لخّصلي

القواعد القانونية الأصلية عامة ومجردة، تطبق على أشخاص أو وقائع عامة وليست محددة، مثال ذلك أحكام الأهلية في القانون المدني الأردني. لكن عمومية القاعدة لا تعني تطبيقها المطلق، فقد تحدد من حيث الأشخاص (كالمحامين أو موظفي الدولة) أو الزمان (كالقواعد الخاصة بحالات الحرب) أو المكان (كقانون تنظيم الملكية الزراعية في منطقة محددة). تُراعى هذه المرونة لتجنب تنظيم كل سلوك فردي، ويفضل تجنب ذكر أمثلة محددة في النصوص القانونية للحفاظ على عموميتها، كما فعل المشرع الأردني على عكس العراقي.

األصل في القاعدة القانونية حينما تصا أن تكون عامة ومجردة أي توجه إلى األشخاص أو الوقائعبصفة عامة وال توجه إلى شخص معين أو واقعة محددة وإنما تنطبق عند توفر شروط معينة في الشخص أوفي الواقعة، ومثال ذلك ما نصت عليه المادة 43 من القانون المدني األردني التي جاء فيهامايلي:بقواه العقلية ولم يحجز عليه يكون كامل األهلية لمباشرة حقوقه)كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعاًالمدنية، وسن الرشد هي ثماني عشرة سنة شمسية كاملة(.فهذه القاعدة عامة مجردة تشمل الذكر واألنثى، وتنصرف إلى كل األفراد الذين تتوافر فيهم هذهلمباشرة حقوقه المدنية، وهي قاعدةالشروط، وبتوافرها يصبح الفرد أهالًتسري على ما هو كائن وعلى المستقبل مادام النص القانوني نافذ المفعول.وكذلك الحال في الوقائع فقد جاء في المادة 30 من القانون المدني األردني ما يلي: )تبدأ شخصيةنسان بتمام والدته حياً اإل وتنتهي بموته(.لمأو كان حمالً مستكيناًفالوالدة الحية لإلنسان يترتب عليها بدء الشخصية فلو ولد الشخص ميتاًتبدأ شخصيته. غير أن شخصية اإلنسان قد تبدأ وتنتهي بنفس اللحظة أو بعد فترة، وهذا يحصل عند والدةثم موته بعدهااإلنسان حيا ال ًبفترة وجيزة وخاللها تترتب أحكام قانونية تختلف عن حالة والدة المولود ميتاًسيما ما يتعلق باإلرث.أما القرار الصادر من اإلدارة بحق موظف بفصله أو عزله أو ترقيته أو تعيينه، فهذا األمر ليسبقاعدة قانونية ألن األمر ينصرف إلى شخص محدد ولهذا فنحن أمام أمر ال قاعدة عامة مجردة.ومع ذلك فإن القول بعمومية القاعدة القانونية اليعني أنها تنطبق بصفة مطلقة على الناس كافة،وإنما قد تتحدد من حيث األشخاص ومن حيث الزمان والمكان. فقد تتجه القاعدة القانونية الى طائفة من االشخاصدون غيرهم كالمحامين او التجار او الطالب او موظفي الدولة او الصرافين ومع ذلك فال تفقد صفة العموميةوالتجريد بل قد تتجه القاعدة القانونية الى شخص واحد فقط وتظل محتفظة بصفتهاالمذكورة كالقاعدة القانونية التيتظم مركز رئيس الدولة وسلطاته او رئيس لجامعة او لوزير او رئيس محكمة التمييز، فهذه القاعدة تخص صفاتهمال ذواتهم، أي أنها تخص هؤالء في الحاضر وفي المستقبل، أي كل من يشغل هذا المنصب.أما من حيث الزمان فالقاعدة القانونية قد توضع لفترة معينة وفي ظروف استثنائية، كالحرب أوالفيضان أو الكوارث الطبيعية االخرى ومع ذلك فإنها قواعد عامة مجردة غايتها تنظيم السلوك في المجتمع با انهذة القاعدة العامه المجردة تظل كذلك حتى لو تحدد نطاق تطبيقها في منطقة معينة دون غيرها ومثال ذلك قانونتنظيم الملكيةالقاعدة القانونية الوحدة ألولىالزراعية في منطقة كردستان لعام 1975 وهو قانون زراعي خاص بمنطقة جغرافية معينة في العراق وهيمنطقة كردستان.ويالحظ أن هذه العمومية والتجريد للقاعدة القانونية إنما يمثلها الضرورات العملية في المجتمعحيث ال يعقل وضع النصوص القانونية المنظمة لنشاط كل شخص في المجتمع، ولهذا ال بد من وضع صياغةالنصوص بصورة مرنة ومجردة وعامة فما يصيب الصياغة التشريعية ضرب األمثلة في النصوص القانونية،ألن إيراد األمثلة من المشرع يتناقض مع عمومية القاعدة العامة المجردة. وقد كان المشرع المدني األردنيموفقاً في الحفاظ على خصيصة العمومية والتجريد للقاعدة القانونية فلم يضرب األمثلة في النصوص القانونية،وبذلك يكون قد تالفى اإلنتقادات التي تعرض لها المشرع العراقي في صياغته للقانون المدني.