسارح بل ساهموا مساهمة كبرى في ترجمة وتعريب وتحضير الكثير من المسرحيات الغربية قبل وأثناء وبعد مساهمة المصريين في تلك الحركة. إن ظهور هذه الفرق الشامية في سنوات السبعين على أرض مصر مثلت نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة، فقد أصبح المسرح تجاريا وأكثر تنظيما عما كان عليه من قبل. قدمنا أعلاه استعراضا موجزا لدور رواد المسرح في بلاد الشام، وبدأ للقارئ والمتابع أن هذا الفن الحديث قد وضع لبناته الأولى هناك. المسرح بمفهومه الحديث فقد عرف طريقه إلى مصر مع حملة نابليون إلى مصر (سنة 1798)، فقد شهدت قيام أول مسرح أوروبي للتمثيل في العالم العربي، "مرشح الجمهورية للفنون"، فمُهدت الطريق أمام الأجانب بالذات الفرنسيين منهم لإقامة مسرح جديد، بالذات في القاهرة التي سبقت الاسكندرية في هذا المجال. وقد عرف عنه ميله إلى تمدين مصر لتقترب أكثر من الغرب، بإقامة مسارح أوروبية على أرض مصر أواخر الستينات من القرن التاسع عشر. ثم بنى مسرح دار الأوبرا ليتمكن من استيعاب عرض أوبرا "عايدة" بمناسبة افتتاح قناة السويس سنة 1869، بعد ذلك تم بناء عدد من المسارح في القاهرة والإسكندرية لخدمة الفرق الأوروبية الوافدة إلى مصر. لعل أول خطوة جدية في سبيل إقامة مسرح عربي في مصر هي تلك الخطوة التي قام بها يعقوب صنوع (1839-1912)، المولود في القاهرة لأبوين يهوديين. درس في صباه التوراة ثم درس الإنجيل والقرآن. كان أبوه مستشارا للأمير أحمد يكن حفيد محمد علي فأرسله الأمير إلى إيطاليا، فتسنى له بذلك أن يطلع على ثقافة البلاد. وكان يتقن العربية والإنجليزية والإيطالية والألمانية والبرتغالية والأسبانية و المجرية والروسية والبولندية والعربية. انهمك حال عودته إلى مصر في العمل الصحفي يكتب المقالات في الصحف والمجلات، وبناتهم الفنون الزخرفية والموسيقى. أنه من الضروري بناء مسرح حديث على طراز غربي لإيمانه أن المسرح أداة فعالة في إنهاض الشعوب، فقام باختيار الممثلين وتعليمهم فن المسرح، كما أقر بذلك من قبله مارون النقاش، وذلك في محاضرة له كان قد ألقاها في باريس سنة 1903 يتحدث فيها عن مسرحه وعن مساهمته في إنشاء المسرح العربي الحديث، كان ثمة فرقة فرنسية قوية تتألف من الموسيقيين والمطربين والممثلين، وكانتا تقومان بتسلية الجاليات الأوروبية في القاهرة. إن الهزليات والملاهي والمسرحيات العصرية التي قدمت في ذلك المسرح هي التي أوحت إلي بفكرة إنشاء مسرحي العربي، وقبل أن أقدم على إنشاء مسرحي المتواضع، وعندما أحسست بأنني أصبحت متمكنا، ولقد وفقت في ذلك الحين على العثور على فتاتين فقيرتين جميلتين كانتا على جانب كبير من الخلق القويم. وبعد مرور أربعة أشهر على قيام هذا المسرح القومي، دعاني الخديوي إسماعيل وفرقتي إلى التمثيل على مسرحه الخاص في قصر النيل، قال لي أمام الوزراء وكبار رجال القصر: نحن ندين لك بإنشاء مسرحنا القومي فإن كوميدياتك وغنائياتك ومآسيك قد عرّفت الشعب على