لخّصلي

بعد الماء شريان الحياة على كوكبنا. وفي مختلف الثقافات ثمة وجهة نظر مشتركة فيما يتعلق بالمياه باعتبارها رمزاً للمصالحة والشفاء والتجدد والمياه ليست ضرورية فقط للحفاظ على حياة الإنسان، ولكنها أيضاً مهمة للصحة العامة، وإنتاج الغذاء والطاقة وبالتالي الازدهار المجتمعاتنا. وعلى الرغم من هذا المنظور المشترك، فإنه لا يوجد إجماع عالمي حول معايير المؤشرات مهمة كالحد الأدنى الحاجة الفرد من المياه؛ فلقد دعمت منظمات وباحثون معايير مختلفة تتراوح ما بين 20 لتراً من المياه للفرد في اليوم من أجل الاحتياجات الصحية الأساسية والصحة العامة ( وفقاً لصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "اليونيسيف"، ومنظمة الصحة العالمية)، إلى 4651 لتراً من مياه الشرب للفرد الواحد في اليوم من أجل حياة بشرية فعالة وصحية وفقاً لبرنامج تقييم المياه. وكما أشار تشينوويت Chenoweth، فإن التقديرات الحالية للاحتياجات البشرية، استناداً إلى كميات محددة من المياه للاستخدامات المنزلية الأساسية، أقل بكثير من تلك التي تستند إلى كميات المياه المستخدمة فعلياً من قبل المجتمع الحديث الذي يستخدم موارده المائية بحكمة نسبياً، وهي على أقل تقدير أقل حجماً من الاحتياجات الفعلية لتلبية الاحتياجات المنزلية والصناعية والزراعية. كذلك قدر تشينوويت أيضاً، مستخدماً نهجاً نظرياً ذاتياً، أن 135 لتراً من المياه للفرد الواحد في اليوم ضرورية لتحقيق تنمية بشرية عالية المستوى. وقد أصبح هذا التقدير أكثر أهمية في سياق الإعلان مؤخراً عن أن الأهداف الإنمائية للألفية (MDG)‏ بشأن المياه، التي تنص على التخفيض، بحلول عام 2015، إلى النصف نسبة السكان المحرومين من الحصول على مياه شرب آمنة، والتي قد تم تحقيقها قبل ثلاث سنوات من الجدول الزمني؛ لذا فقد حان الوقت ليس فقط للتركيز على توفير فرص الحصول على المياه الصالحة للشرب لما تبقى من السكان، ولكن أيضاً لضمان أن نوعية المياه المتاحة وكميتها كافية لدعم التنمية البشرية العالية. وباستمرار تشينوويت في تقديراته توصل إلى نتيجة مفادها أنه وفقاً لبيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، فإن كافة الدول، باستثناء دولتي الكويت والإمارات العربية المتحدة، لديها المياه اللازمة، وهي أكثر من 135 لتراً للفرد الواحد في العام، لتحقيق تنمية بشرية عالية. أما بالنسبة إلى دولتي الكويت والإمارات العربية المتحدة فقد تم تحقيق تنمية بشرية عالية نتيجة للدخل الكبير من صادرات النفط، وتعويض نقص المياه عن طريق تحلية مياه البحر، وقد أعادت هذه النتيجة التأكيد على أن التحديات الحالية في قطاع المياه ليست حول نقص موارد المياه، ولكن حول السياسة والحوكمة والإدارة المتعلقة بموارد المياه. واستناداً إلى النتائج التي توصلت إليها مختلف مشاريع البحوث في معهد السياسة المائية ‏(IWP) بجامعة سنغافورة الوطنية، نعرض في هذا الفصل التحديات التي تواجهها السياسة المائية، وحوكمة المياه، وإدارة المياه الحضرية، وأفضل الممارسات التي يمكن

استخدامها للتصدي لهذه التحديات.