الفن المسرحي، فاذهب فإنك موليير مصر، تابع صنوع في مسيرته يؤلف المسرحيات ويخرجها ويدرب الممثلين على تأدية أدوارهم حتى بلغت مسرحياته اثنتين وثلاثين، قد جعلته أكثر من سلفيه قربا من الناس العاديين وأقدر على ملاحظتهم وهم يضطربون في حياتهم اليومية". لفت صنوع نظر المؤرخين والمحللين والدارسين حتى رأينا محرر الساتر دي ريفيو يصف، في عددها الصادر في 26 يوليو سنة 1876، دور صنوع بخالق المسرح العربي وحده لكونه المؤلف والممثل والمدير والملقن، ويضيف ان ما يثير الإعجاب حقا هو تقمصه شخصية الفلاح المصري حين يقوم بهذا الدور فيحلو لك سماع ملاحظاته اللاذعة و ضحكاته البريئة، فهو قادر على أن يجمع في شخصه شعبا بأكمله. يلاحظ الراعي بعد قراءته لإنتاج صنوع المسرحي أن تصويره للسادة في مسرحه تصوير ضعيف، بينما شخصياته الشعبية قوية وواضحة. ويرى أنه قد لجأ إلى كل الحيل الفنية لكي يستنبط الضحك، لقد فهم أن المسرح فرجة ولكن يجب أن يحمل رسالة وهدفا. ثم في فترة لاحقة كان عليهم أن يؤلفوا مسرحيات ذات طابع عربي شرقي. إلا أننا لاحظنا لجوء كل منهما إلى المواءمة بين الشرق والغرب، فيما أن أبو خليل القباني قد حافظ على العديد من عناصر الفنون الشعبية الشائعة في أيامه. لقد اضطر بعض الرواد إلى إدخال بعض الفنون الشرقية لاجتذاب المشاهدين الذين اعتادوا على الفنون الشعبية السابقة للمسرح الحديث، ولنقل إنها عملية مجاراة للذوق السائد لتسويق أعمالهم من ناحية، وإيمانهم بأهمية المسرح الحديث ودوره في يقظة الأمة. فمن المعروف أن مارون النقاش، وأنها أخذت أشكالا مختلفة من قطر لقطر، وإن كان هناك الكثير من التشابه بين هذه الفنون. كما نلاحظ أن هذه الفنون قد سبقت ظهور المسرح الحديث، وقد اختلفت آراء الدارسين في تقييم دور هذه الفنون، فمنهم من يرى أن لها دورا سلبيا في جعل البعض ينظر إلى المسرح والسينما في بداياتها نظرة استخفاف، مهدت لظهور المسرح والسينما. فإني أريد أن أقترح وجود علاقة بين هذا النوع وبين المسرح العربي الحديث الذي ظهر حوالي منتصف القرن التاسع عشر". أما فيما يتعلق بدور المرأة فقد وجدنا تجاهلا شبه تام لدورها، بل إن مجرد قيام ذكور بأداء دور المرأة كان من ضمن الأسباب التي أدت إلى إغلاق مسرح النقاش و مسرح القباني. وحين عملت في الفنون الشعبية فإنها لم تلق تشجيعا ولا تقديرا، إنني أعتقد أننا أحوج ما نكون إلى القيام ببحث يتناول دور المرأة في هذا المجال لنتمكن من إعطاء الإجابة الوافية. وبالتحديد المرحلة التي تلت انتهاء الحرب العالمية الأولى وهي تستحق دراسات موسعة يجب أن تشمل دول و أقطار عربية شتى لأن المسرح لم يعد يقتصر على مصر وبلاد الشام، بل تعدى مجمل العالم العربي من مشرقه حتى مغربه. إننا على دراية أن هناك العديد من الدراسات التي تناولت هذا الجانب ولا تزال أقلام عديدة تتناوله في شتى أقطار الوطن العربي، آملين أن نجد نحن وغيرنا الوقت الكافي لتناول مسيرة المسرح الفلسطيني.


النص الأصلي

ومن أهم رواد المسرح الذين عرفتهم بلاد الشام، كان أحمد أبو خليل القباني، الذي يعتبر المؤسس الأول للمسرح الحديث في سوريا، إذ يقول الباحث محمد نجم: "لا نعرف للتمثيل تاريخا في سوريا، قبل ظهور أحمد أبو خليل القباني فيها". هاجرت إلى دمشق واستقرت هناك، تعلم القراءة ومبادئ العلوم في أحد الكتاتيب، ثم انتقل إلى إحدى المدارس الابتدائية. وفي بدايات شبابه أخذ يحضر حلقات الدرس في المساجد والبيوت، فاكتسب الكثير من أساتذته حتى أشادوا له بذلك. لقد عمل في مجال المسرح في سوريا منذ سنة 1878 حتى سنة 1884، ويقال إنه التقط أصول هذا الفن من مشاهدته مسرحيات فرنسية تم عرضها في إحدى مدارس دمشق، كما ويقال إنه تعلم أصول هذا الفن من اللبنانيين، وقد شاهدهم يمثلون في كل من بيروت ودمشق. كان أبو خليل القباني يؤلف المسرحيات ويلحنها ويخرجها، ويشترك في تمثيلها والغناء فيها. "محمود نجل شاه العجم" و"ناكر الجميل" و"عنترة" و"أسد الترعة" و"لوسيا وأنس الجليس" و"كسرى أنو شروان". فقد اكتسب فن الموسيقى والغناء وألف الأزجال والأشعار، ولم ينقل هذا الفن عن الغرب، ولم يسافر إلى هناك لغرض اقتباسه. بعد النجاح الذي لاقاه في بلاد الشام قام بعض المعارضين لهذا الفن باعتراض مسيرته المسرحية والفنية، باعتباره مناقضا للقيم والأخلاق الدينية، وكان آنذاك منهمكا في التحضير لمسرحية "أبو الحسن المغفل". رفع هؤلاء اعتراضا إلى الحكومة العثمانية في الآستانة، رافضين القبول بظهور هارون الرشيد على المسرح على شكل أبي الحسن المغفل، فصدر عنها أمر بمنع التمثيل في سوريا، وهكذا قضي على المسرح في هذا البلد. ويضيف الباحث جوزيف زيدان سببا آخر وهو إدخال ممثلتين لبنانيتين، كما جاء على لسان أحد الكتاب. لقد اعتمد القباني بشكل واضح على القصص الشعبية التي اعتاد قصاصي المقاهي على قصها للزبائن، بل جعل الإنشاد والرقص والغناء أهم عناصر مسرحه المهمة، مما جعل أحد الباحثين يعلن بأن "القباني هو صورة متطورة للقاص الشعبي، متخذا المسرح أداته في القص". ولقد رأى بعض الدارسين أن مسرح القباني أضعف صياغة من مسرح مارون النقاش، لأن معرفة القباني بالمسرح الأجنبي اقتصرت على اللغة التركية، فعمد إلى الموسيقى والإنشاد والرقص لتغطية ضعف البناء المسرحي، "فكانت النتيجة العملية لكل هذا نشأة البراعم الأولى لفن الأوبريت في البلاد العربية". لعب رواد المسرح في كل من سوريا ولبنان دورا هاما ومفصلية في وضع اللبنات الأولى للمسرح العربي، لكن هذا الفن تطور وانتعش في مصر. يعزى ذلك إلى شبه الاستقلال الذي تمتعت به مصر، بعدها الجغرافي عن مركز الخلافة العثمانية. فقد قام الخديوي اسماعيل ببناء دار للأوبرا (1869)، بينما تعرضت بلاد الشام، لحركة قمع فكرية عثمانية تركية، مما حدا بكثير من الفنانين والشعراء إلى النزوح من بلاد الشام إلى مصر. وكانت أول فرقة مسرحية وفدت آنذاك (1876-1877) هي فرقة سليم النقاش حيث نزلت في الاسكندرية الأكثر تحررا. تألفت الفرقة من اثني عشر ممثلا وأربع ممثلات، قامت بتقديم بعض التمثيليات المترجمة عن اللغة الفرنسية، خلف سليم النقاش في الإشراف على الفرقة زميله يوسف خياط (1877-1895). كما ظهرت فرق شامية أخرى لعبت دورا مهما على ساحة المسرح المصري وهي فرقة سليمان القرداحي (1882-1909)، فرقة اسكندر فرح (1881-1909)، هذا إضافة إلى فرقة أبو خليل القباني التي وصلت مصر هي الأخرى في نفس الفترة الزمنية (1884-1909) لتتابع عملها المسرحي الذي بدأته في سوريا. يؤكد الباحث محمد مندور على أهمية ما قام به أهل الشام، مشيرا إلى انتقال أهم تلك الفرق من هناك والإقامة في مصر، كما ذكرنا أعلاه، فضل في ظهور رائد فن الأوبرا والأوبريت المصري الشيخ سلامة حجازي (1852-1917) الذي أخذ هذا الفن عن القباني قبل أن يستقل ويكون فرقته الخاصة التي عملت من سنة 1905-1914. لم يقتصر دور السوريين على دورهم الريادي في إنشاء الفرق والمسارح بل ساهموا مساهمة كبرى في ترجمة وتعريب وتحضير الكثير من المسرحيات الغربية قبل وأثناء وبعد مساهمة المصريين في تلك الحركة. إن ظهور هذه الفرق الشامية في سنوات السبعين على أرض مصر مثلت نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة، فقد أصبح المسرح تجاريا وأكثر تنظيما عما كان عليه من قبل. قدمنا أعلاه استعراضا موجزا لدور رواد المسرح في بلاد الشام، وبدأ للقارئ والمتابع أن هذا الفن الحديث قد وضع لبناته الأولى هناك. المسرح بمفهومه الحديث فقد عرف طريقه إلى مصر مع حملة نابليون إلى مصر (سنة 1798)، فقد شهدت قيام أول مسرح أوروبي للتمثيل في العالم العربي، أنشأه الجنرال مينو سنة 1799 وأطلق عليه، كما يقول جرجي زيدان، "مرشح الجمهورية للفنون"، وقد ذكر الجبرتي أن أفراد الجالية الفرنسية كانوا يعرضون فيه مسرحياتهم أمام الفرنسيين للتسلية والترفيه، ثم لا تذكر المصادر شيئا عن اهتمام الغربيين بالتمثيل في مصر حتى وصل إلى الحكم محمد علي باشا (1805)، فمُهدت الطريق أمام الأجانب بالذات الفرنسيين منهم لإقامة مسرح جديد، ومن ثم إقامة مسارح أوروبية حديثة في عصر سعيد باشا، بالذات في القاهرة التي سبقت الاسكندرية في هذا المجال. انتعاشا وانتشارا للعديد من الفنون، وقد عرف عنه ميله إلى تمدين مصر لتقترب أكثر من الغرب، بإقامة مسارح أوروبية على أرض مصر أواخر الستينات من القرن التاسع عشر. فقد أنشأ مسرح الأزبكية سنة 1868، ليقدم خدماته للفرق الأجنبية الوافدة إلى مصر، ثم بنى مسرح دار الأوبرا ليتمكن من استيعاب عرض أوبرا "عايدة" بمناسبة افتتاح قناة السويس سنة 1869، كانت هاتان القاعدتان أوروبية الطابع كليا. بعد ذلك تم بناء عدد من المسارح في القاهرة والإسكندرية لخدمة الفرق الأوروبية الوافدة إلى مصر. لعل أول خطوة جدية في سبيل إقامة مسرح عربي في مصر هي تلك الخطوة التي قام بها يعقوب صنوع (1839-1912)، المولود في القاهرة لأبوين يهوديين. كان صنوع ذا ثقافة واسعة ومتشعبة، درس في صباه التوراة ثم درس الإنجيل والقرآن. كان أبوه مستشارا للأمير أحمد يكن حفيد محمد علي فأرسله الأمير إلى إيطاليا، بعد أن لاحظ عليه سمات الذكاء والنبوغ. درس على نفقته ثلاث سنوات (1852-1855)، فتسنى له بذلك أن يطلع على ثقافة البلاد. وكان يتقن العربية والإنجليزية والإيطالية والألمانية والبرتغالية والأسبانية و المجرية والروسية والبولندية والعربية. انهمك حال عودته إلى مصر في العمل الصحفي يكتب المقالات في الصحف والمجلات، ويكتب الدراسات والقصص القصيرة والشعر في عدة لغات، عاشر صنوع الكبراء ودخل بيوتهم وعلم أبناءهم اللغات والعلوم الأوروبية، وبناتهم الفنون الزخرفية والموسيقى. بفضل ذكائه وخبرته التي اكتسبها في إيطاليا، أنه من الضروري بناء مسرح حديث على طراز غربي لإيمانه أن المسرح أداة فعالة في إنهاض الشعوب، فقام باختيار الممثلين وتعليمهم فن المسرح، وهناك من يقول إن المصلح جمال الدين الأفغاني قد نصحه بإنشاء مسرح يتعرض للأوضاع السياسية في مصر وأن ينشر هذه الأفكار بين طبقات الشعب الفقيرة. يقر صنوع هو أيضا بفضل المسرح الأوروبي عليه، كما أقر بذلك من قبله مارون النقاش، وذلك في محاضرة له كان قد ألقاها في باريس سنة 1903 يتحدث فيها عن مسرحه وعن مساهمته في إنشاء المسرح العربي الحديث، جاء فيها: "ولد هذا المسرح في مقهى كبير، كانت تعزف فيه الموسيقى في الهواء الطلق، وذلك في وسط حديقتنا الجميلة (الأزبكية)، كان ثمة فرقة فرنسية قوية تتألف من الموسيقيين والمطربين والممثلين، وكانتا تقومان بتسلية الجاليات الأوروبية في القاهرة. وكنت أشارك في جميع تلك التمثيليات التي تقدم في ذلك المقهى [. إن الهزليات والملاهي والمسرحيات العصرية التي قدمت في ذلك المسرح هي التي أوحت إلي بفكرة إنشاء مسرحي العربي، وقبل أن أقدم على إنشاء مسرحي المتواضع، قمت بدراسة جدية للكتاب والمسرحيين الأوروبيين، وعندما أحسست بأنني أصبحت متمكنا، كتبت غنائية في فصل واحد، و أقحمت فيها بعض الأغاني الشعبية [. ولقد شجعني نجاح هذه المسرحية على ألا أتوقف أبدا، وكان علي أن أؤلف فرقة تمثيلية حقيقية تضم ممثلات من النساء، لا من رجال تنكروا في أزياء نساء. ولقد وفقت في ذلك الحين على العثور على فتاتين فقيرتين جميلتين كانتا على جانب كبير من الخلق القويم. وبعد مرور أربعة أشهر على قيام هذا المسرح القومي، دعاني الخديوي إسماعيل وفرقتي إلى التمثيل على مسرحه الخاص في قصر النيل، قال لي أمام الوزراء وكبار رجال القصر: نحن ندين لك بإنشاء مسرحنا القومي فإن كوميدياتك وغنائياتك ومآسيك قد عرّفت الشعب على الفن المسرحي، فاذهب فإنك موليير مصر، وسيبقى اسمك كذلك أبدا". تابع صنوع في مسيرته يؤلف المسرحيات ويخرجها ويدرب الممثلين على تأدية أدوارهم حتى بلغت مسرحياته اثنتين وثلاثين، معظمها تصوير للواقع الذي تعيشه مصر وانتقاد للتخلف والواقع الاجتماعي في تلك الأيام، "وفي هذه المسرحيات يسير الأثر الأوروبي والأثر الشعبي جنبا إلى جنب داخل القالب الغربي، وإن كانت الحياة العملية الحافلة التي عاشها صنوع، قد جعلته أكثر من سلفيه قربا من الناس العاديين وأقدر على ملاحظتهم وهم يضطربون في حياتهم اليومية". لفت صنوع نظر المؤرخين والمحللين والدارسين حتى رأينا محرر الساتر دي ريفيو يصف، في عددها الصادر في 26 يوليو سنة 1876، دور صنوع بخالق المسرح العربي وحده لكونه المؤلف والممثل والمدير والملقن، ويضيف ان ما يثير الإعجاب حقا هو تقمصه شخصية الفلاح المصري حين يقوم بهذا الدور فيحلو لك سماع ملاحظاته اللاذعة و ضحكاته البريئة، إلى جانب عبراته الصامتة وهي تتساقط على خديها الضامرين، فهو قادر على أن يجمع في شخصه شعبا بأكمله. يلاحظ الراعي بعد قراءته لإنتاج صنوع المسرحي أن تصويره للسادة في مسرحه تصوير ضعيف، بينما شخصياته الشعبية قوية وواضحة. ويرى أنه قد لجأ إلى كل الحيل الفنية لكي يستنبط الضحك، فاستخدم النكات اللفظية والجنسية، كما استعمل الهزل والفكاهة الراقية، فقدم من ناحية تهريجا وقدم أيضا أفكارا، لقد فهم أن المسرح فرجة ولكن يجب أن يحمل رسالة وهدفا. رأينا أن المسرح بمفهومه الحديث قد وفد إلينا من الغرب، وبالتحديد منذ حملة نابليون على مصر، ما يذكرنا بمسيرة القصة والرواية الحديثة، رغم الاختلاف بين الموروثين. لكننا نرى أن الموروث القصصي أعمق واوسع من الموروث التمثيلي. يقر المسرحيون الأوائل تأثرهم من المسرح الغربي، في أخذهم عن المؤلفات الغربية، فحاولوا أن يدمجوا بين الحضارتين لجذب المشاهدين، ثم في فترة لاحقة كان عليهم أن يؤلفوا مسرحيات ذات طابع عربي شرقي. بالرغم من تأثر كل من مارون النقاش ومصنوع من المسرح الأوروبي وبالرغم من تقليدهم لأصوله، إلا أننا لاحظنا لجوء كل منهما إلى المواءمة بين الشرق والغرب، فكلاهما أدخل عناصر شعبية. فيما أن أبو خليل القباني قد حافظ على العديد من عناصر الفنون الشعبية الشائعة في أيامه. لقد اضطر بعض الرواد إلى إدخال بعض الفنون الشرقية لاجتذاب المشاهدين الذين اعتادوا على الفنون الشعبية السابقة للمسرح الحديث، ولنقل إنها عملية مجاراة للذوق السائد لتسويق أعمالهم من ناحية، وإيمانهم بأهمية المسرح الحديث ودوره في يقظة الأمة. فمن المعروف أن مارون النقاش، على سبيل المثال قد عرض مسرحية هزلية محلية معروفة في الاستراحة بين الفصول أثناء عرضه مسرحية "أبو الحسن المغفل" إرضاء للحضور الذي تجاوب معها بانفعال شديد. يستطيع المتابع للدراسات أن يرى أن الفنون الشعبية كانت منتشرة في العالم العربي منذ مئات السنين، وأنها أخذت أشكالا مختلفة من قطر لقطر، وإن كان هناك الكثير من التشابه بين هذه الفنون. كما نلاحظ أن هذه الفنون قد سبقت ظهور المسرح الحديث، وقد اختلفت آراء الدارسين في تقييم دور هذه الفنون، فمنهم من يرى أن لها دورا سلبيا في جعل البعض ينظر إلى المسرح والسينما في بداياتها نظرة استخفاف، مهدت لظهور المسرح والسينما. وفي هذا يقول الباحث جوزيف زيدان: "بدون أن أضع نفسي في موقف حرج بالقول إن خيال الظل المعروف للعرب منذ سنة 1171م هو مسرح ذو مكانة عالية رغم أنه لا يخضع للنموذج الأرسطوطاليسي، فإني أريد أن أقترح وجود علاقة بين هذا النوع وبين المسرح العربي الحديث الذي ظهر حوالي منتصف القرن التاسع عشر". أما فيما يتعلق بدور المرأة فقد وجدنا تجاهلا شبه تام لدورها، بل إن مجرد قيام ذكور بأداء دور المرأة كان من ضمن الأسباب التي أدت إلى إغلاق مسرح النقاش و مسرح القباني. وحين عملت في الفنون الشعبية فإنها لم تلق تشجيعا ولا تقديرا، وكانت عملية تجنيدهم عملية مضنية وشاقة وتحمل نوعا من المغامرة. إنني أعتقد أننا أحوج ما نكون إلى القيام ببحث يتناول دور المرأة في هذا المجال لنتمكن من إعطاء الإجابة الوافية. لا شك أن المراحل اللاحقة هي مراحل مهمة في تاريخ المسرح العربي الحديث، وبالتحديد المرحلة التي تلت انتهاء الحرب العالمية الأولى وهي تستحق دراسات موسعة يجب أن تشمل دول و أقطار عربية شتى لأن المسرح لم يعد يقتصر على مصر وبلاد الشام، بل تعدى مجمل العالم العربي من مشرقه حتى مغربه. إننا على دراية أن هناك العديد من الدراسات التي تناولت هذا الجانب ولا تزال أقلام عديدة تتناوله في شتى أقطار الوطن العربي، آملين أن نجد نحن وغيرنا الوقت الكافي لتناول مسيرة المسرح الفلسطيني. سيظل بعض الدارسين والباحثين مصرين على تناول موضوع الشرق والغرب عملية المثاقفة


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

Talib, Fahad, M...

Talib, Fahad, Moza and Sharifa were on holiday with their family in Egypt. One quiet afternoon, they...

يظهر الحل في هذ...

يظهر الحل في هذه المرحله وكانه جاء بشكل فجائي ومن بعيد ويكون مصحوبا بحالات عاطفيه من النشوة والارتيا...

شهر الخير والبر...

شهر الخير والبركة والغفران، وهو شهر تعمّ فيه البركات وتكثر فيه الحسنات وتقل فيه السيئات؛ ففي شهر رمض...

في 1948، نظم ال...

في 1948، نظم السير لودفيج جوتمان مسابقة رياضية شارك فيها 16 من قدامى المحاربين في الحرب العالمية الث...

تميّزت بعدم قدر...

تميّزت بعدم قدرة الألمان على اجتياز الحدود الشماليّة لفرنسا حتّى نهاية الحرب؛ بسبب اعتماد الطّرفين ع...

Jasim’s wants t...

Jasim’s wants the customer to have the affordability of paying for the product so he can buy from a ...

تعريف الشخصيّة:...

تعريف الشخصيّة: مفهوم الشخصية اللغوي ؛ تستخدم كلمة شخص لتعنى نظر إلى أو حضر أمام أو عاين الشيء فنقول...

تعود إلى ماهية ...

تعود إلى ماهية (الغرافين)، لما ترتبط ذرات من الكربون مع بعضها بحيث تكون شكلا سداسيا، وحينما تلتصق عد...

The tourism ind...

The tourism industry is one of the largest in the world: o leading source of foreign exchange in at...

المبدأ الاول: ا...

المبدأ الاول: الانسان مكرم:ولقد }كرمنا بنى ادم{ بغض النظر عن لونه و جنسه ومعتقده ، ويقتضي تكرينه هذا...

تاعيرشتلاب عفد ...

تاعيرشتلاب عفد امم ةينوناق تلااكشإ اهنع بترت اهعونتو مجحلا ثيح نم ةيراجتلا تلاماعملا عسوت نإ ةيراجتل...

فمن د ضصس ف س ة...

فمن د ضصس ف س ةشوس ن ف و ن شخص ن أ ةس حاان م ذضبم ف ذه ةبش سيو فاا ضن فضس ض ح ذث بذا ً حضا ةبمىةج و...